الآفاق والتوقعات
شهد مؤشر سوق مسقط تعافياً بعد التراجع الذي شهده خلال منتصف العام.
سوف يكون لنشاط القطاع غير النفطي دوراً بارزاً في قيادة نمو الاقتصاد العُماني خلال السنوات القادمة. حيث اعتزمت سلطنة عُمان المحافظة على مخزونها النفطي عن طريق وضع حد لنمو انتاجها والالتفات نحو تنويع اقتصادها. ومن المتوقع أن يرتفع العجز الحكومي تماشياً مع زيادة المصروفات الاستثمارية وتراجع الإيرادات نتيجة تراجع أسعار النفط. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتراجع فائض الحساب الجاري على خلفية ارتفاع تكلفة عمليات توريد الطاقة. كما من المتوقع أن يستفيد كل من الائتمان وسوق الأسهم من الارتفاع في إجمالي الطلب، المدعوم بمشاريع تصل قيمتها الى 30 مليار دولار من المفترض البدء بها خلال السنوات القادمة. وتعتبر قيمة هذه المشاريع كبيرة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي المقدّر بنحو 80 مليار دولار للعام 2013.
من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بواقع 4٪ خلال العام 2014 وبواقع 4.5٪ خلال العام 2015، وذلك نتيجة قوة أداء القطاع غير النفطي الذي يتوقع أن ينمو بواقع 7٪ في المتوسط خلال فترة التوقعات، في الوقت الذي يبدأ فيه التنويع الاقتصادي الذي تطمح الحكومة بتحقيقه بترك تأثيره، وذلك عن طريق تركيزها على قطاعات السياحة والصناعة والتصنيع.
وضع حد لنمو انتاج النفط والالتفات نحو انتاج الغاز
بلغ متوسط انتاج النفط 942 ألف برميل يومياً خلال العام 2013 مسجلاً زيادة بواقع 2.6٪ على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يحافظ على نموه بوتيرة معتدلة خلال العامين الحالي والقادم. وقد أعربت الحكومة عن رغبتها في الحفاظ على انتاج النفط في نطاق يتراوح بين 950 ألف برميل يومياً و960 ألف برميل يومياً خلال السنوات الخمس القادمة. ومع الأخذ بعين الاعتبار نضج حقول النفط في السلطنة، يتوجب التوجه نحو الاستخراج المعزز للنفط باستخدام الغاز المكثف، وذلك للقدرة على استخراج هذه الكمية من النفط.
ويواجه انتاج الغاز حالياً نقصاً أمام الطلب المحلي حيث تقوم عُمان باستيراد الغاز من قطر لسد حاجتها وملء فجوة العرض. وقد تسبب النقص أيضاً بالحد من قدرة عُمان على توسعة صادراتها من الغاز. ومن المحتمل أن تستمر هذه الفجوة في العرض نتيجة نضج الحقول، إلا أن عُمان تقومً حاليا بالاستثمار في حقول غاز جديدة من شأنها أن ترفع من الانتاح. وتشير البيانات الأخيرة إلى استمرار التراجع في انتاج الغاز وتقلص متوسط الانتاج اليومي بواقع 8٪ خلال النصف الأول من العام. وفي محاولة منها لتطوير حقول جديدة للغاز، قامت الحكومة بوضع مشروع خزان للغاز من قبل شركة "بي بي" البريطانية للطاقة في أول قائمة أولوياتها، ومن المتوقع أن يبدأ في العام 2017. ولكن مع استمرار الحاجة في الاستيراد، تقوم عُمان بدراسة بناء خط غاز مع إيران والذي من شأنه أن يساهم في تسهيل العراقيل التي تواجه عمليات الانتاج.
وستظل أهداف التنمية والتنويع الاقتصادي ماثلة في توجه عُمان نحو إدارة مواردها النفطية المتنامية. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج النفطي من 2.8٪ خلال العام 2013 ليصل إلى 0.8٪ هذا العام و0.5٪ العام القادم.
1.5٪ معدل التضخم المتوقع في لكامل العام 2014
بلغ معدل التضخم العام في 2013 أقل مستوى له منذ العام 2005 عند 1.1٪. وقد تباطأ معدل التضخم نتيجة بعض الزيادات الضعيفة في قطاعي الإسكان والنقل اللذين يشكلان 46٪ من سلة السلع. كما تراجع أيضاً معدل التضخم الأساس الذي يستثني قطاعي الإسكان والمواد الغذائية ليصل إلى 0.6٪ في المتوسط لكامل العام 2013.
ولا يزال معدل التضخم العام حالياً متراجعاً عند 1.0٪ في أغسطس، وعند 1.1٪ في المتوسط منذ بداية السنة. ولا يزال التراجع في أسعار المواصلات وأسعار المواد الغذائية، التي تتبع أسعار المواد الغذائية العالمية، يساهم في خفض الضغوطات التضخمية بينما ساد الاعتدال في وتيرة نمو المكونات الثانوية الأخرى.
ومن المتوقع ان يساهم قطاع العقار في ارتفاع معدل التضخم مستقبلاً. وقد أظهرت بيانات الإسكان الأخيرة أن قيمة الأملاك المتداولة في السلطنة قد تضاعفت خلال الربع الثاني من العام 2014 عن عام مضى. إضافة إلى ذلك، فقد شهد التعداد السكاني في عُمان نمواً استثنائياً خلال السنوات الماضية ليصل إلى أكثر من 4 ملايين نسمة في أبريل. ومن المتوقع أن تستمر عُمان في جذب العمالة الوافدة، وذلك على الرغم من القوانين الأخيرة التي تحد من ذلك. ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في مؤشر أسعار المستهلك 1.5٪ خلال العام 2014 و3.0٪ خلال العام 2015.
النمو المتوقع في المصروفات قد يخفض الفائض المالي
أظهرت البيانات التمهيدية أن الفائض المالي للعام 2013 قد جاء قريبا من التوقعات عند 0.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك نتيجة استمرار نمو المصروفات.
وفي ما يخص الإيرادات النفطية التي لا تزال تقود إجمالي الإيرادات، فقد بلغت 12.2 مليار ريال عُماني، مسجلة ارتفاع بواقع 7٪ على أساس سنوي، وذلك بفضل قوة أسعار النفط (حتى شهر أكتوبر 2014). بالمقابل، شهدت المصروفات زيادة بواقع 2.9٪ مقارنة بنهاية العام 2012.
ونتوقع أن يشهد فائض المالية العامة تراجعا تدريجيا مستقبلاً، حيث من المحتمل أن يؤدي عزم الحكومة العُمانية على الحد من انتاجها النفطي إلى زيادة تأثر الإيرادات بأسعار النفط العالمية، التي من المتوقع أن تتراجع بمسار معتدل خلال فترة التوقعات. ومن المتوقع أن تشهد المصروفات الحالية ارتفاعاً هذا العام، وذلك بعد تسجيل تكلفة شراء- غير واردة في الميزانية- لنظام دفاع صاروخي، بالإضافة إلى توحيد الرواتب في القطاع الحكومي. وفي ما يخص المصروفات الاستثمارية، التي ستشمل خط الغاز بين عُمان وإيران، فمن المفترض أن تشهد تسارعاً في النمو، وذلك تماشياً مع توجه عُمان نحو خطة التنويع الاقتصادي التي تطمح بتحقيقها. ونتيجة لذلك، من المحتمل ان يسجل إجمالي المصروفات نمواً بمتوسط سنوي يبلغ 5٪ خلال فترة التوقعات. ومن المتوقع أن تواجه عُمان عجزاً في الميزانية بحلول العام 2015، لكنها ستحقق تعادلا في الميزانية خلال العام 2014.
توقعات بتراجع فائض الحساب الجاري تماشياً مع نمو الحاجة للطاقة
تقدر البيانات الرسمية الأولية تراجع فائض الحساب الجاري للعام 2013 إلى 6.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي من 10.2٪ في العام الأسبق. وقد جاء التراجع في الحساب التجاري للسلطنة بواقع 7٪ على أساس سنوي نتيجة تراجع إيرادات الصادرات النفطية بالإضافة إلى النمو المستمر في عمليات التوريد. في الوقت نفسه، استمر العجز في الخدمات والمدفوعات التحويلية بالنمو، بينما تراجع العجز في الدخل نتيجة تسجيل قفزة غير اعتيادية في الدخل الوارد.
ومن المتوقع أن يتراجع فائض الحساب الجاري خلال فترة التوقعات، وذلك نتيجة تراجع أسعار النفط ونمو الحاجة للطاقة. وسيرتفع العجز في الخدمات، لكن بوتيرة بطيئة، وذلك نتيجة البدء بمشاريع تهدف إلى تحسين السياحة والنقل. وستؤدي الزيادة في الكثافة السكانية للوافدين إلى زيادة المدفوعات التحويلية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع العجز في التحويلات.
تسارع نمو الائتمان في ظل بيئة اقتصادية جيدة
يسجل الائتمان نمواً جيداً بعد تباطؤه خلال نهاية العام الماضي بسبب بعض المعايير الاحتياطية الجديدة. وبلغ نمو الائتمان 9.5٪ في المتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، متخطياً بذلك متوسطه خلال العام 2013 عند 8.7٪.
ومن المحتمل أن يشكل التسارع في قطاع العقار والأنشطة غير النفطية مصدراً جيداَ لمؤسسات الإقراض المحلية بسبب تعليمات بنك عُمان المركزي الجديدة. إذ تنص تلك التعليمات على التقليل من حصة القروض الشخصية في محافظ البنوك لزيادة قروض الرهن العقاري والمشروعات الصغيرة. ومن المتوقع أن يستمر بنك عُمان المركزي في تحسين البيئة المالية المحلية كما هو واضح في التعليمات الجديدة الأخيرة التي تنص على الحدّ من الائتمان الأجنبي.
وقد حافظت البيئة النقدية على تحسنها. فقد ارتفعت ودائع القطاع الخاص بواقع 14٪ في المتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2014 نتيجة النمو الكبير في الودائع تحت الطلب والارتفاع الجيد في ودائع الإدخار، على الرغم من تراجع أسعار الفائدة على الودائع. ونتيجة لذلك، فقد شهد كل من عرض النقد بمفهومه الواسع (ن2) وبمفهومه الضيق (ن1) قفزة ملحوظة خلال الفترة ذاتها بمتوسط شهري بلغ 26٪ و14٪ على أساس سنوي على التوالي. ومن المتوقع ان تستمر البيئة النقدية في التحسن مدعومة بقوة الأوضاع الاقتصادية. ومع الأخذ بعين الاعتبار رباط عملة السلطنة بالدولار الأميركي، فمن المتوقع أن تبقى أسعار الفائدة عند مستوياتها المنخفضة. ويقف معدل الفائدة على إتفاقية إعادة الشراء حالياً عند 1٪.
التطورات الإقليمية تنعكس على سوق الأسهم
لقد ساهمت البيئة الاقتصادية الجيدة في دعم سوق مسقط للاوراق المالية ليتفوق على مستوياته للعام 2013. ولكن على الرغم من تسجيله أداءاً تاريخياً خلال شهر سبتمبر، إلا أن ارتفاع المؤشر قد قابلته بعض التقلبات التي جاءت نتيجة التأثيرات الجيوسياسية والمالية. وبلغ مؤشر سوق "مسقط 30" مستوى 7020 نقطة في أكتوبر. ومن المتوقع ان تؤدي القفزة في مشاريع البنية التحتية والمشاريع الصناعية في دفع الأرباح لسوق الأسهم.