رئيس التحرير: طلعت علوي

أول قطار يعمل بالطاقة الشمسية في العالم

الثلاثاء | 24/04/2018 - 11:09 صباحاً
أول قطار يعمل بالطاقة الشمسية في العالم


د. هيثم باحيدرة

يسير الآن قطار أسترالي عتيق يبلغ عمره 70 عاما بعد أن جرى تجديده على امتداد ثلاثة كيلو مترات فوق خط سكك حديدية مهجور في الوجهة السياحية الشهيرة "خليج بايرون"، وذلك بعد أن نفذ أول قطار يعمل بالطاقة الشمسية في العالم جولته الافتتاحية. ورغم أن القطار لا يقطع مسافة طويلة إلا أن شركة خليج بايرون للسكك الحديدية قررت أن تبدأ في تنظيم رحلات دورية بالقطار الذي يعمل بالطاقة الشمسية منذ كانون الثاني (يناير) 2018. حيث ستتاح لمن يزورون الساحل الشمالي في نيو ساوث ويلز في أستراليا الفرصة لركوب وسيلة نقل جديدة تعمل بالطاقة المستدامة. وتعمل شركة خليج بايرون للسكك الحديدية على استهلال أنشطة أول قطار يعمل بالطاقة الشمسية في العالم، وهو قطار عتيق يعود تاريخه إلى الحرب العالمية الثانية.


ولا شك أن تسيير قطار كهربائي يتم تشغيله بالكامل بالطاقة الشمسية لهو مشروع رائع حقا. وفي 16 كانون الأول (ديسمبر) الماضي قام القطار الذي يعمل بالطاقة الشمسية بالكامل برحلة قصيرة ولكنها رائدة في نيو ساوث ويلز في أستراليا. حيث أعادت الشركة المشغلة للقطار ـــ شركة خليج بايرون للسكك الحديدية ـــ ذلك القطار العتيق إلى الحياة لإثبات أن الطاقة الشمسية تصلح للاستخدام في تطبيقات النقل.


وهذا القطار المستخدم حاليا في هذه الخدمة السياحية المبتكرة والمكون من عربتين كان قد تم إنشاؤه في عام 1949 لنقل الأعداد الهائلة من المهاجرين الأوروبيين الذين وصلوا إلى نيو ساوث ويلز في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وبالطبع هذا يعني أن جسم القطار مصنوع من الألمنيوم نفسه المستخدم في الطائرات قاذفات القنابل، ما يجعله أخف مما نطلق عليه اليوم "القطار الخفيف".
ويعمل القطار بالطاقة النظيفة فقط، حيث توفر الألواح الشمسية الموجودة على سطحه وفي محطات التوقف كل الطاقة اللازمة لقطع كامل مسار القطار الذي يبلغ طوله ثلاثة كيلو مترات.


وكان القطار في الأصل يعمل بواسطة محركي ديزل ولكن تم استبدال أحدهما ببطارية ومحرك كهربائي، بينما سيستخدم الآخر كحل احتياطي في حالات الطوارئ، على الرغم من أن القطار يمكنه العمل أيضا في غياب الشمس وذلك بفضل بطاريته التي تبلغ قدرتها 77 كيلوواط في الساعة. ويستوعب القطار الذي يعمل بالطاقة الشمسية بالكامل 100 راكب جالس إضافة إلى توافر مساحة لركاب وقوف، ويكمل القطار رحلة واحدة ذهابا وإيابا كل ساعة. ويلعب محرك ديزل المتروك كحل احتياطي أيضا دورا فيحفظ التوازن بفضل وزنه، بينما يوفر زوج من محركات الجر الكهربائية 220 كيلوواط تكفي لتشغيل رحلة القطار بطول ثلاثة كيلومترات (1.86 ميل) فوق المسار المستوي نسبيا الذي تم إصلاحه أخيرا.


وظلت عربتا القطار هاتان غير مستغلتين منذ منتصف التسعينيات وحتى عام 2013 عندما تولت شركة خليج بايرون للسكك الحديدية مهمة إحياء القطارات التراثية. وكانت الخطة الأصلية هي الاعتماد على محركات الديزل، لكن الشركة رأت أن التقدم السريع والحديث في تقنيات الطاقة الشمسية جعل التحول إلى الطاقة الخضراء أمرا ممكنا. وسبق أن رأينا الطاقة الشمسية تستغل جزئيا في تشغيل القطارات في البلدان الأخرى، ولكن وفقا للشركة فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تشغيل قطار بالكامل بالطاقة الشمسية.


وعندما يتوقف القطار في محطة يمكن فصل الألواح الشمسية الكبيرة وشحن البطاريات لفترة وجيزة في كل محطة. وقد تم تزويد سطح القطار بألواح شمسية منحنية مصممة خصيصا لشحن البطارية الموجودة على متن القطار، كما يعتمد القطار على نظام فرامل تجديدي يقال إنه يستعيد نحو 25 في المائة من الطاقة التي يستخدمها القطار للتسارع. ويمكن أيضا شحن البطارية على أرصفة المحطات بفضل مجموعة من الألواح الشمسية الكبيرة المثبتة على سطح على سقيفة الأرصفة. وإذا فشلت هذه الطريقة لأي سبب فيمكن للقطار أن يستمد الطاقة من الشبكة التي تقول الشركة إن مصدرها منتج طاقة محلي يعتمد على الطاقة الخضراء.


وفي ظل قدرته على استيعاب 100 راكب جالس يقوم القطار بنقل الركاب بين محطتين تم بناؤهما حديثا تربطان بين المنطقة المركزية في مدينة خليج بايرون الساحلية ومنطقة فنية قريبة ومنتجع فاخر. ويقال إن كل شحنة للبطارية توفر ما يكفي من الطاقة لتشغيل 12 إلى 15 رحلة. وقد بدأ القطار في القيام برحلة كل ساعة مع توسيع مجموعة الخدمات في كانون الثاني (يناير) 2018.
ويمثل تشغيل السيارات بالطاقة الشمسية تحديا لا يزال يتعين على المهندسين مواجهته. حيث تتطلب السيارات كثيرا من الطاقة ويتغير باستمرار وجودها بين ضوء الشمس والظل كما تحتاج للبدء والتوقف طوال الوقت. والسيارات الصغيرة ثقيلة وسطحها المناسب لتركيب الألواح الشمسية صغير للغاية بشكل لا يسمح بإنتاج طاقة كافية. بينما القطارات على الجانب الآخر تسافر على مسار ثابت ويمكن إعادة شحنها بسرعة عند كل محطة باستخدام الكهرباء المولدة من الألواح الشمسية الثابتة. ولهذا السبب يستهدفها عديد من مشاريع الطاقة المتجددة.

التعليـــقات