رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 27 آب 2018

الإثنين | 27/08/2018 - 12:45 مساءاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 27 آب 2018

المؤسسة الأمنية تقدر بأن التخفيض الحاد في ميزانية الأونروا سيؤدي إلى فراغ ستستغله حماس

تكتب صحيفة "هآرتس" أن مصادر في المؤسسة الأمنية أعربت أمام المستوى السياسي عن اعتقادها بأن الخفض التدريجي لميزانية الأونروا قد يؤدي إلى فراغ في توفير الخدمات الأساسية في قطاع غزة، خاصة الغذاء والتعليم، وهو ما ستستغله حماس لتعزيز قوتها في قطاع غزة. ويأتي ذلك في ظل التقارير التي تفيد بأن إدارة ترامب تنوي اتخاذ سلسلة من الإجراءات ضد الوكالة.
وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعو إلى تفكيك الأونروا، التي يدعي بأنها تديم مكانة اللاجئين الفلسطينيين. وقال مكتب رئيس الوزراء في الماضي إن نتنياهو "يؤيد نهج الرئيس ترامب الناقد ويؤمن بأنه يجب اتخاذ خطوات عملية لتغيير الوضع الذي تقوم فيه الأونروا بإدامة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلا من حلها". ومع ذلك، نقلت إسرائيل خلال العام الماضي عدة رسائل إلى الإدارة، تفيد بأن التخفيضات الدراماتيكية والمفاجئة، بدلاً من التخفيضات التدريجية، قد تؤدي إلى أزمة إنسانية في قطاع غزة وإلى تعزيز قوة حماس.
وكانت قناة الأخبار قد نشرت، أمس الأول، أن الإدارة الأمريكية على وشك الإعلان عن تغيير سياستها بشأن الأونروا واللاجئين الفلسطينيين. ووفقا للمصدر فإن التقرير الذي ستصدره الإدارة في بداية أيلول المقبل، سيحدد عدد اللاجئين الفلسطينيين بما يقارب نصف مليون – أي حوالي عُشر الرقم المسجل في وكالة الأمم المتحدة للاجئين. ووفقاً للتقرير، من المتوقع أن تعلن الإدارة أنها لا تقبل تعريف مهمة الأونروا، والذي يتم بموجبه نقل مكانة اللاجئ من جيل إلى جيل.
كما جاء في التقرير بأن الولايات المتحدة تعتزم تجميد تمويل الأونروا في الضفة الغربية والطلب من إسرائيل النظر في تقييد نشاطها. وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للأونروا، وفي العام الماضي حولت إلى المنظمة أكثر من 360 مليون دولار.
إسرائيل ترحب بخطوات ترامب ضد حق العودة والأونروا
من جانبها، تكتب "يسرائيل هيوم" أن إسرائيل ترحب بقرار الرئيس ترامب سحب الاعتراف بحق العودة وتقليص مئات ملايين الدولارات من ميزانية الأونروا.
وقالت مصادر دبلوماسية إن هذا يتماشى مع سياسة إسرائيل الخاصة بإغلاق الوكالة، وانتقدت بشدة المسؤول الأمني الذي قيل إنه هاجم القرار الأمريكي، قائلاً إن "من شأن السياسة الأمريكية أن تشعل المنطقة، التي تقف فعلا على شفا المواجهة". ووفقا لمصادر سياسية، فإن موقف المؤسسة الأمنية "مثير للقلق".
وأشار مصدر سياسي إلى التقرير المتعلق بموقف جهات في المؤسسة الأمنية، والتي اعتبرت أن القرار الأمريكي قد يؤدي إلى توترات أمنية، وقال "إن ميل بعض العناصر في المؤسسة الأمنية إلى الخوف من أي شيء، وأحيانًا التحول إلى مناصرين ناصحين للمنظمات المؤيدة للعرب التي تعمل ضد إسرائيل، هو أمر مثير للقلق. إن دور المؤسسة الأمنية لا يتمثل في استبدال المستوى السياسي، بل ترسيخ أمن مواطني دولة إسرائيل على كاهل قواتنا الخاصة، وليس البحث عن مقاولين ثانويين يديرون دعاية مستمرة ضد إسرائيل".
وقال الوزير زئيف الكين معقبا: "أهنئ الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية على القرار العادل، الذي يقول، أخيرا، الحقيقة عن الكذبة العربية التي تم تسويقها للعالم بأسره منذ عقود. الحل لأولئك الذين يتواجدون الآن في مختلف البلدان العربية هو في هذه البلدان، وعليهم ألا يحلموا بتحقيق حق العودة". وأضاف إلكين أن "أرض إسرائيل كانت وستكون وستصبح وطنًا قوميا للشعب اليهودي، أيضا بفضل آلاف السنين من التاريخ والحق في تعريفها هكذا من أيام إعلان بلفور".
وحول القرار المتعلق بالأونروا، قال الكين: "على مدار سنوات عديدة، عملت الأونروا بشكل مصطنع على تخليد المشكلة العربية لتكون بمثابة أداة لمناطحة دولة إسرائيل، ولذلك كان يجب أن تختفي منذ وقت طويل. وهذا المثال يثبت أن إسرائيل تؤمن بصواب مسارها، وعندما يتحد الجمهور الإسرائيلي حول مصلحتنا القومية - سيعترف العالم في النهاية، بالحقيقة ويقبل موقفنا. وهذا ما يحدث الآن مع حق العودة. هكذا حدث في مسألة نقل السفارة، وهكذا سيحدث في مسائل أخرى، إذا أظهرنا ما يكفي من الإصرار".
كما أشار وزير العلوم أوفير أوكونيس إلى قرارات البيت الأبيض، قائلاً: "بعد عقود، تضع إدارة ترامب حدا للكذبة العربية. أموال المساعدات الدولية لا تساعد عرب يهودا والسامرة، بل القيادة الفاسدة وعائلات الإرهابيين. كشف خطة الإدارة بشأن إلغاء مطلب حق العودة هو مرحلة هامة وتاريخية في كشف الكذب الذي كان شائعًا منذ عقود".
وقال نائب وزير الأمن، إيلي بن داهان، إنه "يجب تقليص الأموال التي تذهب بالتأكيد المطلق لنظام حماس الإرهابي في غزة، والذي بدلا من العمل على إعادة إعمار قطاع غزة، يحولها لإنتاج الصواريخ ويحفر الأنفاق ويعزز قوات الإرهاب التي تعمل ضد إسرائيل ومواطنيها".
وقالت رئيسة اللوبي لمحاربة الأونروا، النائب شران هسيخل، إن "الأونروا تربي أجيال من اللاجئين وتخطئ هدفها الأصلي - حل مشكلة اللاجئين. تعريف اللاجئين حسب المنظمة لا يشبه تماما تعريف أي منظمة أخرى في العالم".
ليبرمان أمر بفتح معبر إيرز، اليوم
تكتب "هآرتس" أن وزير الأمن الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان، أعلن، مساء أمس الأحد، أنه سيتم اليوم (الاثنين) إعادة فتح معبر إيرز، في شمال قطاع غزة، بعد أسبوع من إغلاقه. وقال بيان صدر باسم ليبرمان، أنه: "في ضوء الهدوء الأمني الذي استمر خلال الأسبوع الماضي والتراجع الكبير في الأحداث فان وزير الأمن أصدر تعليماته بعد التشاور مع الشاباك ومجلس الأمن القومي والجيش ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، بإعادة فتح معبر ايرز ابتداء من الغد (اليوم)".
يشار إلى أن المعبر يستخدم لنقل التجار والمرضى المحتاجين للعلاج الطبي خارج غزة، ويمر عبره عدد قليل منهم كل يوم. وقد اتخذ قرار إغلاق المعبر بعد تقييم أجراه ليبرمان، بسبب استمرار المظاهرات بالقرب من السياج الحدودي.
وقالت مصادر في المؤسسة الأمنية لصحيفة "هآرتس"، بعد إغلاق المعبر، إنها كانت خطوة رمزية لم يكن لها تأثير كبير على الروتين اليومي في غزة وتم اختيارها بشكل متعمد لعدم الإضرار باتفاق وقف إطلاق النار مع حماس. ويشار إلى أنه خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2018، تم تسجيل 58838 حركة على المعبر - بمعدل حوالي 336 في اليوم – علما أنه يتم تسجيل دخول وخروج الشخص نفسه مرتين. كما أن حوالي 60 ٪ من العابرين هم مرضى لم يتم منع دخولهم وخروجهم، و 30 ٪ آخرون من موظفي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والدبلوماسيين والصحفيين الذين يسمح لهم بمواصلة العبور. وفي الواقع تمنع إسرائيل خروج عشرات التجار الفلسطينيين من القطاع، الين يطلب غالبيتهم السفر إلى الأردن.
المحكمة تأمر بإطلاق سراح المشبوه بالثاني في الهجوم على الشبان الثلاثة من شفاعمرو
تكتب صحيفة "هآرتس" أن محكمة الصلح في "كرايوت" أمرت، أمس الأحد، بالإفراج عن المشبوه الثاني في الاعتداء على ثلاثة شبان من "شفاعمرو" على شاطئ كريات حاييم. وقررت القاضية أييلت هشاحر بيتون بيرلا، أنه لا يوجد أدلة تبرر استمرار احتجاز المشتبه به، البالغ من العمر 29 عاماً، ومن سكان نيشر. وأمس الأول، السبت، تم إطلاق سراح الشاب الثاني الذي تم القبض عليه للاشتباه في تورطه في الهجوم، ولم يعد لدى الشرطة الآن أي مشبوه.
وفرضت المحكمة على المشتبه به، الذي أفرج عنه أمس، الإقامة الجبرية حتى يوم الثلاثاء، ومنعت نشر تفاصيله. وزعم المحامي فارس بريك، الذي يمثله نيابة عن الدفاع العام، أن الشرطة "سارعت إلى إلقاء القبض على الشاب دون أي اشتباه، وفقط على أساس الشائعات، بينما انتهكت بشدة حقوقه وحريته."
في الموضوع نفسه، تكتب "يديعوت احرونوت" أن الشبان الثلاثة قاموا، أمس، بزيارة المواطن اليهودي يئير ألالوف، الذي قام مع صديقه بإنقاذهم من أيدي المعتدين، وبالتالي أنقذ حياتهم. وكان ألالوف عائدا في حينه من نزهة ووصل إلى موقف السيارات القريب من الشاطئ، حين شاهد الاعتداء على الشبان. ولم يتردد ألالوف، وقام على الفور بمساعدة صديق له بصد مجموعة البلطجيين التي ضربت الشبان الثلاثة وطردهم من المكان.
وقال: "كانوا يتحدثون الروسية ويحملون الهراوات، وكان أحدهم يحمل جنزيرا. بسبب الكراهية كادوا يقتلونهم. كان هناك الكثير من الناس على الشاطئ ولم يهتم أحد منهم بما يحدث. لم يكن بإمكاني إظهار عدم المبالاة، وقمت مع صديقي بطردهم واستدعيت الشرطة".
وقام الشبان الثلاثة بزيارة ألالوف أمس واحتضانه، وقال له الطبيب (م. ي): "أنت بطلنا، لقد انقدت حياتنا." فرد ألالوف: "قمت بأمر طبيعي كان يجب أن يفعله الجميع". وبعد ذلك وصل الشبان ومعهم ألالوف إلى مركز الشرطة في زبولون وقدموا شكوى حول الحادث.
وخلال زيارة قام بها رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، إلى مدينة كفر قاسم، أمس، تطرق إلى الحادث وقال: "يمكن أن يؤدي هذا التطرف إلى وضع نفقد فيه السيطرة، لكن هذا النقاش ستستمر لسنوات عديدة قادمة، ولا يمكن حله وفهمه في ظل التحريض. لم يكتب لنا العيش هكذا. أدعو الجميع إلى الهدوء".
المحكمة العليا تأمر إسرائيل بتقديم العلاج الفوري لقريبات رجال حماس
تكتب "يسرائيل هيوم" أن المحكمة العليا، نشرت مساء أمس الأحد، قرارًا يقضي بأن تسمح إسرائيل لخمس مريضات فلسطينيات بالسرطان، من سكان غزة ومن أقارب رجال حماس، بالوصول لتلقي العلاج الطبي في إسرائيل.
ورفض القضاة عوزي فوغلمان واسحق عميت وعوفر غروسكوفاف السماح للدولة بإجراء فحص مجدد للطلب، ولا حتى من الناحية الأمنية، وأصدروا أمراً مطلقاً بالسماح لمقدمات الالتماس بدخول إسرائيل للعلاج في مستشفيي "أوغوستا فيكتوريا" و"المقاصد".
وبرر القضاة قرارهم بالقول إن هذا العلاج منقذ للحياة وأضافوا أن "هذا الموقف [للدولة] لا يمكن أن يقف أمام اختبار المراجعة القضائية وفقاً للمعايير المحددة في قرارنا ... هذه السياسة تعبر عن اعتراف دولة إسرائيل، كدولة يهودية وديمقراطية، بتفوق قيمة قدسية الحياة والتوقيع على العمل، إلى أقصى حد ممكن وفي إطار القانون، لإنقاذ أرواح الأجانب الذين يطرقون بواباتها، حتى لو كانوا أبناء بلد معادٍ".
كما كتب القضاة أنه يجب فحص طلبات العلاج الطبي بشكل فردي ولا يمكن منع العلاجات الطبية حتى لو كانت لدى المرضى روابط عائلية مع أعضاء حماس: "لا يمكن رفض مثل هذا الطلب على أساس شامل عندما يتعلق الأمر بمن لا يشكلون تهديدًا أمنيًا ... لا جدال في أن العلاج المطلوب للملتمسات غير متوفر في يهودا والسامرة، وباستثناء البيان العام، لم تتمكن الدولة من الإشارة إلى احتمال وجود بديل علاجي حقيقي ومتاح للملتمسين في مصر أو الأردن أو أي بلد آخر في هذا الوقت. "
وتم تقديم الالتماس من قبل عدة منظمات يسارية، بما في ذلك أطباء لحقوق الإنسان، عدالة، غيشاه، مركز الميزان وخمس مواطنات من غزة.
غضب على توجه أعضاء الكنيست العرب إلى الأمم المتحدة
تكتب "يسرائيل هيوم" أن رئيس الكنيست يولي ادلشتين، قال رداً على النشر بأن أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة يطالبون بإدانة إسرائيل في الأمم المتحدة بسبب قانون القومية: "مرة أخرى، يقوم أعضاء من الكنيست بالتآمر على الدولة. كل من يتعاون مع السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل يجب أن يسأل نفسه عما إذا كان مكانه في البرلمان الفلسطيني أو الإسرائيلي".
وقال حزب الليكود أن "المخرز خرج من الكيس. يجب على رئيسا اليسار، آفي غباي ويئير لبيد، أن يشرحا للجمهور الإسرائيلي لماذا يدعمان الفلسطينيين وأعضاء الكنيست العرب ويقفان ضد قانون القومية الذي يحمي إسرائيل كدولة يهودية ويضمن حماية علمنا ونشيدنا الوطني."
وطلب رئيس لجنة شؤون الداخلية في الكنيست، عضو الكنيست يوآف كيش (الليكود)، من عضو الكنيست ميكي زوهار، رئيس لجنة الكنيست، بتعديل قواعد الأخلاق حتى يتسنى معاقبة أي عضو من أعضاء الكنيست يتصرف أو يتعاون في الساحة الدولية في المستقبل ضد إسرائيل.
ورفضت رئيسة المعارضة، النائب تسيبي ليفني، سلوك أعضاء الكنيست العرب وقالت: "سنقف ضد محاولة التحرك ضد إسرائيل وإدانتها في الأمم المتحدة، وسنقاتل داخل إسرائيل للحفاظ عليها كدولة يهودية وديمقراطية".
مقالات
الضغط الاقتصادي الأمريكي على الفلسطينيين من شأنه أن يحبط التهدئة
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس"، أن التحركات الأخيرة من جانب إدارة ترامب - تقليص المساعدات الاقتصادية للفلسطينيين، ووقف التمويل للأونروا، وما يبدو أنه مطلب بإعادة تعريف وضع اللاجئ الفلسطيني - كلها تستهدف المبادئ الفلسطينية الأساسية في النضال ضد إسرائيل. لقد عمل الرئيس الأمريكي، في البداية، ضد الموقف الفلسطيني في موضوع القدس، حين قرر نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة والادعاء (الذي لا أساس له) من أنه ساعد على إزالة مسألة القدس عن طاولة المفاوضات المستقبلية. والآن يتخذ ترامب سلسلة من الخطوات المماثلة بشأن مسألة اللاجئين والمطالبة الفلسطينية بحق العودة.
منذ سنوات يعظ الجناح اليميني في السياسة الإسرائيلية على إجراء تغيير جوهري في موقف المجتمع الدولي فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين. الحجج التي أثيرت من قبل اليمين في هذه المسالة ليست بدون أساس. فالأمم المتحدة والأونروا تخلدان من خلال مساعداتهما الجيل الرابع من اللاجئين، بعد مرور 70 سنة على حرب الاستقلال. هناك تفاوت صارخ بين المساعدات التي تنهال على أحفاد أحفاد اللاجئين من حرب عام 1948 والمساعدة المحدودة المقدمة لملايين اللاجئين العرب نتيجة حروب العقد الماضي في سوريا واليمن والعراق. وغالبا ما تظهر الأونروا نفسها كهيئة لديها مصلحة في الحفاظ على مشكلة اللاجئين الفلسطينيين (وترسيخ أسطورتهم) من أجل الحفاظ على مكانتها هي.
المشكلة هي أن كل هذه الحجج الأساسية، عندما تترجم إلى خطوات عملية، تؤثر بشكل خطير على الواقع. هذا هو بالضبط ما حذرت منه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، القيادة السياسية خلال العام الماضي، منذ أن بدأ ترامب ورجاله بالتلميح إلى نواياهم. تعتمد الضفة الغربية، وبشكل أكبر منها، قطاع غزة، على المساعدات الخارجية بشكل عام، وعلى الأموال المخصصة لمخيمات اللاجئين على وجه الخصوص. ويمكن لخفض الميزانية دهورة اقتصاد المنطقتين، وخاصة قطاع غزة، نحو حافة الانهيار. يمكن لمثل هذه الإجراءات إحياء العنف على طول السياج في قطاع غزة، في الوقت الذي يتم فيه بذل جهد لتقييده، وتظهر فرصة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
قد تكون هذه هي خلفية صمت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غير العادي فيما يتعلق بخطوات ترامب حول قضية اللاجئين. في الظروف العادية، من المرجح أن نتنياهو كان سيسارع إلى الاعتزاز بتأثيره على خطوات الرئيس الأمريكي. فهكذا فعل حين تقرر نقل السفارة، وفي مسألة القرار الدرامي الثاني المتعلق بإسرائيل، والذي اتخذه ترامب، وهو الإعلان عن انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية مع إيران. وضع نتنياهو أكثر تعقيدًا هذه المرة، بسبب الخوف من التصعيد في المناطق والتحذيرات المعروفة لجميع الأجهزة الأمنية. ومع ذلك، من المحتمل عاجلاً أم آجلاً ألا يلجم اليمين الإسرائيلي نفسه، ويشرح أن ترامب ورجاله يرون النور فقط بفضل التفسيرات التفصيلية التي تلقوها في القدس.
في هذه الأثناء، الصورة التي يرسمها مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية ليست مشجعة. الأونروا تستعد لتسريح الآلاف من المعلمين في جهازها التعليمي في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن، في ضوء الإجراءات الأمريكية. إذا كانت هناك صعوبات في فتح العام الدراسي في الضفة الغربية، فقد يؤثر ذلك على سلوك الشباب في مخيمات اللاجئين ويزيد من الاحتكاك مع قوات الجيش الإسرائيلي في وقت يسود فيه تنسيق أمني وثيق بين الجيش الإسرائيلي والسلطة في الضفة الغربية، وانخفض عدد حوادث الإرهاب نسبيا.
في قطاع غزة، تأمل حماس في الحصول على حقنة كبيرة من الطاقة، في شكل الاتفاق غير المباشر مع إسرائيل على وقف إطلاق النار، والذي تعدها مصر مقابله بضمان تسهيلات اقتصادية وتجدد تدفق المساعدات القطرية إلى غزة. لم يتم تنفيذ هذه الخطوة بعد بسبب معارضة السلطة الفلسطينية للاتفاق وصعوبة العثور على قناة بديلة تمر عبرها الأموال من الخليج. إن تخفيض المساعدات الاقتصادية من الأمم المتحدة، في وقت لا يزال فيه الوعد بأموال قطرية حبرا على الورق يزيد فقط من الضغط على القطاع، وإذا استمرت هذه الحالة مع مرور الوقت، فقد يزيد ذلك من فرص اندلاع موجة جديدة من العنف.
وهناك القضية الأساسية - الرغبة الأمريكية في التعامل مع وضع اللاجئ الفلسطيني. قد تكون القيادة السياسية الإسرائيلية راضية عن هذه الاتجاهات. لكن المؤسسة الأمنية تخشى من أن ترامب سيمضي بعيداً في هذه المسألة، بحيث يلامس أعصاب الفلسطينيين المكشوفة في كل ما يتعلق بالعملية الدبلوماسية. كل هذا يحدث بينما يجري في الخلفية، مراراً وتكراراً، تأجيل "صفقة القرن" التي سيعرضها ترامب، صفقة السلام الإسرائيلي - الفلسطيني، التي يصعب تحديد ما إذا سيتم إعلانها على الملأ.
حان الوقت كي يفهم كبار الضباط أن الأونروا ليست الحل - بل المشكلة
يكتب سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، رون فروشوار، في "يسرائيل هيوم" أن هناك عدد غير قليل من العسكريين الذين يتصببون عرقًا هذه الأيام، وليس بسبب حرارة آب، وإنما بسبب التقارير حول خطة إدارة ترامب لحل مشكلة الأونروا.
هذا ليس خطأ كتابيا- فالأونروا هي المشكلة، وليست الحل لقضية اللاجئين، التي هناك عناصر، في إسرائيل بالذات، تقول دائما إنها تؤيد حل المشكلة المستمرة منذ حوالي 70 عاما، لكنه لسبب ما لم يكن الوقت هو المناسب أبدا.
إن وكالة الأمم المتحدة التي أقيمت للتعامل بشكل حصري مع اللاجئين الفلسطينيين، على خلاف أي لاجئ آخر في العالم، تبذل كل ما في وسعها لإدامة مشكلة اللاجئين بدلاً من حلها، وتثقف على الكراهية والتحريض بدلاً من السلام والتعايش وتتعاون مع المنظمات الإرهابية بدلاً من محاربتها. أنا أعمل منذ سنوات على إغلاق الأونروا، ويسعدني أن أرى أنهم يفهمون ذلك الآن في واشنطن، وآمل أن يحدث ذلك أيضا في الكرياه في تل أبيب.
تظهر التقارير حول خطة حكومة ترامب أنه مصمم على حل هذه المشكلة ويعتزم اتخاذ الخطوات الضرورية، بما في ذلك إلغاء القدرة على نقل مكانة اللاجئ، التي يتفرد بها اللاجئون الفلسطينيون، والاعتراف بـ 500،000 لاجئ فلسطيني فقط بدلاً من 5.6 مليون، حسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وهو رقم مشكوك فيه أيضا.
في حين تتطلب المصلحة الإسرائيلية طويلة المدى، إغلاق الأونروا، تعمل المؤسسة الأمنية كمحامٍ لتلك الوكالة في أروقة السلطة الإسرائيلية. وقبل مرور 24 ساعة على نشر التقارير حول خطة ترامب، بدأت حملة التخويف المعروفة التي تدعي أن وقف عمل الوكالة في الضفة وقطاع غزة، سيحمل دولة إسرائيل المسؤولية عن أنشطة التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، الخاضعة حاليا لمسؤولية الأونروا. قد تكون هناك صعوبات في المدى القصير، لكن الرؤية طويلة الأجل تتطلب تنفيذ هذه الخطوات، ويجب عدم السماح للرؤية التكتيكية بإدامة مشكلة استراتيجية.
يمكن نقل المسؤولية عن اللاجئين الفلسطينيين والميزانيات إلى وكالة الأمم المتحدة للاجئين (UNHCR)، التي تعمل (خلافا للأونروا)، على حل مشكلة اللاجئين بدلاً من ترسيخها، أو إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى العاملة بالفعل في هذا المجال، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. إن التشويه في الضفة الغربية أكبر، لأن إحدى طرق تعزيز السلطة الفلسطينية تكمن في نقل الصلاحيات والميزانيات إليها مباشرة، بدلاً من الأونروا، التي تتعاون مع حماس، التي تعمل ضد السلطة الفلسطينية.
تظهر الخطة الأمريكية أن واشنطن ترى في بعض الأحيان الوضع أكثر وضوحا مما يرونه في برج الكرياه. يجب على إسرائيل أن تتبنى هذه الخطة بكلتا يديها، لأنه هكذا فقط يمكن وضع نهاية لقضية اللاجئين، بل ربما تقريب الحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

التعليـــقات