رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 3 آب 2014

الأحد | 03/08/2014 - 11:15 صباحاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 3 آب 2014


إسرائيل تسحب قسما من قواتها وتعيد الانتشار في منطقة الحزام الأمني وخارج القطاع
ذكر موقع "واللا" صباح اليوم، الأحد، ان الجيش الإسرائيلي بدأ بسحب قسم من قواته من المدن والقرى الفلسطينية في قطاع غزة، ويعيد انتشارها في منطقة الحزام الأمني وخارج السياج الحدودي، بينما يتواصل العمل على تهديم الانفاق، التي يتوقع احد الضباط الكبار، في حديث ادلى به لموقع "القناة السابعة"، الانتهاء منه خلال ايام قليلة.
وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد اعلن خلال مؤتمر صحفي عقده، مساء امس، مع وزير الأمن موشيه يعلون، في تل ابيب، ان الجيش الإسرائيلي سيبدأ الانسحاب بشكل تدريجي من قطاع غزة، بعد الانتهاء من تدمير الأنفاق، وسيعيد انتشار قواته وفقا لاعتبارات أمنية، وتمهيدا لاستئناف العملية حتى تحقيق هدف اعادة الأمن".
وقالت صحيفة "هآرتس" ان المؤتمر الصحفي جاء بعد خرق وقف اطلاق النار يوم الجمعة، وقرار المجلس الوزاري السعي الى انهاء الحرب في غزة من جانب واحد. وقال نتنياهو ان عملية "الجرف الصامد" تتواصل، لكنه ألمح الى تقليص العمليات البرية كيف يمنع المزيد من العمليات ضد الجيش والتعرض للمدنيين الفلسطينيين. وأضاف: "لن أقول متى سننهي العملية والى أين سنمضي، لكن الجيش سيعيد انتشاره في الأماكن المريحة له في سبيل تقليص الاحتكاك".
وهدد نتنياهو بالرد بكل قوة في حال استئناف حماس لإطلاق الصواريخ بعد اعادة انتشار الجيش، وقال: "لن نتقبل استمرار القصف، ولدينا الخيارات المختلفة وسنعمل من اجل تحقيق الهدوء". واضاف ان إسرائيل تطالب اشتراط إعادة الإعمار  وتطوير قطاع غزة بتجريده من الأسلحة والصواريخ والأنفاق. واعتبر ما اسماه العلاقات الخاصة التي تولدت مع دول المنطقة "كنزا هاما لدولة اسرائيل"، مضيفا: "بعد انتهاء الحرب سيفتح هذا الأمر امامنا امكانيات جديدة. اعتقد انه تولدت كوكبة دولية هامة، خاصة اقليمية، ستسمح لنا بخلق واقع جديد".
وحسب "هآرتس" فقد قرر المجلس الوزاري المصغر خلال اجتماعه، مساء الجمعة، في تل ابيب، تغيير السياسة الاسرائيلية في كل ما يتعلق بالحرب في غزة. واجمع الوزراء على السعي الى انهاء الحرب من جانب واحد بعد توصلهم الى قناعة بأنه لا فائدة من محاولة التوصل الى ترتيب مع حماس على ضوء خرقها المتكرر للهدنة وقيامها باختطاف الضابط هدار غولدين، صباح الجمعة.
وقررت اسرائيل عدم ارسال وفد الى محادثات القاهرة كما تحدد في خطوط الهدنة التي اعلنها الامين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الامريكي مساء الخميس. وقال مسؤولون كبار في الحكومة ان اسرائيل قررت التوصل الى تفاهمات مع مصر، ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمجتمع الدولي بشأن إعادة الإعمار  القطاع ومنع تسلح حماس من جديد، والاشراف على المواد التي سيتم ادخالها الى القطاع.
وقالت حماس في ردها على تصريحات نتنياهو ان الانسحاب من جانب واحد واعادة الانتشار من جديد في القطاع، سيلقى ردا ملائما من جانب القيادة العسكرية لحماس. وقال الناطق سامي ابو زهري لوكالة "معا" ان الانسحاب من جانب واحد لا يلزم حماس بشيء. وحسب قوله: "على قوات الاحتلال الاختيار بين البقاء في غزة ودفع الثمن، او الانسحاب ودفع الثمن او التفاوض ودفع الثمن".
وقال المتحدث فوزي برهوم ان تصريحات نتنياهو تثبت انه يواجه ازمة ومصاب بالارتباك. الى ذلك قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات ان الوفد الفلسطيني سيصل الى القاهرة رغم انهيار وقف اطلاق النار. وقالت مصادر في ديوان ابو مازن ان الوفد الذي توجه الى مصر لن يحمل بشائر للشعب الفلسطيني لأن موضوع التهدئة عبر اتفاق ليس مطروحا على الطاولة. وقال احد المسؤولين الكبار لصحيفة "هآرتس": "لقد عدنا من ناحية سياسية الى نقطة البداية، التي سبقت العملية العسكرية في غزة. اسرائيل لن تصل الى القاهرة، كما قرر نتنياهو ولذلك لا يمكننا الضغط على حماس لتقبل شروط وقف اطلاق النار او المبادرة المصرية". وعندما سئل عما اذا  كان الوفد الفلسطيني سيناقش مع مصر فتح معبر رفح، قال: "هذه مسالة فلسطينية – مصرية، لا علاقة لإسرائيل بها، وغير مطروحة على الجدول".
إسرائيل تمنح نفسها حرية العمل واغتيال قادة حماس
وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" في هذا الصدد ان الجيش الاسرائيلي، بدأ مساء امس، بسحب قواته من قطاع غزة، منفذا بذلك قرار المجلس الوزاري الذي تم اتخاذه يوم الاربعاء، والذي ينص على السعي الى انهاء العمليات البرية فور استكمال معالجة الانفاق، واعادة انتشاره من جانب واحد، من خلال الاعلان بأنه منذ الآن سيتم الرد على النار بالنار. وحسب الصحيفة فقد قرر المجلس الوزاري عدم ارسال وفد الى القاهرة بهدف نزع الشرعية عن حماس "التي خدعت الولايات المتحدة وخرقت وقف اطلاق النار المرة تلو الأخرى".
وكان المجلس الوزاري قد اجتمع مرة اخرى، مساء الجمعة، لفحص ما اذا كان سيغير قراره. وبعد نقاش بين الوزراء تقرر عدم التعامل مع اختطاف الضابط هدار غولدين كحدث استراتيجي، وانما كحدث تكتيكي يمكن حدوثه في كل حرب. واوضح الوزراء "ان مثل هذا الحدث لا يغير شروط اللعب".
مع ذلك وعلى ضوء "خرق حماس مرة اخرى للهدنة واستغلالها لاختطاف الضابط"، فقد قرر المجلس الوزاري "عدم مواصلة المشاركة في لعبة حماس التي تهدف الى جر إسرائيل الى الداخل وتوريطها في عمليات برية عميقة، ولذلك قرر اعادة انتشار الجيش من جانب واحد". ويؤمن المجلس الوزاري ان خطوة كهذه ستحفظ للجيش حرية العمل وتسمح له بتصفية قادة حماس الذين سيخرجون من مخابئهم.
إسرائيل امسكت بزمام المبادرة
وفي هذا الصدد كتب موقع "واللا" انه لأول مرة منذ قررت حماس رفض المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار في 15 تموز، تمسك إسرائيل بزمام المبادرة، حسب رأي مصادر سياسية في قرار المجلس الوزاري المصغر البدء بسحب قوات الجيش من غزة بدون التوصل الى اتفاق مع حماس.
وحسب تلك المصادر فقد واجه إسرائيل في نهاية الأسبوع، احتمالين: "الانجرار عميقا الى داخل القطاع وراء التنظيم الارهابي"، او الانسحاب من جانب واحد، والرد بالقصف المكثف على أي محاولة لقصف إسرائيل. وقد اختار المجلس الوزاري الخيار الثاني.
ورغم ان قوات الجيش بدأت الانسحاب من القطاع، الا انه لا يزال من المبكر الحديث عن انتهاء العملية العسكرية. لقد صرح رئيس الحكومة ان العملية متواصلة، وهكذا قالت مصادر رفيعة مقربة منه، من خلف الكاميرات. ويسود التكهن بأن العمليات ستتواصل لعدة ايام اخرى، كي تكمل إسرائيل مهمة تدمير الانفاق وتوجيه اقصى ما يمكن من الضربات لحماس، والرد بقوة على أي قصف او عملية برية.
وهناك مسألة وحيدة تعد بها القدس وهي انه لن يتم التوصل الى أي اتفاق على وقف اطلاق النار مع حماس، وان إسرائيل ستحتفظ لنفسها بحرية العمل المطلق، بما في ذلك احياء خيار العمليات البرية الواسعة، اذا ألح الأمر.
ان الحل الذي اختاره المجلس الوزاري لانهاء العملية يشبه الحل الذي اختاره لانهاء عملية الرصاص المصبوب في 2009. فبعد تلك العملية استنتجت الحكومة انه لا فائدة من محاولة التوصل الى اتفاق مع حماس، وقررت انهاء العملية من جانب واحد.
اليمين يهاجم القرار ويطالب بمواصلة الحرب
ونقلت "يسرائيل هيوم" بعض ردود الفعل المتباينة التي صدرت عن الجهاز السياسي ردا على نية المجلس الوزاري الحد من الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والسكان الفلسطينيين، في خطوة قد تشير إلى نية إسرائيل إنهاء عملية الجرف الصامد.
وطالب وزير الاسكان اوري اريئيل، (البيت اليهودي) رئيس الحكومة باتخاذ قرار حاسم بتدمير حماس مرة والى الأبد. وقال ان "نظريات وقف اطلاق النار تنفجر في وجوهنا المرة تلو الأخرى".
وهاجم النائب داني دانون (الليكود) رئيس الحكومة، وقال "ان المجلس الوزاري اختار نهج تسيبي ليفني وامر الجيش بالتحرك الى الوراء. يجب عدم التردد امام الارهاب وانما محاربته، لم يتم هزم حماس، وبدأ العد التنازلي للمواجهة القادمة. وبدون هزم حماس لن يتحقق الهدوء لفترة طويلة".
ودعت شيلي يحيموفيتش (العمل) رئيس الحكومة والمجلس الوزاري الى عدم تغيير اهداف الحرب وعدم الانجرار نحو تضخيم العمليات العسكرية فقط بسبب وقوع جندي في الأسر، مهما كان الأمر مؤلما وخطيرا.
ودعت زهافا غلؤون (ميرتس) رئيس الحكومة الى تفعيل المنطق والانسحاب من غزة وعدم مواصلة العمليات المتدحرجة وغير الواضحة الجوهر. وقالت "ان على اسرائيل توفير اقصى ما يمكن من الأمن بأقل ما يمكن من الخسائر".
إسرائيل تعتبر الضابط غولدين ميتاً
ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" ان إسرائيل تعتبر الضابط الإسرائيلي الذي تقول انه تم اختطافه يوم الجمعة، ميتاً، وانها تعتمد في ذلك على ادلة تم العثور عليها في مكان الحادث، وبناء على اعتبارات طبية ودينية ومعايير اخرى ذات صلة.
وكان وزير الأمن موشيه يعلون، ورئيسة القوى البشرية الجنرال اونا بربيبا والحاخام الرئيسي للجيش العقيد رافي بيرتس، قد وصلوا الى بيت عائلة الجندي، مساء امس، وابلغوها مقتل ابنها خلال الهجوم الذي شنه انتحاري على ثلاثة جنود وقتلهم جميعا، اذا ما ثبت الاستنتاج الاسرائيلي.
واعلنت عائلة الضابط بعد منتصف الليلة الماضية انها تتقبل بأسى قرار الجيش اعتبار ابنها قتيلا. وكانت عائلة الجندي قد عقدت مؤتمرا صحفيا، امس، دعت خلاله الى عدم سحب القوات من قطاع غزة بدون اطلاق سراح ابنها. وقال والد الجندي د. سمحا غولدين انه لا يتصور قيام الجيش بالتخلي عن احد جنوده. وطالبت والدة الجندي باعادة ابنها وعدم التخلي عنه.
مواقف متناقضة لحماس بشأن الجندي الأسير
وتكتب صحيفة "يديعوت احرونوت" ان حماس ادلت بعدة تصريحات متناقضة بشأن الضابط الأسير. فبعد فترة قصيرة من اعلان الناطق العسكري عن امكانية اختطاف الضابط هدار غولدين، بدأ المتحدثون بلسان حماس في غزة والخارج حملة تصريحات متزامنة ومنسقة، حاولوا من خلالها تمرير رسالتين: الاولى ان الحادث وقع الساعة السابعة صباحا، أي قبل بدء سريان الهدنة الانسانية، ما يعني ان محاربة الجيش تعتبر شرعية. والثانية انهم لا يؤكدون ولا ينفون اختطاف الجندي. والهدف المركزي من هذه الرسالة هو طرح رواية حماس مقابل رواية اسرائيل، كي تحرر نفسها من الانتقاد الدولي بسبب خرقها لوقف اطلاق النار.
وتضيف الصحيفة: "لقد جاء الرد الأول من قبل موسى ابو مرزوق في القاهرة، في الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، حيث اعلن ان حادث الاختطاف وقع قبل دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ. وفور ذلك تغيرت اللهجة، وبدأ قادة حماس باقصاء انفسهم عن عمل الذراع العسكرية. وعاد ابو مرزوق ليصرح ان كتائب عز الدين القسام هي الجهة الوحيدة المخولة بنشر معلومات حول العمليات العسكرية.
وفي الساعة الثانية بعد الظهر، اكد المسؤول الرفيع في حماس عزات الرشق، والناطق بلسان حماس في غزة، سامي ابو زهري "ان إسرائيل هي التي خرقت وقف اطلاق النار". وبعد نصف ساعة، وصل بيان الذراع العسكرية لحماس، والذي قال "ان قوة اسرائيلية تسللت الى مسافة كيلومترين ونصف داخل القطاع، ووقعت مواجهة مع رجالنا الساعة السابعة صباحا".
ويوم امس، قرابة الساعة الثانية فجرا، صدر بيان اخر عن الذراع العسكرية، لم يتم فيه توضيح ما آل اليه مصير الجندي المختطف. وجاء في البيان: "فقدنا الاتصال مع الخلية التي حاربت في المنطقة التي اختفى فيها الجندي، وربما يكون افراد الخلية قد قتلوا ومعهم الجندي جراء القصف الاسرائيلي، هذا اذا حاولت الخلية اختطاف الجندي".
ولم يكشف البيان أي معلومات حول الجندي. وحسب تجربة الماضي فان حماس لا تسارع الى الاعتراف بتنفيذ عمليات الاختطاف. ففي قضية اختطاف الجندي غلعاد شليط في صيف 2006، تأخر بيان الحركة ليوم ونصف حتى اوضحت انها اختطفته، ويمكن الافتراض بأن حماس لن تدلي بمعلومات حول الجندي هذه المرة، ايضا، حتى تتأكد من ايصاله الى مكان آمن بما يكفي لمنع اسرائيل من الوصول اليه.
مع ذلك وبشكل مفاجئ، تغير موقف حماس بعد عملية الاختطاف، من مسألة المفاوضات في القاهرة، حيث اعلنت استعدادها للوصول الى القاهرة فورا، حسب ما قاله اسامة حمدان بعد ظهر امس. لقد سعت حماس منذ البداية للوصول الى القاهرة وفي يدها ورقة مساومة قوية، كجندي مخطوف. ومن المحتمل جدا انها حققت ذلك. 
القصف لا يستثني حتى المقابر وجنازات تشييع القتلى
قالت صحيفة "هآرتس" انه بعد قصف جوي ومدفعي مكثف دام اكثر من يومين لمدينة رفح، اضطرت الهيئات الطبية في المدينة الى الاحتفاظ بالجثث في مخازن تبريد الخضار والفواكه، بسبب كثرة عدد الضحايا، من جهة، واخلاء مستشفى ابو يوسف النجار، اثر تعرضه للقصف، من جهة اخرى. وأضافت ان القصف استهدف، ايضا، المقابر وجنازات تشييع القتلى، ما جعل السكان يتخوفون من مغادرة منازلهم لدفن القتلى.
وقال سكان رفح انهم تعرضوا الى قصف غير مسبوق للنيران، فقد قصف الجيش المنازل على رؤوس سكانها بدون تمييز، وعندما حاول الناس الهرب لاحقتهم الصواريخ في الشوارع بدون تمييز.  وقالت مواطنة من المدنية: "لقد ارتعدت الأرض كلها، الجيش اصيب بالجنون، لقد استخدم طائرات اف 16 ومروحيات الأباتشي والطائرات بدون طيار والمدفعية والسفن الحربية. كنا نركض والصواريخ تلاحقنا. لم يكن هناك أي مكان نختبئ فيه".
وهرب عدة آلاف من سكان رفح الى مخيم الشابورا للاجئين، الا ان القصف الجوي لاحقهم الى هناك، وفجر امس القت طائرة حربية قذيفة على عدة بيوت من الصفيح وقتلت ثمانية اشخاص من ثلاث عائلات، بينهم ثلاث طفلات وثلاثة اطفال اضافة الى امرأة ورجل في الخمسينيات من العمر. وقصفت الطائرات والسفن البحرية الأحياء الغربية في رفح وقتلت 20 مواطنا على الأقل، غالبيتهم من الأطفال.
وحسب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، فقد تم احصاء 123 قتيلا بين ظهر الجمعة وصباح السبت في رفح، بينهم 30 طفلا، و14 امرأة. وحسب المركز فقد بلغ العدد الكلي للقتلى خلال الفترة ذاتها في القطاع 143 فلسطينيا، بينهم 39 طفلا، و16 امرأة. ولم يتم حتى ظهر امس، التعرف على هويات قرابة 30 قتيلا. وقالت وزارة الصحة في غزة انه تم يومي الجمعة والسبت قتل 256 فلسطينيا واصابة 815. وبلغ المجموع الكلي للقتلى منذ بداية العملية 1690، والجرحى 9000.
وكانت طواقم الانقاذ قد تمكنت قبل استئناف القصف، صباح الجمعة، من استخراج عشرات الجثث من تحت الانقاض، خاصة في قرية خزاعة، شرق خان يونس، حيث تم سحب 51 جثة، بينهم 22 مدنيا. وقال سكان من قرية شوكة القريبة من الحدود، انهم عادوا صباح امس الى قريتهم بعد اعلان وقف اطلاق النار، ولكنهم فوجئوا بالجنود يعودون الى القرية ويفتحون عليهم النيران، فقتلوا الكثيرين منهم.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ان مستشفى ابو يوسف النجار واصل العمل حتى الساعة الخامسة من مساء الجمعة، واضطر الاطباء الى اجراء عمليات على الأرض لكثرة المصابين. وفي ساعات العصر هاجمت طائرة حربية سيارة اسعاف فلسطينية وقتلت السائق والمضمد واحد اقربائه ومتطوع. وبسبب عمليات القصف لم تتمكن سيارات الاسعاف من نقل الجرحى الى المستشفى الاوروبي في شمال شرق رفح، فتم تحويل عدد من الجرحى الى مستشفيات خاصة وعيادات.
وافاد سكان من رفح ان القصف الذي استهدف منزل عائلة رأفت زعرب في الحي السعودي في رفح اسفر عن قتل 13 مواطنا من سكان المنزل، بينهم سبعة اطفال وثللاث نساء. كما قصف سلاح الجو منزل فتحي ابو سليمان في حي تل السلطان وقتل سبعة من افراد العائلة، الام وخمسة من اولادها وامرأة اخرى. وقال مسؤول رفيع في قيادة حماس، امس، ان إسرائيل هي التي خرقت وقف اطلاق النار يوم الجمعة، مضيفا ان اصرار نتنياهو على تدمير الانفاق التي تعتبر آلية دفاعية يشكل خرقا للاتفاق، خاصة وان هدم الانفاق ينطوي على تدمير بيوت المواطنين.
وقال ان حماس قدمت شكوى الى الامم المتحدة بسبب موقفها المنحاز وغير المفهوم والذي يدعي ان حماس هي التي خرقت وقف اطلاق النار. وردا على الادعاء الإسرائيلي بأن حماس خرقت وقف اطلاق النار عندما اسرت الضابط هدار غولدين، قال المتحدث ان المواجهة بين قوات حماس والجنود وقعت بين السادسة والسابعة صباحا، ولا توجد لدى حماس معلومات عن أسر جندي. واسرائيل خرقت وقف اطلاق النار وبدأت القصف عندما اكتشفت اختفاء الجندي الساعة التاسعة والنصف صباحا.
"عدنا 100 سنة الى الوراء"
كتبت "يسرائيل هيوم" انه مع مرور كل يوم يتكشف حجم الدمار الهائل الذي خلفته العملية العسكرية في غزة. فلقد دمرت الهجمات العسكرية مناطق كثيرة، وهدمت اكثر من الف عمارة اسكانية ومئات المباني واكثر من 40 مسجدا، حسب معطيات نشرتها وزارة الداخلية في غزة.
وقال مسؤول فلسطيني انه تم تدمير الكثير من المباني الرسمية او الحاق اضرار بالغة فيها جراء عمليات القصف. كما تم تدمير الكثير من البنى التحتية، الماء والكهرباء وشبكات الهاتف. ويمكن القول ان غزة تراجعت 100 سنة الى الوراء، فقد تحولت مناطق واسعة فيها الى ركام وغبار، ومن شأن شهر آخر من الحرب فيها ان يعيدها الى العصور الوسطى.
واضافت الصحيفة: "الكثير من الناس لن يجدوا بيوتا يرجعون اليها، والكثير من البنى التحتية دمرت نهائيا، ولن تستطيع مؤسسات الرعاية التابعة للأونروا استيعاب مئات آلاف اللاجئين الجدد. وتقدر وزارة الصحة الفلسطينية بأن عدد القتلى بلغ 1700، بينهم 300 طفل، بينما وصل عدد الجرحى الى 7000.
الى ذلك اعلن منسق العمليات في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي، ظهر امس، انه يمكن لسكان شمال القطاع العودة الى بيوتهم (!)، ولكنه حذرهم من الاقتراب من الشريط الحدودي. وفي الضفة الغربية خرجت مسيرات تظاهرية امس، اصطدمت بقوات الجيش الاسرائيلي في العديد من المناطق، ما اسفر عن مقتل مواطنين واصابة اكثر من عشرة بجراح مختلفة.
اسرائيل تجسست على كيري خلال المفاوضات
كتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" انه يستدل من تقرير ستنشره صحيفة دير شبيغل الالمانية، غدا الاثنين ان إسرائيل تجسست على المحادثات الهاتفية التي اجراها وزير الخارجية الامريكي جون كيري، عندما كان يسعى الى توجيه المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين. ويأتي كشف هذه المعلومة في اطار تقرير حول شخصية كيري ونشاطه منذ تسلمه لمنصبه، وعلاقاته المشحونة مع القيادة الإسرائيلية.
وحسب الصحيفة فقد تمكنت القيادة الإسرائيلية من خلال هذا التنصت، من فهم نوايا كيري ومخططاته في اطار المفاوضات واستعدت لها جيدا، بل استعانت بعملية التنصت هذه لمهاجمة وزير الخارجية.
وقد اعد التقرير الصحفي هولغر شتارك الذي سبق وكشف تنصت الولايات المتحدة على الهاتف الخليوي للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، وهو ما ادى في حينه الى توتير العلاقات بين الولايات المتحدة والمانيا.
وحسب التقرير الالماني فان إسرائيل تمكنت من التجسس على المحادثات التي كان يجريها كيري مع شخصيات عدة في المنطقة، اثناء سفرياته في الطائرة. ويشير التقرير الى قيام بلدين بالتنصت على محادثات كيري، احداهما إسرائيل. لكنه لا يشير الى هوية البلد الثاني. وتقول دير شبيغل ان المخابرات الإسرائيلية حولت فحوى المحادثات التي تم رصدها الى القيادة السياسية، والتي قامت باستغلالها ضد كيري. وقد رفضت إسرائيل كما رفض كيري التعليق للصحيفة الالمانية حول الموضوع.
غوردوس: "الاعلام العربي والمصري خاصة يريد لإسرائيل الانتصار"
ذكر موقع المستوطنين (القناة السابعة) نقلا عن راصد صوت إسرائيل ميكي غوردوس، ان ما تبثه وسائل الاعلام العربية، يكشف ان الكثير منها تريد من إسرائيل الانتصار على حماس. وقال غوردوس "ان العداء لحماس يبرز في وسائل الاعلام المصرية، وليس سرا ان الرئيس الجديد يعتبر عدوا حازما لحماس. لا توجد أي وسيلة عربية يمكنها الاعلان بجرأة بأنها تتمنى انتصار اسرائيل في المعركة، ولكنك تسمع كيف يشتمون حماس."
وحسب غوردوس فان إسرائيل تحصل على معاملة عادلة في الحرب الحالية، في وسائل الاعلام، مقارنة بالحروب السابقة. هناك دعم كبير لإسرائيل في وسائل الاعلام الامريكية الداخلية، حيث يتحدث الكثير من اعضاء الكونغرس عن الحاجة الى مواصلة العملية العسكرية وعدم وقفها".
مقالات
السعي لإنهاء الحرب.
تحت هذا العنوان تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية ان المجلس الوزاري السياسي – الأمني المصغر، قرر السعي الى انهاء حملة الجرف الصامد، من جانب واحد، بدون مفاوضات لوقف اطلاق النار، وبدون التوصل الى ترتيبات مع حماس، ودون ارسال وفد الى القاهرة للتفاوض حول وقف اطلاق النار. وجاء القرار بناء على تقييم الجيش بأنه يمكنه خلال يومين الانتهاء من المهمة التي تم تحديدها له مع بداية الحملة العسكرية؛ معالجة الانفاق التي تم حفرها بين غزة والنقب.
وعلى افتراض انه لن يتم اكتشاف انفاق جديدة، وان حماس لن تفاجئ إسرائيل بأحداث خطيرة، على غرار اختطاف الضابط هدار غولدين، صباح يوم الجمعة، يعكس قرار المجلس الوزاري رأيا صائبا وتقييما صحيحا للمخاطر. لقد كان الجيش والقيادة السياسية على حق في رفضهم جعل النتائج الصعبة للمعركة في رفح، مقتل الجنديين واختطاف الضابط  غولدين (الجيش اعتبره قتيلا في وقت لاحق)، تحرفهم عن خطوط العمل الموجهة لانهاء العملية.
ان الثمن الباهظ الذي كلف حياة الكثير من الجنود وتشويش الحياة في غالبية مناطق إسرائيل، الى جانب الكارثة الانسانية في قطاع غزة، بما في ذلك قتل اكثر من 1600 شخص غالبيتهم ابرياء، يبرر ضبط النفس. لقد اثبت المجلس الوزاري انه لا ينجر وراء التصريحات المتبجحة وغير المسؤولة لوزراء اليمين، الذين يحثون على التورط اللامتناهي في غزة.
سيتم تكريس الكثير من الوقت والموارد لمعالجة خطر الانفاق، لكن مواصلة حرب الاستنزاف في ازقة الشجاعية او رفح يمكنها بالذات ان تخرب على هذا الهدف دون أي فائدة. مع ذلك يمنع ان يؤدي السعي المبرر لانهاء المرحلة العسكرية الحالية، الى التخلي عن المسار السياسي. لقد تسببت حماس بغليان النفوس في إسرائيل عندما خرقت بفظاظة وقف اطلاق النار يوم الجمعة، الامر الذي جعل الرئيس الامريكي يشجبها علانية ويعترف بأن التفاوض معها يمكنه ان لا يكون ناجعا، ولكن رغم هذا كله، فان الحل الحقيقي لمشكلة غزة يكمن في الحلبة السياسية فقط، التي تشارك فيها الى جانب اسرائيل، السلطة الفلسطينية ومصر.
يجب على نتنياهو بعد سحب قوات الجيش من غزة، الانتقال الى الحلبة السياسية لأن اهمالها يقود إسرائيل مرة اخرى الى عمليات عسكرية ستجبي ثمنا دمويا يصعب تحمله. وفي سبيل منع العنف القادم، على اسرائيل الانضمام الى محمود عباس ومصر وصياغة طرق مشتركة تشمل، ايضا، إعادة الإعمار  وتحسين رفاهية سكان غزة.
الشاباك فشل في غزة
تحت هذا العنوان يكتب امير اورن في "هآرتس"، ان قول العالم بأن إسرائيل تملك سلاحا نوويا، ومفاخرة إسرائيل بأن جيشها هو اقوى جيش في الشرق الاوسط، وان سلاح الجو هو افضل سلاح في العالم، وسواء كان ذلك اسطورة ام واقعا، فان هذا كله لا يؤثر مباشرة على عملية الجرف الصامد ضد حماس في غزة. فما يحدد هناك هي الضربة القوية التي تختارها إسرائيل او تضطر الى تفعيلها، بهذا المقياس او ذاك من النجاعة. وهذا صحيح في المسائل الكبيرة المتعلقة بسياسة استخدام القوة وبالبنود العينية للصدام الحربي.
ليس مهما عدد المدرعات التي تملكها الكتائب العسكرية وعدد مخازن الطوارئ، بل المهم انه في لحظة مصيرية تم ارسال مدرعة قابلة للاصابة لمواجهة خطر تحقق. ان جهاز الشاباك هو الشريك الهادئ للآلية العسكرية الهادرة. وهو يملك قدرات مثبتة على اكتشاف الأشجار وضعفا مثيرا للقلق في اكتشاف الغابات. لقد جمع ملفات مثيرة حول محرري صفقة شليط، استعدادا لخطوات اعادتهم الى السجن، ولكنه كان اقل اثارة في تمييز سلسلة الردود التي سبقت اعتقالهم والتي تواصلت بعد ذلك.
ان من سيحقق في أسباب الخلل الوظيفي للجهاز الرسمي في إسرائيل على مختلف أذرعه، خلال السنوات التي سبقت الجرف الصامد، لن يتمكن هذه المرة من تجاهل فحص مساهمة الشاباك في الفشل. لقد كان الجهاز قويا جدا ازاء الداخل، في الصراع على السيطرة والصلاحيات وحدود قطاعه، ولكنه كان ضعيفا جدا تجاه الخارج، مقابل اهدافه. ان وظيفة الشاباك هي الاحباط، وسبب وجوده يكمن في توفير الأمن الفاعل، وهو الموجه للاستخبارات. لكن هذا الهدف الأساسي تشوش مع مرور الوقت وتحول الشاباك الى ضابط مخابرات للاحتلال.
انه يتحمل المسؤولية الأولى عن  التحذير مما يحدث على الساحة الفلسطينية، على مختلف قطاعاتها - الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. ومن ناحية امنية، وليست ديموغرافية فقط، لا تعتبر هذه المناطق كيانات منفصلة. ففيها وفي خارج البلاد تعمل ضد إسرائيل ذات المنظمات وذات القيادة ونفس الجمهور المستهدف.
وعلى الرغم من أن الشاباك لا ينفرد برصد الأحداث في الساحة الفلسطينية – حيث تشاركه ذلك شعبة الاستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة الوسطى ومنسق العمليات في المناطق وقيادة المنطقة الجنوبية، والموساد، والشرطة – ولكنه يتمتع بالأولوية. وطالما كان على الشاباك الكشف المسبق عن التنظيمات والعمليات المخططة، والتحذير واستدعاء قوات الأمن الأخرى لاحباط المؤامرة، فقد كان نجاحه معقولا، حتى وان كان بعيدا عن الكمال في ظل الظروف الصعبة خلال العقدين الأخيرين.
ولكن الشاباك فوت المعنى الحقيقي للتطورات في غزة منذ 2005 -2007، وهي الفترة التي بلورت الواقع الجديد: اخلاء قوات الجيش وانتصار حماس في الانتخابات وسيطرتها بالقوة. فحماس لم تعد عندها مجرد تنظيم "ارهابي" آخر ينفذ العمليات، بل تحولت الى جيش صغير داخل دولة صغيرة. وفي اطار التوجه الجديد، فان عشرات الانفاق العابرة الى اسرائيل، لا تعتبر مجرد اختراق جوفي تحت السياج، وانما "اختراق مجال"، بعدا جديدا في القتال – غواصات برية، في كونها وسيلة لنقل القوات المحاربة لمهاجمة الجيش من المؤخرة، وهي تشبه الغواصات البحرية الخفية، او الطائرات المصرية التي تم ارسالها لانزال القوات شرقي القناة في حرب الغفران.
انه تسلل وحدات وليس افراد، كوماندوس وليس عصابة. وامام عدو كهذا، يعمل بهذا الشكل، هناك حاجة الى مواهب استخبارية يفتقد اليها التنظيم الذي يقوم مجده على تفعيل العملاء لاحباط العمليات. صحيح ان رجال الشاباك مخلصين ويخاطرون بحياتهم، لكن الشاباك لا يملك أي تفوق نسبي في توفير المعلومات الحربية خلال الحرب، والتي تحتم مهارات اخرى. ولذلك، فانه وكما يحدث في شعبة الاستخبارات العسكرية يتطلب تعيين قائد لجهاز الشاباك يملك الخبرة العسكرية اللازمة ويصغي لاحتياجاتها. وخلافا لشعبة الاستخبارات حيث يخضع رئيس الشعبة لثلاثة اشخاص، بما في ذلك القائد العام ووزير الامن، فان يورام كوهين رئيس الشاباك يخضع لنتنياهو فقط، ولذلك فان نتنياهو وكوهين يتحملان مسؤولية فشل الشاباك في غزة.
بعد الحرب ربما يحل السلام
تحت هذا العنوان يكتب براك ربيد في "هآرتس" انه إذا لم يحدث شيء دراماتيكي، فستنسحب غالبية قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في الأيام القادمة. ويأمل نتنياهو واعضاء المجلس الوزاري المصغر أن تؤدي اكثر من 20 يوما تم خلالها سحق حماس في غزة الى ردعها بما فيه الكفاية لوقف إطلاق الصواريخ، لكن قرار مجلس الوزراء السعي الى وقف اطلاق النار من جانب واحد ليس سوى الجزء الأول والخفيف نسبيا من انهاء الحرب في غزة. فالجزء الثاني والأصعب يكمن في التحرك السياسي. وبدلا من المفاوضات المنهكة بوساطة مصرية، والتي تعطي لحماس سلسلة من الإنجازات، ستحاول اسرائيل توفير حل آخر، يستغل المصالح المشتركة التي تولدت بينها وبين دول المنطقة، من اجل تعزيز القوى المعتدلة، وربما يفتح الباب لإحراز تقدم في عملية السلام.
ان من تدفع هذا التحرك داخل مجلس الوزراء هي وزير القضاء تسيبي ليفني، التي تكره أي ترتيب مع حماس، وحاربت خطوة كهذه خلال عملية "الرصاص المصبوب" امام ايهود باراك ونجحت. وهذه المرة، تمكنت فقط بعد انتهاك وقف إطلاق النار من اقناع نتنياهو بالبحث عن حل سياسي آخر للأزمة في غزة. وينبغي ان تشمل المبادئ التوجيهية ترسيخ مبدأ تجريد قطاع غزة من الصواريخ والأسلحة الثقيلة، ومواصلة مكافحة تهريب الأسلحة وانشاء آلية لمراقبة دخول مواد البناء، والمال والمواد التي يمكن استخدامها لانتاج الأسلحة في غزة، وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة – الى معبر رفح أولاً، او الى المعابر مع إسرائيل، وعملية إعادة الإعمار والتنمية في قطاع غزة. وتعتقد ليفني انه الى جانب انهاء العملية العسكرية من جانب واحد، يجب ان تكون الجهود الدبلوماسية متعددة الجوانب، بحيث تتواجد الولايات المتحدة ومصر والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة والدول الكبرى في أوروبا حول الوعاء عندما تنضج العملية.  اما حماس فيجب ان لا تكون هناك. وبعد ان تحظى مبادئ الخطوة بتأييد تلك البلدان، يمكن عندها تحويل الخطوط العريضة الى قرار ملزم لمجلس الأمن الدولي. وسيمثل ذلك إنجازا سياسيا سيخدم مصالح إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
لكن نتنياهو لا يزال بعيدا عن ذلك، فهو ليس من محبي قرارات مجلس الأمن. ومن ناحية أخرى، فانه يعرف كسفير سابق في الأمم المتحدة أن البديل قد يكون قرارا من شأنه أن لا يخدم مصالح إسرائيل ويتم فرضه عليها. وبدلا من خوض معركة التصدي الدبلوماسي واستخدام حق النقض الأمريكي، يمكن لإسرائيل المبادرة الى قرار دولي، والتشكيل الحالي لمجلس الأمن هو الأنسب لمثل هذه الخطوة.
لقد كان اسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو اكثر الاسماء رواجا خلال مناقشات المجلس الوزاري خلال الأسابيع الأخيرة. فنتنياهو ويعلون وغلعاد اردان، الذين وصفوه طوال السنة الأخيرة بأنه ليس شريكا للسلام، باتوا يعتبرونه فجأة شريكا رئيسيا لكل اتفاق بشأن غزة. والامر نفسه بالنسبة لحكومة المصالحة الفلسطينية التي اعتبرتها القدس الى ما قبل فترة وجيزة، حكومة ارهاب، فقد تحولت الآن الى جهة تريد إسرائيل التعاون معها.
لقد ادرك نتنياهو والكثيرين من وزراء حكومته خلال الحرب على غزة، الفارق العميق بين عباس وحماس. ويوم امس قال نتنياهو انه بعد انتهاء المعارك ستفتح امام إسرائيل امكانيات سياسية جديدة. وربما يمثل ذلك التلميح الأول الى نيته التوجه بعد الحرب، وبشكل اكثر اصرارا وجدية، نحو السلام.
قرار شجاع
تحت هذا العنوان تكتب سيما كدمون في "يديعوت احرونوت" ان إسرائيل فعلت، امس، ما امتنعت عن عمله خلال الحرب على غزة: لقد اخذت زمام المبادرة. وبعد الآن لن تكون هناك مبادرات خيالية لوقف اطلاق النار ، ولا وقف النار لأسباب انسانية ولا مواصلة المحاولات الحمقاء للتوصل الى ترتيبات في وقت لا يوجد فيه من يتم الاتفاق معه.
منذ امس اخذت إسرائيل زمام المبادرة، وهي التي ستقرر متى وكيف تعمل، وبأي قوة وما هي الأهداف، وستفعل ذلك فقط وفق ما يتفق مع مصالحها الأمنية. ان قرار المجلس الوزاري عدم تمكين حماس من جرنا الى الداخل، الى غزة فوق الأرض، والأسوأ من ذلك، الى غزة تحت الأرض، يعتبر قرارا يفوق بشجاعته قرار الابقاء على قوات الجيش داخل القطاع.
هذا القرار يعتبر شجاعا لأنه يحتم على رئيس الحكومة النظر في عيون العائلات الثاكلة والقول لها لن اسرائيل حققت اهداف الحرب وان دماء اولادهم لم تذهب هدرا. وهو قرار شجاع لأنه يطالب نتنياهو بالنظر في عيون سكان الجنوب، والقول لهم بأنه تم عمل المطلوب من اجل اعادة الهدوء، وانه يمكنهم العودة الى بيوتهم رغم عدم تحقيق الحسم والتوصل الى ترتيبات، ويحتم هذا القرار الكثير من الشجاعة كي ينظر نتنياهو في يعون عائلة غولدين والقول لها بأنه يتحمل المسؤولية عن سلامة ابنها، ولكنه يتحمل، ايضا، المسؤولية عن سلامة بقية الجنود، وان كل يوم يبقى فيه الجيش هناك، فهذا يعني تعريضه للخطر الذي تعرض له الجنود الذين قتلوا هناك.
لقد قال نتنياهو، امس، ما كنا جميعا نعرفه، وهو انه لا يمكن تدمير حماس نهائيا، ولا تملك اسرائيل مصلحة في احتلال غزة من جديد. لقد اعترف رئيس الحكومة خلال المؤتمر الصحفي بحدود القوة، وبأنه لا يمكن الحسم، وانما يمكن الردع. وذكّر نتنياهو كل اولئك الذين سيدعون ان الجيش انسحب قبل تحقيق اهدافه، بأن الاهداف هي: اضعاف حماس واعادة الهدوء الى الجنوب. هذه هي الاهداف المتواضعة التي عرضها عشية الخروج الى الحرب، وانضم اليها ما تم الكشف عنه في بداية الحملة فقط، الانفاق الهجومية التي وعد امس باستكمال تدميرها.
ان قرار الانسحاب من جانب واحد يحتم التحلي بالشجاعة، لأن رئيس الحكومة يعرف ان انتهاء الحرب في غزة بهذا الشكل، يشير الى بداية حرب جديدة: الحرب داخل البيت، امام قادة احزاب الائتلاف، خاصة ليبرمان وبينت، وامام وزرائه الكبار الذين يشمون رائحة دم نتنياهو وينتظرون سقوطه، وامام نواب الليكود الذين جلسوا في استوديوهات التلفزيون وحثوا نتنياهو على ارسال الجيش عميقا في غزة كي يحتلها ويسيطر عليها، وكذلك امام  معسكره الطبيعي، اليمين، الذي يعتبر ذكاء المجلس الوزاري ضعفا.
ولأنه لا يمكن معرفة ما كان سيحدث لو واصل الجيش العملية، واي كوارث منعها قرار المجلس الوزاري عدم مواصلة الحرب في مخيمات اللاجئين او ازقة رفح وغزة، سيكون دائما هناك من سيقولون اننا كنا هناك تقريبا، واننا كنا سنصل الى قادة حماس، واننا كنا سنقضي عليهم، وانه كان يمكننا تدمير حماس. واننا لو كنا فعلنا ذلك، لتحولت غزة الى جنيف!.
لكن العبارة الأكثر اهمية التي قالها نتنياهو خلال المؤتمر الصحفي هي تلك التي تتعلق بالتغيير في البيئة السياسية والذي ستكون له ابعاده بعد انتهاء الحرب. ربما تكمن هنا فرصة التغيير، وربما تكون مزروعة هنا بذور الأمل بتحقيق واقع آخر في الشرق الاوسط.
مسار التفاهمات
تحت هذا العنوان تكتب سمدار بيري في "يديعوت احرونوت" انه من الواضح بالنسبة للرئيس المصري السيسي والرئيس ابو مازن، في رؤيتهما لصورة الاوضاع ذاتها كما تراها القدس، ما الذي يجب عمله: جعل إسرائيل تلعق الجراح. انهما يسمحان لها بفصل رفح، وبتحديد موعد الانتهاء من قضية الانفاق، ويعودان للانشغال في الأمور، ولكنهما لا يعودان اليها كالمعتاد. فقد غادر ابو مازن، امس، الى القاهرة، مرورا بعمان، وبدون حماس.
ولكن لا شيء يحدث صدفة، فالقدس دخلت عميقا في الصورة. لقد اعلن السيسي ما يجب اعلانه، وهو أنه يتحتم وقف سفك الدماء بأسرع ما يمكن. وفي الوقت نفسه حمل حماس المسؤولية عن خراب غزة. انه يفهم جيدا لماذا لا تصل اسرائيل الى المحادثات: لا يوجد شريك وليس هناك ما يمكن التحدث عنه. بالنسبة للسيسي فان المقصود تعاملا مع عصابات ارهابية، تجلس الاطفال على ركبتيها وتطلق النار على الجيران وتؤمن بأن الجميع سيصمتون. وحسب معادلته فان ابو مازن هو البالغ المسؤول، وخالد مشعل هو "مزعج" متتالي لإسرائيل ومصر ولمليون ونصف مليون بريء في غزة.
لا يمكن مواصلة تجاهل الهوة التي انفتحت بين الدمار في غزة. المواطنون يبكون موتاهم والبيوت التي تهدمت والأملاك التي ابتلعتها باطن الأرض. وفي خضم يأسهم يطلبون حبل الانقاذ من الله. ان من زرعوا فوهة نفق داخل صالة بيته، او زرعوا راجمة صواريخ في ساحة منزله، يعرف انه يعيش في الوقت الضائع. ومع اليقظة بدأ يتغلغل لديهم معرفة من المسؤول عن وضعهم، ولكنهم وبسبب الخوف لن يجرؤوا على اتهام ذراع الارهاب او القيادة العليا التي تختبئ تحت الأرض.
حماس لا تملك رؤية سياسية، انها تريد التوصل الى اتفاق بالنسبة لها فقط، فهي لا تأخذ المواطن الفلسطيني في الاعتبار، ولا تحلم بالهدوء امام إسرائيل. وها هو عزمي بشارة باسم حاكم الدوحة وخالد مشعل، يفقد أعصابه ازاء هدوء الحكام العرب واللامبالاة في الشارع العربي.
اذن ما الذي سيحدث؟ سنواجه لجنة تحقيق اخرى، وستدفع قطر ثمن اعادة اعمار غزة، وستعوضهم ايران الخسائر الحربية، وستفتح مصر معبر رفح لفترات قريبة. وحتى يتم التوصل الى اتفاق، يتحتم تعميق العمل الأسود لهزم حماس. يجب عدم منحها صورة انتصار، وفي هذه الأثناء لا يقف احد في وجه نتنياهو حاملا ساعة مؤقتة، ولن يقوم احد بالعمل المطلوب منا. ما يناسب إسرائيل يعتبر جيدا لمصر ولعباس وللقصر الملكي في السعودية والأردن. هؤلاء هم الشركاء، ولم يسد ابدا مثل هذا التنسيق الدافئ. واذا تمكنا على الطريق، من تصفية محمد ضيف وقادة الألوية الستة في قطاع غزة، فسنربح جميعا.
حماس خسرت بشكل كبير
تحت هذا العنوان يكتب البروفيسور ايال زيسر، في "يسرائيل هيوم" ان حماس خسرت الحرب بشكل كبير، ولن تغير أي خديعة اعلامية او أي انجاز معين لرجالاتها من حقيقة انها انزلت كارثة غير مسبوقة على رؤوس سكان غزة، وان "مشروع حماس" انهار بصوت مدو.
لقد كانت حماس هي اول حركة اسلامية سيطرت على السلطة في العالم العربي، وبذلك تحولت من تنظيم عصابات الى حركة سلطوية. ورسمت بذلك الطريق لحركات اسلامية اخرى، نجحت بالسيطرة على السلطة في أعقاب "الربيع العربي" في مصر وتونس وفي سوريا تقريبا. ولكن حماس بقيت اليوم الحركة الاسلامية الوحيدة التي لا تزال تمسك بزمام السلطة. ففي تونس، وبشكل خاص في مصر، ثبت للجميع ان الاخوان المسلمين، الاباء الروحيين لحماس، لا يستطيعون قيادة السلطة. انهم لا يستطيعون التخلي عن مفاهيمهم الراديكالية ولا يستطيعون اظهر الاعتدال والتسوية المطلوبة لادارة شؤون الدولة.
لقد فهموا ذلك في تونس، وكذلك في مصر، حيث تجند الجيش المصري بدعم واسع من الشارع المصري، لطرد محمد مرسي ورجالاته من السلطة قبل ان يتمكنوا من تدمير أسس الدولة المصرية. وفي غزة تتلخص السنوات السبع لعهد حماس بالفشل الكامل. وباستثناء بقائها في السلطة والشبكة الواسعة من الأنفاق التي تقوم إسرائيل بتدميرها، وطبعا باستثناء منظومة الصواريخ المتطورة، لا يمكن الاشارة الى أي انجاز حققته حكومة حماس.
في الأيام القريبة سيخرج سكان غزة من الفيلم، وسيتحررون من الأفيون و"حكايات الانتصار" التي يغديها لهم قنال الكراهية "الجزيرة"، وسيكتشفون عندها حجم الدمار الذي انزلتها بهم الحرب التي سعت اليها حماس. في العالم العربي كله، وخاصة في قبو بيروت، حيث يجلس حسن نصرالله ويتمنى استمرار الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، يستوعبون الآن حقيقتين معروفتين:
الاولى، ان طريق حماس، طريق الاسلام الراديكالي، تقود الى باب موصد، وستنزل في نهاية المطاف، كارثة على رؤوس مؤيديها ورؤوس البؤساء الذين تسيطر عليهم. والثانية، ان ثمن استفزاز اسرائيل يمكنه ان يحمل الدمار والخراب الذي لا يمكن لمراسلي الجزيرة ولا حتى لحكام قطر وتركيا، ايقافه بحماقات افواههم.
لقد اعادت الحرب في غزة حركة حماس الى حجمها الطبيعي، كحركة ارهاب خطيرة يجب مواجهتها عسكريا، ولكن حركة سياسية فاشلة تجلب الدمار والخراب على رؤوس انصارها.

التعليـــقات