رئيس التحرير: طلعت علوي

الكنز المفقود في الجمارك

الأحد | 26/08/2018 - 10:02 صباحاً
الكنز المفقود في الجمارك

أحمد الشهري

في الدول الاقتصادية الكبرى، يرى السياسيون أن التصدير ينبغي أن يظل القوة المسيطرة، فالعالم لا يعترف إلا بالأقوياء، ثم إن القوة في الميدان السياسي تتطلب قوة تصديرية تتحكم في النقد الأجنبي. يقال عندما تريد أن تفهم اقتصاد أي بلد، عليك بدراسة الجمارك، فالدول تكسب الدولارات بتصدير السلع، وتخسر رصيدها عن طريق الاستيراد، والجمارك هي منطقة التحكم في ذلك كما يفعل ترمب مع العالم. هناك دواعٍ قوية للتركيز على منطقة الجمارك في السعودية؛ حيث إن فاتورة الواردات تواصل نزيف النقد الأجنبي الوطني، ففي عام 2017 استوردنا سلعا بقيمة 504 مليارات ريال، ولم نصدر من السلع إلا ما قيمته 193 مليار ريال.

ويعزى ذلك إلى ضعف العلاقة بين الجمارك والمستثمرين المحليين وغياب الوعي بصناعة الفرص الاستثمارية الحقيقية، في حين أن كثيرا من رجال الأعمال لا تتعدى خبراتهم شراء الأراضي والمضاربة فيها، أو شراء الامتيازات التجارية والخدمات الداخلية، مثل المطاعم والمغاسل ومحال التجزئة، التي تكرس لمزيد من الاستيراد، ورغم ذلك لا يمكننا التقليل من أهمية تلك الممارسات الاستثمارية، فهي جزء من اللعبة الاستثمارية العامة.

نسبة العجز بين الصادرات والواردات السلعية 38 في المائة لمصلحة الواردات، كيف يمكننا قراءة هذا الرقم الاقتصادي؟ وكيف يمكننا تحويل ذلك إلى ربح من النقد الأجنبي، واكتشاف الكنز المفقود في منطقة الجمارك؟ لدينا فرص بقيمة 311 مليار ريال، وسأكشف اليوم لكم سرا من أسرار الشركات الاستشارية المتخصصة في الترويج والتسويق للفرص الاستثمارية، فما تقوم به تلك الشركات هو تحليل السلع والبضائع الصادرة والواردة في منطقة الجمارك، وكلما كانت المعلومات الرسمية المتاحة حول الصادرات والواردات دقيقة، كانت الفرص الاستثمارية أكثر ربحية. عمليا يصعب كشف جميع أسماء المنتجات والعلامات التجارية بعد دخولها إلى الأسواق؛ لذا تقوم الشركات الاستشارية بدراسة عكسية، أو ما يعرف بالهندسية العكسية، عن طريق مسح من داخل الأسواق حتى تصل إلى معلومات دقيقة لتحديد الفرص الملائمة، ولا سيما الفرص الاستثمارية التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، أو مشاريع صناعية لرواد الأعمال على اختلاف حجم الاستثمارات. إذن نحن أمام كنز حقيقي من الفرص الاستثمارية، سواء عن طريق دعم التصنيع الداخلي "الجزئي أو الكلي" للسلع المستوردة، إضافة إلى التفكير في منتجات جديدة للسوق المحلية. لتمكين المواطنين والمستثمرين الأجانب من تلك الفرص؛ أرى أننا في حاجة إلى مركز وطني يكشف جميع معلومات الجمارك للسلع، وأسماء المستوردين، والقيم المالية، والعلامات التجارية عبر تحليل البيانات الضخمة Gig Data، وتعرض نتائجها في صورة فرص استثمارية. النتائج المتوقعة عند تنفيذ ذلك، توفر فرصا استثمارية مضمونة ومربحة للمستثمرين الأفراد ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والكبيرة، وتقلص فاتورة الواردات، وحماية النقد الأجنبي، وزيادة المحتوى المحلي من الصناعات الخفيفة والمتوسطة، أما على المستوى الاجتماعي فسيتزايد عدد الأسر الغنية في البلاد.

©الاقتصادية

التعليـــقات