رئيس التحرير: طلعت علوي

الحرب التجارية تهدد النمو الصيني وتدفعه إلى التباطؤ في الربع الأول

الإثنين | 16/04/2018 - 07:53 صباحاً
الحرب التجارية تهدد النمو الصيني وتدفعه إلى التباطؤ في الربع الأول


   
سجل الاقتصاد الصيني تباطؤاً في الربع الأول من العام وسط مشاحنات تجارية مع الولايات المتحدة تهدد بالتأثير سلبا في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
وبحسب محللين استطلعت آراءهم وكالة الأنباء الفرنسية، يتوقع أن يسجل الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 6.7 في المائة في الفترة من كانون الثاني (يناير) حتى آذار (مارس) بانخفاض عن نسبة 6.8 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، وشارك في الاستطلاع 13 مختصا اقتصاديا قبل الكشف عن الأرقام الرسمية غدا.
وربط المحللون بين تباطؤ جهود بكين في كبح تراكم الديون الهائلة والمخاطر المالية، وكذلك تباطؤ سوق العقارات، كما أثرت المخاوف من حرب تجارية بين بكين وواشنطن سلبا في الأسواق في الأسابيع الأخيرة، وسط تبادل البلدين التحذيرات بفرض رسوم متبادلة على قسم كبير من التجارة الثنائية.


إلا أن المحللين يرون أن التوترات التي أشعلها تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأسبوع الماضي باستهداف سلع صينية بقيمة 100 مليار دولار، قد تتسبب في ضرر حقيقي للاقتصاد. ويعتقد ليجانج ليو كبير المحللين الاقتصاديين في "سيتي بانك" أن "التوتر التجاري لم يؤثر بعد في نمو إجمالي الناتج المحلي .. وبيانات التجارة لا تزال قوية". وأكدت بيانات التجارة التي نشرتها بكين الجمعة ذلك وأظهرت أن فائض تجارة الصين مع الولايات المتحدة قد ارتفع بنسبة الخمس في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، فيما دعت بكين واشنطن إلى الصبر.
وتظهر البيانات، أن الصين لا تزال تستفيد من التجارة بين البلدين، فقد ذكر هوانج سونجبنج، المتحدث باسم مكتب الجمارك، أن الفائض التجاري مع الولايات المتحدة سجل زيادة نسبتها 19.4 في المائة بالمعدل السنوي، فبلغ 58 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.


وتسري المخاوف بشأن اندلاع حرب تجارية منذ الشهر الماضي، بعدما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض سلسلة من الرسوم الجمركية بمئات مليارات الدولارات على البضائع الصينية، ما دفع بكين إلى توجيه تحذيرات مشابهة ردا على واشنطن.
يأتي الخلاف نتيجة انزعاج إدارة ترمب من انعدام التوازن التجاري الكبير، وما تعتبره ممارسات غير عادلة من الصين، التي يرى "ترمب" أنها تؤثر في الوظائف الأمريكية. وخفف تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج، بخفض الرسوم في بعض القطاعات، ورد "ترمب" الهادئ على "شي"، بعضا من القلق في الأسواق، لكن لا تزال هناك مسافة بعيدة بين تطلعات البلدين.
وارتفعت صادرات بكين إلى واشنطن 14.8 في المائة بالمعدل السنوي، فيما زادت الواردات 8.9 في المائة، لكن الأرقام الأخيرة أشارت إلى تراجع الفائض في آذار (مارس) إلى 15.4 مليار دولار، مقارنة بـ 21 مليار دولار في شباط (فبراير) و17.7 مليار دولار قبل 12 شهرا.


وسجلت الصين عجزا نادرا من نوعه بقيمة 4.98 مليار دولار مع باقي العالم الشهر الماضي، يعزى إلى عوامل موسمية، كعطلة رأس السنة القمرية. أما الصادرات الصينية لدول العالم، فانخفضت بنسبة 2.7 في المائة الشهر الماضي، وهو ما يرى محللون أنه أمر طبيعي، نظرا إلى فترة العطلة الطويلة، فيما زادت الواردات بنسبة 14.4 في المائة.
وعلى خلفية التوتر الأخير، كرر المتحدث باسم مكتب الجمارك الصينية، الخطاب الرسمي بأن بلاده لا تسعى إلى ميزان تجاري لمصلحتها، وأضاف "نحن لا نسعى إلى ميزان تجاري يميل لمصلحة الصين. السوق هي التي تحدد الوضع الحالي للشؤون التجارية. نأمل أن تتحلى الولايات المتحدة بالصبر وتستمع لصوت العقل والمنطق حول مسائل الميزان التجاري".
وأكد سونجبنج أن بلاده لا ترغب الدخول في حرب تجارية مع واشنطن قائلا، "نحن نؤمن بأن هذه الخلافات التجارية لا تخدم مصالح الصين ولا مصالح الولايات المتحدة".


وبعدما كشف ترمب عن حزمة جديدة من الرسوم التي ينوي فرضها، لجأ شي منتصف الأسبوع الماضي إلى تبني لهجة تصالحية، متعهدا خفض الرسوم على السيارات - التي اعتبرت من أبرز أسباب الغضب الأمريكي - وغيرها من الواردات، إضافة إلى انفتاح اقتصادي أكبر. وأبلغ ترمب المشرعين، الخميس، أن شي قال "إنه سيجعل الصين أكثر انفتاحا.. وسيزيل كثيرا من الحواجز التجارية، وربما جميعها".
لكن المسؤولين الصينيين كرروا خلال الأيام الأخيرة، أن الطرفين لا يتفاوضان حول المسألة. وأوضح جاو فينج، الناطق باسم وزارة التجارة، أن الولايات المتحدة لم "تظهر الإخلاص الضروري للتفاوض".
أما ترمب، فصور المسألة بشكل أكثر إيجابية، وذكر للمشرعين في واشنطن، "مجددا، نتعاطى مع الصين بشكل جيد جدا. أعتقد أننا نجري محادثات رائعة"، مكررا أن "الولايات المتحدة ستنتصر في أي حرب تجارية مع الصين".


وأضاف ترمب، "عندما تكون أقل بـ 500 مليار دولار "لجهة الفائض التجاري"، لا يمكنك أن تخسر حربا تجارية. نفرض رسوما بـ 50 مليار دولار، ومن ثم نفرض رسوما بمائة مليار دولار. وكما تعلمون، تنفد ذخيرتهم في مرحلة ما".
وخلال العام الأول لترمب في منصبه، سجل الفائض مستويات قياسية، فبلغ 357 مليار دولار، وفقا للأرقام الأمريكية، أو 276 مليار دولار بناء على البيانات الصينية.
وحتى الآن، لم يتم تطبيق التهديدات الأكبر التي أطلقتها واشنطن وبكين، ولم يتم فرض رسوم إلا على سلع بقيمة ثلاثة مليارات دولار في إطار السجال الذي يشهد تصعيدا، حيث استهدفت الولايات المتحدة الحديد الصلب والألمنيوم، بينما استهدفت الصين عددا كبيرا من المنتجات الأمريكية.
وبقيت التجارة قوية بين البلدين خلال الربع الأول من العام، مع ارتفاع التبادلات الثنائية بنسبة 13 في المائة إلى 142 مليار دولار، لكن الرسوم التي تم التهديد بها، قد تؤثر في النمو الاقتصادي في جانبي المحيط الهادئ، وفق ما أفاد محللون.

 

«الاقتصادية» من الرياض

التعليـــقات