رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 19-20 كانون الثاني 2018

السبت | 20/01/2018 - 09:48 صباحاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 19-20 كانون الثاني 2018

 

استشهاد فلسطيني وإصابة جنديين إسرائيليين بعد 15 ساعة من المواجهات في مخيم جنين
تنشر "يديعوت احرونوت" تقريرا حول العملية التي وقعت في مخيم جنين ليلة الخميس، وتكتب أن قافلة السيارات المدرعة شقت طريقها إلى قلب مدينة جنين قبل منتصف الليل مباشرة. الهدف: منازل أفراد خلية حماس الأربعة الذين قتلوا الحاخام رازيئيل شيفاح. قوة من الوحدات الخاصة، تدعمها قوات من الجيش الإسرائيلي، وحرس الحدود، ورجال الشاباك، داهمت المنازل، ووقع في المكان تبادل إطلاق نار شديد، أصيب خلاله مقاتلان، أحدهما بجراح بالغة والآخر طفيفة، فيما تم تصفية أحد المخربين واعتقال آخرين. وبعد خمسة عشر ساعة، عندما تم إجلاء القوة من جنين، بات يمكن للمسؤولين الأمنيين الإعلان: "لقد صفينا الحساب مع قتلة رازيئيل".
كانت العملية الجريئة التي بدأت ليلة الخميس تتويجا لمطاردة بدأت منذ 10 أيام في أعقاب الهجوم على حفات جلعاد. وحدثت نقطة التحول في التحقيق بعد أن تم العثور على سيارة المخربين المحترقة– ما ساعد على كشف هويتهم.
وقد وصلت القوات إلى جنين بهدف اعتقال المطلوبين. وقالت جهات أمنية إن القوة داهمت في المقابل بيوت المخربين المجاورة وتم اعتقال اثنين، لكن المخرب الثالث فتح النار على القوة من مسافة قصيرة بواسطة مسدس. وتمت تصفيته لكنه تمكن من إصابة محاربين من الوحدات الخاصة، أحدهما، المحارب ش، أصيب بجراح بالغة ونزف الكثير من الدم، لكن العلاج الأساسي الذي تلقاه في المكان أنقذ حياته.
بعد ذلك، حاصرت القوات بيت قائد الخلية، احمد نصر جرار، نجل نصر جرار، أحد قادة حماس الذي قتل خلال الانتفاضة الثانية في عام 2002. وقالت والدته إن القوات أخرجتها مع أولادها من البيت بعد أن ادعت بأنه ليس في البيت. وبعد ذلك قامت القوات بتفعيل أسلوب "طنجرة الضغط"، حيث أحضرت إلى المكان معدات هندسية وقامت بهدم المنزل لإجباره على الاستسلام.
ولم يكن مصيره واضحا، حتى يوم أمس. لقد أعلنت السلطة الفلسطينية أن نصر جرار قتل خلال العملية، وبناء عليه تم نشر بيان نعي، كما سارعت حماس إلى نعيه كشهيد. لكنه اتضح ظهر الخميس، أن القتيل هو ابن عمه احمد إسماعيل جرار، الذي كان عضوا في الخلية كما يبدو. وربما يعزز ادعاء والدة نصر أنه غادر البيت قبل نصف ساعة من وصول القوات الإسرائيلية، الاعتقاد بأنه لم يقتل خلال العملية. وبما أنه لم يتم إقامة خيمة عزاء أو نشر نعي جديد له، يسود التقرير بأنه لم يدفن تحت الأنقاض، كما ساد الاعتقاد في البداية. وهذا يعني بالنسبة لقوات الأمن، أن مطاردته تتواصل.
ومع بزوغ فجر يوم الخميس، واجهت القوات مئات الشبان الذين خرجوا إلى شوارع جنين ورشقوها بالحجارة والزجاجات الحارقة. ولم تقع إصابات في صفوف القوات التي أخلت المدينة في الساعة الثانية ظهرا.
وأعرب الجهاز الأمني عن ارتياحه وادعى: من ناحية استخبارية، هذا "إنجاز"، لأنه في غضون أسبوع فقط، تمكنوا من الوصول إلى الخلية واعتقال أو قتل معظم أعضائها. وقال قائد شرطة حرس الحدود يعقوب شبتاي "إن الوحدات الخاصة، ومختلف الجهات الأمنية، ستواصل قمع كل الذين يضرون بأمن المواطنين الإسرائيليين في أي مكان وفى أي زمان".
وفي أعقاب العملية، قدرت جهات أمنية أن المخربين غيروا، كما يبدو، طابع العمل: فخلافا للماضي، لم يختبئوا هذه المرة، بل عادوا إلى حياتهم الروتينية فور انتهاء العملية. وهذا يجعل من الصعب مفاجأة خلية يكون أعضاؤها على استعداد طوال الوقت للهجوم العسكري.
واتهمت حماس أجهزة الأمن الفلسطينية بتسليم المعلومات التي أدت إلى القبض على الإرهابيين. وزعمت أيضا أن قوات أبو مازن "فرت" من المكان بدلا من حماية السكان. وبسبب الانتقادات القاسية، اضطرت السلطة الفلسطينية إلى نشر إنكار شامل، بل ادعت أن التنسيق الأمني مع إسرائيل لا يتم منذ فترة طويلة.
التحقيق مع النائب إيتان كابل بشبهة تنسيق مشروع قانون "يسرائيل هيوم" مع ممول "يديعوت احرونوت"
علمت "هآرتس" أن عضو الكنيست إيتان كابل (المعسكر الصهيوني) كان قد تحدث عدة مرات مع نوني موزيس، ممول "يديعوت أحرونوت"، عندما عمل كابل على دفع قانون "يسرائيل هيوم". كما تلقى كابل ملاحظات وتعديلات من موزيس – صاحب المصلحة الكبيرة في دفع القانون. وهدف مشروع القانون المقترح من قبل كابل إلى إجبار أصحاب "يسرائيل هيوم"، التي يملكها شيلدون أديلسون، على بيع الصحيفة للقراء والتوقف عن توزيعها مجانا. ولو تم تمرير مشروع القانون ذاك لكان يمكن لصحيفة "يديعوت احرونوت" العودة لاحتلال مكانتها كصحيفة الأكثر شعبية في إسرائيل، وهو اللقب الذي انتزعته منها صحيفة أديلسون.
وقد خضع كابل وموزيس، يوم الخميس، للتحقيق في الوحدة القطرية لأعمال الغش والخداع، لاهف 433. وسبق أن قدم كابل، في الماضي، شهادة مفتوحة في هذه القضية، وكما هو معروف، فقد طلب منه خلال التحقيق الأخير توضيح الفجوة بين الشهادة التي قدمها، في حينه، والأدلة والشهادات التي تم الحصول عليها أثناء التحقيق. وعلمت الشرطة أن العلاقة بينه وبين موزيس كانت أكبر بكثير مما تحدث عنه في السابق.
في تشرين الثاني 2014، صودق في الكنيست على مشروع قانون "يسرائيل هيوم" في القراءة التمهيدية، بدعم جهات من ائتلاف نتنياهو. وبعد انتهاء التصويت قال نتنياهو إن هذا القرار "عار على الكنيست". وقرر في ضوء إدارة الظهر له من قبل شركائه في الائتلاف، حل الحكومة وتبكير موعد الانتخابات.
ولم يعرف سوى عدد قليل من الشركاء في السر، في حينه، انه قبل التصويت على مشروع القانون، جرت لقاءات تم توثيقها، بين نتنياهو وموزيس وناقشا خلالها صفقة رشوة. ووعد موزيس بتغطية نشاطات نتنياهو بشكل إيجابيي في وسائل الإعلام التابعة له، حتى يتمكن من البقاء رئيسا للوزراء "طالما يريد". ومن جانبه، وعد نتنياهو بدفع مشروع القانون الذي يريده موزيس. ووصف موزيس خلال حديثه مع نتنياهو وجود "يسرائيل هيوم" بأنه يشبه "إسقاط قنبلة ذرية على مؤسسة عمرها ثلاثة أجيال".
وخلال المحادثات بين نتنياهو وموزيس، طرح اسم النائب إيتان كابل. وحسب ما نشره الصحفي غاي بيلج، في شركة الأخبار، فقد قال موزيس لنتنياهو إن "هناك حاجة إلى قانون آخر لتجاوز المسألة. يجب أن يأتي من قبل كابل وأحد رجالك في الكنيست". ورد نتنياهو: "وليقل إيتان: أنا أريد التوصل إلى تسوية، ربما نقنعه بأن يتنازل عن القانون الجارف".
يشار إلى أن كابل ادلى بإفادته عدة مرات في الشرطة في إطار التحقيق في الملف 2000، المتعلق بصفقة الرشوة بين نتنياهو وموزيس. وقال مسؤول في جهاز تطبيق القانون، مؤخرا، انه حدث تطور في التحقيق يعزز وجود علاقة بين موزيس وكابل في موضوع مشروع القانون. وإذا كان فعلا قد عمل كابل في خدمة مصالح موزيس، وحصل في المقابل على تغطية إيجابية في وسائل إعلامه، فان هذه تعتبر حالة خطيرة تصل حد الرشوة. لكنه يصعب إثبات ذلك بسبب عدم وجود تسجيل للمحادثات بينهما، كما هو الأمر بالنسبة للشبهات المتعلقة بصفقة نتنياهو – موزيس.
وقال مقربون من كابل انه تشاور فعلا مع شخصيات من عالم الصحافة، لكنه اتخذ القرار لوحده.
إسرائيل اعتذرت للأردن فتقرر أعادة فتح سفارتها في عمان
تكتب "هآرتس" أن ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أعلن مساء الخميس، أن الأزمة مع الأردن انتهت، وان السفارة الإسرائيلية في عمان سترجع للعمل بشكل كامل فورا، بعد أن تم التوصل إلى تفاهمات. وحسب البيان فقد "توصلت إسرائيل والأردن إلى اتفاق في أعقاب الأحداث في السفارة الأردنية في تموز 2017، والحادث الذي قتل خلاله القاضي الأردني في آذار 2014. وستواصل السلطات الإسرائيلية فحص المواد التي تم جمعها حول حادث تموز 2017، ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى قرار في الأسابيع القريبة. إسرائيل تولي أهمية كبيرة للعلاقات الاستراتيجية مع الأردن وسيعمل البلدان على دفع التعاون المشترك بينهما وتعزيز اتفاق السلام".
قبل ذلك قال الناطق بلسان الحكومة الأردنية محمد المومني إن إسرائيل اعتذرت عن قتل المواطنين الأردنيين بأيدي حارس السفارة الإسرائيلية في عمان. وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، قال المتحدث بلسان الخارجية إن الوزارة تسلمت من وزارة الخارجية الإسرائيلية مذكرة رسمية أعربت فيها إسرائيل عن اسفها للحادث، والتزمت بمواصلة الإجراءات القانونية المتعلقة بها، ودفع تعويضات لعائلتي القتيلين وعائلة القاضي الذي قتلته على معبر اللنبي في 2014.
وحسب أقوال المومني، فقد أكدت إسرائيل في مذكرة التفاهم أهمية التعاون بين البلدين ورغبتها بإنهاء الأزمة. وأضاف إن إسرائيل استجابت لكل المطالب التي طرحتها الحكومة الأردنية، وقال إن حكومته "ستتخذ الإجراءات المطلوبة، بناء على مصالحها القومية". وقال إن حكومة عمان اتصلت مع ممثلي العائلات الثلاث، فوافقت على تقبل الاعتذار والتعويض.
وفي تموز من العام الماضي، أطلق حارس الأمن في السفارة الإسرائيلية، النار على الشاب الأردني محمد الجويدة، 17 عاما، الذي وصل لتركيب الأثاث في شقته، بعد أن هاجمه الأخير بمفك. كما قتل المواطن الأردني الدكتور بشار الحمارنة أثناء الحادث، وخلال أكثر من 24 ساعة بعد الحادث، تمت محاصرة نحو 20 دبلوماسيا وحراس الأمن في السفارة في عمان.
وغضب مسؤولون أردنيون إزاء الطريقة التي عرضت بها إسرائيل الحادث، وكذلك إزاء طريقة استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسفيرة الإسرائيلية عينات شلاين وحارس الأمن زيف مويال. وأدى قتل المواطنين ومقاطع الفيديو التي وزعها مكتب رئيس الوزراء بعد الاجتماع إلى إغلاق السفارة والى أزمة دبلوماسية طال أمدها بين البلدين. وصرح وزير الخارجية الأردني ايمن صفدي لشبكة "سي. إن. إن" أن إسرائيل عرضت الحادث بطريقة مشوهة وسخيفة. وفى مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" بالعربية قال وزير الخارجية إن سلوك إسرائيل "مخجل".
وقبل ذلك، في آذار 2014، أطلق حارس أمن إسرائيلي النار على مدني أردني وقتله عند معبر جسر اللنبي. وقال الجيش إن الرجل رائد زعيتر أصيب برصاصة بعد محاولة انتزاع سلاح جندي في المنطقة. من جهة أخرى، قال مصدر أمني أردني إن زعيتر وصل إلى النقطة الإسرائيلية عند المعبر الحدودي، وبعد مشاجرة تطورت هناك، تم إطلاق النار عليه وقتله. وكان زعيتر (38 سنة) متزوجا ولديه طفلان، وعمل قاضيا في محكمة الصلح في عمان. وقد ولد في نابلس وانتقل إلى عمان للعمل في عام 2011.
التحقيق للمرة السابعة مع الوزير درعي
تكتب "يسرائيل هيوم" انه تم التحقيق للمرة السابعة، يوم الخميس، مع وزير الداخلية آرييه درعي، في وحدة لاهف 433. وركز التحقيق، كما يبدو، على الاشتباه بارتكابه لمخالفة قانون الضرائب، حين باع منازل لشقيقه. ويتمحور التحقيق الأساسي مع درعي حول شبهات بتحويل مئات آلاف الشواكل من أموال الدولة إلى جمعية "مفعالوت سمحا" التي تديرها زوجته يافا درعي.
وكانت الشرطة قد أعلنت في الماضي، أنه تم التحقيق مع درعي في شبهات غسل الأموال، والاحتيال، وخرق الثقة، والسرقة من قبل وكيل، والتسجيل الزائف والجرائم الضريبية، والاشتباه بتلقي رشوة.
وذكرت صحيفة هآرتس مؤخرا أن درعي تلقى حوالي 200،000 شيكل من رجل الأعمال إيلان شرعبي.
ضابط رفيع: "حماس بدأت تفهم بأنه لا جدوى من حفر الأنفاق"
تكتب "يسرائيل هيوم" أن أحد الضباط الكبار في الجيش الإسرائيلي، قال للصحفيين، في نهاية الأسبوع، إن حماس تتواجد في مرحلة متقدمة من الفهم بأنه لا جدوى من حفر الأنفاق. وسيكون من غير الضروري أن تبدأ بمشاريع حفر جديدة. وقال الضابط خلال حديث مع المراسلين العسكريين الذين دعاهم لمشاهدة النفق الذي تم تدميره مؤخرا قرب معبر كرم أبو سالم، "بعد أن ننتهي من بناء الحاجز يمكننا القول إننا أحبطنا كل الأنفاق التي تعبر إلى أراضينا وانه من الصعب جدا حفر الأنفاق في أراضينا". كما أشار إلى أن الحاجز سيقطع كل الأنفاق المتسللة إلى الأراضي الإسرائيلية. وأضاف المسؤول أن الحاجز "سيؤسس نظاما قويا يشخص من يحاول الحفر ويسمح لنا بالتحقيق بهدوء، وستفهم حماس انه لا جدوى من الحفر".
ويقدر الجيش الإسرائيلي انه في نهاية السنة سيتم الانتهاء من بناء أكثر من نصف الحاجز، وفي منتصف 2019، سيتم الانتهاء من إقامته. وقال الضابط الرفيع إن حماس قد تستثمر الجهود في مجالات أخرى، كالمروحيات غير المأهولة، وتحسين دقة الصواريخ أو القذائف قصيرة المدى. "كما انه يمكنهم التخلي عن باطن الأرض والعودة إلى محاولة التسلل فوق الأرض".
وقالوا في القيادة الجنوبية إن حماس تتواجد في واقع مركب وتواجه ضائقة صعبة من النواحي الاقتصادية، الداخلية، السياسية والعسكرية. وتحاول الحركة العثور على حلول لضائقتها، لكنها لم تنجح حتى الآن بالعثور على حلول جيدة. ووفقا للضابط الرفيع فإن "الوضع الإنساني في غزة هو الأصعب خلال العقد الأخير".
الجيش يكشف جانبا من أرشيف حرب الخليج
تكتب "يسرائيل هيوم" انه بعد 27 عاما من حرب الخليج، كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي عن تسجيلات نادرة لرئيس هيئة الأركان الراحل دان شومرون خلال الحرب، ووزير الأمن آنذاك موشيه أرنس.
ويصف شومرون في التسجيل المعضلات الصعبة التي واجهت الجهاز الأمني بشأن الرد على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بينما يقول أرنس انه وافق على خطة فورية لمهاجمة غربي العراق.
ومما قاله شومرون: "كان هناك خطأ ارتكبه أرنس، وحدث توتر ما بيننا. لقد عرضت عليه مع قائد سلاح الجو خطة الهجوم بعد الهجوم الصاروخي الأول. فاتصل أرنس بديك تشيني وقال له: 'حركوا طائراتكم، نحن سنهاجم العراق'. أنا لم اعرف عن هذا. ذهبنا إلى رئيس الوزراء وعرضنا الخطة وقلت له إنني لا أوصي بالهجوم".
وفيما بعد قال شومرون: "بعد ذلك جرى نقاش في المجلس الوزاري السياسي – الأمني، وطلب الوزراء القيام بعمل ما. قالوا لي انه لا يمكن بأن لا ترد إسرائيل".
وحسب أقوال أرنس، فقد تواجد هناك العميد نحاميا تماري، أيضا. وقال: "سألت تماري ما هو رأيه فقال حسنا. قلت إذن، أنا أصادق. شومرون لم يقل لي أنه لا يوافق".

مقالات وتقارير
غزة دائما وأبدا
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" انه في أيلول 2005، كان قائد قطاع غزة العميد أفيف كوخابي (اليوم جنرال ونائب رئيس الأركان) آخر من غادر قطاع غزة بعد تنفيذ خطة فك الارتباط. وأغلق كوخابي من خلفه باب معبر كيسوفيم الذي تحول منذ ذلك الحين إلى نقطة التفتيش. الفلسطينيون القلائل الذين يمكنهم مغادرة قطاع غزة حاليا، إلى إسرائيل والضفة الغربية، يفعلون ذلك عن طريق معبر إيرز فقط.
غزة دائما وأبدا: منذ تشرين الأول الماضي، وتحت أنف موقع المراقبة التابع للجيش الإسرائيلي الذي بقي حيث كان المعبر، كشف الجيش عن نفق حفره الجهاد الإسلامي على بعد 200 متر داخل الأراضي الإسرائيلية، وتم العثور على النفق المتسلل جنوب الموقع العسكري. لم يكن الحفارون قد فتحوا طاقة للخروج منه بعد، لكن مسار الخروج منه وصل بالفعل إلى مسافة قريبة جدا من سطح الأرض. ولم يكن الفلسطينيون بحاجة للعمل أكثر من بضعة أيام لإعداد النفق للاستخدام. وعندما قصف الجيش الإسرائيلي النفق في الجانب الإسرائيلي، انهارت أجزاء منه في الجانب الفلسطيني ما أدى إلى اختناق وموت اثنا عشر ناشطا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي الذين دفنوا تحت الأنقاض. وقد أخرجت إسرائيل خمسة من القتلى. وتم إخراج جثث الباقين في الجانب الغزي من السياج.
وكان النفق الواقع بالقرب من كيسوفيم هو أول نفق من بين ثلاثة تم اكتشافها في الأشهر الأخيرة في الأراضي الإسرائيلية. وفي الشهر الماضي، ووفقا لتقارير إعلامية من غزة، تم قصف نفق إضافي من الجو بالقرب من السياج داخل الأراضي الفلسطينية.
يوم أمس، الخميس، دعا الجيش الإسرائيلي الصحفيين لزيارة الجانب الإسرائيلي من نفق الجهاد. هذا النفق، الذي يصل في ذروة عمقه إلى 28 مترا تحت مستوى سطح الأرض، ضيق جدا ولكنه يسمح بحركة مرور مريحة. في بعض مقاطعه يتطلب المشي بهامة محنية قليلا. الواح الباطون على جانبي النفق تشير إلى أن الحفر وصل إلى مرحلة متقدمة نسبيا. وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن الحفارين كانوا يعملون في نوبات، بمشاركة عشرات العمال في كل نوبة، وطوال 24 ساعة في اليوم، وستة أيام في الأسبوع (الجمعة بقي يوم راحة). ويختلف هذا النفق تماما عن النفق الذي حفرته حماس في معبر كرم أبو سالم، الذي قصفته إسرائيل مساء السبت الماضي. فهناك، وفقا للصور التي وزعها الجيش الإسرائيلي، كان النفق أوسع ويمكن من خلاله تحريك عدد كبير من العناصر والأسلحة.
ويفترض الجيش الإسرائيلي، بناء على مسار النفق (من غزة، عبر إسرائيل، حتى مخرجه في أراضي مصر)، أنه كان يهدف إلى تهريب الأسلحة من سيناء، لكنه تفرع عنه نفق كان من المفترض أن يسمح بشن هجوم داخل المعبر نفسه إذا اختارت حماس هذه الطريقة.
لقد سبق وأجرى الجيش مثل هذه الجولات إلى نفق آخر، قبل عام تقريبا من عملية الجرف الصامد. لكن الصور والبث لم يترك انطباعا عميقا في النقاش العام في إسرائيل. وعندما اندلع القتال في صيف عام 2014، فوجئت إسرائيل بنطاق وتطور مشروع الأنفاق الهجومية. وكما جاء في تقرير مراقب الدولة الذي نشر في العام الماضي، فإن القيادة السياسية والجهاز الأمني لم يتعاملا مع تهديد الأنفاق بالقدر المطلوب.
لا يضرب البرق مرتين في نفس المكان – ويبدو أن الجهاز الإسرائيلي أصبح الآن أكثر استعدادا للتعامل مع الأنفاق. لقد تواصلت الجهود المبذولة لاكتشاف الأنفاق جنبا إلى جنب مع بناء الجدار تحت الأرض. ووفقا للتقديرات المحدثة، سيتم الانتهاء من بناء الجدار في منتصف عام 2019، لكنه سيتم تفعيله مع أنظمة الكشف القائمة حوله بشكل فعال جدا في نهاية العام الحالي.
وقال مسؤول كبير في القيادة الجنوبية، أمس (الخميس)، إن حماس تعرف بالفعل أن المشروع الذي استثمرت فيه مبالغ ضخمة وجهودا كبيرة في السنوات الأخيرة سيذهب هدرا. وأشار الضابط إلى أن المنظمة مترددة بالفعل في استثمار المزيد من الموارد في الأنفاق الهجومية وتفضل تحويلها إلى طرق ووسائل أخرى، من توسيع أسطول مروحياتها الصغيرة غير المأهولة إلى تعزيز القدرة على اختراق السور فوق الأرض، بواسطة قوة الكوماندوس.
وقد بدا الضابط حذرا ورصينا فيما يتعلق بخطى تقدم جهود الدفاع الإسرائيلية، وأوضح أنه على أي حال، ما دام بناء الجدار والنظم المصاحبة له لم يكتمل، لا يمكن الحديث عن حل محكم. هذا يبدو وكأنه نهج أكثر مجديا من وعود القيادة السياسية هذا الأسبوع بحل مشكلة الأنفاق تماما بحلول نهاية العام. إن كلمات منسق الأنشطة الحكومية في المناطق، الجنرال يواف موردخاي، عن العبقرية اليهودية و "قبة الفولاذ" التي من شأنها أن تزيل تهديد الأنفاق، هي أكثر ملاءمة لأسلوب الكلام في الشبكات العربية. وكانت هذه هي المنصة التي تحدث عبرها المنسق. عندما تترجم الأمور وتقتبس باللغة العبرية أو الإنجليزية، فإنه تفوح منها رائحة الثرثرة، بشكل يشبه تقريبا "صوت الرعد من القاهرة".
إن المفاخرة المبررة بإنجازات التكنولوجيا الإسرائيلية لا ينبغي أن تحجب الأهمية الكاملة للبيانات المتعلقة باقتصاد قطاع غزة. في بداية الأسبوع نشرت صحيفة هآرتس تحذيرا من كبار أعضاء الجهاز الأمني حول الانهيار الحاد في الظروف المعيشية في قطاع غزة. في الشهرين الماضيين، انخفض عدد الشاحنات التي تحمل البضائع عبر معبر كرم أبو سالم بنحو الثلثين، وهو ما يوضحه الجيش الإسرائيلي في انخفاض القوة الشرائية في غزة. كما يتم الشعور بأثار الحصار المفروض على غزة من الجانب المصري: فتح معبر رفح لمدة 36 يوما فقط في العام الماضي، فيما اقتصرت معظم الأيام على الأشخاص الذين تم تصنيفهم على أنهم "حالات إنسانية". وفي العام الماضي، لم يمر سوى 34،700 شخص عبر المعبر، مقارنة مع 43،380 شخصا في عام 2016.
هذا الأسبوع، نشرت منظمة "جيشا" (وصول)، التي ترصد الوضع في قطاع غزة، تقريرها السنوي، والذي جاء فيه أن عام 2017 هو أسوأ عام في قطاع غزة منذ نهاية الجرف الصامد. ويوضح التقرير سلسلة من القيود الشديدة التي تم فرضها على دخول سكان غزة إلى إسرائيل. ومن بين ذلك، تم إطالة فترة معالجة طلبات الدخول بشكل كبير، وارتفع عدد الممنوعين من الدخول لأسباب أمنية، كما فرضت قيود إضافية على دخول المواد "ذات الاستخدام المزدوج" (التي يمكن استخدامها أيضا لأغراض عسكرية) إلى قطاع غزة. ويقف وراء تشديد القيود هذه جهاز الشاباك الإسرائيلي الذي يشعر بالقلق إزاء محاولات حماس إدخال مواد تخريبية إلى إسرائيل، أحيانا بواسطة "رسل حمقى" (لا يعرفون عن استخدامها)، وكذلك لتخوفه من تهريب الأسلحة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.
في عام 2003، في ذروة الانتفاضة الثانية، اتهم رئيس الأركان موشيه يعلون جهاز الشاباك بالنظر عبر "قشة الإحباط" - تعظيم التركيز على منع الإرهاب، من خلال تجاهل العواقب. واليوم، يدرك الجهاز الآثار ويقوم بتفصيلها، لكنه لا يزال يصر على رأيه.
في الخلافات بين الشاباك والجيش ومنسق الأنشطة الحكومية يرجع الحسم غالبا إلى وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي يميل نحو التشديد.
في نهاية المطاف، يتم تأخير السماح بالتسهيلات المدنية المحتملة لقطاع غزة – من دخول حوالي 5000 عامل للعمل في البلدات المتاخمة لقطاع غزة (الجيش يؤيد ذلك) وحتى تمديد خط سكة الحديد أشدود - ياد مردخاي إلى حاجز إيرز. المبررات كثيرة: مخاطر امنيه، رغبة في التوصل أولا إلى اتفاق على إعادة جثث الجنود والمدنيين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، واشتراط المشاريع الكبيرة بضلوع السلطة الفلسطينية في الخطة. مناقشة مقترحات تحسين الوضع في قطاع غزة تسير ببطء كما لو كانت إسرائيل تملك كل الوقت المتوفر في العالم.
عمليات بدلا من الصواريخ
يعتقد الجيش الإسرائيلي أنه في ضوء انخفاض إطلاق الصواريخ من قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين، فرضت حماس مرة أخرى ضبط النفس على المنظمات السلفية الصغيرة لتجنب الحرب، وفي المقابل تنشط الحركة في قناتين أخريين من الاحتكاكات مع إسرائيل: تظاهرات عنيفة بجانب السياج الحدودي (في نهاية الأسبوع الأخير شارك حوالي 7،000 متظاهر)، وبصفة خاصة محاولة لشن هجمات في الضفة الغربية.
ليلة أمس الأول، الأربعاء، وصل الشاباك إلى المشتبه فيهم في عملية قتل الحاخام رازيئيل شيفاح الذي قتل بالرصاص الأسبوع الماضي، بالقرب من مركز حفات جلعاد. وقامت قوات مكافحة الإرهاب بمحاصرة عدد من بيوت مخيم جنين، التي تواجد فيها أربعة مشبوهين. وعندما اقتربت قوات الشرطة من أحد المنازل، فتح أحد المتعاونين مع الخلية النار من مسدس وأصاب شرطيين. وتم نقل أحدهما للعلاج في المستشفى بعد أن فقد الكثير من الدم. وأصيب صديقه بجراح طفيفة. وتم خلال المواجهة قتل المتعاون والقبض على مخربين آخرين. ولم يكن واضحا حتى يوم أمس، ما إذا كان العضو الرابع في الخلية قد تمكن من الهرب أو انه تم دفنه تحت أنقاض المنزل الذي دمرته جرافة الجيش.
وقال وزير الأن افيغدور ليبرمان في مقابلة مع موقع "واللا!" أن الخلية حاولت في الماضي تنفيذ هجوم وفشلت. وكشف التحقيق الأولي أن أعضاء الخلية، من سكان منطقة جنين، ينتمون إلى منظمات إسلامية مختلفة، وقرروا العمل معا على أساس التعارف الشخصي. ولكن كما هو الحال في بعض الهجمات الإرهابية المميتة ومحاولات شن هجمات في الضفة الغربية مؤخرا، فإن مشاركة مقار الإرهاب في الخارج واضحة هنا. فالضفة الغربية، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، هي الساحة المفضلة للعمل. ويجلس القادة خارجا، في غزة أو في بلدان أخرى.
على الساحة السياسية، هناك الآن ضغط اقتصادي أكبر على السلطة الفلسطينية، من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. هذا الشهر، تم تخفيض ميزانية مساعدات الأونروا، ويجري اتخاذ المزيد من المبادرات لخفض المساعدات الاقتصادية الأمريكية (قانون تايلر فورس) وتقليص الأموال من إسرائيل بسبب الدعم المالي للسلطة الفلسطينية للسجناء الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل. وراء كل واحدة من هذه المبادرات تقف تفسيرات موضوعية، ولكن تراكم الضغط يمكن أن يسبب كارثة.
إن خطاب عباس الهجومي في بداية الأسبوع، هو الدليل على الآتي. صحيح ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان راضيا لأن الخطاب كشف ما وصفه بالمواقف الحقيقية للفلسطينيين فيما يتعلق بعملية السلام، ولكن عباس يتواجد في مزاج خطير: محبط، يائس، وعلى حافة نهاية طريقه السياسي. في المستقبل القريب، حتى لو بقي الرئيس وفيا لوعده بعدم العودة إلى الكفاح المسلح، من المرجح أن تتواصل عملية ضعفه واندلاع الصراع العلني على وراثته.
الحرب بين الأكراد وتركيا في سورية، تبدأ أصلا في واشنطن.
يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس"، أن الرئيس التركي رجب طيب أروغان حذر، هذا الأسبوع قيادة القوات الكردية السورية بأن تركيا "سوف تخنقها في المهد". وكانت رسالة أردوغان موجهة مباشرة إلى البيت الأبيض. وتشير تصريحاته الصريحة إلى القوة العسكرية الكردية التي تريد الولايات المتحدة إقامتها في سوريا، والتي ستكون بمثابة نوع من حرس الحدود على طول خط التماس بين تركيا وسوريا.
هذه القوة، التي يتوقع أن تضم حوالي 30 ألف مقاتل، ليست جيشا جديدا حقا. إذ يعمل ما لا يقل عن نصفه بالفعل في أجزاء مختلفة من شمال سوريا تحت اسم "القوات الديمقراطية السورية" - وهي ميليشيا أنشئت قبل نحو عامين ونصف من قبل الولايات المتحدة لمحاربة دولة داعش الإسلامية في سوريا، ويشارك فيها بشكل خاص المقاتلون الأكراد ومحاربون من سوريا.
وقد أثبتت هذه الميليشيات التي تضم 15 ألفا، والتي تدربها وتمولها الإدارة الأمريكية، قدرة هائلة على هزم داعش وأصبحت أهم القوات البرية "الأمريكية" في هذه الحملة. والآن، وبعد هزيمة داعش، وقبل القرار السياسي المتوقف منذ زمن طويل، يسعى الأكراد إلى مواصلة السيطرة على المناطق التي حرروها وضمها إلى المناطق الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي التي أنشئت في شمال البلاد. ومن المفترض أن تنضم بقية القوة المخططة، أي حوالي 15 ألف مقاتل كردي، إلى القوة خلال العامين المقبلين. وخلال هذه الفترة، تعتزم الولايات المتحدة ترك قواتها، حوالي 2000 "مستشارا ومدربا"، في الأراضي السورية.
هذا هو تماما ما تخشاه تركيا، التي ترى أمام أعينها، إمكانية قيام كانتون كردي مستقل، له جيشه الخاص، على الحدود الجنوبية الشرقية، بدعم من الولايات المتحدة. هذا التطور غير مقبول بالنسبة لتركيا، التي قامت بتعزيز قواتها في الأيام الأخيرة على الحدود السورية من أجل اجتياح مناطق عفرين ومنبج، التي يهيمن عليها الأكراد، بالقوة. موقف تركيا إزاء الأكراد السوريين مماثل إلى حد كبير لموقف إسرائيل إزاء القوات الإيرانية المتمركزة في غرب سوريا وعلى الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان. ومثلما أعلنت إسرائيل أنها لن تسمح للقوات الإيرانية بالتواجد على الحدود، هكذا أوضحت تركيا بشكل حاد وواضح أن قوة كردية على حدودها لن تكون قادرة على رؤية الشمس.
إذا لم يتم التوصل إلى حل دبلوماسي نهائي لهذه الأزمة، فستواجه سوريا نوعا جديدا من الحرب. وهذه لن تكون حربا بين تركيا والأكراد فحسب، بل أيضا معركة سياسية صعبة بين تركيا والولايات المتحدة يمكن أن تسبب انقطاعا حقيقيا في العلاقات بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وقد حذر ايلانور تشويك، مستشار اردوغان هذا الأسبوع من أن "الولايات المتحدة تخاطر بجعل تركيا تغزو سوريا كما غزت قبرص عام 1974." في حينه، أيضا، سخرت القوى العظمى من التحذير التركي ولم تأخذه على محمل الجد. وقال تشويك في مقالة نشرها في صحيفة صباح الموالية للحكومة، ان "تركيا اليوم أكثر قوة ولديها موارد أكثر، أما الأمريكيين فهم خاسرون في جميع أنحاء العالم".
هذا تحذير محير قليلا، لأن تركيا هي التي يجب أن تقلق من الانقطاع مع الولايات المتحدة، وليس العكس، خاصة بالنظر إلى احتمال أن تفرض الإدارة الأمريكية عقوبات عليها بسبب شراء صواريخ روسية من طراز S-400 التي تنتجها شركة مدرجة في قائمة العقوبات الأمريكية. هذا إلى جانب إدانة البنك التركي الذي أدين نائبه بتجاوز العقوبات المفروضة على إيران.
الجبهة الروسية
على الرغم من أن تركيا تمتلك القدرة العسكرية على غزو واحتلال التركيزات الكردية في عفرين ومنبج، وحتى لو وجهت سهامها إلى الولايات المتحدة بسبب مساعدتها للأكراد، فإن هذه المناطق تقع في منطقة خاضعة للرعاية الروسية. بل إن روسيا دعت ممثلي المنظمات الكردية للمشاركة في مؤتمر سوتشي، المتوقع انعقاده في شباط، لمناقشة المناطق الأمنية وتعزيز الحل السياسي، وذلك في تناقض حاد مع موقف ومطالب تركيا، التي تعتبر الميليشيات الكردية منظمات إرهابية. أضف إلى ذلك أن النظام السوري، بدعم روسي، توصل إلى اتفاق مع الأكراد لإنشاء منطقة أمنية كردية حول مدينة منبج بعد أن هددت تركيا باحتلال المدينة.
وردا على تهديد الغزو الحالي، حذر الرئيس السوري بشار الأسد تركيا من انه سيعتبر هذا الغزو انتهاكا للسيادة السورية وقال إن قواته ستقاتل لصده. هل يعكس هذا التحذير أيضا موقف روسيا؟ هذا ما يحاول معرفة الآن رئيس الأركان التركي خلوصي آكار، ورئيس المخابرات التركية حقان فيدان خلال زيارتهما إلى موسكو لبحث ما تعتزم روسيا القيام به في حال شن هجوم على الأكراد، وربما للحصول على "تصريح" روسي للعمل ضد الميليشيات الكردية في سوريا، على غرار التصريح الذي حصلت عليه إسرائيل لمهاجمة أهداف حزب الله في سوريا.
من المشكوك فيه أن روسيا ستوافق على مثل هذا الغزو، وليس من الواضح ما اذا كانت تركيا ستعمل بدون مثل هذا التصريح. صحيح أن روسيا تعارض تقسيم سوريا إلى كانتونات، ولكنها مثل الأسد، تعترف بأن استقرار سوريا يعتمد، ضمن جملة أمور، على التعاون مع الأكراد، وبالتالي فإن موافقتها على هجوم تركي من شأنه أن يعوق الحل السياسي الذي تسعى إلى تحقيقه. ووفقا لأحد السيناريوهات الروسية، سيكون الأكراد قادرين على التمتع بالاستقلال السياسي والثقافي، ولكن عليهم أن يكونوا جزءا من الدولة السورية والالتزام بالقانون السوري والدستور الذي سيصاغ بعد الحرب.
هذا السيناريو يتطلب من روسيا أن تعيق رغبة تركيا في تدمير الوجود العسكري الكردي، ولكن أيضا للتوصل إلى اتفاق مع الأكراد حول كيفية العمل على طول الحدود التركية. إن هذه الخطوة تتطلب من الأكراد أن يقرروا، بين الولايات المتحدة التي تواصل تمويلهم وتسليحهم، وتضمن في واقع الأمر بقائهم العسكري، أو روسيا، التي تقدم لهم الشراكة في العملية السياسية. هذا قرار حاسم، لأن الدعم الأمريكي لميليشيات أخرى أثبت أن مثل هذا الدعم ليس مضمونا على المدى البعيد.
إذا حكمنا على الأمور وفقا لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، هذا الأسبوع، يبدو أن إنشاء جيش كردستاني هو ليس المقصد الأمريكي بالضبط. لقد شرح تيلرسون هذا الأسبوع، لنظيره التركي مولود جاويش أوغلو أنه تم تزييف النية الأمريكية وان المقصود ليس إقامة جيش بل قوة محلية لحماية أمن الأكراد.
وعلاوة على ذلك، أوضحت الولايات المتحدة أن محافظتي عفرين ومنبج غير مشمولتين في منطقة نشاط التحالف، أي أن الولايات المتحدة لن تتدخل إذا قررت تركيا غزوها. ومن جانبها، أوضحت تركيا أنها تتوقع إجراءات وليس تصريحات، وأن الإجراءات التي تقصدها تشمل مصادرة الأسلحة الأمريكية من الأكراد، وهو ما التزمت الولايات المتحدة به، حسب الادعاء التركي. تخبط الأكراد لا يتوقف على الحسم بين القوتين العظميين. فداخل المحافظات الكردية لا يوجد إجماع على الحل السياسي المفضل لهم في سوريا، وحول كيفية إدارة مناطقهم، المقسمة جغرافيا.
القوة السياسية المهيمنة، "حزب الاتحاد الديمقراطي"، لا تمثل جميع السكان الأكراد في شمال سوريا. وعلى الرغم من اسم الحزب، فإن الديمقراطية ليست سمة بارزة فيه، وقد تم بالفعل القبض على بعض خصومه أو انهم هربوا. ويجد الحزب صعوبة في توحيد المناطق الكردية في شمال سوريا والتقاسم الأيديولوجي مع الأحزاب الكردية خارج سوريا، مثل أولئك الذين يقودون المنطقة الكردية في العراق. إن تطلعه لقيادة منطقة سورية كردية موحدة يجب أن يتغلب ليس فقط على الانقسام الجغرافي الذي يفصل بين المحافظات، بل أيضا على التنافس السياسي الداخلي. بل إن المعلقين الأكراد السوريين يقدمون سيناريو يتوقعون فيه اندلاع حرب أهلية كردية، بعد انتهاء الحرب السورية، على غرار الحرب التي اندلعت بين جزأي المنطقة الكردية في العراق. وفي هذه الأثناء، تعفى المنطقة الكردية من هذه المعضلات السياسية، لأنه من المرجح أن الأكراد السوريين سيضطرون قريبا إلى اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانوا سيتحركون ضد الغزو التركي، في حال وقوعه.
سموطريتش وزوهر: عنصرية تلامس النازية
يكتب زئيف شترنهال في "هآرتس": في أكثر من مرة، أسأل نفسي كيف سيفسر مؤرخ الذي سيعيش في 50 أو 100 سنة فترتنا هذه. متى، حسب تقديره، بدأوا يدركون في إسرائيل أن الدولة التي أنشئت في حرب الاستقلال على أنقاض اليهود الأوروبيين، وحتى بثمن دماء الناجين من المحرقة، أصبحت بالنسبة لغير اليهود بمثابة وحش حقيقي؟ متى فهم قسم من الإسرائيليين، أن وحشيتهم وقدرتهم على التنكيل بالآخرين، الفلسطينيين أو الأفارقة، تقوض الشرعية الأخلاقية لوجودهم السيادي؟
ربما سيقول المؤرخ، أن الجواب يتجسد في عمل النائبين ميكي زوهر وبتسلئيل سموطريتش، وفي مقترحات قانون أييلت شكيد. قانون القومية الذي يبدو وكأنه صيغ من قبل القوميين في أوروبا، هو البداية فقط. وبما أن اليسار لم يتظاهر ضده في روتشيلد، فقد شكل أول مسمار في نعش موت إسرائيل القديمة، تلك التي ستبقى منها وثيقة الاستقلال كمعروضة في المتحف. هذا الأثر المتبقي سيعلم كيف كان يمكن لإسرائيل أن تكون لولا انهيار المجتمع تحت كماشة الدمار الأخلاقي الناجم عن الاحتلال والفصل العنصري في المناطق. لم يعد بوسع اليسار التغلب على القومية السامة التي تطورت هنا، تلك التي تمكنت بفضل صيغتها الأوروبية من القضاء تقريبا على معظم الشعب اليهودي.
ولذلك، فإن المقابلات التي أجرتها رافيت هيخت مع سموطريتش وزوهر (هآرتس، 2 كانون الأول 2016، 20 أيلول 2007) جديرة بنشرها في جميع وسائل الإعلام في إسرائيل وفي العالم اليهودي. ففي كلاهما، تنمو أمام ناظرينا ليس الفاشية الإسرائيلية، فحسب، وإنما العنصرية القريبة من النازية في مراحلها الأولى. مثل أي أيديولوجية، مرت النظرية العنصرية النازية أيضا بمراحل النمو، وفي البداية كانت مجرد حرمان من حقوق الإنسان والحقوق المدنية لليهود. ومن الممكن أنه لو لولا الحرب العالمية الثانية، لكانت "المشكلة اليهودية" قد انتهت بالطرد "الطوعي" من الرايخ. بعد كل شيء، تمكنت الغالبية العظمى من اليهود من مغادرة ألمانيا والنمسا. ومن الممكن جدا أن يكون هذا هو أيضا المستقبل الذي ينتظر الفلسطينيين.
في الواقع، فإن سموطريتش وزوهر لا يسعيان إلى إلحاق الأذى الجسدي بالفلسطينيين، شريطة ألا يتمردوا ضد السيادة اليهودية. إنهم يحرمونهم فقط حقوق الإنسان الأساسية، بدء من الحكم الذاتي في بلدهم، والتحرر من القمع، وحتى إمكانية حصولهم على حقوق متساوية في إسرائيل في حالة ضم المناطق. بالنسبة لممثلي الغالبية العظمى في الكنيست، حكم على الفلسطينيين بالبقاء تحت الاحتلال إلى الأبد. ومن المعقول الافتراض، أيضا، أن مركز الليكود يفكر، أيضا، بالمصطلحات ذاتها. والحجة بسيطة: العرب ليسوا يهود، وبالتالي لا يحق لهم المطالبة بملكية أي جزء من الأرض الموعودة للشعب اليهودي.
وفقا لسموطريتش وزوهر وشكيد، فإن اليهودي من بروكلين، الذي لم تطأ قدمه إسرائيل أبدا، هو صاحبها الشرعي، في حين أن الفلسطيني، الذي ولد هو وأجداده هنا، هو أجنبي يعيش في البلاد فقط بفضل كرم اليهود. زوهر يقول لهيخت: "بالنسبة للفلسطيني، ليس لديه الحق بتقرير المصير، لأنه ليس مالك الأرض في هذه البلاد. أنا أريده كمقيم بفعل استقامتي، لأن الرجل ولد هنا، ويعيش هنا، ولن أقول له أن يذهب. يؤسفني القول، ولكن لديهم عيب واضح واحد: لم يولدوا يهود".
من هذا يمكننا أن نخلص إلى أنه حتى لو اعتنق كل الفلسطينيين اليهودية، وأطالوا شعر سوالفهم ودرسوا التوراة، فإن هذا لن يساعدهم. هذا هو الحال أيضا مع السودانيين وأطفالهم، رغم انهم إسرائيليون تماما: هكذا حدث، أيضا لدى النازيين. وفي وقت لاحق جاء الفصل العنصري، الذي يمكن أن ينطبق أيضا، في ظل ظروف معينة، على المواطنين العرب في إسرائيل. ولا يبدو أن هذا يزعج معظم الإسرائيليين.
نجاح عسكري ممزوج بفشل استخباري
يكتب يوآب ليمور في "يسرائيل هيوم": من المشكوك فيه ما إذا كان القبض على قتلة الحاخام رازيئيل شيفاح قد فاجأ أي شخص، حتى الإرهابيين أنفسهم. كان من الواضح أن الأمر مجرد وقت حتى يصل إليهم الشاباك، والسؤال الوحيد هو مدى سرعة القبض عليهم، وما إذا كانوا سيستلمون أو سيقاتلون.
لكن نجاح الشاباك ممزوج بالفشل، والخلية من جنين استيقظت وعملت تحت أنفه. هذا ليس إرهابيا وحيدا لا يشارك أحد في خططه، بل مجموعة من الناس الذين تحدثوا، نسقوا، خططوا، وحصلوا على أسلحة وحاولوا على ما يبدو القيام بهجوم واحد على الأقل قبل ذلك. كل هذا كان من المفترض أن يقع في مصفاة الشابك. وهذا يتطلب التحقيق، وبالتأكيد عندما لم يختبئ المخربون بعد العملية، بل عادوا إلى ديارهم ومارسوا حياتهم الروتينية.
العملية الناجحة في جنين لم تكشف حتى الآن كل تفاصيل القضية. فإسرائيل والفلسطينيين يحتفظون بالأوراق قريبا من الصدر، ولا يكشفون بالضبط هوية من تم قتله من أعضاء الخلية ومن تم اعتقالهم. ولذلك ليس من الواضح ما إذا تم إحباط كل الخلية، أو جزء منها فقط، وإذا كان من المتوقع حدوث اعتقالات إضافية. ما هو واضح هو أن جميع أعضاء الخلية ينتمون إلى عائلة جرار المعروفة في جنين. وكان بعضهم في الأصل من أعضاء حماس، وبعضهم من أعضاء فتح الذين تطرفوا وانضموا إلى حماس، وسيتم التحقيق معهم لمعرفة ما إذا تلقوا تعليمات أو تمويلا من قيادة حماس في غزة أو في الخارج. وهذا بالتأكيد اتجاه منطقي نظرا للجهود التي تبذلها حماس لتشجيع الهجمات في يهودا والسامرة، مع الحفاظ على الهدوء في غزة.
في المناطق، انتشرت أمس شائعات تدعي أن الشاباك تسلم المعلومات من السلطة الفلسطينية، لكن ليس هذا هو الحال. لقد كانت عملية زرقاء وبيضاء: مخابرات الشاباك هي التي قادت إلى العميلة التي نفذتها وحدة العمليات الخاصة – الوحدة المفضلة بالنسبة للشاباك في العمليات بالغة الخطورة. وقد فضلت قوات الأمن الفلسطينية، كما هو الحال دائما، التراجع إلى المنحدر الخلفي؛ ولم يهمها هذه المرة أيضا، أن إسرائيل تضرب عدوهم الداخلي.
لقد أدت العملية، أيضا، إلى عودة جنين للعناوين الرئيسية. ذات مرة، كانت عاصمة الإرهاب بلا منازع في السامرة، ولكنها أصبحت، في السنوات الأخيرة، أكثر مدينة هادئة في الضفة الغربية. وقد حدث ذلك نتيجة مزيج من ثلاثة عوامل: النشاط المكثف لإسرائيل الذي حطم البنية التحتية للإرهاب في المدينة؛ تحسن الوضع الاقتصادي نتيجة للتجارة الكبيرة، خاصة من جانب عرب إسرائيل الذين يزورون جنين غالبا للتسوق في عطلة نهاية الأسبوع؛ وحقيقة أنه لا توجد مستوطنات يهودية بالقرب من جنين - أي أنه لا توجد أهداف متاحة.
وتظهر التجربة السابقة أن الإرهابيين يعملون في منطقة مألوفة لهم، وغالبا على مقربة من البيت – لكي يتمكنوا من الهرب بسهولة. هذه المرة كان على الإرهابيين السفر لأكثر من نصف ساعة في كل اتجاه حتى صادفوا الهدف بالقرب من حفات جلعاد. بدون استخبارات مسبقة، من الصعب جدا منع حدوث عمليات كهذه. ويجب تركيز الجهود الآن على إحباط خلايا مماثلة، والحرص كي لا تستيقظ جنين وتعود إلى إنتاج الإرهاب كما حدث في العقد الماضي.
الجيش الإسرائيلي – وضعك، حوّل.
يكتب أمنون لورد، في "يسرائيل هيوم" انه قبل نحو شهر، وخلال جولة على الحدود في الشمال، أشار ضابط إلى قرية لبنانية معروفة. وقال انه في حال تطور سيناريو حربي، فانه يتوقع أن يُطلب منه ومن فرقته تنفيذ مهمة ستشمل تحييد هذه القرية. وساد الافتراض أن المقصود احتلالها في عملية برية، من خلال الاستفادة من التطور التكنولوجي. لكن الضابط رفض التعليق على الطريقة التي ستستخدم ضد القرية. والسبب هو ليس أن كل خطة عسكرية تعتبر سرية بطبيعتها، ولكن لأن الأساليب اليوم ليست روتينية. حتى المصطلح العام مثل عملية برية بقي غامضا.
هذه الأمور صحيحة بشأن الجيش الإسرائيلي كله. إخفاء الطريقة التي استخدمت لتفجير ثلاثة أنفاق مؤخرا، والتي قتل في أحدها 15 إرهابيا، وكيف ينوي الجيش الإسرائيلي التعامل مع المناطق العمرانية في لبنان، يخلق ضبابا صحيحا حول الحرب وقدرات الجيش الحقيقية. وبالمناسبة، فإن رئيس الأركان يقدر بأن احتمالات الحرب منخفضة، نظرا لانتشار حزب الله وتشابك الضغوط التي يخضع لها.
هذه هي الخلفية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عندما نسمع انتقادات حول حالة القوات البرية في الجيش الإسرائيلي. لقد خرجت القوة الدفاعية الرئيسية لدولة إسرائيل، في السنوات الأخيرة عن توازنها. لدى الجيش ذراعين – في الجو والبحر - حالتهما جيدة بل ربما ممتازة. القوة الجوية تتعزز باستمرار، وسلاح البحرية هو قوة مهنية تحافظ على مستوى عال.
لكن الذراع الثالثة، الجيش البري، آخذ في التضاؤل. نسمع مرارا وتكرارا أن النصر في الحرب المستقبلية لن يتحقق إلا من خلال عملية حاسمة للقوات البرية. جنود بأحذية عالية، يزحفون بين الأشواك، ويغوصون في الطين. سلاح الجو لن يكفي للمهمة، والقوات البرية ستعمل من أجل السيطرة على مناطق إطلاق النار.
يعتقد الجيش الإسرائيلي انه يملك القوة الكافية لتنفيذ المهمة، بينما يعتقد المعارضون انه ليس جاهزا لذلك. لقد تخلت قوات الاحتياط عن التكنولوجيا القديمة، لكنها لم تستوعب حتى الآن التكنولوجيا الجديدة. الجيش الإسرائيلي يعتبر جيشا متقدما في العالم في مجال السيبر، لكنه، خلافا للجيش الأمريكي، ليس لديه ثلاث سنوات لكي يحارب ويقضي على داعش. أمام حزب الله سيكون مطالبا بتحييد التهديد الأساسي خلال أقل من أسبوع.
هذا كله يجعل البعض يعتقدون أن الجيش لا يملك اليوم كما كافيا من القوات لتنفيذ المهام. "اللجنة تعتقد انه يجب فحص خطط بناء القوة مقابل تحسين الموارد من جهة، والسيناريوهات المتطرفة، من جهة أخرى". هذا ما كتبته لجنة الخارجية والأمن في تقريرها الذي وقعه عوفر شيلح وآبي ديختر، والذي نشر قبل أكثر من ثلاثة أشهر. "يجب بناء سيناريو للحرب على جبهتين متوازيتين، لأنه من الواضح انه لا يمكن استخدام الوحدة ذاتها على جبهتين في آن واحد"، أضاف التقرير. وهذا يلمح للقارئ بأن الجيش ليس معدا اليوم لسيناريو الحرب المحتملة على الجبهتين السورية واللبنانية، من جهة، وقطاع غزة من جهة أخرى. وتصبح الأمور أشد خطورة لأن هناك مشاكل تتعلق بجاهزية قسم من القوات للحرب.
هناك شعور بأن هذه الحالة قد دخلت بالفعل في وعي القادة السياسيين. وربما يكون هذا أسوأ، لأن الاحتكاك الحربي هو عملية يمكن أن تجعل من الوحدات التي تعاني من أوضاع سيئة، وحدات ذات كفاءة عالية في غضون فترة قصيرة جدا من الزمن. ولكن إذا كانت القيادة السياسية تخشى إدخال القوات إلى ساحة المعركة، كما حدث في الجرف الصامد، فإن النتيجة بالنسبة للجيش الإسرائيلي ستصبح أسوأ من ذلك: من تجربة السنوات الثلاث والنصف الماضية، يمكن الافتراض أن مثلث القيادة الأمنية – رئيس الحكومة، وزير الأمن ورئيس الأركان - يتحد في تصوره بأن "الحرب بين الحروب" هي في العصر الحاضر التحدي الذي يواجه دولة إسرائيل.
هذا الافتراض يعني العمل المنسق، كي لا نصل إلى حرب ذات قوة عالية. ويمكن الافتراض أن تصور القادة هو أن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الأخرى الضالعة في المعركة مناسبة تماما للمهمة، كما هي اليوم. لكنهم لا يريدون اختبار الجيش في لحظة الحقيقة، التي سيطالب فيها بإزالة التهديد عن مواطني إسرائيل وبنيتها الاستراتيجية.
خوف من متلازمة "طيبع"
عموما، تتركب القوة الاستراتيجية الإسرائيلية، التي توفر المنتج الأمني الذي يستخدمه الجمهور والمجتمع الدولي، من القوات الجوية والبحرية والموساد والشاباك والوحدات الخاصة. وليس أكثر من ذلك.
أولئك الذين ينتقدون القوات البرية في الجيش الإسرائيلي اليوم يخافون من سيناريو شركة "طيبع". ذات مرة كان يسود الاعتقاد أن هذه هي أكثر سهم آمن على مدى العصور، وفجأة تولدت ظروف بيئية جديدة ومختلفة، وفي غضون بضع سنوات أصبحت الشركة تنهار أمام أعيننا، وهناك قرابة 2000 موظف قد يجدون أنفسهم بدون عمل في المستقبل.
في الجيش، يجري الحديث عن فصل 6000 جندي وضابط من الخدمة الثابتة. مؤخرا، وصف نائب رئيس الأركان السابق للجيش، يئير جولان، وضعا مثاليا، في مجال الميزانية، تم، وفقا له، توصل وزارة المالية والجيش إلى "مخطط ميزانية مستقر" للجيش لسنوات طويلة. ولكن تحت السطح يدور صراع كبير بين الجنرالات، وخاصة قادة القوات المسلحة، حول الموارد التي تم كسر توازنها: إن الجنرال الذي يقرر قيادة خطوة معينة أو تطوير مشروع هام في قطاعه لن يثير هذه المسألة على جدول أعمال منتدى الأركان العامة. سوف يفعل كل شيء لكي يعمل لوحده، بشكل مستقل، أو أمام رئيس الأركان، فقط، خوفا من أنه إذا قام بعرض خططه في اجتماع الأركان العامة، فان جنرالات آخرين سوف يقومون بوضع العصي في العجلات. سوف يطرحون ادعاءات من نوع "لماذا أنت نعم ونحن لا؟!"، حسب ما قاله رئيس أركان متقاعد في دراسة حول منتدى الأركان العامة، والذي نشرت بعض استنتاجاته في هآرتس قبل بضعة أسابيع.
ونتيجة للتقليصات العميقة في القوى العاملة، نشأ وضع أصبح فيه الجيش يأكل نفسه: فالأولوية المطلقة تعطى للوحدات الجديدة في مجالي السيبرانية والاستخبارات والقوات الجوية، على حساب موارد القوات البرية. والمسألة لا تتوقف على الميزانيات فقط، ولكن أيضا على القوة العاملة ذات الجودة. وقال ضباط كبار "إن هذه عملية غير متناسبة تضعف عنصر البر في الحرب القادمة". والحديث عن 2000 وظيفة جديدة تقطع في اللحم الحي للقوات البرية. هذا وظائف تخرج من وحدات قائمة؛ أخرجوها من المدرعات، المدفعية، الهندسة والجهات الداعمة للقتال والتدريب.
والنتيجة الخطيرة فعلا، هي ضربة لمعنويات ضباط القوات البرية المهاجمة. انهم يحصلون على المهام ولا يستطيعون القيام بها. هذا ليس نشاطا تشغيليا؛ انهم يشاهدون منحدرا يؤدي في نهاية المطاف إلى جيش من النوع الذي لا يريدون الخدمة فيه. والدليل على ذلك هو أن ثلاثة من كبار القادة رفضوا في جولة تعيينات الجنرالات الأخيرة اقتراح رئيس الأركان بأن يتولوا قيادة القوات البرية.
قائد القوات البرية يفقد قدرته على التأثير على التوازن بين الأذرع العسكرية. انه يدير معركة تراجع أمام استنزاف الموارد في الميزانيات والقوى العاملة، هذا تيار من التقليصات التي اجتازت، وفقا للبعض، الخط الأحمر. ما يحدث هنا هو فقدان التناسق، لأنه في نهاية الأمر، لا يستطيع سلاح الجو والمخابرات، وكلاهما هيئات عالية المستوى، حسم الحرب في ساحة المعركة.
لقد تحول مفترق الطرق الذي يواجه القوات البرية إلى نقاش متواصل بين وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ورئيس الأركان الجنرال غادي إيزنكوت. لقد وضع ليبرمان تقييما مفاده أن حالة القوات البرية سيئة. وتأثرت وجهة نظره بتقارير مراقبة قاسية صدرت مؤخرا عن الجهاز الأمني.
في الوقت الحالي، يتم احتواء النزاع الخطير بين القائدين؛ انهما لا يريدان له أن يخرج من إطار الجيش، وتنفي قيادة الجيش وجود أي خلاف، لأن القوات البرية منذ إعداد خطة جدعون متعددة السنوات، حظيت "بالأولوية الكاملة".
لقد قال رئيس الأركان إيزنكوت مؤخرا، في منتدى مغلق، وباقتناع كبير، أن الجيش الإسرائيلي الآن أكثر تأهيلا وتدريبا مما كان عليه في أي وقت مضى في السنوات العشرين الماضية. مستوى تدريب ألوية الجيش هو أعلى مستوى يتذكره. وتمت مساواة ميزانية القوات البرية مع ميزانية القوات الجوية. وانتقل سلاح المشاة المدرع إلى جدول زمني يعطيه حوالي 50 في المئة من الوقت للتدريب. وأصبح مستوى المعدات للفرد يشبه مستوى الجنود في وحدة النخبة - "ساييرت ماتكال". ويقول ايزنكوت: "أنا أثق 100 في المئة بكل قائد كتيبة، قائد لواء وقائد فرقة". وقال إن "التحسن هائل".
وهذه نهاية الذكريات
يكتب ناحوم برنياع، في "يديعوت احرونوت"، أنه تم بناء متحف ياسر عرفات في فناء المقاطعة في رام الله، بجوار المباني الرئاسية. ويبدأ الزائر رحلته عند القبر، وهي ساحة ضخمة، مربع لامع من الرخام الأبيض، وينتهي في الجناح الآمن، في الواقع القبو الذي عاش فيه عرفات خلال الأشهر الأخيرة من حياته، خلال حصار الجيش الإسرائيلي. لقد تم فتح المتحف في تشرين الثاني 2016، وحتى اليوم زاره 45 ألف زائر، كما يشير الدليل بفخر. لقد توقعت أن العدد أكثر من ذلك.
المبنى رائع وفقا لكل المعايير. تصميم حديث، غربي، معقم، غريب عن البيئة. ويذكر بمكتبة كندي في بوسطن، ببيت بيغن في القدس، بمركز رابين في تل أبيب. كما أن الفكرة وراء العرض متشابهة: الربط بين القائد والتاريخ وبين التاريخ والقائد. هنا وهناك يجري ثني التاريخ، مما يفسح المجال لعظمة القائد. هذه هي طبيعة عبادة الشخصية.
وصلت إلى هناك أنا وروني شاكيد. لقد أمضى شاكيد 14 عاما في الشاباك، غالبيتها في الضفة الغربية، و31 عاما كمراسل لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في المناطق، وفي السنوات الخمس الأخيرة أنهى الدكتوراه، ويعمل محاضرا في معهد ترومان في الجامعة العبرية في القدس. هذا الشهر صدر كتابه "من وراء الكوفية"، الذي يعتمد على رسالة الدكتوراه. ويصف الكتاب بشكل عميق وثاقب وجهة النظر الفلسطينية للصراع. طلبت إجراء مقابلة معه في رام الله. لقد اجتزنا هناك الكثير من المغامرات، قلت له. هذا هو المكان الصحيح.
"رائع"، قال شكيد. "سنزور متحف عرفات. في 1974، عندما كنت مركزا للشاباك في محافظة رام الله، كان مكتبي في المقاطعة. لن تصدق، ولكن عندما عاد عرفات إلى رام الله، اختار إقامة مكتبه بالذات في غرفتي".
في المتحف، وجد شاكيد قطعة تذكارية أخرى تعود إلى أيامه في الشاباك. بعد حرب الأيام الستة، عمل عرفات سرا في منطقة رام الله. وأصدر الشاباك في حينه مذكرة مطلوب عنه. وبعد البحث، تم العثور عليه في قرية بالقرب من رام الله. لكنه تمكن من الهرب في اللحظة الأخيرة، إلا أنه ترك خلفه راديو الترانزستور. في وقت لاحق، قام جدعون عزرا، قائد المنطقة، بإهداء الراديو لروني شاكيد. وتركه شاكيد لمن جاؤوا بعده. والآن يتم عرض الراديو في المتحف، إلى جانب القرآن الكريم، والكوفية، والنظارات، والمسدس والجراب.
سألته: هل عرف الفلسطينيون بماضيك في الشاباك؟
"بالتأكيد عرفوا ذلك"، قال.
وهل جعلهم هذا يتحفظون منك، سألته.
"بالعكس"، قال، "لقد حكموا عليّ بناء على معاملتي لهم وعلى مصداقية كتاباتي. كانوا يعرفون من أنا. أنا صهيوني، قلت خلال لقاء مع إسماعيل هنية، زعيم حماس، فاحترمني أكثر".
حائط المدخل إلى المتحف زين بلوحات زيتية ضخمة تخلد وجوه أبطال فلسطين على مختلف الأجيال، من المفتي الحاج أمين وحتى أبو مازن، من جورج حبش وحتى أبو جهاد، من ليلى خالد وحتى الشيخ ياسين. وهناك خارطة ذكية تعرض بلمسة إصبع كل بلدة كانت في فلسطين في 1922، بما في ذلك مستعمرة بيتاح تكفا. ويبدأ العرض بصورة ثيودور هرتسل ووصف الكونغرس الصهيوني الأول. ما تحفظه الذاكرة اليهودية كأحداث الشغب في 1929، بما في ذلك المذبحة الوحشية في الخليل، يوصف في الذاكرة الفلسطينية بثورة البراق – الاحتجاج الفلسطيني الشعبي على الدعم البريطاني لليهود. نحن نقول الحائط الغربي، وهم يقولون البراق، حصان النبي محمد. مايكل روهان، الأسترالي الذي أحرق المسجد الأقصى في 1969، يوصف في المتحف بأنه "مستوطن يهودي".
الفلسطينيون مثلنا، بل ربما أكثر منا، يقدسون الذكرى – هذا ما يوحدهم، هذا هو دينهم القومي.
سيرة عرفات، منذ ولادته وحتى ظروف وفاته، يتم عرضها في المتحف كقصة بطولة أسطورية، أكبر من الحياة، أكبر من الواقع. لا توجد أخطاء، لا ندم، لا هزائم، ولا وجود حتى لسهى، زوجته وأرملته. لقد تم إقصاؤها ليس فقط من السياسة الفلسطينية والمال - بل تم إزالتها من الذاكرة، أيضاً.
لكن المتحف يحتوي أيضا على وصف واقعي للأحداث التاريخية، خالية من الدعاية، والاقتباسات المثيرة للإعجاب من قصائد لشعراء، معظمهم من "الإسرائيليين": محمود درويش، توفيق زياد، سميح القاسم. وهناك صور توضح جيدا الهزيمة واللجوء في عام 1948، والمعاناة في ظل الاحتلال منذ عام 1967 فصاعدا، والجدار الفاصل والهجمات الإرهابية. ويعتبر اتفاق أوسلو إنجازا كبيرا لعرفات. ويجري عرض بيرس ورابين كشركاء للسلام.
لقد تم الحفاظ على الطابق التي نزل فيه عرفات خلال الحصار كما كان: أكياس الرمل على النوافذ، والمخزن، والأسرة ذات الطابقين التي نام عليها حراس الأمن وبنادق الكلاشينكوف التي استخدموها، وفي الطرف، الشقة المتواضعة المخصصة للقائد – غرفة نوم متقشفة، بدون نوافذ، سرير وكالة، خزانة مفتوحة علقت فيها بدلات الكاكي التي كان يرتديها، صورة صغيرة لابنته زهوة بين ذراعيه، وحمام متواضع وآلة أكسجين تم نقلها إلى غرفة مجاورة بسبب ضيق المساحة. هل سممته إسرائيل، سألت المرشدة، خريجة قسم الصحافة في جامعة بير زيت. وارتبكت في قول ما كانت تريد قوله. وقالت في نهاية المطاف "على الأرجح، نعم".
جابوتينسكي في رام الله
يوم الثلاثاء، كانت رام الله مليئة بالأعلام الحمراء، التي ترفرف بفخر على أعمدة الإنارة على طول الشوارع الرئيسية. لمن هذا التكريم، سألت. فقال شاكيد "تكريما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. اليوم هو يوم الذكرى السنوية لتأسيسها". على لوحات الإعلان في الشوارع تم تعليق صورة أحمد سعدات، قائد الجبهة المسجون في إسرائيل، وظهر سعدات إلى جانب عرفات ومروان البرغوثي، أبطال فناني الرسم على الجدران.
إذا تم إطلاق سراح البرغوثي في وقت ما، فسيجد صعوبة في معرفة رام الله. اللافتات باللغة الإنجليزية. حتى أسماء المطاعم والفنادق وأماكن الترفيه كتبت بالإنجليزية كما هو الحال عندنا. السيارات حديثة وكبيرة. الأموال تتدفق. خيالات أصحاب رؤوس الأموال والمعماريين ولدّت المباني الجديدة، مستديرة، مثلثة، مخروطية. في وسط المدينة أقيم مبنى مكاتب ضخم على شكل سفينة. الهدف من ذلك هو جذب الانتباه، وفي الوقت نفسه التذكير بسفينة العودة. كما تم بناء برج يتألف من 32 طابقا، مع مطعم في قمته. في يوم واضح يمكنك أن ترى تل أبيب: هذه هي جاذبيته.
وأضاف مجمع الحكومة في رام الله المزيد والمزيد من المباني. كل شيء جديد ومنظم. يبدو أنه كلما كانت للفلسطينيين دولة أقل، كلما كانت لديهم حكومة أكبر (أو على الأقل، مباني حكومية أكثر).
في الصباح، قمنا بزيارة مقر منظمة التحرير الفلسطينية في شمال رام الله، زياد درويش، رجال الاتصال بين منظمة التحرير الفلسطينية والمجتمع الإسرائيلي، قادنا إلى الطابق العلوي حيث يقام معرض صغير. على جدرانه تم عرض نصوص كتبها بيرل كاتسنيلسون وألبرت أينشتاين وزئيف جابوتينسكي وآرييل شارون واسحق رابين وعاموس عوز بالعبرية والإنجليزية والعربية، مع صورهم. وقد تم اختيار النصوص بعناية. كلها تتحدث عن السلام بين اليهود والعرب.
أنا مرتبك، قلت لروني شاكيد، كيف يتفق هذا مع خطاب أبو مازن "يخرب بيتك"؟
جلسنا في أزورا، مطعم يعرض طعاما شرقيا وفرنسيا. من حولنا جلس محليون وأجانب. تحدثنا بالعبرية. هل صدمك الخطاب، سألت. "لا، لم يصدمني" رد شاكيد. "أبو مازن يعرف التمييز بين معتقداته والنموذج السياسي. انه لم يخرج أبدا عن الرواية الفلسطينية ولو بمليمتر واحد. الرواية تحدد أن الاستيطان الصهيوني هو خدعة استعمارية. القوى العظمى التي لم ترغب باليهود في أوروبا، أرسلتهم إلى هنا، لكي يقوموا بالعمل بدلا منها. الكلمات التي قالها لي أدهشتني: انه يريد كل شيء. لكنه يعرف أنه يقف أمام جدار حديدي – دولة إسرائيل. ليس لديه أي مفر إلا التسليم بوجودها.
"ليست معتقدات أبو مازن هي التي فاجأتني، وإنما قراره التعبير عنها بهذا الشكل الصارخ. انه غاضب، أحد أسباب غضبه هو أننا نصفه بأنه أسوأ عدو لإسرائيل، في حين أن إسهامه في أمن الدولة لا يقل عن مساهمة الشاباك، وهذا ما يقوله لي الشاباك نفسه".
نتنياهو قال، سقط القناع عن وجه أبو مازن، قلت.
"لم يكن هناك أي قناع أبدا"، قال شاكيد. "هذا هو أبو مازن، هذه هي آراؤه. ومن جهة أخرى، منذ 2005، وهو يقود مفهوم الدولة الفلسطينية على 22% من الأرض بين الأردن والبحر، مع عاصمة في القدس الشرقية. هذا هو الحل السياسي بالنسبة له".
لكنه يرفض وجود إسرائيل أخلاقيا، قلت.
"هذا صحيح"، قال شاكيد، "لكنه مستعد لمصالحتها سياسيا".
من يرفض أخلاقيا وجود إسرائيل، لن يتمكن من التوقيع أبدا على اتفاق ينهي الصراع. قلت.
"للأسف الشديد، هذا هو استنتاجي"، قال شكيد، "ليس الجانب الفلسطيني وحده هو المذنب – بل جانبنا أيضا. الحكومة تقودنا إلى الدولة ثنائية القومية. مشروع المستوطنات خلق الدولة الثنائية بشكل واقع".
1000 مفتاح
في الجيش، خدم شاكيد في دورية النخبة "سييرت ماتكال"، في سنواتها الرمادية. وفي الجامعة درس علوم الشرق الأوسط، وفي عام 1968، اقترح عليه أحد المعلمين بأن يجرب حظه في الشاباك. منذ 50 عاما وهو يدرس الصراع.
على مدار السنوات كان يجمع كل ما يتعلق بالسرد الفلسطيني، من أغاني الأطفال، والطوابع، والملصقات، وحتى المفاتيح - الرمز الملموس للنضال من أجل حق العودة. يقول: "لدي صور لـ 1000 مفتاح مختلف".
التضحية تضربهم طوال الوقت، قلت. لماذا يدمنون عليها؟
"لأنهم يتطلعون إلى الماضي". قال. "مستقبلهم يغرق في الماضي، هذه مأساة، لأنهم لن يعودوا إلى الأماكن التي ينتمون إليها، وليس لديهم فرصة للعودة في ظل المحور الإسرائيلي".
سألت: كيف تترجم تطلعاتهم إلى واقع يومي.
"وفقا لبيانات الشاباك، فإن أكثر من 600،000 فلسطيني مروا عبر السجون الإسرائيلية منذ عام 1967. ووفقا لبيانتهم فان العدد هو 750 ألف. أنا لا أتحدث عن القتلى والجرحى. هذه وطنية على مستوى عال إلى حد ما.
"لقد طوروا آليات البقاء على قيد الحياة، الصمود يسمح لهم بالعمل في إسرائيل، والعمل في المستوطنات ومواصلة الكفاح. في إسرائيل يسمعون تصريحاتهم ويصرخون - تحريض. لا يفهمون أن هذا هو ما يفكرون فيه ويشعرون به حقا.
"بعد خمسة وعشرين عاما على اتفاقات أوسلو، يتم تصوير طلاب من حركة فتح مع أحزمة متفجرة. حماس في غزة تستثمر ليس فقط في الأنفاق – بل في التعليم أيضا، وخاصة في مجال التعليم. كل ابن 20 عاما في غزة تثقف على أيديولوجية حماس. هذا هو دماغه."
كتابك متشائم جدا، قلت.
"بدأت العمل على المواد بدون تحامل. اعتقدت أنني سأجد الكثير من الأصوات التي تدعو إلى السلام، واستعدادا أكبر للتوصل إلى تسوية، وكتبت في نهاية المطاف كتابا يتناقض مع وجهة نظري السياسية، توصلت إلى استنتاج مفاده أن الصراع غير قابل للحل، شعبان متطرفان يجلسان أحدهما داخل الآخر، ولا توجد وسيلة للجسر بينهما. هذا سبب لي الإحباط الشديد. الكتائب متشائم لأن الواقع متشائم".
إذن، لماذا تغضب عندما يقول ذلك نتنياهو وبينت وليبرمان، سألت.
"لأنه يجب علينا العيش معهم".
ولكنك تشرح بأنهم لا يريدون العيش معنا، قلت.
"فليحققوا الانفصال إذن"، قال. "اعتقد أن حل الدولتين لا يزال ممكنا، لا توجد مواقف لا رجعة فيها في التاريخ".

التعليـــقات