رئيس التحرير: طلعت علوي

قانونية قيام أحد المصارف المحلية باللجوء إلى القروض المساندة في الشريحة الثانية لتعزيز قاعدة رأس المال

السبت | 01/11/2014 - 04:15 مساءاً
قانونية قيام أحد المصارف المحلية باللجوء إلى القروض المساندة في الشريحة الثانية لتعزيز قاعدة رأس المال


 


محمد خضر قرش – القدس


في ظاهرة هي الأولى من نوعها في فلسطين والعالم توافق أو تصادق فيه الهيئة الرقابية المشرفة على الجهاز المصرفي، لمصرف محلي بأن ينتقل مباشرة إلى الشريحة الثانية (المساندة) وفقا لاتفاقية بازل المعنية بتنظيم العمل المصرفي دون اكتمال متطلبات الشريحة الأساسية المشتملة على رأس المال المدفوع ومجموع بنود حقوق المساهمين الأخرى المعروفة.

وبدون الخوض بالتفاصيل الفنية والتي لا تفيد القارئ العادي، فإن اتفاقية بازل قسمت أو صنفت رأس المال إلى شريحتين ،الأولى المعروفة لنا جميعا وهي رأس المال المدفوع والاحتياطيات المختلفة لإغراض محددة والتي تظهر ضمن بنود حقوق المساهمين في الميزانية الختامية في جانب المطلوبات تحت أسم" رأس المال وحقوق المساهمين"بالإضافة إلى الأرباح المحتجزة وغير الموزعة أو المرحلة. أما الشريحة الثانية (المساندة) وأهمها:

1- احتياطيات إعادة تقييم الأصول المختلفة التي يمتلكها المصرف من أراضي ومباني واستثمارات 2- المخصصات لمواجهة أية مخاطر غير محددة كالتسهيلات الائتمانية مثلا 3- وأدوات رأس المال التي تمتاز بخاصية الملكية والدين معا 4- القروض المساندة لفترة 5 سنوات( وفقا للتعديل الثالث على اتفاقية بازل سمحت بإضافة القروض المساندة لمدة عامين) واستنادا إلى هذه الخاصية الأخيرة فقد وافقت الهيئة الرقابية في فلسطين أو سمحت للمصرف المحلي بطرح سندات للاكتتاب بقيمة 10 ملايين دولار أميركي لمدة 5 سنوات بفائدة 6.5 % سنويا تدفع كل 6 أشهر. وعلينا الآن فحص فيما إذا كان ذلك يتوافق مع متطلبات اتفاقيات  بازل الأولى والثانية والثالثة أم لا.
بالرجوع إلى اتفاقيات بازل وتعديلاتها التي وجدت لدعم واستقرار النظام المصرفي بالدرجة الأساس ،فإننا:

1- لم نجد أية مادة أو فقرة  أو بند أو تفسير أو ملحق أو توضيح أو سابقة تقول بأنه يمكن لبنك الانتقال إلى الشريحة الثانية (رأس المال المساند)، ما لم يستكمل متطلبات رأس المال المدفوع بالحد الذي تقرره السلطة النقدية وهو في فلسطين 50 مليون دولار.
2- البنك محل البحث لديه خسائر تراكمية تصل إلى نحو 5 ملايين دولار وفقا لحساباته المدققة في 30/6 /2014.(البيانات المنشورة في جريدة القدس تاريخ 8/9/2014 ص20 )

3- وهناك نقطة أخرى في غاية الأهمية أيضا وهي أن البنك منذ مباشرته العمل في شهر آب 1994 لم يوزع أرباحا على حملة الأسهم سوى مرة أو مرتين.
4- البنك عاني كثيرا من مشاكل تأسيسية (تكوينية) من قبل المساهمين الرئيسيين(الكبار) عبرت عن نفسها خارج الأطر والقنوات الإدارية للبنك أكثر من مرة وصلت في بعضها إلى المحاكم .
5- هناك اختلال كبير وملموس في تركز الملكية حيث يستأثر شخص واحد وشركة تابعة له على نحو 51% من الملكية، عدا ما يملكه أبناءه، وهذا خطير جدا على قدرة مجلس إدارة البنك على وضع الخطط والتطوير.فهو يملك أكثر من حق الفيتو (النقض).والسؤال هو كيف وصل الأمر إلى هذا المستوى ولماذا وافقت السلطة الرقابية على ذلك بما فيها مراقب الشركات. مما يعني تحكمه بكل شيء في البنك.
6- وعلينا أن نطرح السؤال التالي: ما هي العبرة من طرح سندات القرض القابلة للتحويل إلى أسهم بعد 5 سنوات، علما بأنه لو تم ذلك فعلا، فأن البنك سيبقى غير ملتزم وغير مستوفي لمتطلبات رأس المال المدفوع وفقا لسلطة النقد والبالغ 50 مليون $.فكيف سيتم الالتزام أو الوفاء بالحد القانوني لرأس المال المدفوع بعد انقضاء فترة السنوات الخمس؟ هل سيتم طرح سندات إقراض جديدة أم ماذا؟
7- كيف يمكن للبنك أن يدفع 650 ألف دولار سنويا كفوائد لحملة السندات علما بأن السجل التاريخي لأرباحه منذ تأسيسه لم يشر إلى انه تمكن من تحقيقها سنويا، فمن أين سيدفع الفوائد ؟؟ وإلا لكان وزع أرباحا على المساهمين أو عزز قاعدة رأس المال ولما احتاج إلى إصدار سندات إقراض كسيناريو لحل عدم القدرة على الوفاء بالسقف القانوني لرأس المال وفقا لمتطلبات سلطة النقد.
8- ماذا سيكون موقف حملة السهم الحاليين حينما يرون ويشاهدون أن إدارة البنك ميزت بينهم وبين المكتتبين في السندات من خلال إعطائهم فائدة بنسبة 6.5% سنويا وهم لم يحصلوا على أية أرباح منذ عشرين عاما إلا مرة أو مرتين وبنسبة 5%؟؟ مما سيدفعهم للتخلص منه وبيعه وبخسارة كما هو الواقع ألان، حيث سعر السهم التداولي نحو 740 سنتا. فهم وبعد عشرين عاما، لم يستلموا أرباحا فحسب بل أن القيمة السوقية للسهم خسر 25% من قيمته الاسمية(المكتتب بها).
9- ما دامت السندات سيتم تحويلها على الأغلب إلى أسهم بعد انقضاء الفترة فلماذا يتم تحميل البنك مبلغ 3.25 مليون دولار للسنوات الخمس القادمة اعتبارا من شهر يناير /كانون الثاني (2015).
10- المعلومات المتاحة تقول بأن الاختلال في الملكية سيتعمق ويزداد بسبب قيام المالك الرئيس للأسهم بالاكتتاب بنحو ثلث قيمة السندات، بما فيها الشركة التابعة له.
11- والمعلومات المتاحة أيضا تشير إلى أن الاكتتاب في السندات بقي محصورا في ثلاثة مجموعات رئيسة إحداها صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي اكتتب بنحو 35% من قيمة السندات.


(النتائج)
بدون الدخول في تفاصيل أضافية هامة أخرى، فإن الاكتتاب في السندات الذي تم في البنك ليس في صالحه وسيشكل عبئا ماليا كبيرا عليه ستكون له نتائج خطيرة وملموسة على قدرته على الوفاء بالتزاماته خاصة وأن سجله التاريخي لا يعطي مؤشرا على إمكانية تحقيق أرباحا سنوية تعادل الفوائد التي ستدفع لحملة السندات.كما أن الاكتتاب المحدود الذي تم لا يحل ولا يستجيب لمتطلبات سلطة النقد برفع رأس المال المدفوع إلى 50 مليون $ كحد أدنى.

فهذه المشكلة ستبقى قائمة بعد السنوات لخمس، إلا إذا  حدثت معجزة غير منظورة تمكن البنك من الوفاء بالتزاماته وفقا لمتطلبات سلطة النقد. وهذه المعجزة لن يكون مصدرها الأرباح بكل تأكيد. فجميعها أو جُلها سيدفع كفوائد لحملة السندات(بافتراض أن البنك سيحقق 650 ألف $ ربحا سنويا ). ومن ناحية أخرى فإنه في حال تم تحويل السندات إلى أسهم في نهاية الفترة كما هو مفترض فإن خسارة فورية ستلحق بحملة الأسهم الجدد بسبب بسيط جدا وهو أن القيمة السوقية لسعر سهم البنك يتراوح ما بين 700 إلى 750 سنتا في أحسن الحالات ،وعليه فمنذ تسجيل الأسهم باسم المالك الجديد فأنها ستخسر فورا 25% من قيمتها الاسمية المحددة بدولار.

فلا يعقل أن ترتفع قيمة السهم السوقية إلى ما يفوق القيمة الاسمية(المكتتب فيها) بسبب عدم وجود أرباح فعلية متوقعة تضاف إلى حقوق المساهمين وتعزز بالتالي من قوة السهم في البورصة. لذا فعلى سلطة النقد أن تفكر من الآن في كيفية معالج أوضاع البنك سواء  لجهة استكمال رأس المال المدفوع أو إنهاء التركز في الملكية غير المبررة والمتعارضة مع كل القوانين والتعليمات بما فيها اتفاقيات بازل.فلا البنك ولا مساهميه ولا النظام المصرفي سيستفيد من عملية طرح الاكتتاب بالسندات ،بل على العكس فأن هذا سيشكل عبئا على موارد البنك وضغطا على سعر السهم بسبب زيادة الكمية المعروضة من الأسهم في ظل فقدان أو تراجع الطلب عليه مما سيخفض من قيمته السوقية والتي تتأثر بالإضافة إلى ذلك بعدم توزيع الأرباح أو تحققها ميدانيا.

فالذين اشتروا أو اكتتبوا في السندات سيخسرون فور تحويلها إلى أسهم 25% من قيمتها على الأقل.أما حملة الأسهم القدامى فإن خسارتهم تتحقق لهم منذ نحو 20 عاما، لثلاث أسباب رئيسة الأول عدم حصولهم على الأرباح التي كانوا ينتظرونها والثاني خسارتهم للاستثمار في الفرص البديلة والثالثة خسارتهم بفعل عامل التضخم والفرق بين القيمة الحالية لدولاراتهم وقيمتها عند المساهمة قبل 20 عاما أو عند شراء السهم من البورصة بعد أن تم طرحه عام 2006.


(التوصيات )
بغض النظر عن الدوافع والأسباب أو الحيثيات المهنية التي دفعت بالهيئة المشرفة على الجهاز المصرفي في فلسطين للبنك محل البحث باللجوء إلى الشريحة الثانية قبل اكتمال متطلبات رأس المال المدفوع ، والتي تملأ نقاشاتها صالونات الشارع الاقتصادي الفلسطيني خاصة بعد أن رفضت كل المصارف العاملة الاكتتاب أو المشاركة به،علما بأن كافة النقاشات المتداولة لا تقترب من الجوانب القانونية والمهنية لكونها غير قائمة بل وغير متوفرة سواء في الحالات لمماثلة أو في القوانين المعمول بها أو وفقا لاتفاقيات بازل. فلا يوجد بكل هذا القوانين ما يسمح أو يجيز للبنك اللجوء إلى أحد مكونات رأس المال المساند قبل اكتمال رأس المال الأساسي. ولسنا بصدد تقديم نماذج للأقاويل الكثيرة التي تتداولها النخب الاقتصادية وغيرها.

لكن نتمنى على من وافق للبنك بفعل ذلك، أن يقدم للشارع الاقتصادي وللمؤسسات الاقتصادية الحيثيات التي أملت عليه الموافقة، لوضع حد للأقاويل المنتشرة.وفيما يتعلق بالتوصيات فإن الأفاق المهنية والاقتصادية أمام هذا البنك مغلقة عدا فرصة الاندماج مع بنك أخر أو قيام أحد المصارف الكبيرة بشرائه.

فنسبته في الجهاز المصرفي ما زالت دون ال 2% لم تتغير ومشاكله التكوينية ترحل من إدارة إلى أخرى دون التمكن من السيطرة عليها ووضع نهاية لها .هذا ما يتوجب على الهيئة المشرفة على الجهاز المصرفي أن تفعله لصالح النظام النقدي الفلسطيني .كما نأمل من السلطة الرقابية عدم إدراج العشرة ملايين دولار ضمن رأس المال المساند لأنه من الخطأ تصنيفها كذلك قبل اكتمال رأس المال المدفوع كله حسب متطلب سلطة النقد، إلا إذا قررت سلطة النقد أن المتطلب القانوني لرأس المال هو 30 مليون دولار ففي هذه الحالة يكون قرار السلطة الرقابية صحيحا 100%. وأخيرا نرجو من السلطة الرقابية مراجعة موافقتها وعدم تكرارها في المستقبل مع بنك آخر.

التعليـــقات