رئيس التحرير: طلعت علوي

مخاطر أزمة ديون جديدة تلوح في أفق الاقتصاد العالمي

الثلاثاء | 19/12/2017 - 09:41 صباحاً
مخاطر أزمة ديون جديدة تلوح في أفق الاقتصاد العالمي


بعد نحو عشر سنوات على كارثة إفلاس مصرف ليمان براذرز، ترجح التوقعات أن يتواصل نمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2018، لكن مخاطر أزمة ديون جديدة تلوح في الأفق.
وتشير جميع المؤشرات إلى تحسن الاقتصاد العالمي، ففي الولايات المتحدة، يتوقع أن تستمر خلال العام المقبل واحدة من أطول دورات النمو التي شهدها هذا البلد في تاريخه. أما الدول الناشئة، فعاودت النهوض باقتصادها بعد التباطؤ الذي سجلته عام 2014، حيث تلعب الصين دور المحرك، فيما قوى اقتصادية كبيرة مثل البرازيل تخرج من الانكماش، وأخيرا، عادت منطقة اليورو التي كانت آخر منطقة تنضم إلى قطار النمو، لتسجيل انتعاش قوي.


وبحسب "الفرنسية، قال بيار موسكوفيسي، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية مبديا ارتياحه، "إن الأزمة التي حلت بقارتنا، باتت خلفنا وهذا النمو يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا الوضع مستدام".
ويتوقع صندوق النقد الدولي، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي نموا عالميا بنسبة 3.7 في المائة العام المقبل وقد استعادت المنظمتان تفاؤلا نادرا ما ظهر منذ نحو عشر سنوات، في تباين مع أجواء التشاؤم المخيمة قبل نحو سنة إثر التصويت البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة بناء على برنامج حمائي.
غير أن المؤسسات الدولية تسارع إلى التخفيف من الحماسة العامة وتدعو مختلف الدول إلى اغتنام "الظروف المؤاتية من أجل إصلاح أوضاعها"، وهو ما رددته مرارا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد. وتشير هذه الدعوات إلى أن الوقت قد حان لتطبيق الاصلاحات التي تسمح بمقاومة أي عواصف في المستقبل.


وما يزيد من وطأة هذه الدعوات أنه من غير المستبعد أن يشهد العالم أزمة جديدة، وقد ضاعف صندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي وعديد من المختصين الاقتصاديين في الآونة الأخيرة التحذيرات من مخاطر المديونية المتزايدة في القطاع الخاص، في وقت يعمل فيه "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي" والبنك المركزي الأوروبي على وضع حد تدريجيا لسياستهما المتساهلة المعتمدة في السنوات الماضية.
وقال أنخيل جوريا، الأمين العام لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أخيرا، "إن مديونية الأسر والشركات بلغت مستويات قياسية في عديد من الدول"، مشيرا بصورة خاصة إلى الشركات المعروفة بتسمية "زومبي" التي تستمر وتتمول بفضل القروض المتدنية التكلفة التي يمكن أن تنهار حين تعود معدلات الفائدة وترتفع من جديد.


وقال لـ "الفرنسية"، مختص في الدين العام طلب عدم كشف اسمه "إنها مشكلة فعلية"، موضحا أن "مديونية الشركات في بعض الدول الناشئة الكبرى تصبح طائلة وتطرح بالنسبة إلى بعضها مشكلة مديونية مفرطة، وبالتالي صعوبات في السداد حين تعود معدلات الفائدة إلى الارتفاع".
ولفت إلى أنه "حين يصبح لإحدى هذه الشركات وقع معمم على النظام الاقتصادي، عندها تضطر الدولة إلى تقديم المساعدة لها من أجل إنقاذها، ما يتسبب في انتقال الديون من القطاع الخاص إلى القطاع العام" وهو ما حصل بعد الأزمة المالية عام 2008، حين قامت بلدان مثل إسبانيا وإيرلندا بدعم مصارفها.


وتسلط الأضواء هذه المرة بصورة رئيسة على الصين، وقد حذر صندوق النقد الدولي في مطلع كانون الأول (ديسمبر) أن مصارف العملاق الآسيوي غير مهيأة لمواجهة مخاطر مالية متواصلة، مثل تلك "الشركات الزومبي" التي لا تستمر إلا بفضل الديون وانتشار المنتجات الاستثمارية غير الخاضعة لضوابط.
إزاء هذا الوضع، أبدى جوريا ثقته بالسلطات الصينية، قائلا "أجل، إنها مشكلة. أجل، إنها معروفة وقد تم رصدها، لكن نظرا إلى قدرات السلطات الصينية على التحرك سريعا حيال هذا الموضوع، نعتقد أن الوضع لم يخرج عن السيطرة".


وفي نهاية السنة، ظهر بيتكوين، العملة الافتراضية التي تنتقد في غالب الأحيان باعتبارها "فقاعة مضاربة" التي لا تتوقف عن تسجيل مستويات قياسية، كمصدر قلق جديد في الأسواق، خصوصا إن عمد المشترون إلى الاقتراض لشرائها.
وأوضحت المختصة الاقتصادية انياس بيناسي-كيريه "الأمر الخطير هو اقتران الفقاعة بالمديونية". وقالت "لا أعتقد أن ظاهرة بيتكوين بلغت حجما يمكنها من زعزعة استقرار الأسواق، لكن الأمر نفسه كان يقال عن الرهون العقارية التي تسببت في الأزمة المالية"، داعية إلى الحذر.

 

«الاقتصادية» من الرياض

التعليـــقات