تحت هذا العنوان يكتب ناحوم برنياع في "يديعوت احرونوت"، ان الجنود اختفوا من نقاط التجميع في منطقة محيط غزة، وخلفوا اطنانا من الغبار وجبالا من ورق المراحيض. لكنهم خلفوا شيئا آخر يصعب قياسه: شعور الخيبة وتفويت الفرصة.
في هذه الحالة فان الخيبة كانت، ايضا، من نصيب الجنود الذين دخلوا الى القطاع، وكذلك من نصيب سكان الجنوب. فقد كان هؤلاء وهؤلاء يتأملون نهاية حاسمة، وتحقيق انجاز يشطب الى الابد التهديد الكامن في الجانب الثاني من الحدود. ويمكن لهذا ان يحدث في المستقبل، خاصة بفضل الانقلاب في مصر، وربما بفضل العملية العسكرية، لكن احد لا يمكنه الوعد بذلك.
خلال السنوات الثماني الماضية، خاضت اسرائيل اربع عمليات عسكرية ضد تنظيمات ارهابية: حرب لبنان الثانية في 2006، الرصاص المصبوب في 2009، عامود السحاب في 2012، والجرف الصامد في 2014. وتميزت كلها بفجوة كبيرة بين التوقعات والنتائج. ويثير تراكم خيبات الأمل القلق. اذ انه على الرغم من التفوق العسكري للجيش في الجو والبحر والبر، ورغم استخباراته المتطورة ووسائل الدفاع المدهشة، الا انه يستصعب هزم عدة آلاف من محاربي الارهاب.
ان ميزان الربح والخسارة في الجانبين معقد. واذا كانت تكهنات شعبة الاستخبارات صحيحة، فقد انجرت حماس الى الحرب مرغمة، فمنظومة الانفاق التي اقامتها لم تكن جاهزة للعمل، ومنظومة الصواريخ منيت بالهزيمة امام القبة الحديدة، ومحاولات الهجوم وراء السياج حققت نتائج قليلة. ولكن حماس اظهرت قدرة على الصمود ومعنويات عالية في الحرب، ولم يصب احد من قادتها، ولم تفقد سلطتها في غزة، وهذه انجازات ليست صغيرة في مواجهة جيش قوي وعصري، ارسل كل وحدات الصف الاول الى الحرب.
في هذه الاثناء يجلس رجال الذراع القطرية في حماس، في القاهرة ويفاوضون إسرائيل من خلال وسيطين: السياسيون الذين ارسلهم ابو مازن، وجنرالات الاستخبارات المصرية. ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار عن غزة، ولكن حسب وجهة النظر الاسرائيلية حتى العملية العسكرية، يعتبر الوفد الفلسطيني المشترك من حماس والسلطة الفلسطينية بمثابة عملية ارهابية، ورفع الحصار بمثابة انتحار.
لكنه طرأ تحول على توجه نتنياهو خلال العملية العسكرية. فإسرائيل مستعدة الآن لتقبل، بل ربما للتعاون، مع سلطة فلسطينية تشكل حماس جزء منها. وهناك مساع دولية لاعادة السلطة الفلسطينية الى غزة، ويفترض بحماس ان تشكل الفرع الديني لابو مازن، وستتنازل ظاهريا عن سلطتها في غزة، مقابل الحصول على موطئ قدم في الضفة، والمهم انها ستكبح نشاطها العسكري. لكن الحكومة الإسرائيلية تستصعب تصديق هذه الرؤية المثالية، الا انها تفهم ان هذا ليس الوقت المناسب لافشال الجهد، فالتخوف هو حدوث العكس: ان تكون السلطة مسؤولة عن غزة، ولكنها لن تسيطر عليها، وحماس سترجع الى العمل علانية في الضفة.
من الواضح ان ابو مازن يعتبر الرابح الاكبر. ومن المتفق عليه من قبل الجميع انه الحل. ولكن بالنسبة لكثير من الفلسطينيين لا يعتبر اكثر من متعاون. وقال احد المقربين من ابو مازن هذا الأسبوع: "في الضفة اصبحنا لحما ميتا، واذا عدنا الى غزة على حراب الجيش الإسرائيلي سينعتني حتى اولادي بالخائن".
لقد دخلت إسرائيل الحرب بدون خطة استراتيجية وخرجت منها بدون خطة استراتيجية. وكما حرصت على عدم القيام بأي مبادرة خلال السنوات الفاصلة بين الحروب، حرصت على عدم المبادرة الى شيء خلال ايام الحرب. هناك فارق اساسي بين المواجهات العسكرية وبين المباريات الرياضية. في الرياضة يوجد غالب ومغلوب، لكن الامر ليس كذلك دائما في الحرب. هناك حروب يخسر فيها الجانبان.
ترجمات الصحافة العبرية - وزارة الاعلام