رئيس التحرير: طلعت علوي

استخدام البلاستيك .. إدمان يجب التخلص منه .. والقلق يسيطر على تجار التجزئة الأوروبيين

السبت | 07/07/2018 - 10:39 صباحاً
استخدام البلاستيك .. إدمان يجب التخلص منه .. والقلق يسيطر على تجار التجزئة الأوروبيين

الحصول على كوب من القهوة في الطريق أثناء التوجه إلى العمل، شراء طبق من السلطة الطازجة في الغداء، وعند العشاء، تناول إحدى الوجبات السريعة في متجر فيتنامي محلي. يبدو ذلك يوما عاديا لشخص ما يعيش في مدينة كبيرة، لكن ذلك يترك أثره على البيئة. في حقيقة الأمر، كل يوم، كل شخص ينتج نحو دلو من المخلفات البلاستيكية.
والآن، يحاول النشطاء في مجال البيئة زيادة الوعي بشأن تأثير البلاستيك، وفقا لـ"الألمانية".
ويعرف معظم المستهلكين أن هناك صلة بين المخلفات البلاستيكية وتلوث البحر، وذلك بحسب ما يقوله بيرنهارد باوسك، منسق مشروع مواجهة المخلفات البحرية في فرع الصندوق العالمي للحياة البرية "الصندوق العالمي للطبيعة" في ألمانيا.
ولقد تأثر المواطنون بالصور التي تظهر معاناة مخلوقات، مثل الحيتان التي تمتلئ معدتها بالأكياس البلاستيكية.
كما أن هناك المخلفات على الشواطئ. وقد خلصت دراسة حديثة أجرتها وكالة البيئة الألمانية في ساحل بحر الشمال إلى وجود نحو 389 قطعة مخلفات في كل مائة متر، 90 في المائة منها من المخلفات البلاستيكية. يشار إلى أن البلاستيك يعد مادة لا تتحلل أبدا، لكنها تتفكك إلى قطع أصغر يصعب على العين البشرية رؤيتها.
وعلى الرغم من أن كثيرا من الأشخاص يقولون إنهم يريدون أن يفعلوا شيئا ما حيال ذلك، إلا أنه لا يترجم دائما إلى تغيير في عادتهم اليومية.
ومنذ عام 2016، على سبيل المثال، يتعين على الألمان دفع مبلغ ضئيل مقابل الحصول على الأكياس البلاستيكية، ونتيجة لذلك، يحمل كثيرون أكياسهم البلاستيكية متكررة الاستخدام للتسوق.
إضافة لذلك، بحسب وكالة البيئة الألمانية، فإنه في المتوسط ما زال يستخدم كل شخص نحو 45 كيسا بلاستيكيا سنويا. وقال باوسك، "خلال عام 2015، بلغ العدد 68". وهذه الإحصاءات لا تشمل الأكياس البلاستيكية الصغيرة التي يتم تقديمها مجانا في متاجر الفاكهة والخضراوات الصغيرة.
وأحد الطرق المبتكرة لمواجهة المخلفات، ظاهرة المتاجر التي لا تستخدم أي أكياس للتعبئة. مع ذلك، ما زالت هذه المتاجر نادرة، وعادة ما تكون مقتصرة على مناطق فاخرة في المدن الكبيرة. وما زال المستهلكون الذين يحملون أوعيتهم الخاصة ليضعوا فيها ما يقومون بشرائه من اللحم أو الجبن في أحد المحال الكبرى العادية يتلقون نظرات مضحكة.
ويشعر كثير من تجار التجزئة بالقلق إزاء عدم القدرة على الإيفاء بالقواعد الصحية الصارمة الخاصة بالمواد الغذائية. وقال باوسك، "نحن في حاجة إلى دعم وقواعد موحدة هنا"، مضيفا "إحدى الأفكار هي تخصيص مكان معين في المحال لتخزين الأوعية وملئها".
وبحسب وكالة البيئة الألمانية، تمثل عملية التعبئة الآن أكثر من ثلث حجم معالجة البلاستيك في ألمانيا "35.2 في المائة".
ولا عجب أن حجم التعبئة ينمو بصورة مستمرة ومعه جبل المخلفات في حال نظرت إلى مدى انتعاش التسوق عبر الإنترنت والوجبات الجاهزة السريعة.
كما تلعب التركيبة السكانية دورا أيضا. هناك كثير من الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم هذه الأيام، ما يعني على سبيل المثال ، كثيرا من أوعية الزبادي الصغيرة بدلا من وعاء كبير لأفراد الأسرة.
وبالطبع، تشتهر ألمانيا بإعادة التدوير. ومع ذلك، فإن معدلها الذي يبلغ 70 في المائة هو مجرد المعدل الأوروبي، وذلك بحسب أرقام مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبى "يوروستات" لعام 2015. وجاءت كل من بلجيكا والتشيك والدنمارك وهولندا والسويد في المقدمة. مع ذلك، عندما يتعلق الأمر بإعادة تدوير مواد التعبئة، جاءت ألمانيا في المرتبة الثانية بعد التشيك بنسبة 46 في المائة.
وما زال يرى باوسك أن هناك فرصة لتحسين الوضع. وأشار إلى أنه ما زال يتم حرق نحو نصف محتويات صناديق إعادة التدوير.
وأضاف، "وما زلنا لا نقدم مكافآت للشركات التي تجعل التعبئة أكثر قابلية لإعادة التدوير".
ويتمثل أحد أساليب المكافأة في خفض رسوم الترخيص الخاص بالتعبئة. يشار إلى أن هناك قانونا ألمانيا جديدا للتعبئة في ألمانيا يقر ذلك، لكن لن يتم تنفيذه حتى 2019.
وتعتمد الرسوم الخاصة بمواد التعبئة في إيطاليا أو فرنسا بالفعل على قابلية إعادة تدويرها.
ورحب باوسك بمقترح الاتحاد الأوروبي الأخير بمنع الأغراض البلاستيكية، مثل أدوات المائدة والآنية الخزفية وقصب تناول المشروبات. وفي ألمانيا وحدها، تم استخدام 105500 طن من البلاستيك عام2017 لتصنيع أوانٍ خزفية وأدوات مائدة قابلة للتخلص منها، إضافة إلى أكياس من أجل الوجبات الجاهزة في مطاعم الوجبات السريعة.
ومع ذلك، لن يكون للمقترح تأثير كبير حتى في حال تبنيه. وعلى سبيل المثال، في كثير من دول جنوب شرقي آسيا، لا يوجد فصل للمخلفات أو حوافز مالية لإعادة تدوير البلاستيك أو الشعور بأن أصحاب العمل مسؤولون عن التأثير البيئي لمنتجاتهم.
وبالنسبة لباوسك، هذه الأمور هي التي يجب أن تشهد تغيرا. في حقيقة الأمر،
حتى في أوروبا، ما زالت هناك عقبات يجب التغلب عليها عندما يتعلق الأمر بالحد من جبال المخلفات. على سبيل المثال، التسويق من جانب شركات تصنيع المشروبات الكحولية التي تريد استخدام زجاجات ذات تصميم معين لجذب الانتباه أو الشركات المصنعة للمشروبات الغازية التي تريد استخدام زجاجات ملونة.
وأشار باوسك إلى أن الزجاجات ذات الشكل الموحد أفضل بالنسبة لإعادة التدوير.
وأضاف، "يتعين على المنتجين أيضا أن يكونوا على علم بالمخلفات التي يمكن لمراكز فرز المخلفات معالجتها أو عدم معالجتها اليوم".

©جريدة العرب الاقتصادية الدولية

التعليـــقات