رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 5 -6 تشرين أول 2018

السبت | 06/10/2018 - 09:28 صباحاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 5 -6 تشرين أول 2018

السلطات في غزة: مقتل ثلاثة فلسطينيين، بينهم طفل (12 عاما)، بنيران الجيش الإسرائيلي بالقرب من حدود قطاع غزة

تكتب "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، أن سلطات غزة أعلنت مساء الجمعة، أن ثلاثة فلسطينيين، بينهم طفل، 12 عاما، قتلوا بنيران قوات الجيش الإسرائيلي في اشتباكات بالقرب من حدود قطاع غزة. والضحايا هم فارس السرساوي، 12 عاماً، ومحمود أكرم أبو سمعان، 24 عاماً، الذي قُتل شرق مدينة غزة، وحسين فتحي الرقب، 28 عاماً، الذي أصيب شرق خان يونس، وتوفي متأثرا بجراحه في المستشفى.
ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فقد تظاهر 20 ألف فلسطيني بالقرب من حدود قطاع غزة، وقام المتظاهرون بإلقاء العبوات الناسفة والقنابل اليدوية وإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة على الجنود والسياج الأمني. كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي هجومين في شمال قطاع غزة رداً على إلقاء العبوات والقنابل اليدوية على الجنود.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن 126 شخصًا أصيبوا بالذخيرة الحية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي، مضيفًا أن أكثر من 376 شخصًا أصيبوا في المصادمات وتم نقل 192 آخرين إلى المستشفيات في قطاع غزة.
رسالة لحماس: "إذا هاجمتم – سترتكبون خطأ كبيرا جدا"
وتكتب "يسرائيل هيوم" أنه قبل لحظة من مظاهرات يوم الجمعة على حدود غزة، قرر رئيس الأركان الفريق غادي ايزنكوت، الخميس، تعزيز واسع للقوات في الأيام القادمة على حدود غزة. وحذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أنه "إذا كانت حماس تعتقد بأن بوسعها أن تهاجم إسرائيل كنتيجة لازمتها هي فإنها سترتكب خطأ جسيما جدا".
وكان وزير الأمن، افيغدور ليبرمان، قد أجرى يوم الخميس، تقييما للوضع في القطاع. وجاء من مكتبه أن الوزير "وقف على جاهزية القوات حول قطاع غزة ووجه تعليماته للجيش للحفاظ على تأهب أقصى لكل سيناريو". وأفاد الناطق العسكري بأن "الجيش الإسرائيلي جاهز ومستعد، ويرى في المنظمة الإرهابية حماس مسؤولة عن كل ما يجري في قطاع غزة ومنه".
ويعد القرار بتعزيز القوات حول القطاع في هذه المرحلة رادعا في الأساس، واتخذ بعد أن طرأ في الأسابيع الأخيرة تصعيد في التوتر مع القطاع. فقد شددت حماس وتيرة المظاهرات على طول الحدود، وهي الآن تجري تقريبا في كل ليلة. وفي نفس الوقت أصبحت أكثر عنفا أيضا. فنهاية الأسبوع الماضي، مثلا، انتهت بسبعة قتلى فلسطينيين على الجدار، ونحو 20 ألف متظاهر ألقوا عبوات وقنابل يدوية وحاولوا اجتياز الجدار باتجاه إسرائيل. وبالتالي فان البيان عن تعزيز القوات في القطاع قبيل نهاية الأسبوع جاء أساسا لردع حماس من تكرار نمط العنف القاسي.
في الجيش الإسرائيلي يخشون من أن استمرار الحوادث على طول الحدود والوضع الإنساني الصعب سيؤديان إلى تدهور عسكري واضح. والتخوف يزداد في ضوء الجدالات الفلسطينية وفي ضوء حقيقة أن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن يرفض تحويل المال إلى القطاع بل ويصد محاولات خارجية لمساعدة سكان غزة.
وبينما تبث الحكومة والجيش رسائل رادعة يفقد السكان في الجنوب بعضا من الصبر الذي لا يزال يتبقى لديهم. فالسكان في البلدات المجاورة للجدار يعانون من رائحة الغاز المسيل للدموع والدخان وأصوات الانفجارات العالية التي تسمع من منطقة الحدود. وأمس نشبت ثلاثة حرائق من بالونات حارقة، وحريق كبير بين القرية الزراعية بركية وقرية سلبر، وليس واضحا إذا نشب نتيجة بالون حارق. وعملت تسع طواقم إطفاء بمساعدة طائرتي إطفاء في المنطقتين لمنع انتشار النار، وطلب من سكان الحي الغربي في بركية البقاء في منازلهم.
عامي أيالون: ظاهرة الاستجواب في مطار بن غوريون تحوّل الشاباك إلى مشكلة ديمقراطية
تكتب "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، أن رئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، تحدث، يوم الجمعة، في مقابلة أجراها معه التلفزيون الإسرائيلي، حول ظاهرة استجواب الإسرائيليين والأجانب على حدود البلاد، ووصف ذلك بأنه "ليس منحدرًا زلقًا، ولكنه ما يسمى بالمنحدر الشديد. فالشاباك يتحول إلى مشكلة للديموقراطية".
ووفقا لأيالون، الذي شغل منصب رئيس الشاباك بين عامي 1996 و2000: "حالما يعتقل الشاباك شخصًا شارك في مظاهرة أو جولة لحركة يكسرون الصمت، لكن لم تفعل أي شيء سرّي، فإنه يكون قد أخطأ وخرق خط الموازنة الدقيق وأصبح مشكلة بدلاً من حل".
وأشار أيالون إلى الأدلة المتزايدة على قيام الشاباك ووزارة الشؤون الإستراتيجية بتكثيف صراعهما ضد النشطاء اليساريين واستجوابهم على المعابر الحدودية.
نتنياهو: عباس يخنق غزة؛ ميركل: قلقة إزاء قانون القومية
تكتب صحيفة "هآرتس" أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو التقى، الخميس، بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وانتقد موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس من غزة. وفي مؤتمر صحافي عقد في القدس، قال نتنياهو: "في السنة الأخيرة شدد أبو مازن جدا الوضع في غزة إذ خنق تحويل الأموال من السلطة الفلسطينية إلى غزة. وكنتيجة لهذا الخناق نشأت هناك ضغوط وكنتيجة للضغوط تهاجم حماس إسرائيل بين الحين والآخر، بقوى متدنية نسبيا، ولكن الخناق آخذ في الازدياد. أبو مازن يتدخل في محاولات الأمم المتحدة لتخفيف من الضائقة في غزة… وبالمقابل إذا كانت حماس تعتقد أنه كنتيجة لهذه الضائقة يمكنها أن تهاجم إسرائيل – فإنها ترتكب خطأ جسيما جدا. ردنا سيكون شديدا، شديدا جدا. آمل أن يكون ممكنا وقف هذا الخناق، ولكني أوضح أيضا بأن إسرائيل ستعمل بكل القوة اللازمة لتدافع عن نفسها وعن مواطنيها”.
من جهتها، وفي إشارة إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أشارت ميركل إلى أنها تود تعزيز حل الدولتين. وقالت "سمعت من رئيس الوزراء أننا يجب أن نشجع الجانب الفلسطيني وسنفعل ذلك". "أعتقد أنه مع مرور الوقت قد تكون هناك حلول أخرى، لكن يبدو لي أن هذا هو الحل الأكثر منطقية، وقد عبرت عن رأيي بشأن سياسة الاستيطان، التي تزيد من المصاعب بالنسبة لهم [للفلسطينيين]". وقالت ميركل إن الألمان كانوا على دراية بالواقع في الشرق الأوسط وقالت إن على إسرائيل أن تدافع عن نفسها. وأضافت "لكن السؤال هو ما هي الجهود السياسية التي يمكن القيام بها حتى لا يشغلنا هذا في المستقبل".
كما أشارت ميركل إلى قانون القومية وقالت: "أنا قلقة، يجب أن تحصل الأقليات على حقوقها". وقالت المستشارة أيضًا إن تزايد معاداة السامية في أوروبا يتواجد على أجندة حكومتها. وقالت: "علينا أن نعترف أنه في ألمانيا، في الماضي كما في الحاضر، هناك معاداة للسامية، بل إنها تزداد". وفقا لها، "هناك معاداة للسامية جديدة، والتي نشأت نتيجة للمهاجرين". كما أشارت إلى أن المؤسسات اليهودية في ألمانيا لا يمكن أن تتواجد من دون حراسة.
وتضيف "هآرتس" في نبأ آخر، أن ميركل نفت بأنها كانت تنوي إلغاء زيارتها إلى إسرائيل في حال قيام هذه الأخيرة بهدم قرية الخان الأحمر الفلسطينية شرقي القدس، وأكدت أنها تعتبر هذا الأمر شأناً إسرائيلياً داخلياً.
وجاءت أقوال ميركل هذه خلال مراسم منحها لقب دكتوراه فخرية من جامعة حيفا أُقيمت في "متحف إسرائيل" في القدس ظهر الخميس، وذلك رداً على تقارير إسرائيلية أفادت بأنها هدّدت بإلغاء الزيارة في حال هدم قرية الخان الأحمر.
وأكدت ميركل أن القرار بشأن الخان الأحمر إسرائيلي بحت، وأن ألمانيا لا تتدخل فيه على الرغم من أن لديها انتقادات عليه.
وأشارت ميركل إلى ازدياد حدة المواجهة بين إيران وإسرائيل بسبب الحرب الأهلية في سورية، وأكدت أنه من الجيّد أن روسيا اهتمت بانسحاب إيران من منطقة الحدود السورية - الإسرائيلية. كما أشارت إلى أن السؤال فيما إذا كان الاتفاق مع إيران يشكل أنسب طريق لمنعها من حيازة أسلحة نووية، هو جزء من الجدل المستمر بينها وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وكانت تقارير إسرائيلية صحافية قد طرحت مسألة قرية الخان الأحمر، وقالت إنه على الرغم من أن المحكمة العليا حددت يوم الأربعاء كمهلة أخيرة لهدم القرية، فقد تم تأجيل هدمها بقرار من السلطات الإسرائيلية لتفادي إحراج المستشارة الألمانية خلال زيارتها إلى إسرائيل، وأشارت إلى أن ألمانيا هددت بإلغاء الزيارة في حال تم هدم القرية خلالها.
اتفاق مصري أردني قد يقضي على حلم “إسرائيل”
تكتب صحيفة "هآرتس" أن مصر تخطط لتصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن عبر منظومة أنابيب غاز، والتي تطمح “إسرائيل” لضخ الغاز عبرها إلى مصر أيضا، ما قد ينسف خطط "إسرائيل" في مجال الطاقة.
وذكرت الصحيفة أن اتفاق الغاز الذي أبرمته مصر والأردن قد يقوض حظوظ حقل "ليفيتان" الإسرائيلي، والذي تنوي "إسرائيل" تصدير غازه إلى مصر.
وأوضحت الصحيفة أن القاهرة ستصدر الغاز الطبيعي إلى الأردن عبر خط أنابيب غاز يمتد عبر سيناء، ما يلقي بظلال الشك على تطلعات تحالف شركات "نوبل إنرجي" الأمريكية و"ديليك دريلينغ" الإسرائيلية لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر.
ردود فعل في إسرائيل على المقابلة مع السنوار: "أفعى سامة تتخفى بصورة نعجة بريئة"
تكتب "يديعوت احرونوت" أن المقابلة التي نشرتها في عدد الجمعة، مع زعيم حماس، يحيى سنوار، أثارت العداء والشك في إسرائيل، إلى جانب دعوات للتعاطي بجدية مع أقواله: ففي الساحة السياسية وفي بلدات غلاف غزة عصفت الخواطر. وقالت باتيا هولين من كفار عزة: "السنوار يبدو كانسان متوازن ويعرف ما ينبغي عمله، وأنا اصدق أنه لا يريد الحروب، ولكنه ليس وحده في الساحة الفلسطينية. لأسفي أنا لا أرى عندنا أحد ما لديه أي استراتيجية".
أما رئيس بلدية سديروت، الون دافيدي، فلا يصدق أي كلمة له: "أقوال السنوار هي ترهات، حين يحرص على اتهام الجميع بوضع سكان غزة باستثناء نفسه… الهدنة التي يتحدث عنها السنوار لن تأتي إلا بعد تصفيته وتصفية زعماء حماس في غزة”".
ويؤمن رئيس مجلس شاعر هنيغف، الون شوستر، بأن "أقوال السنوار تجسد براغماتية قادة حماس"، وقال إن "على إسرائيل مسؤولية اتخاذ خطوة مع الأسرة الدولية تمنح سكان القطاع أساسا وجوديا".
أما في الساحة السياسية فقد عقبوا بالشك. فقد اقتبس وزير الإسكان يوآف غلانط عن الحكماء حين غرد قائلا "الخير في الأفاعي تحطيم رؤوسها…"، وأضاف بأن "السنوار أفعى سامة تحاول التخفي في صورة نعجة بريئة". وقالت النائب اييلت نحمياس فيربن (المعسكر الصهيوني) بأن "السنوار يلعب بعشرة أصوات مختلفة"، وادعت بأنه "إذا كانت وجهته للسلام حقا، فوحدها الأفعال لتهدئة المنطقة ستشهد على ذلك وليس الأقوال الفارغة ن المضمون". وقالت النائب ليئا فديدا من المعسكر الصهيوني إنه "مع أن المقابلة إنجاز صحفي مثير للانطباع إلا أنها أيضا شهادة على ضياع الردع التام من جانب رئيس الوزراء". (المقابلة مع السنوار منشورة لاحقا في باب المقالات – المترجم).
مقالات
يجب إلغاء الحملة
تكتب "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، أن الكراهية والتحريض من معمل الحزب الحاكم لا يتجاوزان الانتخابات البلدية أيضا. ففي أرجاء تل أبيب علقت هذا الأسبوع يافطات كبرى لقائمة الليكود في المدينة، برئاسة ارنون جلعادي. "هذا إما نحن أم هم"، هو العنوان المشترك لكل شعارات الحملة، التي تنشر في الشبكات الاجتماعية أيضا: "المدينة العبرية أم م. ت. ف"؛ "المدينة العبرية أم الحركة الإسلامية في يافا"؛ "المدينة العبرية أم مدينة المتسللين"؛ "التعليم للصهيونية أم يكسرون الصمت في المدارس".
لقد سبق أن شطبت حملة قائمة الليكود برئاسة جلعادي في العام 2013، إذ سعى إلى "إسكات المؤذن في يافا". فقد أشار رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي سليم جبران في حينه، إلى أن رسائلها "ستؤدي بيقين قريب إلى مس خطير بسلامة الجمهور وبمشاعر السكان العرب – المسلمين في دولة إسرائيل". ولكن تجربة الماضي لم تردع الليكود وجلعادي من اتخاذ التكتيكات ذاتها.
فضلا عن كونه نائب رئيس بلدية تل أبيب الحالي، رون حولدائي، يتبوأ جلعادي أيضا منصب رئيس اتحاد مدن دان في مجال البنى التحتية وجودة البيئة. وعلى صفحته في الفيس بوك يتهم المرة تلو الأخرى "محافل اليسار المتطرف والمناهض للصهيونية"، و"متطرفين إسلاميين يحاولون تحويل يافا إلى جيب فلسطيني" بالمشاكل اليومية التي قد يصطدم بها سكان المدينة. وهو يعمل على ارض خصبة: بعد عقود من الإهمال من جانب السلطات المحلية، في السنوات الأخيرة أهملت الحكومة أيضا أحياء جنوب تل أبيب، ولم تحرك ساكنا لاستيعاب طالبي اللجوء أو توزيعهم على أرجاء البلاد.
ليس مفاجئا أن حزب الليكود القطري لم يتنكر لرسائل الحملة في تل أبيب إذ أن أساليب مشابهة رفعت رئيس الحزب بنيامين نتنياهو إلى ديوان رئيس الوزراء ("المقترعون العرب يهرعون إلى صناديق الاقتراع").
لقد دعت جمعية "سيكوي" المستشار القانوني للحكومة للخروج ضد مظاهر العنصرية. هذا لا يكفي: كرئيس بلدية ترفع علم الليبرالية في إسرائيل، فان حولدائي نفسه ملزم بأن يندد علنا بالحملة وأن يعمل على إبعاد جلعادي عن منصبه كمسؤول عن مجال البنى التحتية في اتحاد مدن دان. هذه الحملة التحريضية يجب أن تتوقف بقرار من رئيس لجنة الانتخابات المركزية.
هل سينقذ نتنياهو القدس؟
تكتب زيفا شترنهال، في "هآرتس"، أنه عندما سيتم تلخيص صورة بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته في كتب التاريخ، سيتم ذكرهم فقط بملاحظات هامشية، وستظل لدينا كتلة البناء التي ستعزى لفترة ولايته. بإمكان الوزير يسرائيل كاتس زيادة الثمن الذي ستجبيه قرارات متسرعة، ودجل مهني في المدى القصير. ولكن الأجيال القادمة سوف تدفع بفائدة مرتفعة ثمن فشل جهاز التخطيط الحضري الإسرائيلي الحالي، المتحكم به من قبل سياسيين مضغوطين ينتهي أفق رؤيتهم عند الانتخابات القريبة. إذا تم تطبيق مخططات البناء الحالية في القدس، فهذه هي ما ستتحول إلى رمز لإسرائيل في عهد نتنياهو.
المشاكل السياسية، الاجتماعية، الثقافية المشتعلة في الدولة تنعكس جيداً في الهندسة المعمارية والبناء الحضري في المدينة الأهم في البلاد. التهور اليميني والذي يعبّر عنه بالسعي المتواصل لتهويد المدينة مادياً ورمزياً وكذلك أيضاً بإغلاق "تهديدات أمنية" مثل معرض بربور. الفجوات قائمة بين أحياء الفقر المهملة وبين الأحياء الفاخرة، ولا نريد الحديث عن الفجوة الفظيعة بين المدينة الغربية والمدينة الشرقية. هنا أيضاً يبرز التهويد للفضاء العام، وهو التوجه الآخذ في التعاظم، والذي لا تجد بلدية القدس وحدها صعوبة في مواجهته.
إن سلوك جهاز التخطيط البلدي، هو أيضاً لا يتم في فضاء فارغ. كما هو معروف، فإن شبكات الدفاع المعقدة التي يوفرها القانون الإسرائيلي لا تنجح في وقف أعمال الفساد على المستوى القطري والمحلي في آن واحد. كذلك عادة تفضيل أشخاص مهنيين ضعفاء ليس أمراً مقتصراً على الجهاز المقدسي: نتنياهو نفسه قدم مؤخراً عددا من الأمثلة الواضحة تمثل هذا السلوك الفاسد. في حين أن وزيرة القضاء اييلت شكيد تبذل ما بوسعها من أجل إعطائها شرعية ووضعها في إطار القانون.
ولكن الأهم من ذلك، أن القدس تمثل في السنوات الأخيرة ضعف الروح الإسرائيلية. بالذات في المدينة التي كان يجب أن تكون المحافظة على صورتها الفريدة، هي المصلحة الأولى في الأهمية بالنسبة للحكومة والبلدية، يتم بنشاط تقديم مخططات ستدمر جواهر المشهد الطبيعي التاريخي الأهم. هذا التوجه يدلنا عليه جهاز تعليم يتحول فيه التاريخ إلى موضوع هامشي في المدارس، والعلوم الإنسانية تتضاءل وتفقد مكانتها في الجامعات. وأفكار بربرية مثل تدمير دائرة المشهد الطبيعي التي تحيط بأسوار البلدة القديمة عن طريق قطار هوائي، وإنشاء كتلة بناء ضخمة بالقرب من عين كارم، ستغطي تماماً على القرية التي تحولت إلى احد المراكز السياحية الأهم في المدينة – سواء القرية القديمة لفتا أو شارع تجاري يحافظ على ذكرى بداية عهد الانتداب البريطاني- ستمثل في المستقبل فصلاً مظلماً في تاريخ المدينة والدولة معاً. هذا الواقع، هو ساعة اختبار لمجتمع المهندسين المعماريين. إن حقيقة أن عدداً من أهم المهندسين المعماريين في البلاد انضموا إلى النضال المتزايد ضد القطار الهوائي، ومن بينهم موش صفدي، موشي مرغليت، وامنون بار أور، هو علامة مشجعة. أن إقصاء المهندسين المعماريين عن الصورة العامة ينبع في المقام الأول من حقيقة أن صوتهم كمجموعة ضغط مستقلة، لا يتم سماعه. هكذا خلق لدينا واقع غير مفهوم، فيه تم إقصاؤهم من كل لجان التخطيط، بما فيها حتى القطرية. هكذا أيضاً كان بالإمكان تعيين أشخاص مهنيين غير مناسبين، بما في ذلك عادة تعيين خريجي أقسام الجغرافيا لوظائف مثل مخطط منطقة القدس. أو مسؤولين عن الصيانة في الوزارات الحكومية. هذه الوظائف الهامة تتطلب ليس فقط تجربة أو معرفة غنية، بل أيضاً حداً أدنى من الإحساس الجمالي وتأهيلاً في مجال التصميم. ليس صدفة أنه تم تعيين محامي ليرأس اللجنة اللوائية للتخطيط في القدس، وسمح وزير المالية لنفسه بتعيين أفيغدور يتسحاقي، وهو مدقق حسابات نشيط لكن ليس لديه أي مؤهلات في مجال التخطيط، ليرأس لجنة البنى التحتية الوطنية. وليس مصادفة أيضاً أنه ألقى على اللجنة هذه مهمة أن تقرر في مصير القطار الهوائي في القدس، والذي قارنه يتسحاقي بمنشأة تزلج.
مشكلة أخرى لا تحظى باهتمامٍ كافٍ تتعلق بجهاز التعليم الهندسي. منذ تأسيس "التخنيون"، والذي تعلم فيه، في السابق، معظم المهندسون المعماريون، تم التركيز في المؤسسات الأكاديمية في البلاد على الجوانب العملية للمهنة. التاريخ والنظرية أهملت أمام الإعجاب بالتكنلوجيا وتبني أعمى لأسطورة الحداثة. النتيجة كانت وما زالت ميل لاستيراد سطحي للأفكار، منذ تطبيق نظريات "باوهاوس" و "لاكوربوزيا" في القرن الماضي، وحتى تبني الحلول المدهشة لـ "إخلاء البناء" و"استخدامات متداخلة". حتى إذا حدث تحسن في السنوات الأخيرة، بقي الميل لتطبيق أفكار بدون مراعاة السياق الفريد. هكذا مثلاً، الفكرة الخرقاء بإخلاء الأحياء الفقيرة ونقل سكانها إلى أبراج لا يستطيع ساكنيها دفع تكاليف صيانتها، أو إنشاء أحياء سكنية ذات استخدامات متعددة، حيث لا يوجد للمناطق التجارية فيها أي إمكانيات تجارية، وخلوها يخلق شعوراً بالهجرة والاغتراب.
في واقع كهذا، ينظر فيه إلى قرار تيدي كوليك (رئيس بلدية القدس سابقا) استدعاء لجنة خبراء دوليين، لفحص تخطيط مقدسي، كتاريخ من كوكب آخر، ليس من المستغرب أن نعرف ماذا يُعد أصحاب المهنة الآخرين للمستقبل المادي للمدينة. هكذا تتعامل مخططة اللواء، شيرا تلمي بابا، مع سنغافورة كنموذج للبناء المكثف في القدس، وتحلم بمدينة أبراج، قطارات هوائية، وأدراج متحركة،The marker 7.4) ) ومهندس المدينة، شلومو أشكول، الذي لم تقنعه 10 سنوات في وظيفته بأن القدس هي مدينة فريدة مميزة، لم يتردد في تقديم مخطط لإعادة تصميم مدخل القدس، والذي تم فيه محو كل ذكر لمبنى تاريخي، ويعطي للقادمين للمدينة صورة لمدينة حديثة مجهولة.
أشكول، مثل المسؤول عن الصيانة في وزارة السياحة أورلي زيف، لا يريان أي مشكلة في تنفيذ مشروع القطار الهوائي، والذي يثير صدمة لدى مهندسين معماريين في البلاد والخارج. صفدي حذر بأن القطار الهوائي سيشكل مكرهة بصرية خطيرة، وعلى الأقل سيتحول إلى نقطة جذب سياحية تناسب "ديزني لاند” ولن يحل مطلقاً مشكلة الاكتظاظ في البلدة القديمة. كما أن البروفيسور موشي جبعوني، خبير المواصلات من جامعة تل أبيب، أبدى انطباعاً بأنه لا يوجد هنا حل حقيقي للمواصلات. وسكان القدس ليسوا بحاجة له مطلقاً (هآرتس 17.9).- هذه استنتاجات تضع علامات تساؤل على المشروع كله.
ولكن هنالك احتمالية بأن يأتي انقاد القدس بالذات من جهة غير متوقعة: من رئيس الحكومة نفسه. إذا استيقظ ابن المؤرخ، والذي بدأ طريقه بدراسة الهندسة المعمارية، وخلص نفسه من بؤس وحل السياسة الحزبية الضحلة، والغارق فيه حتى عنقه، يمكنه أن يفحص الواقع من منظور جديد. هكذا يمكن أيضاً أن يعترف بحقيقة أنه إزاء قرارات خاطئة في مجالات أخرى، والتي بالإمكان تغطيتها بستار من الدخان والعلاقات العامة، فإن صورة القدس، كما سيتم تشكيلها في السنوات القريبة القادمة، من شأنها أن تتحول إلى رمز سوف يسوِّد اسمه في كتب التاريخ إلى الأبد.
إسرائيل قد تدفع ثمن التوتر بين "حماس" والسلطة في القطاع
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس"، أنه يجري في قطاع غزة سباق مع الزمن هدفه منع تجدد تصعيد عسكري. وكما ذكرت "هآرتس" أمس (الخميس)، وافقت قطر بعد مساعي إقناع كثيرة على تخصيص مبلغ 60 مليون دولار لشراء السولار من أجل محطة توليد الطاقة في غزة. هذه الخطوة التي بادر إليها موفد الأمين العام للأمم المتحدة، نيكولاي ملدانوف، من المفترض أن تسمح بمضاعفة تزويد قطاع غزة بالكهرباء يومياً في الأشهر المقبلة، وبهذه الطريقة يجري التخفيف من الضائقة في قطاع الكهرباء التي تُعتبر إحدى الأسباب الأساسية للتوتر الراهن.
لكن السلطة الفلسطينية تواصل مراكمة العراقيل. فهي تهدد بوقف عقود شراء الوقود للضفة من إسرائيل، وبموازاة ذلك تقليص أكبر للمساعدة في تمويل تزويد القطاع بالكهرباء. على هذه الخلفية جرى تجميد دخول ثلاث شاحنات لنقل السولار إلى القطاع صباح أمس. وفي ضوء ازدياد حساسية الوضع في القطاع أمر رئيس هيئة الأركان غادي أيزنكوت بزيادة قوات الجيش بصورة كبيرة على طول الحدود.
في الأسابيع الأخيرة تعمل "حماس" على تأجيج مقصود للوضع على الحدود بواسطة تظاهرات ليلية وإرسال "وحدات إغارة" جديدة، تعمل على تخريب العتاد الذي يُستخدم في بناء الجدار ضد الأنفاق، ولأول مرة يبدو أن هذه الأعمال ستؤدي إلى تأخير الجدول الزمني لإنجازه.
يجري هذا كله تحت تغطية إعلامية محدودة. بعد الهلع الذي أثارته موجة البالونات الحارقة في الصيف، تعمل الحكومة والجيش معاً من أجل التخفيف من حدة التقارير العملانية في السياج. لكن الهدوء النسبي الذي يسود وسائل الإعلام لا يخفف من القلق المتزايد في مستوطنات غلاف غزة. فالتسلل الليلي أخطر من البالونات الحارقة. ويقرّب الخلاف بين المعسكرين الفلسطينيين، "حماس" والسلطة مجدداً المواجهة مع الجيش الإسرائيلي في غزة. وإسرائيل، التي لم تفعل شيئاً طوال ثلاث سنوات ونصف السنة من الهدوء النسبي، بعد عملية الجرف الصامد، للمساعدة على إعادة إعمار القطاع، تدفع اليوم ثمن الصراع الذي تورطت فيه بصورة جانبية نسبياً.
لقد أعطى زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار مقابلة غير مسبوقة، تُنشر في آن معاً، في آخر الأسبوع في "يديعوت أحرونوت" وفي صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية. وقد أرسل السنوار رسائل معقدة: فقال إنه لا يسعى لحرب، لكن "لحظة الانفجار تبدو لا مفر منها". ليس صعباً أن نفهم لماذا لا تسارع "حماس" إلى حرب. فالمعارك الأخيرة، وخصوصاً الجرف الصامد، أوضحت أن مجموع الإنجازات التي تتحقق تتقزم لدى مقارنتها بحجم الدمار الذي لحق بالقطاع، والآن ليس هناك من سيتبرع بسرعة لتقديم المبلغ المطلوب من أجل ترميم الأضرار.
مع ذلك، تدل زيادة قوات الجيش الإسرائيلي في قيادة الجنوب على عمق القلق من التدهور. يجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في إيجاد ردّ على الجولات الليلية التي تقوم بها خلايا من "حماس" شرقي الجدار الحدودي، والتي يعود العديد منها إلى القطاع من دون أن تصاب بأذى. إن تواجد قوات أكثر في المنطقة من المفروض أن يساعد في ذلك. لكن القنبلة الموقوتة الحقيقية هي أزمة البنى التحتية في القطاع. إذا نجحت السلطة في إزالة الشريط اللاصق الرفيع الذي وضعته قطر والأمم المتحدة على الجرح، فسيتواصل تدهور الوضع. ولا تستطيع إسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تستيقظ يوماً لتكتشف نشوء يمن ثانية على ساحل البحر المتوسط، أي منطقة كارثة جماعية فقد المجتمع الدولي اهتمامه بفرص إعادة إعمارها.
السنوار "بالنسبة لي، وقف إطلاق النار هو هدوء تام، ونهاية للحصا"
تنشر "يديعوت احرونوت" المقابلة التي أجرتها فرانشسكا بوري، مع زعيم حماس يحيى سنوار، وتكتب: أعرف أن يحيى السنوار يعدّ العدو للأغلبية الساحقة من الإسرائيليين. شخص مكث في السجن الإسرائيلي وتحرر في صفقة شليط، وفي غضون بضع سنوات أصبح زعيم حماس في القطاع. وعليه، فإن هذه المقابلة لن تكون سهلة على القراءة، وأعرف أنني لن أتمكن أبدًا من أن أشعر حقًا بما تشعرون. أمر واحد يمكنني أن أضمنه: حاولت أن أقوم بالعمل الصحافي الأكثر مهنية، فأسأل الأسئلة الصعبة وألا أقدم أي تنزيلات لسنوار.
عندما أروي أنني التقيت السنوار، زعيم حماس في غزة الذي مكث 22 سنة في السجن الإسرائيلي وتحرر قبل سبع سنوات في صفقة شليط، فإن السؤال الأول الذي يطرح عليّ هو أين التقينا: في داخل نفق؟ في خندق سري عميق تحت الأرض؟ لا، أجيب. معظم لقاءاتنا كانت في مكتبه، في مدينة غزة. أحيانا ثنائية، مع مترجم فقط، وأحيانًا بحضور مساعدين ومستشارين. خلال خمسة أيام في قطاع غزة، والنتيجة هي مقابلة أولى للسنوار زعيم حماس في القطاع، لوسيلة إعلامية إسرائيلية.
* أنا لا أعلم أي شيء عنك، يُقال بأنك منعزل تماماً ورجل قليل الكلام، فأنت نادرا ما تتحدث مع الصحفيين، وفي الواقع هذه هي المقابلة الأولى لك مع وسائل الإعلام الغربية. لكنك تقود حماس منذ أكثر من عام، لماذا تتكلم الآن؟
لأنني الآن أرى فرصة مواتية لتغيير هذا الواقع السيئ لتحقيق الأمن والاستقرار هنا.
فرصة؟ الآن؟
نعم، الآن، وليس غداً
لأكون صادقة فإن الأرجح هنا على ما يبدو هو حرب جديدة. كنتُ في غزة في يونيو الماضي، وكان الأمر كالمعتاد: رصاص عشوائي، وغاز مسيل للدموع، وجرحى في كل مكان، ثم غارات جوية وصواريخ وغارات جوية أخرى، كانت فرصة ذهبية للمرء كي يُقتل، لديكم الآن ما يقرب من 200 قتيل منذ بدء هذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات في نيسان/أبريل الماضي.
بداية أود التحفظ على مصطلح الحرب فنحن شعب تحت الاحتلال ويمارس عليه العدوان بشكل يومي، وشعبنا يقاوم بأدوات بسيطة، ومع ذلك، الحقيقة هي أن الحرب ليست في مصلحة أحد. وبالتأكيد، ليس في صالح شعبنا، نحن نواجه قوة نووية بمقاليع. لكن إذا لم نتمكن من الانتصار، فإن انتصار نتنياهو سيكون أسوأ من الهزيمة، لأنها ستكون الحرب الرابعة، ولا يمكن أن ينتهي الأمر كما انتهى في الحرب الثالثة، التي انتهت بالفعل كما انتهت الحرب الثانية، والتي كانت قد انتهت بالفعل كما انتهت الأولى، يريدون أن يسيطروا على غزة وهم يبذلون قصارى جهدهم للتخلص من فلسطينيي الضفة الغربية، والحفاظ على أغلبية يهودية، لا أعتقد أنهم يريدون مليوني فلسطيني آخرين، الحرب لن تحقق لهم شيئا.
يبدو الأمر غريبا بعض الشيء من شخص ينحدر من الجناح العسكري لحماس.
إن واجبي الأول كقائد وطني فلسطيني يقود حركة تحرر وطني هو حماية شعبي والدفاع عن حقوقه في الحرية والاستقلال.
لكنك تقاتل طوال حياتك.
وأنا لا أقول في الواقع إنني لن أقاتل بعد الآن، أريد نهاية الحصار وحرية شعبي، فإنني عندما أمشي بالقرب من الشاطئ عند غروب الشمس وأرى كل هؤلاء المراهقين يدردشون ويتساءلون عن شكل العالم وراء هذا البحر وكيف تبدو الحياة، هذا يفطر القلب، ويجب أن يفطر قلوب الجميع، أريدهم أحراراً.
لقد تم إغلاق الحدود عملياً لمدة 11 عامًا، لم يعُد في غزة مياه حتى، توجد مياه البحر فقط، ماء مالح، كيف هو العيش هنا؟
ما رأيك؟  55 في المائة من السكان تحت سن 15 سنة، هل هؤلاء إرهابيون؟ هؤلاء أطفال. ليس لديهم أي فكرة حقيقية عن طبيعة الصراع، هم ببساطة أطفال. ولم يعرفوا في حياتهم سوى الحصار والعدوان، وأريدهم أحراراً.
80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و50 في المائة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، 50 في المائة يعانون من الجوع، ووفقا للأمم المتحدة، فإن غزة لن تكون صالحة للحياة؛ لكن في هذه السنوات وجدت حماس موارد لبناء أنفاقها.
هذا جزء من الدعاية الإسرائيلية فليست الأنفاق هي المسؤولة عن الكارثة الإنسانية في غزة، فالكارثة موجودة سنوات قبل أن يبدأ حفر الأنفاق، المسؤول هو من يغلق الأبواب على مليوني إنسان ويمنع عنهم الدواء والغذاء ويحرمهم من فرص العمل والعيش الكريم، كما أن عددا كبيرا من هذه الأنفاق استعمل لإدخال المواد الأساسية كحليب الأطفال والغذاء والدواء حتى نتمكن من مواجهة الحصار والتجويع، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حماس وفرت بجهودها الذاتية والخاصة الأموال اللازمة لاحتياج المقاومة، ولم تستعمل قط أيا من الأموال العامة أو أموال الدعم الدولي.
أنت تعرف ما أقصده ألا تظن أنكم تتحملون بعض المسؤولية؟
المسؤولية تقع على من يفرض الحصار وليس على المحاصَرين. ونحن مسؤوليتنا تقع في العمل مع الجميع وخاصة المجتمع الدولي لرفع هذا الحصار فورا وبدون شروط.
لماذا لم تشتروا الحليب، بدلا من الأسلحة؟
لو لم نشترِ الحليب لما كنا على قيد الحياة حتى الآن، لقد اشتريناه، لا تقلقي. نحن نبذل كل ما نستطيع ونسخر كل مقدراتنا لمساعدة شعبنا على الصمود والبقاء وتحقيق حد أدنى لشعبنا في العيش الكريم.
إذن فإن حماس تدير الحكومة بشكل جيد.
ولكن ما هو رأيك؟ هل إدارة الحكم في غزة تشبه إدارة الحكم في باريس؟ لقد أدرنا عدة بلديات لسنوات، ونجحنا في ذلك بالضبط بسبب سمعتنا في الكفاءة والشفافية. ثم في عام 2006، فزنا في انتخابات ديمقراطية شفافة برعاية دولية، ورغم ذلك قد وضعنا المجتمع الدولي على القائمة السوداء. لا يوجد كهرباء، هذا صحيح. وهذا يؤثر على كل شيء آخر. لكن هل تعتقدين أنه ليس لدينا مهندسون؟ إننا غير قادرين على بناء التوربينات؟ بالطبع نحن قادرون، ولكن كيف؟ باستخدام الرمل؟ يمكن للمرء أن يذهب لأفضل جراح في المدينة لكنه لن يرضى أن يتعامل معه باستخدام الشوكة والسكين، انظري إلى بشرتك: إنها تتقشر بالفعل. هنا إذا كان المرء قادماً من العالم الخارجي، فقد يصيبه المرض بسبب تلوث المياه. ما يجب أن يلفت انتباهك هو أننا ما زلنا على قيد الحياة.
ولذلك لقد وافقتم في حماس على مبدأ وقف إطلاق النار مع إسرائيل. ماذا يعني وقف إطلاق النار لكم؟
وقف إطلاق النار، يعني تحقيق الهدوء ورفع الحصار. ما يهم حقا هو بالأحرى ما يحدث من تغيير جوهري على الأرض لأنه إذا كان وقف إطلاق النار يعني أننا لا نتعرض للقصف، لكننا ما زلنا لا نملك الماء، ولا الكهرباء، ولا شيئا، وما زلنا تحت الحصار، فهذا لا معنى له؛ لأن الحصار هو نوع من الحرب: إنها حرب من خلال وسائل أخرى. وهي أيضًا جريمة بموجب القانون الدولي لا يوجد وقف لإطلاق النار تحت الحصار.
لكن إذا حدث العكس من ذلك، ورأينا غزة تعود تدريجياً إلى حالتها الطبيعية، إذا لمسنا وجود استثمارات وتنمية وليس فقط مساعدات، لأننا لسنا متسولين، نريد أن نعمل، نريد أن ندرس ونسافر، مثلكِ: نريد أن نعيش، وأن نعتمد على أنفسنا، ونؤكد أننا في حماس سنذلل كل العقبات التي تقف في طريق نجاح هذه المهمة، لكن لا بد من التأكيد أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة بدون الحرية والعدالة لشعبنا، لا أريد هدوء القبور.
حسنًا، ولكن ربما تكون مجرد خدعة لإعادة تنظيم نفسك، وفي غضون ستة أشهر تعود للحرب، لماذا يجب على الإسرائيليين أن يثقوا بك؟
بادئ ذي بدء، لم نقم نحن بشن الحرب من قبل: لقد شُنت الحرب علينا. وسؤالي، بكل صدق، هو عكس ذلك. لماذا يجب أن أثق بهم؟ لقد انسحبوا من غزة في عام 2005، وقاموا ببساطة بإعادة انتشار الاحتلال، كانوا بالداخل والآن يغلقون الحدود، من يدري ما يدور في أذهانهم؟ لكن ما يمكن أن أؤكده أن التجربة أثبت أننا نحترم التزاماتنا رغم أن الاحتلال تاريخه معروف في التنكر للاتفاقيات والشواهد على ذلك كثيرة.
حسنًا، لكن مجددًا، هل يمكن ألا ينجح وقف إطلاق النار؟
هل يمكننا لمرة واحدة أن نتخيل ما قد يحدث إذا لم ينجح؟ لأن هذا قد يكون دافعًا قويًا لبذل قصارى جهدنا لإنجاحه، أليس كذلك؟ إذا تصورنا غزة كما كانت في الواقع في الماضي، وليس منذ فترة طويلة – هل شاهدتِ بعض الصور في الخمسينيات من القرن الماضي؟ عندما كان يزورنا السياح من كل مكان في الصيف؟
وكان لدى غزة الكثير من المقاهي والمتاجر وأشجار النخيل، لقد رأيتُ تلك الصور، نعم.
لكن اليوم أيضاً هل رأيتِ على الرغم من كل ذلك مدى براعة وموهبة وإبداع وحيوية شبابنا؟ فباستخدام أجهزة الفاكس القديمة وأجهزة الحاسوب القديمة، قامت مجموعة من الشباب في العشرينيات من أعمارهم بتجميع طابعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج معدات طبية نحن في أمس الحاجة لها، هذه هي غزة وهذا هو شعبنا الفلسطيني العظيم، لم نستسلم لحالة الفقر وكون أطفالنا حفاة. يمكن لغزة لو أعطيت الفرصة أن تكون كأفضل مدن العالم
لقد مكثت في السجن لمدة 25 عاما، لقد فقد باسم [يشير السنوار إلى أحد مستشاريه] ابنًا قُتل في غارة إسرائيلية. وفقد مترجمكِ شقيقين. الرجل الذي قدم لنا الشاي: ماتت زوجته بسبب المرض، لم تكن مشكلتها كبيرة، كان هناك قطع، لكن لم تكن هناك مضادات حيوية، وهذه هي الطريقة التي ماتت بها، أي صيدلي يمكنه معالجة هذا الأمر. هل تعتقدين أن هذا سهل بالنسبة لنا؟ دعونا نعطي أطفالنا الحرية والحياة التي لم نحظَ بها أبداً. وسوف يكونون أفضل منا وأقدر على بناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم والمساهمة في خدمة الإنسانية، فحرمان شعبنا على مدار عقود من حقوقه هو الذي أطال أمد الصراع وجلب الدمار للمنطقة، فلا تحرموا الأجيال القادمة هذه الحقوق.
أنت تستسلم؟
لقد كافحت طوال حياتي لينال شعبي الحرية ويحظى بحياة طبيعية، أنا لا أستسلم، أنا مستمر، وكذلك شعبي.
وأثناء وقف إطلاق النار هذا، هل ستحتفظ حماس بأسلحتها؟ أو هل تقبل، لا أعرف، حماية دولية مثل أصحاب الخوذ الزرقاء؟
مثل سربرنيتسا؟
أعتقد أن الجواب لا.
أنتِ على حق.
لكن، أنا آسفة إذا كنت قد ألححت على هذه النقطة: ولكن هل يمكن ألا ينجح وقف إطلاق النار؟ ليس للنحس، لكنك تعلم أن الماضي ليس مشجعاً حقاً. فحتى الآن، أعاق المتشددون أي محاولة للصفقة.
يبدو أنك متفائلة جدا حول الاتفاق، فحتى الآن لا يوجد اتفاق، ومن طرفنا فإن الغالبية الكبرى للفصائل الوطنية الفلسطينية متوافقة على أسس ومتطلبات الاتفاق، وسنحترم تعهداتنا في حال تم توقيعه، ولكن حتى الآن نجحت الأصوات الدموية لدى الاحتلال في تعطيل الاتفاق، لكن إذا تعرضنا للهجوم، فهذا واضح، سندافع عن أنفسنا كما هو الحال دائما، وسيكون لدينا حرب جديدة. ولكن في غضون عام، سوف تكونين هنا مرة أخرى، ومرة أخرى سأكون هنا لأقول: الحرب لا تحقق أي شيء.
لديكم سلاح بارز: الصواريخ صواريخ بدائية الصنع، والتي عادة ما يتم إيقافها من قبل القبة الحديدية. وترد عليها إسرائيل بصواريخها الأكثر قوة. لقد قُتل الآلاف من الفلسطينيين. هل كانت الصواريخ مفيدة؟
دعينا نكون واضحين: المقاومة المسلحة حقنا، بموجب القانون الدولي. لكن ليس لدينا صواريخ فقط على الإطلاق، لدينا مجموعة متنوعة من وسائل المقاومة، مثل هذا السؤال، بصراحة، هو موجه لكِ أكثر مما هو موجه لي: إنه سؤال لجميع الصحفيين، لقد تصدرنا العناوين الرئيسة حين تم سفك دمنا فقط، إذا لم يكن هناك دم فليس هناك أخبار، لكن المشكلة ليست في مقاومتنا بل المشكلة هي احتلالهم، فبدون احتلال ستكون لدينا حياة طبيعية كباقي البشر، ولن يكون هناك حاجة لإطلاق الصواريخ أو البالونات أو حتى الأطباق الورقية.
ولكن هل تعتقد أنهم قد حققوا هدفهم؟
بالتأكيد لا، الاحتلال ماذا أنجز؟ صناعة القتلة؟ هل شاهدتِ الفيديو الذي يُظهر جندياً يطلق علينا النار كما لو كنا قوارير بولينج؟ ويضحك ويضحك. قبل احتلال فلسطين لقد كانوا أشخاصًا مثل فرويد وأينشتاين وكافكا خبراء الرياضيات والفلسفة. أما الآن فأصبحوا خبراء طائرات بدون طيار التي لا تفعل شيئا سوى القتل خارج القانون.
يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية نفس الاحتلال، ومع ذلك اختاروا استراتيجية مختلفة تماماً. مناشدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وهذا أمر حاسم، كل شيء حاسم. كل وسائل المقاومة متاحة، ولكن، إذا جاز لي القول، آسف: عندما يتعلق الأمر بفلسطين، فإن المجتمع الدولي هو جزء من المشكلة. فعندما فزنا في انتخابات حرة ونزيهة، كان رد فعل المجتمع الدولي فرض حصار على الفور. ولقد قدمت السلطة كل الاستحقاقات المطلوبة لحل الصراع حسب رؤية المجتمع الدولي، ماذا كانت النتيجة؟ مزيد من الاستيطان، قضم الأراضي، بناء الجدار، تهويد القدس، حصار غزة، والآن أيضا أنتم تحذرون حماس: سنتعامل معكم فقط إذا كنتم مع فتح. ثم تحذرون فتح: سنتعامل معكم فقط إذا لم تكونوا مع حماس. كما أن الانقسام الذي تم انتقادنا بسببه هو أيضا أحد آثار الحصار الظالم، لقد تم تهديد السلطة في رام الله إذا شكلتم حكومة وحدة وطنية قد لا تحصلون على قرش واحد بعد الآن. قد يتعرضون للإفلاس.
سبب الحظر هو أن حماس تُعتبر حركة معادية للنظام كحركة غير دستورية، إذا جاز التعبير، لا تلتزم بقواعد اللعبة.
أي لعبة؟ الاحتلال؟
أنت تعرف، أوسلو وحل الدولتين.
لكن أوسلو قد انتهت. أعتقد أنها النقطة الوحيدة التي يتفق عليها الجميع هنا، نعم حقا الجميع. كانت ببساطة ذريعة لصرف نظر العالم بمفاوضات لا نهاية لها، وفي الوقت نفسه، بناء المستوطنات في كل مكان ومحو أي جدوى لدولة فلسطينية، بالمناسبة ثم لنكن صريحين في مثل هذه الأيام تمر علينا 25 عاما على توقيع اتفاقية أسلوا المؤقتة، أين هي الدولة الفلسطينية الموعودة؟ وماذا فعل المجتمع الدولي لحماية خياراته؟ ثم لماذا تصرون جميعًا دائمًا وفقط على أوسلو؟ فقد قمنا كفلسطينيين بما في ذلك حماس بالتوقيع على وثيقة الوفاق الوطني عام 2006م (وثيقة الأسرى) والتي وضعت برنامجا وطنيا موحدا يشمل إقامة دولة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس، ماذا كانت النتيجة؟ قوبلت هذه الخطوة الكبيرة بالرفض والإهمال.
على أي حال، يبدو أن الخصم الأكثر صرامة لوقف إطلاق النار هذا ليس إسرائيل التي تركز الآن على إيران: بل فتح التي تخشى أن يكون نجاحا لحماس.
نجاح؟ وقف إطلاق النار هذا ليس لصالح حماس أو فتح: بل لشعبنا. ثم انظري، بالنسبة لي، ما يهم هو أن تدركوا أخيراً أن حماس موجودة هنا، وليست ظاهرة عابرة، إنها موجودة، وإنه لا يوجد استقرار بدون حماس، لن تكون أي حلول بدونا لأننا جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، أكثر من ذلك: نحن جزء من تاريخ العالم العربي بأكمله. فنحن جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع الذي يشمل الإسلامي والقومي والعلماني، ولكن بعد قول ذلك: من فضلك، دعينا نتجنب كلمة النجاح لأنه أمر فظيع بالنسبة لجميع المرضى المصابين بأمراض قاسية الذين يصطفون الآن على المعبر في انتظار فتحه، ولجميع الآباء الذين لن يجرؤوا على النظر إلى أطفالهم هذه الليلة لأنهم لم يستطيعوا توفير أي وجبة غذاء، لكن ما هو النجاح الذي نتحدث عنه؟ نجاحنا في رفع الحصار فوراً وبدون شروط.
دخلتَ السجن عندما كنت في الخامسة والعشرين من العمر. وعندما خرجت، كنت في سن الخمسين. كيف تكيفت مرة أخرى مع الحياة؟ مع العالم؟
عندما دخلت، كان ذلك عام 1988حيث كان العالم منقسم إلى معسكر شرقي ومعسكر غربي والحرب الباردة لازالت قائمة وهنا كانت الانتفاضة. عندما كنا نريد نشرة آخر الأخبار، كنا نطبع منشورات. خرجت، ووجدت الأنترنت. لكن لأكون صريحًا، لم أخرج أبداً. لقد غيرت السجن فقط. فرغم الكثير من المعاناة والمشاكل التي كنا نواجهها في السجن فقد كان القديم أفضل كان يتوفر لي ماء وكهرباء. كان يتوفر لديّ الكثير من الكتب. غزة أصعب بكثير. غزة أكبر سجن مفتوح على وجه الأرض.
بهذه المناسبة كيف تنظر إلى رفع قضايا في محكمة الجنايات الدولية ضد القادة الإسرائيليين؟
السلام والاستقرار في أي مكان في العالم لا يقوم إلا على العدل ومن يرتكب جرائم قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية أو التطهير العرقي بموجب القانون الدولي وبالتالي من حق شعبنا أن يلاحق من يعتدي عليه وعلى حقوقه.
تم إطلاق سراحك ضمن صفقة جلعاد شليط. وإسرائيل تقول إن حماس لديها حالياً إسرائيليان بالإضافة إلى رفات جنديين قتلا خلال الحرب الأخيرة. أعتقد أن تبادل الأسرى بالنسبة لك سيكون أمراً ضرورياً.
أكثر من الضروري. بل هو واجب. إنها ليست قضية سياسية فقط بالنسبة لي، بل قضية أخلاقية. ربما لأن قرائك يعتقدون أنه إذا كنت في السجن، فأنت إرهابي، أو بطريقة ما خارج على القانون أو لص سيارات. كلا. هنا يتم القبض علينا جميعاً، عاجلاً أم آجلاً. حرفيا. كلنا.
ألقِ نظرة على القانون العسكري رقم 101. فبدون إذن من الجيش، يعد الأمر جريمة حتى لو تم التلويح بالعلم، أو أن تكون مع أكثر من عشرة أشخاص في غرفة تشرب الشاي وتتحدث عن السياسة. ربما تكونوا تتحدثون فقط عن ترامب، ولكن يمكن الحكم عليك بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. بطريقة ما، إنها طقوس العبور، إنها علامة بلوغنا سن الرشد. لأنه إذا كان هناك أمر يوحدنا، وأمر يجعلنا جميعًا متساوين، كل الفلسطينيين، فهو السجن. وبالنسبة لي فهو التزام أخلاقي، سأحاول كل جهدي لتحرير أولئك الذين ما زالوا في الداخل.
بطريقة ما، حققتم المزيد من خلال عمليات الخطف أكثر من الصواريخ.
أي عمليات اختطاف؟
مثل جلعاد شليط.
جلعاد شليط لم يكن رهينة، كان سجين حرب. هل أدركتِ الآن لماذا نادرا ما نتحدث مع الصحفيين؟ يتم قتل جندي، وتقومون بنشر صورة له على الشاطئ، ويعتقد قراؤكم أننا أطلقنا النار عليه في تل أبيب. لا، لم يُقتل هذا الرجل أثناء ارتداءه سراويل برمودا حاملاً لوحًا لركوب الأمواج، بل أثناء ارتدائه لزي موحد، ويحمل M16، ويطلق النار علينا.
كنت تتحدث عن السجن وبلوغ سن الرشد. هذا العام يمضي على تأسيس حماس ثلاثين عاماً. كيف تغيرت؟ كيف رأيت كل هذا قبل ثلاثين سنة؟
قبل ثلاثين سنة كان عمري 27سنة. وهذا كل شيء: نحن تغيرنا كما تغيرتِ. كما تغير الجميع. كان ذلك عام 1988 وكان هناك الاتحاد السوفياتي. في الأساس، كان العالم أكثر إيديولوجية من اليوم. كان عالمنا أبيض وأسود، أصدقاء وأعداء. الآن لم يعد الأمر كذلك، نحن نعلم الآن أن هناك أصدقاء وأعداء، من حيث لا نتوقع. هنا أود الإشارة إلى أن ما قدمته حماس من وثيقة سياسية قبل عام ونصف من الآن يعكس تطور رؤية حركة حماس والتي اشتملت على رؤى متعلقة بالعلاقة مع المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية والإقليم والمجتمع الدولي وكذلك الاحتلال وكنا نتوقع أن يلتقط المجتمع الدولي هذه الإشارة لفتح حوار استراتيجي مع حركة حماس كمكون أساسي في نسيج المجتمع الفلسطيني لا يمكن تغيبه اذا كنا نطمح لتحقيق الهدوء والاستقرار والتنمية  فعلى سبيل المثال أكدت حماس في وثيقتها الجديدة أنها تسعى لإقامة دولة مدنية تقوم على حق المواطنة واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان، الكثير في الغرب بسبب الدعاية الإسرائيلية يعتقد أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة لا تهتم إلا بالعمل العسكري ولكن أؤكد أن حركة حماس حركة كبيرة لها أنشطة عديدة في بناء المجتمع ورعاية حاجات الناس فلنا أنشطة عديدة في مجال الرعاية الاجتماعية ومساعدة الفقراء وبناء المدارس والأيام الطبية كما لدينا مؤسسات لرعاية الطفل كما نؤكد أن المرأة شريكة في صناعة كل ذلك على المستوى القيادي وحتى على مستوى العناصر فقد يتفاجأ البعض أن نصف العاملين في حركة حماس من النساء ونحن كقيادة لهذا التنظيم نعلم كوادرنا بأن واجبهم إلى جانب مقاومة الاحتلال أن يساهموا في بناء مجتمعهم وأن يكونوا خدما لشعبهم
لكن لا يأتي في بال العديد من الأوروبيين الجمعيات الخيرية عندما يتذكرون حماس. وعندما يذكرون الانتفاضة الثانية يأتي في بالهم الهجمات الانتحارية. بالنسبة للإسرائيليين أنت إرهابي.
وأنا أراهم كذلك في ظل ما يرتكبونه بشكل يومي من جرائم بحق شعبنا. هذا ما هم بالنسبة لي.
ما هو نوع الحياة التي تتمناها لأطفالك بدلاً من ذلك؟
آمل أن يكونوا أحراراً في أن يكونوا فلسطينيين، أتمنى لهم حياة حرة وكريمة وأن ينشؤوا في ظروف تمكنهم من صناعة مستقبل أفضل لشعبهم وان يصنعوا الخير للبشرية وأن يتخلصوا من كل ما عانيناه نحن من احتلال وعدوان وسجون وحصار، فأطفالنا كبقية أطفال العالم يحلمون أن يصبحوا أطباء ومهندسين ومعلمين. وهنا أود الإشارة إلى أنه رغم كل المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني إلا أن حبهم للحياة جعلهم من أكثر شعوب المنطقة تعلما وأقلهم أمية فكيف لو تخلصوا من الاحتلال وأعطوا الفرصة للانطلاق.
في الإعلام هناك تسريبات كثيرة حول ما يسمى صفقة القرن حيث ستعلن الإدارة الأمريكية رؤيتها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فما موقفكم من ذلك؟
نحن وكل قوى شعبنا الفلسطيني ترفض هذه الصفقة التي تقضي نهائياً على الحلم الفلسطيني في الحرية والاستقلال فهي لا تُبقي أرض فلسطينية ولا سيادة ولا قدس وتقضي على حلم أكثر من 8 مليون لاجئ فلسطيني طردوا من أرضهم قبل أكثر من 70 عام. لذا نؤكد رفضنا لهذه الصفقة التي تقوم على شطب القضية الفلسطينية وعدم الاعتراف بحق شعبنا في دولة مستقلة وعاصمتها القدس وحقه بالعودة إلى أرضه التي هجر منها عام 1948م، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بدوره لعدم تمرير هذه الصفقة.
ما هو أكثر مشهد أثر عليك في المسيرات الشعبية التي يقوم بها أبناء غزة فيما يعرف بمسيرات العودة وكسر الحصار؟
المشاهد كثيرة، وأبرزها استشهاد الفتاة الممرضة رزان النجار والشهيدين إبراهيم أبو ثريا وفادي أبو صلاح مبتوري الأرجل. وقد نقل لي أحد الصحفيين في أوروبا صورة عرضت في معرض فني وقد كانت مؤثرة لأنها لأحد هؤلاء الشهداء الذين بترت أقدامه بسبب قذيفة دبابة إسرائيلية، وقد كتب الفنان أسفل الصورة جملة معبرة تعكس الظلم الذي وقع على شعبنا الفلسطيني وهي "لقد أخذو أرضه ثم أخذوا رجليه ثم أخذوا حياته".
يجب عليك تلخيص كل هذا في جملة…كل ما قلته. في جملة واحدة فقط. ما هي الرسالة التي تود أن يتذكرها القراء أكثر؟
حان وقت التغيير. حان وقت إنهاء الاحتلال والحصار.
انظري. لقد كنتِ هنا في يونيو جنبا إلى جنب مع مئات الصحفيين الآخرين. وكان تقريرك الصحفي هو الأشد معنا. ومقالاتك تُترجم إلى العبرية. ومع ذلك أنتِ هنا مرة أخرى. لأنك تحترميننا بشدة: ونحن نحترمكِ بشدة. في بعض الأحيان، بطريقة ما، المرسل هو أيضًا الرسالة. سوف تغادرين الآن وتكتبين كل شيء. هل سيقرؤون لكِ؟ هل سيستمعون إليكِ؟ أنا لا اعرف. لكننا قمنا بخطوتنا.

التعليـــقات