رئيس التحرير: طلعت علوي

الإغراق .. مخاطر على الاقتصاد العالمي

الأربعاء | 09/01/2019 - 10:31 صباحاً
الإغراق .. مخاطر على الاقتصاد العالمي

 

كلمة الاقتصادية

لا يبدو أن قضية الإغراق في الولايات المتحدة ستنتهي قريبا، بل بالعكس، هناك مؤشرات على إمكانية أن تتصاعد، حتى بعد أن هدأت اللغة السياسية العلنية التي تتبعها الإدارة الأمريكية، خصوصا رئيسها دونالد ترمب، ضد دول بعينها لاسيما الصين، التي يوجه لها ترمب اللوم الأكبر على الإغراق، في حين يعتقد أن دولا أوروبية وفي مقدمتها ألمانيا تقوم بعمليات الإغراق، بما في ذلك التلاعب بالعملة الوطنية. والحق أن الرئيس الأمريكي حمل لواء هذه القضية حتى قبل أن يصل إلى البيت الأبيض، وهو يرى أن الولايات المتحدة مظلومة على الصعيد التجاري عالميا، الأمر الذي دفعه إلى التهديد بالخروج من منظمة التجارة العالمية، أو أن تقوم المنظمة بإجراء إصلاحات سريعة أكثر عدلا.
وقضايا الإغراق ارتفعت في عامي وجود ترمب في السلطة 303 في المائة، وبلغت 137 قضية، نسبة كبيرة منها تختص بشركات صينية، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فعلى الرغم من الغرامات التي أوقعتها الإدارة الأمريكية على هذه الشركات، وقبول بعضها بالاعتراف بالقيام بعمليات الإغراق، إلا أن هناك شركات أخرى تتبع الخطوات نفسها، ما يجعل الساحة مفتوحة لمزيد من المعارك، وبالتالي مزيد من المواجهات التي تستهدف الغرامات والعقوبات وغيرهما من الأدوات. ولا شك أن الإجراءات التي تتخذها واشنطن تساعد مباشرة الشركات والمؤسسات الأمريكية المختلفة المتضررة من أعمال الإغراق، التي تضربها من جهة عوائدها المالية. ووصلت أوامر التعويضات للمؤسسات الأمريكية إلى 464 أمرا، والمسيرة ماضية في هذا الاتجاه.
غير أن القضية تكتسب مخاطر كثيرة، في مقدمتها اشتداد المعارك التجارية بين الأطراف المتنازعة، التي قد تتحول بسهولة إلى حرب تجارية عالمية. فاستراتيجية فرض الرسوم التي اتبعها ترمب منذ عامين، تواجه عمليا باستراتيجية مضادة من الجانب الآخر. ورغم أن قمة مجموعة العشرين الأخيرة هدأت الساحة قليلا، إلا أن التوتر والتهديدات لم يلبثا أن عادا إليها، لكن الإدارة الأمريكية حققت بالفعل خطوات عملية من استراتيجيتها الراهنة، لاسيما عندما أجبرت كلا من كندا والمكسيك مثلا على إلغاء اتفاقية "ناقتا" معها، إلى اتفاق أقل مستوى من الاتفاقية المذكورة. وحصل ترمب من خلال هذا الاتفاق على نقاط مهمة للشركات الأمريكية المختلفة، خصوصا تلك العاملة في مجال صناعة السيارات والمركبات.
ويحمل الرئيس الأمريكي الإدارات الأمريكية السابقة مسؤولية الوصول إلى هذا الوضع؛ لأنها حسب اعتقاده لم تقم بما يكفي لحماية المصالح الأمريكية الصناعية والتجارية. ولابد من الإشارة إلى أنه حقق خطوات مهمة في هذا المجال في العامين اللذين حكم فيهما الولايات المتحدة. غير أن قضايا الإغراق لا تزال حاضرة، وربما ستتصاعد في المرحلة المقبلة، خصوصا مع مواقف معلنة لحكومات دول مثل الصين حتى حكومات البلدان الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة، بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الإجراءات الأمريكية الراهنة. ورغم أن التعويضات التي تفرضها واشنطن هي على شركات بعينها، إلا أنها لم تحقق الأهداف النهائية التي وضعتها منذ عامين.
فالساحة قابلة للانفجار بصورة كبيرة عالميا، مع عدم وجود أساسات قوية للتفاهم. فالكل يرى أنه مظلوم في عالم تجاري واسع ومفتوح، ولابد أن تكون هناك نقطة انطلاق حقيقية لحل هذه المشكلات الخطيرة على الاقتصاد العالمي كله.

 

©الاقتصادية

التعليـــقات