رئيس التحرير: طلعت علوي

الروبوتات قادمة .. تقرير أممي يحذر من استيلائها على ملايين الوظائف حول العالم

السبت | 16/09/2017 - 07:57 صباحاً
الروبوتات قادمة .. تقرير أممي يحذر من استيلائها على ملايين الوظائف حول العالم

حذرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" من أن خطر الروبوتات الصناعية الذي يُهدد الوظائف الجيدة ينتشر في بعض البلدان النامية، لكنه ليس خطراً ماثلاً ولا وشيكاً، غير أنها تحدثت عن تحديات حقيقية ماثلة تهدد الدول الصناعية.
وأوصت المنظمة الأممية بوضع سياسات صناعية رقمية تضمن دعم الروبوتات للتنمية الشاملة بدلاً من أن تهددها، وبحسب موخيسا كيتويي، الأمين العام لـ "أونكتاد"، فإن "الروبوتات تهدد الوظائف في الدول المتقدمة، والدول النامية والناشئة على حد سواء، لكن كما هو الوضع بالنسبة إلى أي تقنية جديدة تُزيح القديمة، فإن هناك فرصاً ومخاطر".


جاء ذلك خلال إطلاق تقرير "التجارة والتنمية 2017: ما بعد التقشف - نحو صفقة عالمية جديدة" في جنيف أمس، ومن جانبه، قال ريتشارد كوزول-رايت، مدير قسم التنمية الاقتصادية في "أونكتاد"، "إن القلق المتعلق بالروبوتات لا يكمن في سعة نطاقها، أو سرعتها القصوى، في التوسع، أو تدخلها الكبير في وظائف الناس فحسب، لكن في انتشارها في وقت غير جيد خفتت فيه الدينامية العالمية للاقتصاد الكلي"، مضيفا أن "هذا القدوم في ذلك الوقت، أعاق الاستثمارات اللازمة لإيجاد قطاعات جديدة حيث يمكن للعمال الذين شرَّدتهم الروبوتات أن يجدوا فرص عمل أفضل".
لكن السؤال الكبير الذي يطرحه التقرير "167 صفحة" وهو ما إذا كانت الروبوتات ستقلل من الفوائد المألوفة في استخدام التصنيع كاستراتيجية للتنمية؟ ويُجيب اقتصاديو "أونكتاد": أن "المهام الروتينية في الصناعات التحويلية وفي الخدمات الجيدة الدفع ستحل محلها الروبوتات، لكن وظائف التصنيع منخفضة الأجور في مجالات مثل مصانع الملابس لن تتأثر إلى حد كبير بالأتمتة".


ويضيفون أنه "على الرغم من أن معظم الوظائف في البلدان النامية لا تتعرض إلى تهديد مباشر، إلا أن الاجاه السائد نحو زيادة تركيز نشاط التصنيع يمكن أن يعقب ذلك، ما يثير القلق من أن الفجوة بين الرابحين والخاسرين من استخدام الروبوت ستتسع بشكل حاد".
ويخلص تقرير "أونكتاد" إلى أن استخدام الروبوت الحالي يعمل لمصلحة البلدان ذات القدرة الصناعية الراسخة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الإضرار بآفاق النمو في البلدان النامية التي توقفت فيها الصناعات التحويلية أو التي تعاني بالفعل "التصنيع السابق لأوانه".


ومن شأن هذا التركيز أن يجعل من الأصعب تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وهو جزء من مخطط اتفق عليه المجتمع الدولي في 2015 في إطار الحملة الجديدة للقضاء على الفقر، وتعزيز الرخاء، وحماية بيئته.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الضجيج المُبالغ فيه الذي يحيط باحتمالات التوسع جداً في إمكانيات التشغيل الآلى القائم على الروبوت، إلا أن استخدام الروبوتات الصناعية على الصعيد العالمي اليوم لا يزال صغيراً جداً ويتركز في خمسة قطاعات هى: صناعات السيارات "انتشر من 40 إلى 45 في المائة بين 2010 و2015"، ومعدات الحواسيب والإلكترونيات "15 في المائة في 2015"، والمعدات الكهربائية "بين 5 إلى 10 في المائة"، تعقبها بمسافة قريبة قطاعات المطاط، والبلاستيك، والمنتجات الكيمياوية، ثم المكائن.
وتتركز الروبوتات الصناعية في عدد قليل من البلدان، إذ يصل عددها اليوم إلى أقل من مليوني وحدة مقابل 1.6 مليون وحدة في 2015، ومن المقدر أن تصل بحلول 2019 إلى أكثر من 2.5 مليون روبوت، حسبما يظهر التقرير.
واستأثرت البلدان المتقدمة بنسبة 60 في المائة من مخزون الروبوتات في 2015، حيث يوجد ما يقرب من نصف الروبوتات الصناعية العاملة في ألمانيا، واليابان، والولايات المتحدة "43 في المائة".
لكن الصين ضاعفت بمقدار أربع مرات من رصيدها في الروبوتات منذ 2010، إذ ما أن حلَّ 2015 حتى تجاوزت حصة بكين من مخزون الروبوتات الصناعية كل ما لدى ألمانيا والولايات المتحدة، بينما ظلت أقل قليلاً من حصة اليابان، ولدى كوريا الجنوبية أكبر عدد من الروبوتات مقارنة بالنسبة المئوية لكل عامل إجمالاً.


لكن أونكتاد تحسب كثافة الروبوتات الصناعية لدى الدول من ناحية عدد الروبوتات في عمليات التصنيع مقارنة بالنسبة المئوية لكل موظف في قطاع التصنيع، ولهذا السبب بقيت الصين في المرتبة 35 من بين 70 دولة تملك أعلى كثافة من الروبوتات، في حين جاءت ألمانيا في المرتبة الرابعة عالمياً، والولايات المتحدة الخامسة.


ونتيجة لذلك، استأثرت ثلاثة بلدان آسيوية فقط - كورياالجنوبية، والصين، واليابان - بنسبه 46 في المائة من الرصيد العالمي المقدر للروبوتات الصناعية في 2015، في حين إن لدى جميع البلدان النامية، بعد استبعاد الصين والدول الآسيوية الصناعية، أقل من 7 في المائة من المخزون العالمي.
وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تستأثر المكسيك وحدها بالجزء الأكبر من انتشار الروبوتات الصناعية في المنطقة، بعد أن سجلت زيادة كبيرة جداً في مخزون الروبوتات الصناعية على مدى السنوات القليلة الماضية. ليس هناك أي روبوتات في إفريقيا.


ومن الدول النامية الأخرى التي لديها أعلى كثافة مسجلة من الروبوتات "أي عدد الروبوتات الصناعية في عمليات التصنيع لكل موظف في قطاع التصنيع"، وهي 70 دولة في المجمل العام، تبرز تايلاند التي احتلت المرتبة الخامسة والعشرين، والمكسيك "27"، وماليزيا "31"، وتركيا "33"، والصين "35" وروسيا "44".
وضمن قائمة الـ 70، تظهر سبع دول عربية تملك بقدر هامشي جداً للروبوتات، وهي حسب ترتيب الكثافة: تونس "المرتبة 47"، والسعودية "55"، والمغرب "56"، والإمارات "57"، ومصر "60"، وعُمان "61"، والكويت "67".
ويقول التقرير "إن معظم الدراسات الحالية تُبالغ في تقدير الآثار السلبية المحتملة على العمالة ودخلها التي تؤثر أو ستؤثر فيها الروبوتات، لأنها تهمل أن تأخذ في الاعتبار أن ما هو مُمكن تقنياً ليس دائماً مربحاً اقتصادياً".


والبلدان الأكثر تعرضاً حالياً للتشغيل الآلي القائم على الروبوت هي تلك التي لديها قطاع صناعي كبير وجيد الأجر، وكانت لآلية الأتمتة المستندة إلى الروبوتات أثر صغير في معظم البلدان النامية، حيث لا تزال الآلة "الماكينة" هي الشكل الغالب للتشغيل الآلي.
وعن التحديات التي تواجه صانعي السياسات، يوضح التقرير أنه من المهم التأكد من أن استخدام الروبوت ينبغي ألا يمس توزيع الدخل، محذراً من أن إهمال هذا الجانب يحمل في طياته مخاطر تؤدي إلى زيادة حصة الدخل الذي يذهب إلى مالكي الروبوتات والملكية الفكرية التي تشملها.
أما الخيارات المتاحة لوقف ذلك، فتشمل وضع خطط يحصّل فيها الموظفون أرباحهم استناداً إلى ربحية الشركة، بحيث يأتي جزء كبير من دخل المواطنين من ملكية رأس المال بدلاً من العمل.

 

aleqt.com

التعليـــقات