رئيس التحرير: طلعت علوي

رؤية تحليلية حول إعترافات كلينتون وحصار قطاع غزة

السبت | 09/08/2014 - 03:02 مساءاً
رؤية تحليلية حول إعترافات كلينتون وحصار قطاع غزة


محمد خضر قرش – القدس


التصريحات الجريئة التي تناولتها هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة في كتابها "خيارات صعبة " ونشرت مقتطفات منه جريدة القدس يوم الاربعاء الموافق 6/4/2014  والتي اعترفت فيه ما كان متداولا ومعروفا على نطاق واسع جدا أشرنا إليه في أكثر من مقال نشر في هذا المكان، وكل ما كان ينقصنا هو الدليل والاثبات. وها هي تعترف هيلاري كلينتون وبشكل مباشر وبدون مواربة أو غمز أو لمز،  بأن الإدارة الأميركية الحالية برئاسة باراك حسين أوباما هي من قامت بتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" داعش" بغرض تقسيم الشرق الأوسط. هكذا قالت بالنص وبالحرف. وكشفت عن أنه « قد تم الاتفاق (تقصد مع الإخوان المسلمين وأوردغان)"على إعلان الدولة الإسلامية يوم السبت الموافق 5/7/2013 وكنا ننتظر الإعلان لكي نعترف نحن وأوروبا بها». وتابعت تقول:« لقد زرت 112 دولة في العالم وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء بالاعتراف بـ»الدولة الإسلامية» لدى إعلانها فوراً وفجأة تحطم كل شيء». وأردفت: «كل شيء كُسر أمام أعيننا بدون سابق إنذار، شيء مهول حدث في مصر! لقد فشل مشروعنا في مصر عقب سقوط الإخوان المسلمين، وكنا سنتوجه بعد ذلك إلى دول الخليج الفارسي حسب تعبيرها، وكانت أول دولة مهيأة هي الكويت عن طريق أعواننا من الإخوان المسلمين هناك،ومن ثم السعودية فالإمارات والبحرين وسلطنة عُمان، وبعد ذلك يعاد تقسيم الشرق الاوسط وخاصة الدول العربية،حيث ستصبح السيطرة لنا على كامل المنطقة، خاصة على منابع النفط والمنافذ البحرية! وتابعت "لقد فكرنا في استخدام القوة ، لكن مصر ليست سوريا أو العراق أو ليبيا،فجيشها قوي وشعب مصر لن يترك جيشه يقاتل وحده". وقد سبق للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وان أشار إلى التحالف الذي كان يعد له أوردغان مع التنظيم الدولي للاخوان المسلمين لإقامة الدولة الإسلامية في سلسلة حلقاته مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي. وياتي إعتراف هيلاري كلينتون بهذه الحقيقة لينفي وينسف ما حاولت بعض الدول العربية النفطية والأحزاب والحركات المرتبطة بها في لبنان وسوريا وغيرهما من الربط بين داعش وإيران وسوريا لدرجة ان بعضها بلغت فيه الوقاحة والافتراء والغباء السياسي إلى القول بان داعش ما هي سوى صنيعة للمخابرات السورية وحزب الله وإيران وبعض هؤلاء للأسف الشديد مثقفون واكاديميون مقيمون في بريطانيا والمانيا وأميركا وفرنسا ،فهم مطلعون بحكم إقامتهم هناك على المعلومات والوثائق المؤيدة لذك.ورغم مرور أسبوع على إعترافات كلينتون بأن الإدارة الأميركية هي التي أسست تنظيم داعش لم نسمع منهم وخاصة من اردوغان والقرضاوي وحكام قطر وبعض من يدعون بأنهم من المفكرين العرب وأصحاب المواقف المبدئية أي تصريح أو تعقيب أو ملاحظة حول إعترافات كلينتون آنفة الذكر.بالنسبة للقوى الوطنية والقومية المؤمنة بهذه الارض التي كانت دائما عصية على الترويض ودافعت عنها لعقود طويلة وقدمت الآف الشهداء لبقائها عربية، كانت كل المؤشرات الميدانية من ليبيا وسوريا وفي طليعتها الجولان والعراق ولبنان ومالي والجزائر وتونس والمغرب وحتى الأردن تؤكد أن هؤلاء الداعشيون ومعهم النصرة واخواتها مدعومين ومسلحين وممولين من قبل الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والغربية عامة. فالتسليح الشديد التعقيد الذي لديها وتستخدمه بشكل جيد لا يمكن أن يكون قد حصلوا عليه من بقايا الجيش العراقي والسوري والليبي فحسب. فالتسليح لديهم حديث ومعظمه غربي وهناك نقطة هامة جدا استندت إليها القوى الوطنية والقومية وهي أن داعش والنصرة وأخواتهما لم يقوموا بأي عمل عسكري ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية والغربية عموما طيلة السنوات الأربع الماضية،وهي بالمناسبة كثيرة ومنتشرة في الوطن العربي بالإضافة إلى مؤشر اخر وهو التعاون مع إسرائيل في الجولان بما فيها فتح مستشفيات الأخيرة للمصابين منهم .لقد بلغت فيهم الوقاحة حدا انهم استقبلوا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وسلموا عليه وتفاخروا بذلك مع أن يداه ملطختان بدماء الاطفال والنساء المسلمين في قطاع غزة الحبيب. كما سبق للقرضاوي نفسه وغيره من العلماء أن أصدروا فتاوي عديدة بان الجهاد في فلسطين وغزة ليس فرض عين على كل مسلم بينما هو كذلك في سوريا وليبيا والعراق. ولعلنا نذكر المناداة والإستغاثة التي اطلقها القرضاوي للولايات المتحد الأميركية طالبا منها عمل ما في وسعها لمساعدة داعش والنصرة وغيرهما لإسقاط النظام الوطني في سوريا ومقابل ذلك يتعهد لهم القرضاوي بعدم المساس بامن إسرائيل.وإذا كان تاريخ الإخوان المسلمين حافل بالمؤامرات ضد القومية العربية فإن علاقتهم الإستراتيجية مع االولايات المتحدة الأميركية كما عبر عنها أوردغان وأفصحت عنها هيلاري كلينتون يعكس كم هم يشكلون خطرا كبيرا على مستقبل ووحدة الوطن العربي. وعلى ضوء الحقائق المشار إليها  علينا أن نؤدي التحية للجيش المصري الكبير الذي سبق إعلان الدولة الاسلامية الممولة أميركيا وغربيا بيومين وقام بافشال واسقاط المخطط الإخواني  لتقسيم الوطن العربي إلى دويلات صغيرة كما حصل في العراق وسوريا وليبيا ولولا يقظة جيش مصر لكانت أضيفت أرض الكنانة للتقسيم والتجزئة والحرب الأهلية. علينا الاقرار الان بان قرار الجيش المصري المدعوم شعبيا بعزل محمد مرسي كان بمثابة ضربة معلم أجهضت كل مخططات الإخوان .التاريخ والتجارب تؤكد بان الولايات المتحدة الأميركية ليس لديها صاحب او صديق وانما مصالح فقط .هذا ما فعلته مع من هم أعز منهم جميعا كشاه إيران وبينوشيت وسوهارتو وماركوس وغيرهم كثير. فهل سيستيقظ حكام الخليج وغيرهم من الوهم الذي يعيشون فيه بأن اميركا ستحميهم ؟؟. كلينتون قالت كنا سنبدأ بالكويت فالسعودية فالامارات فسلطنة عمان والبحرين، لاحظوا انها لم تأت أو تذكر أسم إمارة قطر أبدا !! ولا تركيا .
حصار قطاع غزة الحبيب
بدون الإطالة في هذا الموضوع فإن الحصار شكل من أشكال الحرب والعدوان .ولعلنا نذكر جيدا أنه حينما قام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بإغلاق مضائق تيران امام الملاحة الإسرائيلية ،قامت إسرائيل بشن عدوانها على مصر وغيرها في الخامس من حزيران عام 1967 متذرعة بمنع سفنها من الإبحار من وإلى المضائق علما بأن نسبة التجارة والسلع الواردة لميناء إيلات لم تكن تتجاوز 10% من تجارتها الخارجية. فمعظم تجارتها تتم عبر الموانئ المطلة على البحر الابيض المتوسط أفليس من حق الفلسطينيين أن يشنوا حربا على إسرائيل لكونها تحاصر كل قطاع غزة وتمنع بناء الميناء والمطار والصيد وحتى زراعة المحاصيل بالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة؟؟ إسرائيل تضع نفسها فوق القانون الدولي وخارج نطاق المحاسبة إنطلاقا من قاعدة يحق لها مالا يحق لغيرها بدعم كامل من واشنطن والغرب وصمت مريب من الدول العربية . من حق المقاومة في غزة ان تحارب لفك الحصار ولها في سابقة إسرائيل عام 1967 كمرجع ومستند تفسر فيه حقها بقصف المستعمرات والمواقع العسكريةالإسرائيلية ردا على الحصار الظالم غير المسبوق. قطاع غزة محاصر برا وجوا وبحرا منذ عقود فمن حق شعبه ومقاومته غير القابل للنقاش ان يردوا العدوان الذي يتمثل بالحصار سواء بإطلاق الصواريخ أواستخدام كل اشكال المقاومة الأخرى لإنهاء الحصار غير الانساني والذي يتعارض مع كل المواثيق الدولية .لا توجد دولة في العالم أو شبه دولة يمكن لها ان تقبل أو تسكت على بقائها مسجونة ومحاصرة  لنحو عشرين عاما منذ أوسلو حتى تاريخه. الحصار هو العدوان البشع والمستمر وما تقوم به المقاومة في غزة هو دفاع مشروع عن النفس تكفله كل المواثيق الدولية. مطار غزة بنيَ بعد أوسلو واستقبل طائرات الرئيسين الأميركي والفرنسي وغيرهما،إلا انها قامت بتدمير مدرجات المطار في الانتفاضة الثانية،وعليه فإعادة تنشيطه حق أصيل للفلسطينيين .لقد أخطأ الفلسطينييون بعدم  إضافة تواجد الشرطة الفلسطينية في معبر جسر اللنبي الذي ألغته من طرف واحد خلال الانتفاضة الثانية ايضا. الفسطينييون مطالبون بعدم التهاون في استرجاع حقوقهم كاملة وهذا ليس تنازلا أو مبادرة حسن نوايا من إسرائيل. وما ينطبق على الميناء والمطار في غزة ينطبق تماما على التواجد الفلسطيني بجسر اللنبي ووقف الاجتياحات العدوانية على المدن في الضفة وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.

التعليـــقات