رئيس التحرير: طلعت علوي

خطير! تحقيق استقصائي لـ "وطن": المال مقابل الهواء.. في عدادات المياه الجديدة

الإثنين | 06/11/2017 - 07:55 صباحاً
خطير! تحقيق استقصائي لـ "وطن": المال مقابل الهواء.. في عدادات المياه الجديدة

وطن للأنباء- وفاء عاروري: قبل نحو اربعة شهور تفاجأ المواطن محمد البرغوثي من قرية كوبر شمال رام الله، أن عداد المياه في بيته تم فكه وتبديله بآخر دون علمه، يقول البرغوثي لـ وطن: إن "مصلحة مياه محافظة القدس" قامت بتغيير العداد في بيته، رغم أنه لم يبلغهم عن عطل يشتكي منه العداد.
ولم تكن هذه هي المشكلة بحد ذاتها، وانما الارتفاع الكبير في قيمة الفاتورة الشهرية بعد هذا الاجراء، ففي حين كانت قيمة الفاتورة التي يدفعها قرابة 90 شيكل، أصبحت الآن قرابة 220 شيكل، مع ان استهلاك أسرة البرغوثي للماء لم يتغير وفقا لقوله، فما الذي حدث؟!
ويستهجن البرغوثي أيضا أن الفاتورة لا توضح كمية الاستهلاك للمواطن، ولكنها تحتوي فقط على المبلغ المطلوب دفعه.
مواطنون كثر يشتكون

تجولنا في كوبر التي تعاني شح المياه منذ سنوات، وتحدثنا مع المواطنين، فوجدنا المشكلة ذاتها لدى آخرين.
المواطن لطفي نصار بلغ حجم الارتفاع في فواتيره بعد تغيير العداد قرابة 50 شيقل اضافية، على كل فاتورة، وقال نصار لـ وطن انه لاحظ بنفسه ان عداد الماء يعد الهواء بكميات كبيرة، رغم انه يسكن في منطقة منخفضة، مقارنة مع غيره من المواطنين الذين يسكنون في مناطق مرتفعة في القرية.
وتباع نصار: ما يعني ان حجم الفارق بعد تغيير العداد في فواتيرهم، يفوق الفارق في فاتورته بكثير.
بدوره أكد رئيس مجلس قروي كوبر، عزت بدوان، أن العديد من الشكاوى وصلتهم حول ارتفاع قيمة الفاتورة بعيد تغيير العدادات، ويتساءل بدوان أنه من أين تأتي هذه الفواتير المرتفعة، رغم انقطاع المياه عن كوبر لفترات طويلة.
مواقع التواصل تعج بالشكاوى

مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لعدد من قرى رام الله تعج بشكاوى المواطنين حول عدادات المياه الجديدة، كفر نعمة غربي رام الله إحدى القرى التي تعاني من هذه المشكلة.
توجهنا للقرية وقابلنا عضو المجلس القروي، يعقوب عطايا، الذي أكد أيضا أن شكاوى كثيرة وصلتهم من أهالي القرية تؤكد ارتفاع قيمة فواتير المياه لديهم بأضعاف، بعد تغيير العداد.
وأضاف عطايا: لدينا نماذج عديدة من فواتير مياه لمواطنين كانت قيمة استهلاكهم 200 شيكل، وأصبحت الآن 600 شيكل.
بالفيديو.. سباك اثبت الخلل في العدادات

ليس هذا فحسب، ففي كفر نعمة أيضا، لاحظ السباك خالد الشيخ أن عداد المياه في بيته، يحسب الهواء، فقام بتصويره فورا.
قابلنا الشيخ فقال إن عدادات المياه الجديدة هي عدادات غاز وليست مياه، بالتالي كلما ارتفعت المنطقة يحتاج الماء فترة ومسافة أطول للوصول الى بيت المواطن، في حين تكون الانابيب في هذا الوقت معبئة بالهواء التي يحسبها العداد ويدفع المواطن ثمنها.
مصلحة المياه رفضت الرد

حاولنا إجراء مقابلة مع مدير مصلحة مياه محافظة القدس، عبد الخالق الكرمي، أو من ينوب عنه، وبسبب سفر الكرمي، وعدم وجود من ينوب، أجلنا العمل على تحقيقنا عشرة أيام، وحين عاد أخبرتنا موظفة في مكتبه برفضه إجراء المقابلة.
وأكدت الموظفة أن السبب في ذلك يعود إلى عدم تغطية وطن لاجتماع عقد قبل نحو عام، بين المصلحة وشركائها حول هذا الأمر، وأضافت ان الكرمي لديه انشغالات كثيرة ومن غير المنطقي أن يستيجب لكل من يريد مقابلته.
"المصلحة" هددتنا بالقضاء

أبلغنا الموظفة بنية وطن نشر رفضه الرد على شكاوى المواطنين، فهددتنا على لسان مدير المصلحة بمقاضاتنا.
وأوضحت الموظفة: ان المصلحة قامت بالتعاون مع مؤسسة المواصفات والمقاييس بفحص العدادات ولم يجد فيها أي خلل، وتم اصدار بيان مشترك من الجهات المختصة حول الامر.
وأضافت: وبناء عليه اذا تحدثتي في تقريرك ما يخالف البيان او يخالف اللقاءات التي اجريت حول هذه القضية ستتعرضي للقضاء، وقد اتصل مدير المصلحة بالمحامي لابلاغه بهذا الأمر.
"المصلحة" تنفي رفض مديرها اجراء المقابلة

خاطبنا مصلحة المياه بكتاب رسمي من أجل تزويدنا بالبيانات والتقارير التي يتحدثون عنها، فردوا بكتاب رسمي نفوا خلاله نفيا قطعيا ان مدير المصلحة رفض اجراء المقابلة.
وأمام هذا التناقض في تصريحات المؤسسة، اتصلنا بهم مرة أخرى، لمحاولة اقناعهم باجراء المقابلة وتزويدنا بالبيانات المتوفرة لديهم، فوعدونا بتحديد موعد للمقابلة، وارسال البيانات، فانتظرنا.
وبعد خمسة أيام ارسلوا لنا تقريرا وحيدا منشورا على وسائل الاعلام قبل أكثر من عام، دون تحديد موعد المقابلة التي اتصلنا بهم لأجلها، فماطلوا من جديد.
  سلطة المياه ماطلت أيضا

في هذه الأثناء، حاولنا الاتصال بسلطة المياه، ومقابلتها حول الامر، وبعد مماطلة استمرت قرابة عشرة أيام من طرفهم، قررنا تغيير وجهتنا الى مجلس تنظيم قطاع المياه، وهو المسؤول عن المراقبة على أداء مزودي المياه في الضفة الغربية وفقا للقانون، ولكنه لم يفعل شيئا ازاء قضية العدادات.
العدادات فحصت لمرة واحدة وأُغلق الملف

المدير التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع المياه، محمد سعيد الحميدي، أكد لوطن أن الكثير من الشكاوى وصلتهم حول العدادات الجديدة، وقاموا بمتابعتها والرد عليها، ولكن الرد لا يكون دائما في صالح المواطنين.
كما أوضح الحميدي ان مصلحة المياه اكتفت بفحص عينة من العدادات لمرة واحدة فقط، واصدرت بيانا مشتركا، ولكن هذا غير كافي.
وتابع الحميدي: انا اتمنى على كل مزودي خدمة المياه ان تكون مصلحة المواطن دائما في المقدمة، قبل استيفاء الرسوم.
المجلس: الهوّاية ليست حلا

وأكد الحميدي لـوطن ان مصلحة المياه أبلغته انهم يضعون هوّاية "تنفيسة هواء" على عداد اي مواطن يتقدم بشكوى لديهم، ولكن هذا ليس حلا على الاطلاق، ومن المفترض ان يكون العداد نفسه يضمن الا يحتسب الا الماء.
وتطابق ذلك مع ما قاله لنا المواطن لطفي نصار، من بلدة كوبر، حيث أكد انه حين اشتكى لدى مصلحة المياه قامت بوضع هوّاية للعداد، لكن المشكلة استمرت كما هي، "والهواية لم تجد نفعا".
مع الاشارة الى ان غالبية البيوت التي زرناها لم تحتوي على هذه القطعة التي يجري الحديث عنها، كما لم نستطع معرفة الاسس التي يجري وضع الهوّاية بناء عليها.
وحسب مجلس تنظيم قطاع المياه، فإن مصلحة المياه غيرت منذ عام 2013 نحو خمسين الف عداد لمشتركيها، كلها على نفس النظام الجديد.
"المواصفات والمقاييس": العدادات القديمة والجديدة تحسب الهواء

بعد اسبوع نجحنا في مقابلة مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس، حيدر حجة، وتفاجأنا بمعرفته بأن العدادات تحسب الهواء سواء كانت العدادات القديمة أو الجديدة.
حيث قال حجة لـوطن: العدادات القديمة وجزء من العدادات الجديدة، تعد الهواء، هذا أمر طبيعي، ولكنه الهواء لا يكون في الانابيب بنسبة كبيرة، اي انه لا يؤثر على قيمة الفواتير بشكل كبير.
"المواصفات ": المشكلة في العدادات القديمة

وحول سبب ارتفاع قيمة الفواتير، قال حجة: ان التحليل الفني للارتفاع في قيمة الفاتورة بعد تغيير العداد، هو وجود تكلسات في العدادات القديمة كانت تمنعها من احتساب كمية الاستهلاك بشكل كبير، وحين تم استبدالها  اصبح العداد يحسب قيمة الاستهلاك الحقيقي فارتفعت الفواتير.
نوع جديد من العدادات يجري العمل على استيراده

ولا يبدو هذا التحليل مقنعا للكثيرين خصوصا مع وجود فرق كبير في اسعار الفواتير قبل وبعد تركيب العدادات الجديدة، قد يصل الى الضعف عند بعض المواطنين.
وحسم حجة القضية بعد أن أكد لنا أن نوعا جديدا من العدادات يجري العمل على استيراده لا يحسب الهواء بتاتا، لكنه بحاجة الى فترة زمنية كي يتم اعتماده وتركيبه في منازل المواطنين.
أموال المواطن تُهدر

وفي ظل استمرار تدفق الهواء في العدادات، فإن آلاف الشواقل تهدر يوميا من جيب المواطن، الامر الذي يتطلب معالجة فورية لوقف هذا النزيف من ماله، فيما على الجهات المختصة ان تتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه هذه القضية، التي تمس كل بيت فلسطيني.

التعليـــقات