رئيس التحرير: طلعت علوي

تسارع نشاط المشاريع في الكويت خالل 4102 يؤشر إلى انطالقة جيدة لخطة التنمية الخمسية

الأربعاء | 15/10/2014 - 09:20 صباحاً
تسارع نشاط المشاريع في الكويت خالل 4102 يؤشر إلى انطالقة جيدة لخطة التنمية الخمسية

شهد العام 2014 تسارعاً في نشاط سوق المشاريع في الكويت، التي تعدّ رابع اكبر سوق للمشاريع في مجلس التعاون من حيث القيمة السوقية التي تبلغ 217 مليار دولار (أي ما يعادل 62 مليار دينار)، وذلك وفقاً لـ(ميد). وبحلول نهاية شهر أغسطس، قامت الحكومة بالموافقة على عقود بلغت قيمتها أكثر من 20.7 مليار دولار (6 مليارات دينار)،  أي ضعف ما تم تسجيله العام الماضي، ما أدى الى تصنيف سوق المشاريع في الكويت من ضمن أسرع الأسواق نمواً في المنطقة. وتأمل السلطات أن يكون العام 2014 نقطة تحول لسوق المشاريع في الكويت وانطلاقة جيدة للخطة الخمسية للتنمية للفترة 2015-2020، خاصة وان هناك عقودا تبلغ قيمتها 17 مليار دولار (4.9 مليار دينار) على أقل تقدير في انتظار الحصول على الموافقة قبل نهاية العام.


وتهدف الخطة الخمسية للتنمية، التي تنتظر موافقة مجلس الأمة والتي تعتبر نقطة الإنطلاق للرؤية الأميرية الاستراتيجية للعام 2035، الى تحويل الكويت الى مركز خدمات مالية وتجارية لمنطقة شمال الخليج العربي. وبصفة عامة، فإن الهدف الأساسي هو تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية التي من شأنها تقليل اعتماد الدولة على الإيرادات النفطية، وذلك عن طريق تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية للدولة. وتسعى الخطة الى تحسين بيئة الأعمال في الكويت وجذب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار في قطاعي الصناعة والخدمات وذلك من خلال مجموعة مشاريع استثمارية لتطوير البنية التحتية والقوى البشرية ومن خلال اقرار حزمة من الإصلاحات القانونية والرقابية.


ووفقاً لخطة التنمية الخمسية، تتوقع السلطات أن يبلغ إجمالي الإنفاق الاستثماري 11.8 مليار دينار لكل سنة من الخمس سنوات القادمة، ويخصص منها 6.3 مليار دينار سنوياً للاستثمار الحكومي لتنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيتجية التي تشمل: 
مشروع المصفاة الجديدة بقيمة 4.0 مليارات دينار ومشروع الوقود النظيف بقيمة 4.6 مليار دينار، واللذان من المفترض أن يساهما في تعزيز قدرة الدولة الإنتاجية للتكرير وتحسين المنتجات المكررة. 
مشروع ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان الذي يهدف الى زيادة القدرة الاستعابية المحدودة لموانئ الدولة، وتحقيق النمو المنشود في التجارة.
مشروع توسعة المطار بقيمة 1.7 مليار دينار ومشروع المترو بقيمة 5.6 مليار دينار اللذان يهدفان الى حل أزمة الإزدحام المروري وتهيئة البنية التحتية للمستقبل.


كما جددت الخطة الاهتمام الرسمي بتعزيز دور القطاع الخاص وتطويره، إذ تهدف الحكومة الى تحقيق نمو حقيقي في القطاع الخاص بمتوسط سنوي يصل الى  9.4٪ خلال السنوات الخمس القادمة، مع زيادة مساهمة القطاع في الاقتصاد الى 34٪ من 22٪ وفقاً لبيانات العام 2012.    
وتهدف السلطات الى إشراك الشركات الخاصة في عدد من المشاريع الضخمة تحت بند مشاريع الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، والتي تشمل مشروع محطة شمال الزور المستقلة للطاقة والمياه بقيمة 2.4 مليار دينار التي من المفترض أن تلبي زيادة الطلب على الكهرباء والمياه، ومشروع الخيران بقيمة 3.9 مليار دينار، ومشروع تطوير مدينة المطلاع بقيمة 0.7 مليار دينار التي من شأنها أن تخفف من الضغط على قطاع الإسكان.


ورغم صرف نحو 52.6٪ فقط من الإنفاق المحدد في الخطة السابقة (2010-2014)، فمن المرجح ان تتحسن وتيرة تنفيذ المشاريع وأن ترتفع وتيرة الصرف الى 65٪-70٪ من الإنفاق المقرر خلال السنوات الخمس القادمة. ولا تعتبر هذه النسبة بعيدة المنال، بل إن نسبة الصرف قد تصل الى مستويات اعلى في السنوات الاخيرة للخطة.  


ويعتبر مشروعا الوقود النظيف والمصفاة الجديدة مشروعين استراتيجيين لشركة البترول الوطنية الكويتية، ويشملان القيام بعمليات توسعة وتطوير لاثنين من أهم مصافي الكويت (ميناء عبدالله وميناء الأحمدي) بالإضافة الى بناء مصفاة جديدة في منطقة الزور، وهو ما سيؤدي الى تضاعف الطاقة الانتاجية للكويت في قطاع التكرير لتصل الى 1.4 مليون برميل يومياً، مقارنة مع 0.7 مليون برميل يومياً حاليا. ومن المفترض أن يتم البدء بعمليات الإنشاء لمشروع الوقود النظيف في بداية العام 2015 بعد أن قامت الحكومة بالتوقيع على المشاريع في أبريل، بينما من المفترض أن يتم ترسية أول ثلاثة مراحل من مشروع المصفاة الجديدة في شهر أبريل من العام 2015.
وقد استحوذت مشاريع الوقود النظيف ومشاريع تابعة لشركة البترول الوطنية الكويتية لمراكز تجميع النفط والغاز في الكويت على الإنفاق خلال هذا العام. حيث شكلت المشاريع المتعلقة بالنفط والغاز 77٪، أي 16 مليار دولار (ما يعادل 4.6 مليون دينار)، من إجمالي قيمة المشاريع البالغة 20.7 مليار دولار (ما يعادل 6 مليارات دينار). وبالفعل، فقد استحوذت الكويت على الأقل على نصف الإنفاق النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي. ويستحوذ حالياً كل من قطاع البناء والإنشاء وقطاع الطاقة على الإنفاق الجاري والمخطط بشكل كبير.


كما شهد نشاط قطاع البناء والإنشاء قوة أيضاً خلال العامين السابقين. فقد تم ترسية عقود بقيمة 2.6 مليار دولار (ما يعادل 0.75 مليار دينار) و3.1 مليار دولار (ما يعادل 0.9 مليار دينار) خلال العامين 2013 و2014 على التوالي. كما من المحتمل إضافة عقد بقيمة 1.2 مليار دولار (0.35 مليار دينار) لتطوير مستشفى الجهراء الذي من المفترض أن يتم خلال الربع الأخير من العام 2014، وذلك وفق خطة التوسعة التي تقوم بها وزارة الصحة لتسع مستشفيات.


في الوقت نفسه، فقد تم استكمال ما يقارب 40٪ من مشروع محطة شمال الزور، احد مشاريع الكويت الرئيسية القائمة على الشراكة بين القطاع الخاص والعام، خلال فصل الصيف وفقاً لوزارة الكهرباء والماء. ومن المفترض أن تبدأ محطة الطاقة وتحلية المياه عملياتها بحلول الربع الثاني من العام 2015 لتزود 1.500 ميجاواط من الكهرباء و102 مليون غالون من المياه يومياً. وقد تم تحقيق شروط التمويل لمشروع محطة الزور في ديسمبر من العام 2013، ما يجعله اول مشروع يتم ارسائه بنجاح من قبل الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات، الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاع الخاص والعام.


وقد تم إدراج أيضاً حزمة من الإصلاحات الرقابية خلال العام الماضي هدفها تطوير بيئة الأعمال. فبالاضافة الى القانون الجديد للشركات والقانون الجديد الخاص بمشاريع الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام، ظهر أيضاً قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الذي من شأنه جذب الاستثمار الأجنبي، حيث من المفترض أن تقوم هيئة تشجيع الاستثمار المباشر- الجهة المسؤولة عن مراقبة الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت- باستهداف كل من الاستثمار الأجنبي والمحلي والسماح أيضاً بتملك المستثمر الاجنبي لما يصل الى 100٪ من المشروع في 14 قطاعا ما لم يتم استثناء أي منها (ما يعرف بالقائمة "السلبية"). وقد تم انشاء النافذة الموحدة لتسهيل انجاز المعاملات والبت بالطلبات المقدمة للاستثمار الأجنبي المباشر خلال 30 يوما. ولتفادي البيروقراطية، سوف توضع الهيئة تحت اشراف مجلس الوزراء مباشرة.  


كما قامت الحكومة مؤخراً بتعليق برنامج الأوفست الذي يلزم الشركات الأجنبية قانونياً باستثمار نسبة من العقود الممنوحة لها في الاقتصاد المحلي (عادة بنحو 3٪ - 10٪). ولطالما عبر المستثمرون عما يشكله هذا البرنامج من عائق لهم منذ إنشائه في العام 1992. ومن شأن تعليقه قد يعيد المستثمرين الى الكويت كما قد يساهم في استعادة الكويت ما خسرته في سوق المشاريع لصالح الدول المجاورة.


بصفة عامة، يبدو أن الكويت تسير حالياً على خطى إيجابية نحو تحقيق أهدافها التنموية وتعزيز نموها، لا سيما مع وجود القوانين الجديدة والخطة الخمسية الجديدة للتنمية وتسارع نشاط المشاريع خلال العام 2014. وفيما أدت هذه المؤشرات الى تحسن الآفاق الاقتصادية للكويت، إلا أنها قد ساهمت أيضاً في لفت انتباه المستثمرين العالميين الذين أخذوا في إبداء اهتمامهم مجدداً في الاقتصاد الكويتي وأسواقه.

التعليـــقات