رئيس التحرير: طلعت علوي

أسباب ضعف الخطط التنموية العربية

الأحد | 22/10/2017 - 02:22 مساءاً
أسباب ضعف الخطط التنموية العربية


أ. د. رشود بن محمد الخريف


على الرغم من الجهود المبذولة والإنجازات التنموية التي تحققت في معظم الدول العربية، إلا أنها دون الطموحات، فلا تزال الشعوب العربية في ذيل القائمة من حيث الإبداع والابتكار والقدرة على إنتاج المعرفة في أي مجال من المجالات، أو السلع والخدمات القادرة على المنافسة على المستوى الدولي.
لا يختلف اثنان على أن التعليم هو المفتاح السحري للتنمية والنهضة العلمية في أي مجتمع، لكن الدول العربية – دون استثناء - لم توفق في اختيار نظم تعليمية فاعلة وإيجاد بيئة تعليمية محفزة للإبداع تُسهم في إنتاج كفاءات، تحمل مشعل النهضة والتقدم. ويقف وراء ذلك عدم اختيار قيادات تعليمية قادرة على رسم رؤية مستقبلية للتعليم، تقوم على دراسات جادة، وليس رؤى فردية، تؤدي إلى إهدار الموارد، وتفويت فرص النجاح وضياع سنوات من الزمن. فكم من البرامج والنظم المستوردة من الشرق والغرب التي طُبقت في دولنا الخليجية خصوصا والعربية عموما! وتزداد المأساة أن كل وزير تعليم يأتي يظن أنه يحمل المفاتيح السحرية لتطوير التعليم، فيبدأ دورة جديدة من التجارب! ومن المؤسف أنه على الرغم من وحدة اللغة وتشابه العادات والتقاليد لم تستطع الدول العربية مجتمعة إنتاج مناهج تعليمية لأي موضوع، ولم تتمكن ولو دولة واحدة أن تكون قدوة لجاراتها من الدول العربية!


الإنسان هو هدف التنمية وهو نقطة البداية في التغيير والبناء، لذلك فإن تنمية الإنسان المنتج المبدع من خلال التعليم النوعي، وغرس قيم العمل، وتعزيز الثقة والإبداع مطلب ضروري للتقدم. فعلى مدى العقود الماضية ركزت برامج التنمية على التطور الكمي والنهضة العمرانية وحققت كثيرا من التقدم، لكن لم يواكب ذلك بناء الإنسان علميا وفكريا وثقافيا.
ولغياب الفكر الاستراتيجي، لم يتمكن كثير من الدول العربية من تحديد أولويات تنموية سواء في مجال نوع التعليم أو الصناعة أو الزراعة أو الخدمات، بل تُركت الأمور تسير كيفما اتفق، ما أدى إلى استنزاف المياه والموارد الطبيعية، دون التوصل إلى إنتاج منتوجات وسلع نوعية منافسة على المستوى الدولي.


يرتبط بما سبق، عدم قدرة الدول العربية على تنمية القيادات التنموية الفاعلة أو تطوير آليات اختيار القيادات في الوزارات والهيئات الوطنية، فعلى مدى العقود الماضية لم تتغير آليات اختيار القيادات، ففي الغالب، تأتي الاعتبارات الشخصية والانتماءات الحزبية أو القبلية أو الإقليمية قبل الكفاءة والخبرة.
ولغياب تطبيق مبادئ العدالة والمساءلة، انتشر الفساد، فلا يكاد ينجو مشروع تنموي دون ارتباط تنفيذه بمصالح أفراد من أصحاب النفوذ الإداري أو المالي، لدرجة وصول الفساد إلى المؤسسات المصرفية التي كان يُعتقد أنها تمتلك نظما آلية تجعلها أكثر حصانة أمام الفساد والاختلاس.
وما يزيد الطين بلة والحلق غصة، أن كثيرا من الدول العربية عموما والخليجية خصوصا أصبحت مرتعا لحملة المؤهلات المتدنية أو حتى المزورة، ما ألحق كثيرا من الضرر بالبنى التحتية، علاوة على صحة الإنسان وسلامة غذائه. فلم تتمكن حتى الدول العربية الغنية من تطبيق معايير وأنظمة مناسبة لاستقطاب الكفاءات والعقول التي تسهم في تحقيق تنمية حقيقية مستدامة.


في المحصلة النهائية، يبدو أن تنمية القيادات وتطوير آليات اختيارها بناء على معايير الكفاءة والخبرة تُعد شرطا أوليا لنجاح خطط التنمية وبرامج الإصلاح التنموي

التعليـــقات