رئيس التحرير: طلعت علوي

الجهات المتأثرة سلباً بالارتفاع المتواصل للفائدة الأميركية

الخميس | 12/04/2018 - 12:11 مساءاً
الجهات المتأثرة سلباً بالارتفاع المتواصل للفائدة الأميركية

زياد الدباس


تتأثر الشركات المعتمِدة على التمويل والقروض من البنوك سلباً بارتفاع سعر الفائدة، على أساس ذلك المتغير وليس الثابت. إذ يوسع هامش الربح للمصارف في ظل الفجوة بين الفوائد المدفوعة على الودائع وسعر الإقراض، مع الأخذ في الاعتبار مساهمة رفع الفائدة في كبح الاقتراض، وبالتالي تقليص نسبة السيولة في السوق ما يؤدي إلى انخفاض التضخم.


ويلجأ معظم البنوك إلى رفع سعر الفائدة لتشجيع الناس على الادخار، ما يحفّز المستثمرين في أسواق الأسهم والسندات على سحب استثماراتهم وادخارها في المصارف، بهدف الحصول على عائد مرتفع. وتقلل زيادة تكلفة الاقتراض حجم الأموال المتاحة للإنفاق، ما يفضي إلى تراجع حركة الاستهلاك وحجم التوظيفات الاستثمارية التوسعية. فيما سيستمر المستهلكون في أميركا في ملاحظة ارتفاع كلفة الاقتراض، على شراء بطاقات الائتمان وقروض الرهن العقاري.


ورفع الاحتياط الفيديرالي الأميركي معدلات الفائدة ٢٥ نقطة أساس، وساهمت في ذلك مكاسب سوق العمل القوية خلال الأشهر الأخيرة وهبوط معدل البطالة. وتُعدّ هذه الزيادة في سعر الفائدة الخامسة منذ كانون الأول (ديسمبر) 2016 وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، والأولى هذه السنة، مع ترقب اجتماع الاحتياط الفيديرالي في الثاني من أيار (مايو) المقبل، للنظر في أوضاع سوق المال مع إمكان رفع الفائدة مجدداً بـ25 نقطة.
ولا يستبعد الاحتياط الفيديرالي إقرار رفع الفائدة خمس مرات حتى نهاية عام 2019. وتنتج من أسعار الفائدة المرتفعة آثار سلبية على معظم الأسر، إذ يحافظ الاقتصاد الأميركي على الاتجاه الصعودي وعلى نمو قوي في الوظائف وارتفاع في قيمة المنازل وفي الأجور وفي ثقة المستهلك، وخفض في الضرائب الفيديرالية، ما يوفر مزيداً من المال لمحافظ كثيرة، مع توقعات بأن تشهد هذه السنة قوة في إنفاق المستهلكين.


والفائدة هي الكلفة التي يدفعها المقترض في مقابل استخدام أموال طرف آخر، ويستخدم البنك المركزي نسبة الفائدة للتحكم بمعدل التضخم، لأن رفع الفائدة يجعل الحصول على النقد أكثر كلفة، ما يخفّض المعروض النقدي في النظام الاقتصادي ويؤدي إلى تدني معدل التضخم. فيما ترفع الزيادة في معدل الفائدة كلفة التسليف على المقترضين من الأفراد والشركات، ما يقلّص حجم الأموال المتاحة للإنفاق وكذلك الطلب على السلع وتدني إنفاق المستهلكين. وكنتيجة طبيعية لتراجع الإنفاق الاستهلاكي، تتأثر إيرادات الشركات وأرباحها. وعادة يفضي ازدياد كلفة الاقتراض إلى تراجع الإنفاق الاستثماري التوسعي من جانب الشركات، من دون إغفال التأثير السلبي لرفع معدل الفائدة على ربحية الشركات. ومن شأن ذلك أن يخفّض تقويم الأسهم في السوق المالية. بينما ينعكس تراجع توقعات النمو المستقبلي على التقويم العادل لأسعار الأسهم، بطريقة التقويم المعتمدة على التحليل الأساسي. وفي النهاية، تنعكس كل هذه العوامل سلباً على الأسعار السوقية للأسهم، وحيث تتناسب مع الأرباح والتوقعات المستقبلية.


وفي وقت يركز المحللون على بيانات الوظائف الأميركية باعتبارها من أهم مؤشرات أداء الاقتصاد وتعافيه، تراجعت أهميتها في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية لمصلحة مؤشرات قياس ضغوط التضخم بمختلف أصنافها. وسيُضطر الاحتياط الفيديرالي إلى تسريع خطوات رفع أسعار الفائدة، كي يتجنب احتمال التخلف عن ركب مسايرة تسارع التضخم، وبالتالي التعرض لأخطار تباطؤ الاقتصاد، بسبب رفع أسعار الفائدة المفاجئ تحت ضغوط خارجة عن سيطرته. ومن هنا بات رفع أسعار الفائدة أربع مرات أكثر من أكيد، حتى أصبح رفعها خمس مرات مطلوباً.


ويأتي قرار رفع سعر الفائدة في الأردن 25 نقطة أساس على أدوات السياسة النقدية تماشياً مع ارتفاع الفائدة على الدولار، في ضوء التطورات الاقتصادية والنقدية المحلية والإقليمية والعالمية، بهدف تعزيز الاستقرار النقدي والمالي فيه، وزيادة جاذبية الأدوات المحررة بالدينار في مقابل العملات الأخرى. ولا تُغفل توقعات التأثير السلبي لهذه الزيادة على أداء الشركات المعتمدة على التمويل، التي تفضي إلى انعكاسات سلبية على الاستثمار في البورصات وهي تحمل أخطاراً كثيرة بعكس الاستثمار في الودائع.


ويؤدي هذا الارتفاع أيضاً إلى تدفق استثمارات المغتربين الأردنيين العاملين في دول الخليج ومدخراتهم، واستثمارات الخليجيين لغياب أخطار سعر الصرف. فيما يتوقع خبراء المال، أن يكون لرفع الفائدة على شهادات الإيداع ربع نقطة تأثير بسيط في أسواق المال، التي تتمكن من امتصاصه في فتره زمنية قصيرة. في حين يُرجح أن يكون التأثير أكثر وضوحاً في حال زاد الاحتياط الفيديرالي الفائدة ثلاث مرات. وارتفاع العائد على الاستثمار في أسواق المال الإماراتية، والذي يصل إلى 4.5 في المئة، نتيجة ازدياد قيمة الأرباح ونسبتها الموزعة على المساهمين، أفضل من العائد على الأموال المودعة في البنوك. وبالتالي لاحظنا محدودية تأثر الأسواق المالية الإماراتية بهذا الارتفاع.

التعليـــقات