رئيس التحرير: طلعت علوي

الأزمة من أسواق المال إلى الاقتصاد الحقيقي

الثلاثاء | 10/04/2018 - 07:56 صباحاً
الأزمة من أسواق المال إلى الاقتصاد الحقيقي


ألبرتو مانكوني

يبقى السؤال المحوري في كيفية انفلات الأزمة خارج نطاق القطاع المالي ووصول آثارها إلى الاقتصاد الحقيقي؟ وهنا يقترح البحث الذي قام به مانكوني وزملاؤه آلية معينة لانتشار الأزمة، ويقول مانكوني: "لنفترض أولا أن مستثمرا مؤسسيا كصندوق استثمار مشترك على سبيل المثال قد ضم في قسم من محفظته الاستثمارية منتجات استثمارية مهيكلة على غرار أوراق مالية مدعومة برهونات عقارية، وفي الوقت نفسه تضمن القسم الآخر من المحفظة سندات مؤسسية".

تشكل السندات مصدرا مهما لتمويل الشركات وتمثل ما يقارب نصف الديون المستحقة على الشركات في الولايات المتحدة، وعادة ما تستعمل الشركات الأموال التي يتم جمعها من خلال إصدار السندات في بناء مصانع جديدة وتوسيع عملياتها وتنفيذ مزيد من الخطط التطويرية والتوسعية، وعندما انتقلت الأزمة داخل القطاع المالي من سوق الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية إلى سوق السندات المؤسسية انعكس ذلك سلبا على قدرة الشركات على تمويل عملياتها الأمر الذي أثر في الاقتصاد، أي أن سوق السندات المؤسسية قد شكلت القناة الرئيسة لوصول تداعيات الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي. وتفترض الدراسة البحثية أن الأزمة قد انتقلت إلى سوق السندات المؤسسية ومن ثم إلى الاقتصاد العام وفقا للسيناريو التالي: بعد بداية الأزمة، بدأت المؤسسات والشركات الاستثمارية تواجه مشكلات في السيولة أكثر فأكثر، ومنها على سبيل المثال الصناديق الاستثمارية المضطرة لتسديد مستحقات مساهميها، أي بات يجب تسييل أجزاء من محافظها، لكنها لم تستطع بيع أوراقها المالية المدعومة بأصول نظرا لشح السيولة في الأسواق، لذا اتجهت تلك المؤسسات إلى الأصول الأسهل تسييلا وهي السندات المؤسسية.

وإثر قيام كثير من الصناديق والمؤسسات المستثمرة في أسواق السندات بتسييل السندات المؤسسية التي تشكل جزءا مهما من محافظها الاستثمارية، شهدت الأسواق زيادة في حجم عروض بيع السندات ما أدى إلى هبوط الأسعار، وقد أسهم ذلك في ارتفاع تكلفة التمويل أمام الشركات الباحثة عن تمويل لعملياتها من خلال إصدار سندات مؤسسية ما أحدث شللا في قدراتها المالية، وبالتالي انتقلت الأزمة إلى باقي قطاعات الاقتصاد الحقيقي. ويشير مانكوني إلى أن البحث قد ركز على قطاع السندات المؤسسية ولم يتناول قنوات التمويل الأخرى المتاحة أمام الشركات كأسواق الأسهم والقروض المصرفية، التي قد تقدم شرحا إضافيا حول كيفية انتشار رقعة الأزمة. وفي حال صحة الفرضية التي يقدمها البحث، فقد يوفر ذلك عدة خيارات لاحتواء أي أزمة مالية في المستقبل.

فقد أظهرت نتائج البحث أن الاستثمار المؤسسي الذي يستثمر على المدى القصير قد كوّن القناة الرئيسة لانتقال تداعيات الأزمة، فهذا النوع من المؤسسات هو الذي واجه مشكلات سيولة عاجلة، أما المستثمرون على المدى الطويل فكان بإمكانهم الانتظار لحين استقرار الأسواق. وتشير هذه المعطيات إلى ضرورة اتخاذ سياسات وإجراءات تنظيمية من شأنها التأثير في زيادة مدى الاستثمار المؤسسي بما من شأنه الحد أو حتى منع انتقال الصدمات المالية إلى أسواق السندات المؤسسية.

التعليـــقات