رئيس التحرير: طلعت علوي

القيادة الفلسطينية تغيّر خطابها: مديح المقاومة

السبت | 26/07/2014 - 12:54 صباحاً
القيادة الفلسطينية تغيّر خطابها: مديح المقاومة

 

 نائلة خليل

 

بين عشية وضحاها تغير خطاب القيادة الفلسطينية حول "حماس" ودورها في العدوان الذي تشنّه إسرائيل على قطاع غزة، بشكل لافت، من أقصى التحريض إلى وصفها بحركة مقاومة وطنية لقّنت الاحتلال درساً في الصمود.
وعلى مدار أيام الحرب على غزة، ظل خطاب السلطة بشكل عام خطاباً ينتقد المقاومة ويحملها دم الأبرياء والمدنيين في قطاع غزة، إذ تلاقت جميع التصريحات سواء لأمين عام الرئاسة، الطيب عبد الرحيم، أو مستشار الرئيس للشؤون الدينية محمود الهباش، وغيرهم من متحدثي "فتح" مع تصريحات عباس، التي حمّلت "حماس" مسؤولية العدوان الأخير. وزادت حدة التصريحات، عندما رفضت المقاومة القبول بالمبادرة المصرية التي وافقت عليها حكومة الاحتلال في حين سمعت عنها المقاومة من الإعلام.
التغير المفاجئ في خطاب السلطة تجاه المقاومة لم يكن تدريجياً بل جاء فجأة، ومن دون سابق تمهيد، وقاده أمين سر اللجنة التفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، يوم 18 من الشهر الجاري، عبر تصريحات فاجأت مشاهدي التلفزيون الرسمي للسلطة، الذي بث التصريحات.
وقال عبد ربه، وهو من الشخصيات النادرة الظهور في الإعلام الفلسطيني بشكل عام، مطالب المقاومة الفلسطينية هي مطالب كل الشعب الفلسطيني في كل مكان ويجب الوقوف معها ودعمها. وأكد أن "لا "حماس" ولا سلاحها يتحملان المسؤولية عما يجري، بل "إسرائيل" المجرمة".
أما الهباش، فقد أكد من على المنبر نفسه وفي التاريخ نفسه، أن "كل مطالب المقاومة محقة ونحن معهم، الصواريخ وصلت لـ"تل أبيب" وعلى "إسرائيل" أن تتوقع أكثر من الصواريخ". وأضاف "يريدون قتلنا وذبحنا وهدم بيوتنا ثم نستقبلهم بالورود وماء الزهر؟ على "إسرائيل" أن تدرك أن دم أبنائها ليس أغلى من دم أبنائنا وأن عليهم أن يدفعوا ثمن جرائمهم".
"
قرار تغيير الخطاب جاء من هيئات عليا في "فتح"، في مقدمتها مفوض التعبئة والتنظيم عضو مركزية الحركة، محمود العالول

"
تصريحات الهباش قبل 24 ساعة كانت العكس تماماً، حين قال: "إنه مندهش من رفض حركة حماس للمبادرة المصرية رغم أنها تكرار لتفاهمات تهدئة 2012 التي اعتبرتها الحركة فى حينه انتصاراً للمقاومة ولها، لكن يبدو أن بعض التشابكات والتدخلات الإقليمية دفعت حماس إلى رفض المبادرة بشكل متسرع".

وفي سياق نقد أعنف، جاءت تصريحات أمين عام الرئاسة، الطيب عبد الرحيم، الذي استضافته قناة "عودة" الفتحاوية يوم 16 الجاري، في برنامج"حال السياسة". ورأى أن التصعيد العسكري الأخير لحركة "حماس" هدفه إحراج السلطة الفلسطينية، إذ يبرز أناساً تقاوم وأناساً تدعو للتهدئة، إضافة لإحراج مصر، لأن الحركة تخدم أجندات إقليمية".
وتؤكد مصادر مطلعة في حركة "فتح" أن قرار تغيير الخطاب جاء من هيئات عليا في "فتح"، في مقدمتها مفوض التعبئة والتنظيم عضو مركزية الحركة، محمود العالول، إذ قام بالتعميم على ضرورة التركيز على أن الاحتلال هو عدو الشعب الفسطيني الأساسي، وعدم السماح بأي تصريحات من شأنها أن تخلق صراعات داخلية، مع التصدي لكل محاولات التشكيك التي يقوم بها البعض.
ويرى الكاتب والمحاضر في كلية الإعلام في جامعة القدس، أحمد عوض، أن سبب تغير خطاب السلطة والقيادة الفلسطينية يعود لأسباب عدة، أبرزها الغضب الجماهيري والنقد الواسع ضد تصريحات القيادة السابقة، والتي وصلت لحد شعور الجمهور أن القيادة طعنته في ظهره، أو تتماشى مع الرؤية الغربية والإسرائيلية.
وأضاف "ظهر الأمر وكأنه إذا كان العالم كله يتخلى عن غزة، فالأحرى أن الشعب الفلسطيني وقيادته لا تتنازل عن غزة".
أما السبب الثاني، حسب عوض، فيتمثل في الخشية من ترجمة الشارع لغضبه إلى تحركات، لذا كان لا بد من تغيير النغمة واللغة.
ويضيف: "المقاومة عملياً تظهر كل يوم صموداً أسطورياً، ونجحت في خلق واقع وتاريخ جديد، لذا كان على السلطة والمنظمة وفصائل آخرى أن تلحق القطار الذي كان يقف في محطة تخبطت فيها المفاوضات العبثية، والإسراع بالمغادرة من محطة التسويات إلى محطة المقاومة". وأضاف "الذي لا يصعد إلى هذا القطار يخسر إلى الأبد، ولن يكون له رصيد في النصر أو الصمود".
ويضيف عوض: "هناك احتمال كبير أن تفرض المقاومة شروطها، ولو بحدودها الدنيا على إسرائيل، وبالتالي تشعر السلطة أنها لو لم تكن جزءاً من هذه المقاومة، سيتم التنكيل بها او تعريتها أو محاصرتها، وبالتالي كان يجب تغيير هذه النغمة، لأن الأزمة الآن دولية وإقليمية، وبالتالي لا تستطيع السلطة أن تتخلى عن تاريخ فلسطيني جديد من لا يشارك فيه فسينساه التاريخ".
 

التعليـــقات