رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 14 تشرين الثاني 2014

السبت | 15/11/2014 - 11:49 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 14 تشرين الثاني 2014


اتفاق اردني – فلسطيني إسرائيلي على العمل لتهدئة الاوضاع في القدس
كتبت صحيفة "هآرتس" ان اسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية التزموا باتخاذ سلسلة من التدابير خلال الأيام القريبة بهدف تخفيض التوتر واعادة الهدوء الى القدس الشرقية عامة، والحرم القدسي خاصة، حسب ما اعلنه وزير الخارجية الامريكي جون كيري، في ختام لقاء ثلاثي عقده في عمان مع الملك عبدالله ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو. واعلنت الشرطة الاسرائيلية، بعد اللقاء، انها وخلافا للأسابيع السابقة، لن تفرض قيودا على دخول المصلين الى الحرم القدسي، خلال صلاة الجمعة.

وعقد كيري المؤتمر الصحفي في ختام يوم من المحادثات المكثفة في عمان، التقى خلاله بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، والملك عبدالله الثاني، ومن ثم عقد اللقاء الثلاثي مع الملك عبدالله ونتنياهو. وتم خلال القمة الثلاثية اجراء محادثة هاتفية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتطرق كيري الى اللقاء المنفرد مع عباس وقال ان "الظروف ليست ملائمة لعقد لقاء مشترك بين الطرفين (اسرائيل والفلسطينيين). ولم يوافق وزير الخارجية الأمريكي على تفصيل الخطوات التي ستتخذها الأطراف، لكنه اكد انه تم الاتفاق على سلسلة من الآليات لتقليص التوتر. وقال "ان الاسرائيليين والاردنيين والفلسطينيين يلتزمون بتهدئة الأوضاع. الرئيس عباس اعرب عن التزامه بالامتناع عن العنف وصد التحريض، ورئيس الحكومة نتنياهو اكد التزام إسرائيل بالوضع الراهن في الحرم القدسي وتطبيق خطوات لإعادة الهدوء، لكن المهم هو العمل وليس التصريحات. هذا هو الاختبار الآن".

وقال مسؤول اسرائيلي تم اطلاعه على تفاصيل المحادثات في عمان، ان نتنياهو اكد خلال القمة الثلاثية، وكذلك خلال لقاءات منفردة عقدها مع الملك ومع كيري، ان المطلوب الآن هو العمل من اجل تهدئة الاوضاع واعادة الهدوء. وقال نتنياهو: "اذا اردنا وقف العنف فيجب وقف التحريض الذي يؤدي الى العنف". وادعى نتنياهو امام كيري والملك ان جهات اسلامية متطرفة وجهات رسمية في السلطة هي التي تقود التحريض. وعرض عينات من التحريض الذي يتم نشره في وسائل الاعلام الرسمية للسلطة وعلى صفحات "فتح" وقوات الامن الفلسطينية في الفيسبوك. وقال: "ان العملية السياسية تعتبر هامة ولكنه لا يمكنها ان تأتي سوية مع التحريض غير المسؤول ضد إسرائيل واعمال العنف ضد مواطنيها".

وقال المسؤول الاسرائيلي انه الى جانب تعهده بالحفاظ على الوضع الراهن، طالب نتنياهو بوقف بث الاكاذيب حول محاولة إسرائيل تغيير الوضع الراهن في الحرم، واعتبر ان هذا هو ما يقود الى العنف.

من جهته قال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة خلال المؤتمر الصحفي مع كيري ان رئيس الحكومة نتنياهو التزم خلال اللقاء بعدم المس بالمكانة الخاصة للأردن في القدس والحرم القدسي، كما تم الاتفاق في اطار اتفاق السلام بين البلدين. واضاف ان إسرائيل خففت في الأيام الأخيرة من لهجتها بشأن الحرم القدسي واتخذت اجراءات ايجابية. وقال جودة خلال المؤتمر الصحفي ان الأردن سيفحص قراره المتعلق باعادة سفيره من تل ابيب، وما اذا يمكن اعادته بناء على تطبيق الالتزام الاسرائيلي باتخاذ خطوات لتهدئة الاوضاع.

أهرونوفيتش يقرر انشاء بوابات الكترونية على مداخل الحرم القدسي

وذكرت الصحيفة في السياق ذاته، ان وزير الامن الداخلي يتسحاق اهرونوفيتش اعلن نيته انشاء بوابات فحص الكترونية على مداخل الحرم القدسي. وقالت ان الوزير عرض، مؤخرا، خطة لزيادة فحص المصلين المسلمين على مداخل الحرم. ويبرر خطوته هذه بأن الشبان الفلسطينيين ينجحون حاليا بتهريب وسائل قتالية الى داخل الحرم، خاصة المفرقعات النارية التي يستخدمونها في محاربتهم للشرطة.

وقال اهرونوفيتش للقناة الأولى، انه ينوي اعادة البوابات الالكترونية الى مداخل الحرم والتي تمت ازالتها في عام 2000. وسيتم فحص الداخلين ومتاعهم وكذلك سيتم نشر كاميرات لتشخيص وجوههم، ومن يتم الاشتباه فيه سيتم اجراء تفتيش جسدي له.

وستسبب هذه الخطة مشكلة بشكل خاص في ايام الجمعة والاعياد الاسلامية حيث يدخل الى الحرم عشرات آلاف المصلين. وانضم اهرونوفيتش الى الاصوات التي تطالب بتشديد العقوبة على سكان القدس الشرقية الذين يشاركون في خرق النظام والعمليات "الارهابية". وقال انه طلب من المستشار القضائي للحكومة فحص امكانية سحب الاقامة من سكان القدس الذين يتهمون بالإرهاب. واضاف: "في اللحظة التي لا يعود فيها مواطنا في القدس سيخسر التأمين الوطني هو وكل عائلته، فليذهبوا للسكن في الضفة الغربية". يشار الى ان مكانة "الاقامة" التي تمنح لسكان القدس الشرقية هي مكانة قانونية متدنية عن مكانة المواطنة.

اصابة طفل فلسطيني من العيسوية بجراح بالغة في وجهه افقدته بصره

قالت صحيفة "هآرتس" ان الطفل الفلسطيني صالح محمود (11 عاما)، من العيسوية اصيب امس الخميس، بجراح بالغة في وجهه جراء تعرضه كما يبدو الى رصاصة اسفنج اسرائيلية. وبدأت الشرطة التحقيق لاستيضاح ظروف الحادث. ونقل محمود فور اصابته الى مستشفى المقاصد في القدس الشرقية، ومن ثم الى مستشفى هداسا، ويعاني من اصابة خطيرة بين انفه وعينه، ومن نزيف بالغ يهدد حياته. وقالت وكالة معا ان الطفل فقد بصره جراء الاصابة.

وكانت العيسوية قد شهدت امس الخميس مظاهرات احتجاجا على قيام الشرطة بإغلاق مدخلي البلدة من جهة جبل المكبر والتلة الفرنسية.

وكتبت الصحيفة  ان الفلسطينيين يتذمرون منذ فترة طويلة من استخدام القوات الاسرائيلية لأسلحة تفريق التظاهرات بدون تمييز. وكانت الشرطة قد اصابت في مطلع ايلول الطفل محمود سنقرط (15 عاما) من وادي الجوز، برصاصة في رأسه، وتوفي متأثرا بجراحه. وكشفت "هآرتس" مؤخرا ان الشرطة تستخدم عيارات اسفنج من نوع جديد، اشد صرامة وخطورة من العيارات السابقة.

امهال عائلة جعبص 48 ساعة لاخلاء منزلها تمهيدا لهدمه!

الى ذلك ذكرت الصحيفة ان سلطات الامن الاسرائيلية، سلمت امس، تحذيرا الى عائلة محمود جعبص من جبل المكبر، تبلغها فيه بأن عليها اخلاء منزلها تمهيدا لهدمه. ويأتي ذلك انتقاما لعملية الدهس التي نفذها جعبص في آب الماضي في القدس، والتي اسفرت عن قتل اسرائيلي. وكان احد افراد الشرطة قد قتل جعبص خلال الحادث.

واكد شقيق جعبص امس تسلم امر الهدم وقال لصحيفة "هآرتس" ان العائلة ستستأنف ضد القرار، علما انه تم انذار العائلة باخلاء المنزل خلال 48 ساعة. وكانت قوات من الجبهة الداخلية قد وصلت في الأيام الاخيرة الى بيوت الفلسطينيين الاربعة الذين نفذوا عمليات في القدس، واجرت قياسات لها تمهيدا لهدمها.

وكان بنيامين نتنياهو قد امر قوات الأمن هذا الاسبوع بتسريع هدم المنازل. وتدعم قيادة الجهاز الامني هدم البيوت بادعاء انها وسيلة رادعة في مكافحة "الارهاب"، علما ان لجنة عسكرية كانت قد حددت في عام 2005 ان هذه السياسة لا تحقق هدفها، وان الضرر الذي تسببه الالتماسات الى المحكمة يفوق الفائدة من عمليات الهدم. وأوصت اللجنة التي عينها القائد العام للجيش، موشيه يعلون آنذاك، بوقف هذه السياسة لأنها تثير الكراهية والعداء. وادعى مسؤول في الجهاز الامني ان سياسة الهدم لم تكن ناجعة في حينه لأن العائلات تلقت اموالا من جهات مختلفة لبناء بيوت اكبر واجمل، اما حاليا فتعتبر عمليات الهدم ناجعة و"اثبتت نفسها"!

حملة تأييد لجندي حرس الحدود قاتل نديم نوارة

ذكرت صحيفة "هآرتس" انه في اعقاب اعتقال جندي حرس الحدود المشبوه بقتل الفتى الفلسطيني نديم نوارة في بيتونيا، في ايار الماضي، تم فتح صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي دعما للجندي، كما حصل سابقا في قضية الجندي من وحدة ناحل، الذي تم تصويره خلال توجيه سلاحه الى وجه طفل فلسطيني في الخليل. وعلى صفحة الفيسبوك التي تحمل عنوان "كلنا مع جندي حرس الحدود" تم نشر عشرات صور الجنود وحرس الحدود المرفقة بكتابات تدعم الجندي وحرس الحدود. وخلال 24 ساعة من افتتاح الصفحة حظيت بتأييد اكثر من عشرة الاف مواطن إسرائيلي.

واعرب الكثر من الجنود الذين كتبوا ملاحظاتهم عن دعمهم للجندي وكتب احدهم، مثلا، انه "يجب خوزقة الجهاز القضائي سوية مع المخربين الزانيات". فيما كتب آخر: "بعتم دمكم من اجل كلب قاتل! حقا برافو عليكم".

الهاكرز يهددون بشن هجوم الكتروني على منشآت إسرائيلية

كتبت صحيفة "يسرائيل هيوم" ان  مجموعة الهاكرز السياسية "انونيموس" تنوي شن هجوم على البنوك والمؤسسات العامة في إسرائيل "ردا على الهجمات الاسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى في القدس المحتلة".

وقال نير غيتس، مدير شركة "نيوترون" المختصة بتطوير حلول دفاعية امام هجمات السيبر، ان المقصود تهديدات تتكرر بين الحين والآخر، وفي غالبية الحالات يكون الضرر الذي يصيب الشركات والمؤسسات صغيرا فقط".

اسبانيا ستصوت، الثلاثاء، على قرار الاعتراف بفلسطين

كتبت "يسرائيل هيوم" انه بعد السويد وبريطانيا، ينوي البرلمان الاسباني التصويت، يوم الثلاثاء القادم، على مشروع قرار يعترف بالدولة الفلسطينية. وسيتم طرح القرار غير الملزم من قبل حزب المعارضة الاشتراكي، لكنه يسود التقدير بأن المحافظين سيدعمون القرار، ايضا.

قاصران فلسطينيان حاولا تفجير المحكمة العسكرية على حاجز سالم

كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان يقظة احد افراد الشرطة منعت تنفيذ عملية داخل المحكمة العسكرية في السامرة (الضفة). وقد وقع الحادث قبل عدة أسابيع لكنه سمح بنشره الآن فقط. وحسب لائحة الاتهام التي تم تقديمها ضد قاصرين فلسطينيين، من نابلس، فقد وصلا الى المحكمة العسكرية على حاجز "سالم"، على مقربة من مفترق مجدو، وكان يحملان عبوات ناسفة مرتجلة، بهدف تنفيذ عملية انتقاما لمقتل الفلسطينيين بنيران الجيش الاسرائيلي.

وجاء في لائحة الاتهام انهما كانا ينويان قتل قضاة المحكمة الثلاثة والجنود والضباط في القاعدة. وكان القاصران قد وصلا الى المحكمة في ساعات بعد الظهر، بعد انتهاء المداولات واغلاق موقع الفحص. وقام احدهم بوضع كيس يحوي العبوة على الأرض، ما اثار اشتباه احد افراد الشرطة، فقام باعتقالهما. وروى احدهما خلال التحقيق معه انه خطط للعملية واعد العبوة بنفسه، وان صديقه انضم اليه في اللحظة الأخيرة لتنفيذ العملية.

تزايد الطلب في القدس الغربية على قوارير الغاز المسيل للدموع

كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" انه يتزايد الطلب في القدس على قوارير الغاز المسيل للدموع من قبل سكان المدينة اليهود، الذين يشعرون بالخوف الشديد، حسب ما قاله احد البائعين، والذي يقدر بانه لو قام احدهم ببيع هذه القوارير قرب محطات القطار الخفيف لأصبح مليونيرا لشدة الطلب عليها.

وقالت مديرة احدى الشركات التي تسوق هذه القوارير، انه منذ بدء الأحداث الأخيرة في القدس ارتفعت المبيعات بنسبة 40% تقريبا. كما ان هناك طلبا متزايدا عليها في تل ابيب.

وقال مدير شركة اخرى ان المبيعات لديه ارتفعت بنسبة 60% مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي. وبالاضافة الى قوارير الغاز يتزايد الطلب على المسدسات التي تدمج بين الغاز المسيل للدموع وغاز الفلفل، وكذلك العصي والمسدسات الصاعقة.

رئيس مجلس اشكول يطالب بتعجيل توقيع اتفاق التهدئة مع حماس

اعرب رئيس المجلس الاقليمي اشكول، حاييم يلين، عن امله بتوقيع اتفاق طويل المدى لوقف اطلاق النار مع حماس، كي يتم تأخير الحرب القادمة اكثر ما يمكن. وقال للقناة السابعة انه طالما لم يتم توقيع الاتفاق فان الجولة القادمة من المواجهة هي مجرد مسألة وقت.

وقال يلين لموقع المستوطنين: "من الواضح لنا ان الجانب الثاني يستعد للمعركة القادمة، نحن نعرف انه يحفر الأنفاق وان الارهاب يعد نفسه، وهذه مجرد مسألة وقت". وأضاف: "اذا كان الجيش قد حقق اهدافه في عملية الجرف الصامد، فلماذا لم يتوصل الى اتفاق يضمن الهدوء؟ قالوا لنا ان حماس خرجت ضعيفة، فلماذا لا يعقدون صفقة لتحقيق الهدوء لفترة طويلة؟".

لبيد يهدد نتنياهو بتشكيل حكومة بديلة

قالت القناة الثانية ان هليل كوبرينسكي، احد المقربين من وزير المالية يئير لبيد، نقل خلال الأيام الأخيرة، رسالة الى رجال رئيس الحكومة نتنياهو، يحذر فيها من انه اذا تواصل نهجهم الحالي فان لبيد سيعمل على تشكيل حكومة بديلة خلال الكنيست الحالية.

ويمكن للبيد تشكيل حكومة برئاسته سوية مع احزاب اليسار وإسرائيل بيتنا، تضع حدا لحكومة نتنياهو. وهذه هي المرة الاولى التي يواجه فيها الائتلاف الحالي تهديدا من هذا النوع منذ تشكيله. وكما يبدو فان الليكود يتعاملون بجدية مع التهديد، وينشغلون عمليا، هذه الأيام في الموضوع.

وانتبه بعض اعضاء الليكود الى قيام لبيد بقطع الاتصال منذ انفجار جلسة المحادثات حول الميزانية يوم الاثنين الماضي، وقالوا ان لبيد توقف عمليا عن مفاوضة نتنياهو حول قانون "الضريبة المضافة بنسبة صفر". كما علم ان هناك اتصالات مع الاحزاب الدينية من قبل الطرفين.

يشار الى انه حسب القانون يمكن للبيد تشكيل حكومة اقلية، بامتناع الكتل العربية، دون ان يحتاج الى غالبية 61 نائبا. لكنه يسود التقدير بأن رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، لن يسارع الى منح وزير المالية الحالي منصب رئاسة الحكومة، كما ان ميرتس ليست متحمسة للجلوس مع افيغدور ليبرمان في حكومة واحدة، ناهيك عن ان ليبرمان اعلن بأنه لن يجلس مع ميرتس.

 

مقالات وتقارير
الجيش يحاول كسب الوقت حتى المواجهة القادمة في الضفة

كتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، ان الجهاز السياسي والامني في اسرائيل (ناهيك عن وسائل الاعلام) يجد صعوبة في التركيز على اكثر من موضوع واحد. فالشجار بين بيني غانتس ويورام كوهين (قائد الجيش ورئيس الشاباك) أقصى عن العناوين موجة العمليات القاتلة التي حدثت في مطلع الأسبوع.

وأضاف: ضحيتا عمليتي الطعن في تل ابيب وغوش عتسيون، الجندي الموغ شيلوني والشابة دالية لامكوس، انضما الى الاسرائيليين الأربعة الذين قتلوا في عمليتي الدهس في القدس، وفي اليوم التالي تم احراق مسجد في قرية في محافظة رام الله، كما يبدو من قبل نشطاء اليمين، وقتل فلسطيني بنيران الجنود شمال الخليل. واضيفت الى هذه الأحداث موجة التظاهرات العنيفة للمواطنين العرب احتجاجا على قتل الشاب خير الدين حمدان بنيران الشرطة في كفر كنا، ولكن ايضاً بسبب التوتر في الحرم القدسي.

هذه السلسلة من الأحداث تدفع إسرائيل الى القيام بتدابير، سواء على المستوى العملي (زيادة القوات واعتقال المطلوبين) او على مستوى البيانات (التصريحات المتواصلة لرئيس الحكومة ووزرائه). عمليا، يكشف الاصغاء الى خطابات القيادة الاسرائيلية انه حتى على المستوى العسكري – التكتيكي، لا تملك اسرائيل حلولا ملموسة. لقد اعلن نتنياهو انه سيظهر إصرارا امام الارهاب، ووعد بمعالجة اهالي الأولاد الذين يرشقون الحجارة، ووجه تهديدا عاما (يفتقد الى أي أساس) الى العرب في اسرائيل كي لا يشوهوا سمعة الدولة.

لقد أعاد الخلاف حول مسألة صلاة اليهود في الحرم القدسي المركب الديني الى عمق قلب المواجهة. لكنه يبدو ان هذا ليس السبب الوحيد لايقاظ العنف الديني في اطار الصراع. يمكن التكهن بأن الأفلام الكثيرة التي تنشرها داعش عن اعمال الذبح والاعدام العلنية التي تنفذها في العراق وسوريا ولبنان تحقق مفعولها. هذه الأفلام تثبت جيدا ما يتوقع من المسلم المتزمت عمله بواسطة السكين. وللمفارقة، فان حقيقة نشر كاميرات الحراسة في اسرائيل والضفة في السنوات الأخيرة، تشجع هجمة المقلدين. فلقد تم توثيق الحادث في كفر كنا، وعملية الدهس الثانية في القدس، وعملية القتل في غوش عتسيون، وتم في بث حي ومباشر تقريبا، بث الفظاعة بكامل تفاصيلها. وكما نشر موقع "واللا" هذا الأسبوع، فانه في الوقت الذي وجه فيه نتنياهو تهديداته، المطعمة برائحة الانتخابات، الى الفلسطينيين،  ارسل مندوبي الجيش الى لقاء تهدئة مع قادة الجهاز الأمني في السلطة الفلسطينية. وخلال الجلسة طولب رجال السلطة بالعمل على تهدئة العنف في الضفة.

وفي هذه المرحلة ورغم جهود التأجيج التي تبذلها حماس والجهاد الاسلامي، يبدو ان قيادة السلطة ستتمسك بالتوجيهات الحالية والعمل على كبح التصعيد. خلال الأشهر الأخيرة، اعتقلت السلطة اكثر من 200 ناشط من حماس في الضفة، رغم التوتر مع اسرائيل. وفي هذه الأثناء يركز قادة السلطة على النضال السياسي. فالرئيس محمود عباس ينوي التوجه خلال الشهر الى مجلس الأمن الدولي، بهدف تحريك المبادرة للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. ومن جهتها هددت اسرائيل بالرد من خلال فرض عقوبات، قد تكون احداها اعادة تجميد تحويل المستحقات الضريبية للسلطة. ويمكن لهذا الصدام السياسي ان ينطوي على أبعاد ميدانية ويقلص الى حد كبير التنسيق الأمني بين الجيش والشاباك واجهزة الأمن الفلسطينية، الذي لم يتضرر بعد في اعقاب موجة العمليات الأخيرة.

وكما في قضية الحرم القدسي، هذه المرة، ايضا، لا يمكن لأحد الادعاء بأنه لم يتم تحذيره مسبقا. من يتحدث في هذه الأيام مع قادة الجيش، يفهم انه بدأ عمليا العد التنازلي استعدادا لمواجهة واسعة في الضفة. الأمر لم يصبح عملية حتمية بعد، ولكن المركبات المثيرة للقلق تتراكم. الدينامية السلبية بدأت تظهر: غضب متزايد على خلفية دينية، نهج اعتراضي للسلطة على الحلبة الدولية، وانسحاق مكانة الأجهزة الأمنية للسلطة في عيون الجمهور في الضفة. ويمكن لعمليات أخرى ان تقود الى المزيد من الخطوات العقابية الاسرائيلية، كاعادة فرض الحصار على الضفة والطرد المنهجي للفلسطينيين المتواجدين بشكل غير قانوني داخل الخط الأخضر.

وقال مصدر امني رفيع لصحيفة "هآرتس": "اننا نتواجد في اكثر وضع اشكالي وخطير شهدناه منذ سنوات. والهدف الذي تم تحديده للجيش هو صد التصعيد حاليا. يمكن تحقيق ذلك ولكن اذا نجحنا فان ذلك سيكون بهدف اكتساب الوقت حتى المواجهة. التوجه الاستراتيجي تغير الى الأسوأ منذ الصيف. نحن نتواجد على منحدر حاد. يجب حدوث أمر استثنائي كي يتم تغيير الاتجاه".

النهج المتشدد الجديد للسلطة ليس موجها الى اسرائيل فقط. فعباس ليس مستعدا لدفع دمج قواته الأمنية في خطة ترميم قطاع غزة، التي تشترط مصر المصادقة عليها بوجود رجال عباس على معبر رفح وعلى مناطق الحدود مع اسرائيل. موقف رئيس السلطة يسد الباب امام جهود المصالحة بين السلطة وحماس، ولكنه قد يعبر ايضا، عن حالة اشمئزاز أوسع.

في خطاباته بعد حرب الصيف، المح نتنياهو الى افق سياسي ممكن في نهاية المعركة. لكنه تبين بعد ذلك ان نتنياهو ويعلون يقصدان غزة وليس الضفة. اذ اظهرت السلطة رغبة واصرارا في غزة وساعدت على فرض الهدوء الطويل هناك، فربما سيكون هناك ما يجري الحديث عنه بشأن توسيع المناطق التي تسيطر عليها السلطة في الضفة.

عمليا، يشتبه عباس بأن إسرائيل وحماس غير معنيتان بنجاحه في غزة، وانه اذا فشلت التجربة، فسيجد نتنياهو ذرائع جيدة لتأجيل المفاوضات الى عدة سنوات. وفي السطر الأخير، ليست المصالحة الفلسطينية وحدها هي العالقة، وانما ترميم قطاع غزة، ايضا، ومعه تم احباط أي بادرة لفرصة انطلاق عملية سياسية جديدة بين إسرائيل والسلطة.

تم تجنيد المال لكن البيروقراطية تؤخر اعادة اعمار غزة

يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس" انه وفقا لحساب اجراه علاء رضوان، مدير اللجنة الشعبية لمتابعة اعمار غزة، فان ترميم غزة، حسب الوتيرة الحالية، سيستغرق 20 سنة على الأقل. ظاهريا، فان الأموال المطلوبة للترميم، والذي تقدر تكلفته بأكثر من اربعة مليارات دولار، تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية، بل لديها اكثر من ذلك. فخلال مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في القاهرة، الشهر الماضي، التزمت الدول المانحة بتحويل مبلغ 5.4 مليار دولار. وكان من المفروض ان ينعقد في القاهرة، في 24 تشرين الأول الماضي، مؤتمرا آخر لكل الاطراف، باستثناء اسرائيل، لمناقشة سبل تحويل البضائع وطرق مراقبتها بهدف توفير المطالب الامنية التي طرحتها إسرائيل، من جهة، واتاحة ترميم القطاع بالسرعة القصوى. لكنه تم في اليوم ذاته قتل 30 جنديا مصريا في هجوم ارهابي وقع قرب الحدود مع غزة، وتم تأجيل المؤتمر، ومنذ ذلك الوقت لم يجر أي نقاش دولي حول موضوع الترميم. وخلال فترة وجيزة قررت مصر اغلاق معبر رفح، وبعد اسبوع بدأ الجيش المصري باخلاء البيوت القريبة من الحدود مع غزة وهدمها بهدف انشاء منطقة عازلة بعمق 500 متر.

في هذه الأثناء، بذلت الأمم المتحدة الكثير من الجهود الدبلوماسية لاتاحة نقل البضائع ومواد البناء الى غزة، بل تم عرض خطة مفصلة امام الدول المانحة، ومصر وإسرائيل والحكومة الفلسطينية، تشمل طرق المراقبة وكمية المواد ومنظومة اتخاذ القرار المتعلق بادخالها الى القطاع. وفي مطلع الأسبوع الماضي، بدأ دخول الشاحنات المحملة بمواد البناء عبر معبر كرم ابو سالم، الذي يعتبر حاليا معبر الدخول الوحيد الى قطاع غزة، لكنه يتضح ان الكميات التي صودق عليها، قرابة 40 شاحنة محملة بالإسمنت والحديد والصرار (الى جانب 400 شاحنة أدخلت مواد أخرى) ليس فقط لا تكفي - لأن التقديرات تشير الى حاجة غزة الى حوالي 6000 طن من الاسمنت يوميا في سبيل الحفاظ على وتيرة بناء معقولة – وانما تمر في عملية مراقبة معقدة وطويلة تعيق عمليات الترميم بشكل كبير.

هكذا مثلا يطالب كل مواطن تضرر منزله بتقديم طلب يفصل فيه حجم الضرر وحجم المبلغ المطلوب. ومن ثم سيصل موظفو المشاريع في الأمم المتحدة (UNOPS) المسؤولين عن مراقبة الترميم الى بيت المواطن، لتقييم حجم الضرر وكمية المواد المطلوبة، وتحويل قائمة مركزة الى الحكومة الفلسطينية واسرائيل، والتي تملك صلاحية المصادقة النهائية على المشروع والكميات. ومع تسلم المصادقة يتم تسليم المواطن تصريحا بالحصول على مواد البناء من مخازن المواد بعد التوقيع على تصريح بأنه سيتم استخدام المواد لبناء بيته فقط.

يشار الى ان مواد الاسمنت يتم ايداعها لدى "الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية، التي يملكها صندوق الاستثمار الفلسطيني في السلطة الفلسطينية. وتقوم الشركة بتخزين الاسمنت لدى تاجرين في غزة يملكان مخازن كبيرة تخضع للمراقبة من قبل المراقبين وكاميرات فيديو. وتم انشاء اسوار عالية حول المخزنين لحماية الاسمنت. ويتحتم على التجار الذين يريدون الحصول على كميات اكبر من مواد البناء من مخازن التوزيع، تلبية شروط المراقبة التي تشمل تركيب كاميرات وفرض حراسة على مخازنهم على مدار الساعة.

هذه الشروط تشكل جزء صغيرا من بروتوكول المراقبة الذي تم نشره بين الدول المانحة، والذي لم ينشر علانية حتى الآن. وحسب وثيقة المراقبة الأساسية التي تم اعدادها في تشرين الاول، عشية انعقاد مؤتمر الدول المانحة، فانه يفترض بآلية المراقبة  ان تتيح ترميم وتصليح حوالي 80 الف منزل تضررت خلال الحرب، وتنفيذ مشاريع عامة حسب تخطيط الحكومة الفلسطينية.

ظاهريا لا تتدخل اسرائيل في هذا، ولكن قدرتها على تحديد الكمية، والمصادقة عليها او رفضها، يجعلها مسؤولة مباشرة عن وتيرة ترميم البنى التحتية المدنية في القطاع.  فهذه المشاريع لا تحتاج الى الاسمنت والحديد فقط، وانما لآليات عمل كبيرة، كالجرافات والحفارات، التي يسمح بدخولها حسب بروتوكول منفرد، يشمل طلب تزويدها بجهاز GPS لتعقب تحركاتها والتأكد من أنها لا تعمل في حفر الأنفاق.

كما يتحتم على اصحاب مصانع الطوب تركيب كاميرات فيديو تتيح مراقبة المصنع من كل جانب. وسترتبط هذه الكاميرات بخط انترنت واجهزة تتيح لها مواصلة العمل حتى اثناء انقطاع التيار الكهربائي. ويتحتم على مصانع الطوب التزود بحاسوب وبرامج خاصة لاحتساب كميات الانتاج. وبعد تركيب المعدات الباهظة الثمن، يستدعي صاحب المصنع المراقبين الدوليين كي يصادقوا على صلاحية المعدات والتزام المصنع بالشروط. ويتم تحويل التقرير الى إسرائيل كي تصادق نهائيا على اسماء اصحاب المصانع. والمصنع الذي لا تصادق عليه إسرائيل لن يتمكن طبعا من العمل. ولن يتمكن صاحب مصنع احجار الطوب من بيع الحجارة ومواد البناء التي يملكها الا بعد حصوله على المصادقة من مندوب الامم المتحدة، وكل من يخرق هذا الشرط يتم سحب رخصته ويمنع من الحصول على مواد البناء ولن يستطيع انتاج احجار الطوب.

هذه الوسائل تهدف فقط الى اتاحة اصلاح وترميم البيوت، لكنه لم يتم الاتفاق المفصل حتى الآن على ترميم الاقتصاد في غزة. فمثلا يمكن للتجار في غزة تصدير بضائعهم الى الضفة والعالم العربي، ولكن ذلك يحتاج الى تصديق من قبل إسرائيل، وكما يبدو سيتم منح التصاريح فقط للتجار الذين لا يعتبرون من رجال حماس.

لقد اعربت حماس عن معارضتها لنظام المراقبة كما تمت صياغته من قبل الامم المتحدة بموافقة إسرائيل، لكن هذا الاعتراض لا يلقى تأثيرا على الأرض حاليا، لأن حماس معنية، ايضا، ببدء عمليات الترميم وتهدئة المواطنين. وفي هذه الاثناء تم تأجيل فتح المعابر، بما فيها معبر رفح، بسبب ازمة العلاقات بين فتح وحماس والتي وصلت قمتها الاسبوع الماضي، حين تم تفجير عبوات بجانب بيوت مسؤولي فتح الكبار. وتنفي حماس ان يكون رجالها قد قاموا بذلك الا ان فتح تتهم فتحي حامد، وزير الداخلية السابق في حكومة حماس. وهذه الأزمة تضع المصالحة الفلسطينية مرة اخرى في دائرة الخطر، وتعيق فتح المعابر التي يفترض ان يعمل عليها موظفو السلطة الفلسطينية كشرط لفتحها.

من جانبها اعلنت مصر، امس الاول، انها لا تنوي حاليا فتح معبر رفح بسبب الظروف الامنية في سيناء. وخلال اليومين الاخيرين يعمل ممثلو التنظيمين على تهدئة التوتر بينهما، لكن مصر، التي طلب اليها التدخل في الصراع الداخلي، لا تسارع الى ذلك.

وتنضم الى وتيرة الترميم البطيئة والبيروقراطية غير المحتملة التي ترافق الحصول على تصاريح البناء وادخال مواد البناء، ازمة رواتب موظفي حكومة حماس في غزة. في الاسبوع الماضي حصل حوالي 24 الف موظف على سلفة بقية 1200 دولار، من تبرعات الحكومة القطرية، ولكن هناك حوالي 20 الف موظف يعتبرون رجال جيش وينتظرون منذ حزيران الحصول على رواتبهم. هذا التمييز بين الموظفين المدنيين و"العسكريين" يثير الغضب في غزة، ومن المتوقع تنظيم اضراب عام يوم الثلاثاء القادم في كل مؤسسات الحكومة والمدارس.

لقد كانت ازمة الرواتب احدى العوامل التي قادت الى حرب "الجرف الصامد" بعد رفض اسرائيل السماح بتحويل الرواتب الى موظفي حماس. ويبدو انه اذا لم يتم العثور على حل لمسألة الرواتب وترميم غزة، فان ذلك سيعتبر عقابا هدفه خنق المدنيين اكثر من كونه سيتيح لهم الحياة النظامية، ولذلك يمكن البدء بإحصاء الايام المتبقية للمواجهة القادمة.

لنرفع معجزة التمرد

يدعو زئيف شطرنهال في "هآرتس" الى التمرد السياسي على حكومة نتنياهو والعمل على تشكيل اطار سياسي يجمع المركز واليسار لاسقاط اليمين. ويكتب ان من بين المشاكل التي تواجه اسرائيل، هناك مشكلتان وجوديتان ويرتبط بهما مستقبل الدولة: مسألة حقوق الانسان والمشكلة الفلسطينية. فبقية المشاكل، كغلاء المعيشة والفجوات الاجتماعية، مع كل اهميتها، يمكن محاولة حلها في المستقبل، ايضا.

وتعكس المشكلتان الرئيسيتان وجهان للواقع نفسه. يتحتم على من لا يريد العيش في دولة تطبق الفصل العنصري والقومي، وتنفي حقيقة وجود حقوق عالمية، الادراك بأن الساعة ملحة. على أي حال هناك الكثير ممن يعتقدون أن القطار قد غادر بالفعل المحطة والأبواب مغلقة، كما ان عددا غير قليل من الناس يرون مستقبلهم ومستقبل اولادهم واحفادهم في تنظيم اقامه اصحاب المليارات اليهود في الولايات المتحدة للأمريكيين المولودين في إسرائيل (IAC). ولكن كل هؤلاء الذين لا يزالون يريدون الدولة اليهودية، وليست كملجأ للنوم فقط او محطة عبور، وانما ككيان يستطيع ضمان حياة مناسبة للمواطنين، يتحتم عليهم وضع كل المعايير الاخرى جانبا، والتجند لمهمة الانقاذ.

والمقصود، أولا، رؤساء احزاب المركز؛ حزب العمل ويوجد مستقبل والحركة. كلهم يتقاسمون، بهذا الشكل او ذاك، ذات المواقف، ولكن ايا منهم لا يحمل أي بشرى خاصة. كلهم يعرفون ان الحكومة الحالية تقود المجتمع نحو الهاوية، لكن ايا منهم لا يمتلك الشجاعة والقدرة على استخلاص العبر. لو تم انشاء كتلة مركزية كهذه، تعتمد في الوقت المناسب على اصوات المتدينين واليسار وميرتس، وبشكل طبيعي تحظى بدعم الأحزاب العربية، لكان يمكن اسقاط اليمين عن الحكم.

في سبيل تنفيذ عملية الانقاذ يجب تنفيذ كل مطالب المتدينين: ميزانيات للتعليم حتى في المواضيع الأساسية، التخلي عن تجنيد طلبة المدارس الدينية، الذين في كل الاحوال لا يحتاجهم احد في الجيش، كما أن التهويد الاصلاحي لا يعتبر مسالة حاسمة بالنسبة لمستقبلنا. وبالنسبة للعرب، فان احزابهم لا تطالب عمليا الا بما يستحقونه وفقا لجوهر الديموقراطية: المساواة. انهم لا يطالبون بأكثر من المساواة في التعليم والتطوير الاقتصادي والمساواة في الفرص. انهم لا يريدون اعتبارهم عدوا محتملا، وليسوا مستعدين لأن يكونوا عرضة للترانسفير.

على هذا الأساس من التمسك بمبدأ حقوق الانسان – كل انسان – وتقسيم البلاد ومد حدود بين الدولتين، يمكن تشكيل قوة ستحظى بتأييد الغالبية في الانتخابات القادمة. آن الأوان كي تنظر الطبقة، التي تقود المركز، الى المرآة وتسأل نفسها: ما الذي قدمناه حتى الآن وما الذي كان سيحدث لو لم نكن متواجدين؟ ما هي الفائدة اذا واصلنا السير في التلم؟ اطلاق الصرخة هو دور اعضاء الكنيست الجدد والاكثر شبابا، الذين ارتقوا على موجات الاحتجاج المختلفة: ارفعوا اعجوبة التمرد يا رفاق.

هذه ساعة طارئة حقيقية. صحيح انها ليست المرة الأولى التي تقرع فيها الأجراس، وليست المرة الاولى التي يسيطر فيها شعور نهاية الطريق على اجزاء واسعة من المجتمع الاسرائيلي. ولكن اليوم، بعد عملية تدمير اخرى في غزة لم تحقق أي تغيير، وعندما تستعد الاغلبية لتصفية قانون أساس كرامة الانسان وحريته، الذي يوثق حقوق الانسان في إسرائيل، ويعتبر اساس الديموقراطية، يسمح لنا بالقول لمنتخبينا: حتى هنا، لن نسمح بخطوة أخرى على ذات الطريق.

اليمين يصلي: نهاية العالم الآن

يكتب كارلو شطرانجر في "هآرتس" انه تم تحذير بنيامين نتنياهو مرارا من ان برميل البارود في الضفة والأجواء في الوسط العربي في اسرائيل يمكنه ان ينفجر اذا تضعضع الوضع الراهن في الحرم القدسي. ولذلك فقد أمر رئيس الحكومة، في مطلع الأسبوع الماضي، وزراء حكومته بالتحلي بالصبر وبالمسؤولية والامتناع عن تسخين الأجواء. لقد كان هذا يكفي كي يفهم بعض اليمينيين الشبان والطموحين بأنه حانت لحظتهم. في نهاية الأمر، لا تصح لهم كل يوم فرصة الانتفاضة التي ستكون مسجلة باسمهم، و ليس لدى اليمينيين الحاليين طريقا افضل لتسجيل ماركة على اسمهم، من الاظهار بأنهم يتحملون المسؤولية عن الهبة الفلسطينية الجديدة.

ما جاء اعلاه ليس تحليلا وانما ما يتضح من التصريحات التي ادلت بها نائبة وزير المواصلات تسيفي حوطوبيلي، التي زارت الحرم القدسي، الاسبوع الماضي. لقد حانت لحظة حوطوبيلي الكبرى عندما استضافتها القناة الثانية، وعندما قال لها ايهود يعاري، انها تؤجج النار في المنطقة، ردت بفخر كبير: "أنا واريك شارون.. لكل واحد منا ستكون انتفاضة على اسمه".

اذن، هذا هو، اليمينيون الشبان يصلون كي تحدث انتفاضة على اسمهم. ولسوء حظهم فان موشيه فايغلين ينجح دائما بالتقدم عليهم، وحتى الآن يحاول اوري اريئيل وميري ريغف وبقية شخصيات اليمين تأجيج النفوس قدر الامكان، والاثبات بأنهم يدافعون عن حق الشعب اليهودي بالصلاة في الحرم، وبذلك تحسين رؤيتهم السياسية.

ختلف المؤرخون حول مساهمة زيارة شارون الى الحرم القدسي في ايلول 2000 باندلاع الانتفاضة الثانية. ولكن من ناحية رمزية، لا شك ان لفتته كانت بالغة الأهمية: فالانتفاضة الثانية حققت فائدة كبيرة لليمين الاسرائيلي. لقد دمرت تماما مصداقية عملية اوسلو وجعلت رجال معسكر السلام الاسرائيلي، مجرد مسخرة.

في الفترة الأخيرة يشعر اليمين الاسرائيلي بالتهديد بعض الشيء: خلال النصف سنة الأخيرة وصلت المبادرة العربية، المطروحة منذ اكثر من عشر سنوات، الى وعي الاسرائيليين، حتى وان كانوا قلة. رئيس جهاز المخابرات السعودي السابق، تركي الفيصل، نشر مقالة في "هآرتس" كرر فيها استعداد العالم الاسلامي للاعتراف باسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها اذا انسحبت من الضفة ومن القدس الشرقية. مثل هذا التصريح لا يخدم فايغلين ودانون وحوطوبيلي وشركائهم. إذ يمكن للإسرائيليين، معاذ الله، الاعتقاد بأن السلام بات ممكنا. ولبالغ الحظ فانه يمكن لهؤلاء دائما تسخين الأجواء، مثلا، من خلال الدخول الى الحرم القدسي.

لا ادعي انهم مجانين كما كان اعضاء العصابة السرية اليهودية، الذين خططوا لنسف المسجد الاقصى وقبة الصخرة والتسبب بحرب يأجوج ومأجوج، ويسرعوا قدوم المسيح، لكن حوطوبيلي ستشعر بالفخر اذا تم تسمية الانتفاضة على اسمها. استراتيجية اليمين المتطرف تستحق تسميتها "نهاية العالم الآن"، وافضل عمل يمكن ان يفعله من اجلهم الفلسطينيون شرق وغرب الخط الاخضر، هو تنفيذ عمليات ارهابية. لأن الانتفاضة الثالثة ستدفن أي فرصة، ولو كانت صغيرة جدا، لمنع تحول اسرائيل الى اسبارطة لتعيش مائة سنة اخرى على حافة سيفها.

الفلسطينيون يريدون خوض الحرب على الحرم القدسي

هذا ما يراه دان مرغليت، في مقالته المنشورة في "يسرائيل هيوم" حيث يكتب ان شعور عدم الاستقرار يظهر في كل زاوية في القدس. وهذا هو الوضع الذي يتطلب يدا اسرائيلية صارمة، ليس فقط من اجل أمن المواطنين وانما كجزء من مصلحة قومية واسعة.

ويضيف في تهجمه على الفلسطينيين، ان النار والقتل ورشق الحجارة في القدس هو انتاج فلسطيني، لديهم مصلحة في الشغب بالذات في الحرم كي يمنحوا الصراع المتواصل منذ 94 سنة، مقاييس دينية وليست قومية، الاهية وليست ارضية. من المريح لأبو مازن حدوث الصدام مع اسرائيل في المدينة الخاضعة لسيطرة إسرائيل، بينما يحاول فرض الهدوء في المناطق الخاضعة لسيطرته في الضفة. لكن حماس والجهاد الإسلامي لا تكتفيان بالقدس، ورغم ان ابو مازن يطلب من قواته الامنية مواصلة التعاون مع اسرائيل، الا ان الوضع ازداد خطورة.

الجهات الكابحة تقلصت، كما يدعي مصدر عسكري يبتعد عن كل السياسة، بل ان مسالة "الحياة الجيدة" تراجعت لدى الفلسطينيين لصالح الفضول بشأن ما يحدث في مراكز التوتر. لقد انتقلت اسرائيل خلال تقييماتها الامنية، هذا الأسبوع، من السعي الى "الحفاظ على الاستقرار" الى جهد "كبح التصعيد". التغيير في التعريفات ليس لعبة، وانما وصفا لتغيير جوهري. المهمة أصعب ولكنها ليس ضائعة.

الشعور السائد في الجيش هو ان ازدياد الخطورة ينبع عن غياب "الافق السياسي"، ولكن هذا ليس مسألة تخص العسكريين. ابو مازن معنيا بالعنف على مستوى لهيب متوسط استعدادا لتقديم خطته الى مجلس الامن، والتي تطالب بانسحاب اسرائيل خلال عامين. في المقابل يأمل بنيامين نتنياهو ان تفرض الولايات المتحدة الفيتو على الخطة الفلسطينية، لكنه ليس مقتنعا بأن هذا ما سيحدث.

ويعتقد رئيس لجنة الخارجية والأمن زئيف الكين، انه سيتم العثور على صيغة تسوية تتيح لبراك اوباما الانضمام الى مبادرة ابو مازن. لا يوجد أي اتساق في هذه المواجهة. الحكومتان في القدس ورام الله ليستا معنيتين بالمفاوضات من اجل تحقيق السلام. وحتى اذا انسحبت اسرائيل فإنها لن تجد شريكا للاتفاق. لا يتحتم عليها التخبط في مسالة ما الذي ستضطر الى التنازل عنه وانما لمن. يمكن توضيح ذلك كالتالي: اذا اوقف نتنياهو البناء في المستوطنات لفترة طويلة، لن يحصل على السلام مع فلسطين وانما استعداد اوروبا لعدم الاعتراف بفلسطين. هذا هو الثمن وهذا هو المناسب.

ولكن حتى اذا ارادت اسرائيل دفعه فإنها لن تستطيع. الرياح الشريرة للانتخابات المبكرة غالبا ما تقتلع الاشجار السياسية. هل اعلن نتنياهو هذا الاسبوع ان عرب اسرائيل متساوون في الحقوق؟ في اليوم التالي قال ليبرمان لارييه غولان في راديو اسرائيل، انه لا يوجد أي حل باستثناء اخراج عرب المثلث عن السيادة الاسرائيلية. يمكن للعالم ان يوافق على كل خطوة. هل تسببت ميري ريغف بتأجيج وزارات الخارجية الدولية بمشروع القانون الذي يدعو الى تغيير الوضع الراهن في الحرم؟ هذا صغير على الحكومة. هل تم فرض القانون الاسرائيلي على المستوطنين في الضفة؟ هذا يعني الضم ولكنه، ايضا، صغير على الحكومة. هل تجول اعضاء الكنيست تسيفي حوطوبيلي وموشيه فايغلين في الحرم وشعفاط، وكل مكان؟ هذا صغير ايضا. هل صودق على بناء 200 وحدة اضافية في رمات شلومو؟ ليس هناك ما هو اصغر من ذلك. ولكن المجموع الكلي يجعل كل جون وجاك وفرانسوا وفلاديمير وتشانغ يقتنعون – ربما نتيجة خطأ – بأن إسرائيل متعنتة وتتهرب من البشرى.

المطلوب: بالغ مسؤول

ينقل يوآب ليمور في "يسرائيل هيوم" عن ضابط كبير في الجيش تشبيه وضع إسرائيل  على الساحة الفلسطينية بالسياقة خلال سباق للسيارات. وقال الضابط: "نحن نتواجد الآن عند المنعطف الذي دخلناه بسرعة عالية جداً. لقد سبق ودخلنا منعطفات مشابهة في السابق، واجدنا اللعب بين دواسة البنزين والكابح، والخروج منها، ولكن هذه المرة، قام احد الشياطين بنثر الزيت والمسامير على الشارع، وخطر التحطم بات كبيرا".

ويكتب ليمور: سنتطرق الى الشيطان لاحقا، ولكن الى الجوهر اولا: اهلا بكم في الانتفاضة الثالثة. ليس مؤكدا انها اصبحت هنا، ولكن لا شك انها لم تكن ابدا قريبة ومتفجرة وخطيرة كما هي الآن. ربما لا يملك الجانبان مصلحة واضحة في الوصول اليها، ولكن عمليا، من الواضح لهما انها قد تندلع في كل لحظة. يمكن ان تنجم عن حادث طرق مصادف كما في الانتفاضة الاولى، او عن الحرم كما في الثانية، ويمكن ان يكون السبب شيئا آخر: عملية شاذة، بطاقة الثمن، او تظاهرة محلية تخرج عن السيطرة. الامكانيات كثيرة، وتجعلنا نتساءل كيف لم تحدث الانتفاضة بعد.

التعليـــقات