رئيس التحرير: طلعت علوي

فتح معبر الكرامة 24 ساعة طوال العام

الثلاثاء | 17/09/2019 - 06:22 مساءاً
فتح معبر الكرامة 24 ساعة طوال العام

القدس – زكي أبو الحلاوة 

حققت حملة "بكرامة" قبل أيام إنجازا بعد عشر سنوات من الضغط والعمل الدؤوب تمثل في الإعلان عن فتح معبر الكرامة 24 ساعة طوال العام مما لاقى ترحيبا واسعا من قبل الفلسطينيين وأثنوا على الجهود التي قام بها أعضاء الحملة.
"القدس" التقت حازم القواسمي مؤسس الحملة للحديث عن هذا الإنجاز الذي طال انتظاره، وقال: "أثبتت حملة بكرامة (الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين) أنه ما بضيع حق وراه مطالب وأن المثابرة والضغط والعزم والإرادة والعمل الدؤوب حتما سيؤدي إلى النتائج المرجوة.

وأشار إلى أنّ حملة بكرامة هي حملة شعبية تطوعية قمت بتأسيسها في القدس في مساء 28 آب 2009 مع نخبة من القيادات المجتمعية الفلسطينية من مختلف المجالات، وكنت رئيسها الأول لمدة عامين، وتناوب على رئاستها كل من الإخوة أسامة الطيبي والإعلامي المعروف طلعت علوي، وتترأس الحملة حالياً الأستاذة القانونية حنان الشنار. وقد انضم آلاف المتطوعين لهذه الحملة التي بدأ يأخذ صداها على الأرض قوة وصلابة بعد كل إنجاز صعب قامت بتحقيقه، والتف الناس حولها وتابعوا أخبارها وتداولوها. وبيّن في حديث "للقدس" أنّ حملة بكرامة وضعت رؤية واضحة وأهداف محددة وطموحة منذ اليوم الأول من تأسيسها. وكان على رأس المطالب هو فتح الجسر بيننا وبين الأردن 24 ساعة طوال العام. ومنذ ذلك اليوم وحتى أول أمس، أي بعد عشرة سنوات بالضبط، وجميع الناس وجميع المسؤولين بلا استثناء يقولون لنا نفس الكلمة وهي كلمة مستحيل. إلا أننا أثبتنا أن كلمة مستحيل لا تنطبق على حملة بكرامة وأعضائها. فبعد سنين من التعب والاف الاجتماعات مع المسؤولين وآلاف اللقاءات الاعلامية وعشرات المؤتمرات الصحفية، وآلاف المقالات والمناشدات والمطالبات والضغط والحشد والمسيرات وعشرات الالاف من التوقيعات، أنجزنا العديد من مطالبنا الصعبة. وبالطبع لا نستطيع أن نلوم الناس على يأسهم من إحداث التغيير أو التقدم بأي خطوة في أي مجال، لأن وضعنا الفلسطيني بشكل عام كان يتدهور كل يوم على مدار السنين السابقة، وقد فقد الناس الامل في كل شيء وخصوصا في ظل احتلال لا يرحم.

أصعب المهمات

وتابع يقول: كانت أصعب المهمات التي واجهتنا هو كسب تأييد الناس والمسؤولين وكسب ثقتهم وإقناعهم بأن التغيير ممكن حيثما وجدت الإرادة. وتلازم ذلك مع أهمية إقناع الناس بحقوقهم المدنية وعدم التنازل عنها إضافة لحقوقهم السياسية. ففتح الجسر 24 ساعة طوال العام هو حق وليس منّة من أحد، فهو معبر برّي مثل باقي المعابر البرية في العالم، ويكتسب أهميته كونه الشريان الوحيد الذي يربطنا مع أشقائنا في الأردن. فالأردن هي المتنفس الوحيد للضفة الغربية، حيث يسافر الناس لزيارة الأهل والتجارة والسياحة والعلاج والدراسة، والأردن هي أيضاً متنفسنا للعالم، فجميع مسافرين أهل الضفة الغربية يجب أن يمروا عبر الجسر للوصول إلى مطار الملكة علياء للسفر إلى أنحاء العالم المختلفة.
وأكّد القواسمي أن العمل لم يكن سهلاً، ولم تكن طريقنا معبدة بالورود. فكان علينا أن نقنع الحكومة والرئاسة والمعابر ووزارة المواصلات ووزارة الشؤون المدنية وكل المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية أن مطالبنا هي حقوق وأنها قابلة للتنفيذ. وليس سرا أن عدد من المسؤولين قاوموا مطالبنا سرا وعلانية، بل وصلت الجرأة بأحد المسؤولين السابقين في وزارة الشؤون المدنية أن يقول على الفضائية الفلسطينية في لقاء مشترك معي أداره الأخ طلعت علوي أن قرار فتح الجسر 24 ساعة طوال العام هو قرار فلسطيني وأنه لا يرى ضرورة لذلك، وأكد أن الجانب الإسرائيلي لا يمانع ذلك وكذلك أشقائنا الأردنيين. إلا أن معظم المسؤولين الفلسطينيين لم يكونوا كذلك، وأعلنوا بصراحة في الإعلام تأييدهم لمطالب حملة بكرامة.

الإعلام الفلسطيني

ولفت إلى أن الإعلام الفلسطيني وخصوصا الإذاعات ساعد في تسليط الضوء على شرعية مطالب حملة بكرامة وأهمية الالتفاف الشعبي خلفها. فقد عقدنا آلاف اللقاءات الإعلامية سواء مع المسؤولين أو حصرياً مع أعضاء الحملة، وساعدتنا تلك اللقاءات في التواصل ليس فقط مع الناس بل أيضا مع المسؤولين الذي بدأت آذانهم تطرب لما تسمع منا. ولا شك أن الوضع المهين والمذل الذي كان على الجسر، لم يحتاج لكثير من الشرح من أعضاء الحملة. فجميع فئات شعبنا تعاني عند السفر أو العودة من الأردن، سواء الطفل أو الشيخ أو المرأة الحامل أو المقعد أو المريض. وهذه الأمور الإنسانية ومعالجتها كانت غائبة تماما إلى أن جاءت حملة بكرامة وقامت بتسليط الضوء عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها.

النزول للشارع

وقال: لقد حاضرنا في الجامعات الفلسطينية، ونزلنا إلى الشارع لجمع آلاف التواقيع، واجتمعنا مع جميع المسؤولين من أعلى مستوى وصولاً إلى كافة المستويات الفنية، وسافرنا للأردن للحديث مع الوزراء الأردنيين وأعضاء البرلمان ومسؤولي أمن الجسور، وتحدثنا مع السفراء الأردنيين في العديد من الفترات، وحشدنا مع الأوروبيين ومع الروس ومع الأمم المتحدة للضغط على الإسرائيليين، ونزلنا مع رئيس الوزراء الفلسطيني السابق على الجسر سوياً وتواصلنا مع أخونا نظمي مهنا مدير المعابر بشكل متواصل على مدار السنين العشرة، وكل تلك الجهود لم يكن لها أن تذهب سدا. فقد نجحنا في كثير من التفاصيل أيضاً التي قد تبدو صغيرة مع إنجاز فتح الجسر 24 ساعة طوال العام. فقد لغينا التوقف في محطة كراجات عبدو، ولغينا التوقف فيما كان يسمى بمحطة المعابر، ولغينا النزول التوقف على محطة العلمي، وتم تجديد باصات شاهين وباصات عبدو وانجزنا الكثير من الطلبات التي طلبها الناس في استراحة أريحا التي كانت في السابق محطة مكرهة صحية مليئة بالذباب، أما اليوم فالاستراحة فيها القاعات المكيفة، يدخل المسافر يأخذ دوره ويتم معاملته بكل لطف واحترام من قبل الموظفين والشرطة، وتم وضع كراسي للعجزة وماء ومراحيض ومصرف وكثير من التسهيلات. وبالتأكيد هناك مجال لمزيد من التسهيلات والتطوير.

دعوة قضائية

وذكر القواسمي أنه بالرغم من تسجيل نجاح مميز وتاريخي في تخفيض رسوم السفر للمقدسيين للأردن عبر الجسر بأمر من المحكمة الإسرائيلية من خلال محامين مقدسيين (من حوالي 410 شيكل إلى حوالي 270 شيكل)، لم ننجح أن نخفض رسوم السفر لأهل الضفة وما زالت حوالي 155 شيكل. وكلا المبالغ عالية جداً لهذه المسافة القصيرة التي يقطعها المسافر الفلسطيني عبر الجسر للأردن. وقد رفعت حملة بكرامة دعوى قضائية ضد وزارة المالية الفلسطينية بعدم شرعية تلك الرسوم (155 شيكل) بعد أن استفذت الحملة كافة سبل التواصل والاتصال مع المسؤولين بهذا الخصوص. فهذه الرسوم مرتبطة باتفاق أوسلو، وهذا الاتفاق قد انتهى. أما بالنسبة للمقدسيين، فيجب ألا يدفعوا أكثر من 100 شيكل وليس 270 شيكل. ويرى أن هذا الإنجاز التاريخي الذي حققته الحملة ليس نهاية المطاف. فسنستمر بالعمل والضغط حتى فتح الجسر 24 ساعة في يومي الجمعة والسبت، وممنوع أن يبقى هذين اليومين استثناء دون أيام الأسبوع. بل الأولى أن يفتح الجسر 24 ساعة في هذين اليومين تحديداً، لأنهما نهاية الأسبوع وعطلة في فلسطين والأردن، والناس ترغب أكثر في السفر دوماً في أيام العطلة حتى لا تسافر خلال أيام الدوام والعمل. كما أن هناك المجال لكثير من التحسينات والتسهيلات على الجانب الأردني من الجسر، سواء عند القدوم للأردن أو عند العودة منه إلى فلسطين، في تقليل البيروقراطية وفي الإجراءات الورقية والزمن المستغرق لعبور الجسر.

وأكد القواسمي أنه ما زال مطلبنا الذي حددناه منذ اليوم الأول من تأسيس الحملة قبل عشرة سنوات أن يستطيع المواطن الفلسطيني أن يسافر بسيارته هو وعائلته إلى الأردن، كما يسافر المواطن الإسرائيلي. فنحن أحق بذلك بحكم علاقتنا الأخوية مع الأردن. فالسلطات الإسرائيلية لا تمانع، والمسؤولين الأردنيين أخبرونا بشكل صريح أنهم لا يمانعون، وإذا السلطة الفلسطينية لا تمانع، فمن يمانع. اليوم، المواطن المقدسي يستطيع أن يسافر إلى طابا وشرم الشيخ بسيارته، والإجراءات بسيطة ولا تأخذ دقائق. ويمكن أن يسافر بنفس الطريقة إلى الأردن والعودة بدون صعوبات تذكر، إذا تم التخطيط لهذا بشكل مهني وبالتنسيق مع الجهات المسؤولة. ومن تخطر على باله كلمة "مستحيل" وهو يقرأ الجملة السابقة، فليعلم أن حملة بكرامة لا تعرف المستحيل في عملها. فنحن نعرف ماذا نطلب، ونعرف ما يمكن إنجازه، ونؤكد لكم أن مطلب السفر بالسيارة الشخصية للأردن والعودة بها ليس مستحيل على الإطلاق. وسنثبت لكم ذلك، كما أثبتنا لكم اليوم أن فتح الجسر 24 ساعة طيلة أيام العام ليس مطلباً مستحيلا.

العمل ليل نهار..

وستستمر حملة بكرامة بالعمل ليل نهار حتى تحقيق اخر مطلب لنا لخدمة شعبنا والتخفيف عنه في حله وترحاله. وعندما نتحدث عن تسهيل الحركة والسفر، لا ننسى في حملة بكرامة الذل والمهانة التي يواجهها أهلنا في قطاع غزة عندما يريدون السفر إلى مصر أو من خلالها إلى العالم. وستعمل حركة بكرامة على موضوع معبر رفح، برغم التداخلات السياسية والأمنية المعقدة هناك. وفي النهاية، لا نغفل هنا عن الشكر الكبير لقيادتنا الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية وسعادة الاخ نظمي مهنا مدير عام المعابر وكافة المسؤولين الذين تجاوبوا معنا وساعدونا في تحقيق هذا المطلب الشعبي التاريخي في فتح الجسر 24 ساعة طيلة العام وفي كافة الإنجازات. وكذلك الشكر موصول لكل من ساهم بجهد مهما كان صغيرا او كتب مقالة او عمل شير لصفحة الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي وقام بتأييدنا. والمطالب القادمة ستحتاج همة السلطة الفلسطينية والحكومة معنا، لان مطالبنا تحتاج للتنسيق مع الحكومات مثل إعفاء الفلسطينيين من الفيزا عند الدخول للدول العربية والدول الإسلامية والدول الصديقة.

ولن تتوقف حملة بكرامة حتى يسافر الفلسطيني باحترام وبحرية وبكرامة، بأقل المصاريف وأقل الوقت وأقل الإجراءات الممكنة.

التعليـــقات