رئيس التحرير: طلعت علوي

فنزويلا تطلق عملة "البترو" للهروب من العقوبات الأمريكية والتخلي عن الدولار

الخميس | 22/02/2018 - 07:41 صباحاً
فنزويلا تطلق عملة "البترو" للهروب من العقوبات الأمريكية والتخلي عن الدولار

 

وسط الوضع المضطرب في الاقتصاد الفنزويلي، سعت الحكومة للخلاص من أزمتها عبر استغلال الجاذبية الراهنة للعملات الرقمية، وأطلقت عملتها الخاصة باسم "البترو".
والهدف من إطلاق العملة الجديدة، التي ستعادل قيمتها سعر برميل نفط، الذي رصدت له السلطات الفنزويلية خمس مليارات برميل من احتياطيات النفط لدعمها، يتمثل في التغلب على العقوبات المالية الأمريكية، وتجاوز شح ما تملكه الخزانة العامة من الدولارات الأمريكية، عن طريق ربط " البترو" باحتياطيات فنزويلا النفطية، التي تعد الأكبر في العالم.

ويقف الاقتصاد الفنزويلي على حافة الهاوية، حيث إن معدلات التضخم وصلت إلى أرقام غير مسبوقة، لتتجاوز 4000 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وسط توقعات بأن يبلغ معدل التضخم 13 ألفا في المائة نهاية العام الجاري، مع تراجع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، الذي هبط إلى أقل من 10 مليارات دولار.

وتفاقمت أزمة الديون، وباتت الحكومة وفقا لتصنيف وكالات الائتمان الدولي، غير قادرة ولو بشكل نسبي على سداد ديونها، ودفع الفوائد المترتبة عليها، خاصة بعد أن بلغ إجمالي الدين الخارجي 141 مليار دولار.

ووافق مسؤولون روس على تأجيل 3.5 مليار دولار من الدين الفنزويلي، لعدم قدرة كراكاس على السداد في الأوقات المحددة.
فالعقوبات المالية الأمريكية، وعدم الكفاءة في إدارة اقتصاد الأزمة من قبل الرئيس مادورو وحكومته، وتفاقم الصراع السياسي، وفرار رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية من البلاد، وضع الاقتصاد المحلي في وضع أشبه بالعزلة، وسط ما تعتبره الحكومة هجمات من قبل النظام المالي العالمي، بقيادة الولايات المتحدة.

ويصبح التساؤل: هل العملة الرقمية الفنزويلية خطة ذكية لإخراج الاقتصاد الوطني من أزمته، والخلاص من الأضرار الناجمة عن العقوبات الأمريكية؟ أم أن "البترو" مسعى بائس ويائس لتأمين أموال لسداد حاجات الشعب، وأن الأمر لا يتجاوز عملة ولدت ميتة ولن تضيف في أفضل تقدير الكثير للاقتصاد الوطني؟


يعتقد جاك أوين الباحث الاقتصادي، أن اليأس يولد الابتكار، وأن العملة الرقمية الفنزويلية دليل يأس، ولكن يمكن لها أن تمثل مخرجا لفنزويلا من أزمتها.
ويقول لـ"الاقتصادية"، إنه إذا أفلحت كراكاس في إقناع المستثمرين الدوليين بجدية تلك العملة، فسيكون بمقدورها الخلاص من الحصار الأمريكي، وستضع حجر الأساس لتمردات من دول أخرى ضد العملة الأمريكية.

لكن تلك الرؤية لا تتعدى من وجهة نظر الدكتورة امندادوسال أستاذة التجارة الدولية حدود التمنيات.

وتعتقد الدكتورة امندا أن فنزويلا بطرح تلك العملة تعمل وكيلا لروسيا والصين. وتضيف لـ"الاقتصادية"، أن هناك تحالفا دوليا بين الصين وروسيا وفنزويلا وبعض الدول يعمل على تحدي الدولار، والعملة الفنزويلية المعروفة باسم "البترو"، ليست أكثر من اختبار أولي من قبل هذا التحالف لكيفية تفاعل الأسواق مع بدائل أخرى للدولار.

وتقول" عندما نتحدث عن تسعير النفط، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هناك تقارير تتحدث عن تخطيط روسي لطرح عملة رقمية خاصة بها، وقد يدعم هذا التحالف تلك العملة، ولكن يستبعد أن تحظى بقبول كوني، ومن المشكوك فيه أن يعود المشروع بفائدة كبيرة على اقتصاد فنزويلا ، أو شعبها".

من جهته، يرى الاستشاري المصرفي في بنك نت ويست أن الفشل سيكون مصير العملة الجديدة.

ويشير لـ"الاقتصادية" إلى أن الهدف الأساسي من إطلاق تلك العملة هو اجتذاب المستثمرين عن طريق إيجاد طرق بديلة لهم للاستثمار في فنزويلا ، دون أن تمثل استثماراتهم تلك انتهاكا للعقوبات، ولكن المشكلة لا تكمن فقط في العقوبات على الرغم من تأثيرها الملحوظ، ولكن في افتقاد المستثمر الأجنبي والمحلي الثقة بحكومة مادورو، حيث إن معدلات التضخم المرتفعة للغاية، تجعل أي استثمار في فنزويلا غير ذي جدوى، ولا يصبح للربح المحقق أي مغزى.

ويوضح أنه استثمار محفوف بالمخاطر، وربما غير قانوني بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين، في ظل القوانين التي تفرض عقوبات على فنزويلا.

لكن الرئيس الفنزويلي تعهد بأن تكون عملة " البترو" بقيمة معادلة لسعر برميل النفط، وأنه سيتم إصدار نحو 100 مليون رمز من عملة "البترو" تقدر قيمتها بنحو 6 مليارات دولار.

ولكن فقدان الشفافية الاقتصادية، وتراجع إنتاج النفط الفنزويلي باطراد، والشكوك المحيطة بمستقبل مادورو السياسي ، يفقد "البترو" الكثير من الشرعية والثقة. وقد اعتبرت وزارة الخزانة الأمريكية - في وقت سابق بداية العام - أن الاستثمار في عملة "البترو" يعتبر شكلا من أشكال منح ائتمان مالي لفنزويلا، وهو ما يعد انتهاكا للعقبات المفروضة عليها منذ أغسطس الماضي.

لكن باتريك هيلم الخبير الاستثماري يعتقد أن عملة "البترو" تتمتع ببعض عوامل القوة مقارنة بغيرها من العملات الرقمية.

وويضيف لـ"الاقتصادية"، أن عملة "البترو" ستكون مختلفة عن العملات الرقمية مثل البيتكوين، حيث إن"البترو" مدعومة من قبل أصول صلبة، مثل النفط ، ومخزون فنزويلا من الذهب والاحتياطيات الأجنبية، وهذا يجعل العملة في حقيقة الأمر سندا لدين مدعوم بأصل ملموس، وهذا مصدر قوة له.

ويؤكد أن النفط الفنزويلي يمكن أن يدعم أدوات مالية بقيمة 267 مليار دولار، أما البيتكوين فلديها قيمة سوقية بنحو 246 مليون دولار.

© الاقتصادية 2018

التعليـــقات