رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 7 نيسان 2017

السبت | 08/04/2017 - 05:26 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 7 نيسان 2017


درعي يطالب نتنياهو بتعيين وزير خاص للموضوع الاسرائيلي - الفلسطيني
دعا وزير الداخلية ارييه درعي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لتعيين وزير خاص للموضوع الفلسطيني، واقترح ان يتم تسليم هذا المنصب للوزير تساحي هنغبي الذي يعتبره بلغ سياسيا واعتدل في مواقفه. وقال درعي في لقاء مطول اجرته معه نحاما دويك، وينشر في الملحق الأسبوعي لصحيفة "يديعوت احرونوت"، انه "يوجد صراع مفتوح (مع الفلسطينيين)، هم في داخلنا ونحن في داخلهم، وهذه مشكلة ليست بسيطة، ولكن قبل ان نندم، اقول بصراحة ان ابو مازن لا يريد انهاء العملية السياسية. انه ليس مستعدا لذلك، وقد سبق وقال ذلك جون كيري وكذلك تسيبي ليفني".
وفي رده على سؤال حول ما يجب عمله، قال درعي: "ادعو نتنياهو لأول مرة، من على صفحات الجريدة، في اطار هذا اللقاء: عيّن وزيرا خاصا للموضوع الفلسطيني، لكي يعالج العلاقات الاقتصادية معهم. يجب ادارة الصراع، وهذا لا يتم عمله بشكل كاف. هناك ادارة مؤيدة في البيت الأبيض، وتولدت فرصة، يجب ان تكون اولا في المجال الاقتصادي، لمنحهم الأمل بالمستقبل. يمكن العمل معا، لأن الحقيقة انه في الحرب ضد الارهاب يوجد تعاون وثيق مع السلطة الفلسطينية".
وحين سئل درعي عما اذا كان يريد ان يتسلم هذا المنصب، قال انه يعتقد بأن تساحي هنغبي يلائم لهذا المنصب، فقد بلغ واعتدل في مواقفه.
وسئل درعي عما اذا كان يعتقد بأن نتنياهو سينفذ قرار بناء مستوطنة جديدة لمستوطني عمونة ويمتنع عن البناء خارج الكتل الاستيطانية، فقال: "لقد تم تمرير القرار في المجلس الوزاري الذي يجلس فيه ايضا اصدقائي نفتالي بينت واييلت شكيد. تعلمت العمل مع بينت وهو يفهم انه مع كل السياسة فان هذه هي افضل حكومة ايضا بالنسبة للجمهور الذي يمثله".
وحول امكانية انتخاب بينت لرئاسة الحكومة، قال درعي: "انه يعرف بأنه لن يصبح رئيس حكومة اذا جرت الانتخابات. صحيح انه بذل في الشهر الأخير كل ما يستطيع من اجل حل الأزمة (ازمة اتحاد البث)، لقد اتصل ثلاث واربع مرات في اليوم وسأل كيف يمكن المساعدة. انه يعرف كما تعرف اييلت شكيد ان ايران على الباب".
هناك في الاساس حملة تخويف
"مخطئ من يعتقد ان هذه حملة تخويف من قبل رئيس الحكومة. ليست لدي مصلحة في تضخيم الأمور، ولكنني كعضو في المجلس الوزاري ويتم اطلاعي على الامور بشكل دائم، انا اقول بكل مسؤولية: ايران هي عدو رهيب لإسرائيل. انها تجاهد من اجل العمل وفقا للاتفاق الذي فرض عليها لكي لا يضبطوها وهي تخرقه. انهم يفهمون بأنه يوجد شريف جديد في العالم، لكنهم يبذلون كل ما يستطيعون من اجل الاستثمار في الارهاب ضد اسرائيل، ويضخمون حزب الله بالسلاح كخط امامي لهم مقابل اسرائيل. هل سنعيش للأبد على حافة الحراب؟ لا اعرف. الشعب الايراني ذكي جدا وآمل ان يقوم الشبان في يوم ما ويسألون انفسهم، لماذا يجب عيلنا محاربة اسرائيل".
كعضو في المجلس الوزاري، هل تعتقد بأن التطورات في سورية تبرر تدخل اسرائيل بما يحدث هناك؟
"يمكنني اقتباس رئيس شعبة الاستخبارات السابق، الجنرال عاموس يدلين، الذي قال ان على اسرائيل قصف مستودعات السلاح الكيميائي في سورية. اعتقد ان المجلس الوزاري سيجتمع قريبا ويناقش كل الأبعاد ويتخذ القرارات. لن اوصي باحتلال سورية، ولكن من المؤكد ان هناك طرق لمعالجة ما يحدث ولا يمكن الاكتفاء بالشجب والاعراب عن الأسف. هناك المسار الدبلوماسي والمسار العملي".
وفي الحديث عن اجواء الانتخابات في اسرائيل، يقول درعي انه اذا جرت الانتخابات قريبا، فان يئير لبيد الذي يتقدم في استطلاعات الرأي لن يصل الى البيت في شارع بلفور (منزل رئيس الحكومة الرسمي). ويمتنع درعي عن ذكر اسم لبيد، ويقول: "لن نوصي به امام رئيس الدولة. سنوصي ببيبي او مرشح آخر من معسكر اليمين. لم ننس بعد ما فعله بنا حين كان وزيرا للمالية. لقد حاول بشكل منهجي شطب كل شيء يرتبط بالتعليم الديني ومس بالشبان المتدينين عندما الغى ضريبة القيمة المضافة عن الجميع الا عنهم، حين حدد بأن من خدم في الجيش فقط يستحق الامتياز. كما مستعدين للتسوية، لكنه لم يكن مستعدا لذلك وكشف كراهيته وما يفكر به فعلا عنا".
واعرب درعي عن اسفه لعدم انضمام يتسحاق هرتسوغ الى الحكومة كوزير للخارجية، وقال انه يقدره جدا وان حزب العمل اساسي وجيد، مضيفا: "حقيبة الخارجية جاهزة، فليأتوا".
السيسي يبلغ الجاليات اليهودية دعمه لعقد مؤتمر سلام اقليمي
تكتب "هآرتس" ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال خلال لقاء عقده يوم الخميس، مع قادة التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة، انه يدعم بشكل مبدئي عقد مؤتمر سلام اقليمي في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني، فقط اذا كان المؤتمر سيقود الى تقدم ملموس نحو اتفاق سلام، ولا يكون مجرد "حديث من اجل الحديث فقط". وقال ان مصر ملتزمة بدعم جهود السلام التي تبذلها ادارة الرئيس ترامب، وان اتفاق السلام الاسرائيلي الفلسطيني سيؤثر ايجابا على الشرق الاوسط كله، وسيساعد على حل مشاكل اخرى في المنطقة.
وتحدث السيسي طوال ساعتين تقريبا مع مجموعة ضمت حوالي 50 زعيما من التنظيمات اليهودية ومعاهد الابحاث في واشنطن. وكانت المحادثة مغلقة امام وسائل الاعلام. وقالت جهات شاركت في اللقاء، لصحيفة "هآرتس" ان حوالي ثلث كلمة السيسي وحوالي نصف الأسئلة التي رد عليها تعلقت بالموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني. واوضح السيسي التزام مصر بحل الدولتين وقال ان كل اتفاق مستقبلي يجب ان يشمل قطاع غزة.
واعرب السيسي عن تفاؤل العالم العربي ازاء الخطوات التي قامت بها ادارة الرئيس ترامب حتى الان على حلبة الشرق الاوسط، واكد ان مصر تريد رؤية تحالف دولي واسع وفاعل يحارب الارهاب. وكرر تأكيد التأثير الايجابي للاتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، على خلفية التزام الدول العربية بمبادرة الجامعة العربية لعام 2002، والتي تتضمن اقتراحا عربيا بالاعتراف بإسرائيل واقامة علاقات كاملة معها بعد قيام دولة فلسطينية على حدود 67.
واشنطن اطلعت اسرائيل وروسيا مسبقا على مخطط الهجوم على سورية
تنقل هآرتس" عن مسؤول اسرائيلي رفيع، قوله صباح الجمعة، ان الولايات المتحدة اطلعت اسرائيل مسبقا على نيتها مهاجمة سورية، فيما قال مسؤولون امريكيون ان واشنطن ابلغت موسكو قبل الهجوم في سبيل منع مواجهة مباشرة بين الدولتين.. ورحب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالهجوم الذي شنته الولايات المتحدة ليلة الخميس/الجمعة، على قاعدة عسكرية تابعة للجيش السوري في شرق سورية، وقال: "بالأقوال والأفعال، بعث الرئيس ترامب رسالة قوية وواضحة: استخدام السلاح الكيماوي ونشره هي مسألة غير محتملة". وقال ان "اسرائيل تدعم بشكل كامل قرار الرئيس ترامب وتأمل ان تدوي هذه الرسالة ردا على الاعمال الرهيبة لنظام الأسد، ليس في دمشق وحدها، وانما في ظهران وبيونغ يانغ وفي اماكن اخرى".
واطلق الجيش الأمريكي حوالي 50 صاروخ توماهوك على القاعدة العسكرية السورية الواقعة على مشارف مدينة حمص، والتي يسود التكهن بأن الهجوم الكيميائي على ادلب خرج منها. وقالت الولايات المتحدة انه تم اطلاق الصواريخ من مدمرتين امريكيتين ترسوان في البحر المتوسط. ووقع الهجوم حوالي الساعة 3:40 فجرا، حسب توقيت اسرائيل.
وقال الرئيس الامريكي دونالد ترامب ان الهجوم جاء ردا على الهجوم الكيميائي على مدينة ادلب، والذي اسفر عن مقتل نحو مئة مواطن. وهذه هي المرة الاولى منذ بداية الحرب الاهلية في سورية التي تقصف فيها الولايات المتحدة الاراضي السورية. واعلن التلفزيون السوري بأن الهجوم اسفر عن وقوع اصابات وتسبب بضرر كبير، فيما قال محافظ حمص، صباح الجمعة، ان هناك قتلى وجرحى.
ودعا ترامب كل "الدول المتحضرة" للانضمام الى الولايات المتحدة "ووضع حد للمذبحة ولسفك الدماء في سورية" ووصف الهجوم الامريكي بأنه "مصلحة امنية – قومية امريكية". وشرح بأن اعمال الرئيس الأسد وازمة اللاجئين تشكل تهديدا للولايات المتحدة وحلفائها. ووصف الأسد بانه ديكتاتور، وقال ان الولايات المتحدة لن تقف على الحياد في الوقت الذي يقتل فيه الأولاد. "لا يجب ان يعاني أي طفل. لقد كان الموت بطيئا للكثيرين جدا. الأطفال الجميلين قتلوا بوحشية" قال ترامب، واوضح انه أمر بشن هجوم واحد في هذه المرحلة "على المطار الذي خرج منه الهجوم الكيميائي".
وقال مسؤولون كبار في الادارة الامريكية ان الهجوم حظي بتأييد دول كثيرة في العالم، بما في ذلك دول عربية واوروبية وكندا.
وقال وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلارسون، ليلة الخميس/الجمعة، ان "روسيا لا تنفذ التزامها من العام 2013 بالتخلص من الاسلحة الكيميائية في سورية. الروس لم يحترموا الاتفاق، اما انهم شركاء في الجريمة واما انهم عاجزون". وقال تيلارسون ان سياسة الولايات المتحدة ازاء الأسد لم تتغير، وان الولايات المتحدة ستعمل على الاطاحة بالأسد بوسائل دبلوماسية، في اطار المحادثات الدولية في الموضوع السوري الجارية في جنيف.
ورحبت المعارضة السورية بالهجوم الامريكي، وجاء في بيان نشرته صباح الجمعة ان الهجوم مبرر لأن المطار الذي تعرض للهجوم يستخدم للهجمات ضد الاف المدنيين السوريين.
بوتين يوبخ نتنياهو بسبب اتهام اسرائيل للأسد بشن الهجوم الكيميائي
تكتب "يديعوت احرونوت" انه كان من المفروض ان تكون المحادثة التي اجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يوم الخميس، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محادثة تعزية بضحايا العملية الارهابية في سانت بطرسبرغ، الا انها تحولت الى محادثة توبيخ من قبل الرئيس الروسي لنتنياهو، بسبب الاتهامات التي خرجت من القدس للأسد بالوقوف وراء الهجوم الكيميائي في ادلب.
في محادثات من هذا النوع، كما هو متبع، كان يفترض بالرئيس بوتين، ان يشكر نتنياهو على مشاركته العزاء لروسيا، لكنه اختار توبيخ نتنياهو. وفي بيان صدر عن الكرملين قبل نشر بيان ديوان نتنياهو، جاء ان بوتين اكد على مسمع نتنياهو بأنه ليس من المقبول توجيه اتهامات غير مسنودة ضد احد قبل اجراء تحقيق كامل وغير متحيز.
ورغم ان التوبيخ الروسي تم توجيهه لنتنياهو، الا انه لم يكن موجها اليه، فنتنياهو نفسه امتنع عن اتهام نظام الاسد مباشرة بالمسؤولية عن الهجوم الكيميائي في ادلب. وكان المقصود في هذا التوبيخ وزير الامن افيغدور ليبرمان الذي حدد بشكل قاطع، في لقاء خاص اجرته معه "يديعوت احرونوت"، بأن الأسد يقف وراء الهجوم، ودعم ذلك بمعلومات استخبارية اسرائيلية. وقد اثار اللقاء الروس الذين اعتبروه خطوة تمس بالجهود التي يبذلونها من اجل تخليص حليفهم من الورطة الدبلوماسية التي وقع فيها في العالم.
وتنضم هذه التفاصيل الى تصريحات ادلى بها المتحدثون باسم الكرملين قبل المحادثة الهاتفية، والتي ادعت عدم وجود دليل يثبت ان الأسد يقف وراء الهجوم. ويدعي الروس ان الغاز السام تسرب في اعقاب هجوم روسي اصاب مستودعات المواد الحربية الكيميائية المتواجدة في ايدي المتمردين.
من جهتهم ادلوا في ديوان رئيس الحكومة برواية مختلفة للمحادثة بين نتنياهو وبوتين، ولم يتم الاشارة الى التوبيخ الروسي بتاتا. فقد جاء في البيان ان "رئيس الحكومة نتنياهو اتصل بالرئيس بوتين واعرب عن تعازيه في اعقاب العملية في  سانت بطرسبرغ، وصدمته العميقة ازاء المصابين في ادلب. وقال رئيس الحكومة لبوتين ان على المجتمع الدولي استكمال الجهود لتنظيف سورية من السلاح الكيميائي كما تم الاتفاق في 2013".
وفي سورية اختار كبار المسؤولين في النظام، امس، توجيه كل السهام الى اسرائيل. وقال الرئيس بشار الاسد للتلفزيون الكرواتي ان "الحرب مع اسرائيل بدأت بواسطة عصابات الارهاب التي تقوم اسرائيل بتفعيلها داخل سورية". مع ذلك فان الهجوم بالغاز والصور الفظيعة للأولاد الموتى وعاصفة الردود العالمية لم تطرح خلال اللقاء الذي تم قبل القصف في ادلب.
وكرر الاسد اتهام اسرائيل "بدعم الارهابيين وتشجيعهم وتفعيلهم على كل جبهة نتقدم فيها، من اجل المس باستقرار النظام في دمشق".
من جهته خرج وزير الخارجي السوري وليد المعلم بنفي قاطع امس، عندما ادعى خلال مؤتمر صحفي بأن "سورية لا تستخدم السلاح الكيميائي حتى ضد الارهابيين". وحسب روايته فان "اجهزة الامن لا تنشغل في قتل المدنيين وبالتأكيد لا ترش اولاد سورية بالسلاح الكيميائي".
نتنياهو يطالب بإقامة منطقة عازلة بين اسرائيل وسورية في الجانب السوري من الهضبة!
تنقل هآرتس عن مصادر مطلعة قولها بأن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو معني بأن يتم في كل اتفاق على انهاء الحرب السورية، اقامة منطقة عازلة على الحدود بين سورية واسرائيل في هضبة الجولان وكذلك على الحدود بين سورية والأردن، بهدف منع تواجد ثابت لإيران وحزب الله في هذه المناطق. وحسب المصادر التي طلبت التحفظ على هوياتها، فقد طرح نتنياهو الموضوع خلال المحادثات التي اجراها في الأسابيع الأخيرة مع الادارة الامريكية ومع جهات دولية اخرى. وشرح نتنياهو خلال محادثاته مع عدة جهات دولية ان تثبيت قوات ايران وحزب الله على الحدود السورية الاسرائيلية والسورية الأردنية، من شأنه تقويض الاستقرار في المنطقة وتشكيل تهديد امني لاسرائيل والاردن. واوضح ان اقامة الحزام العازل في الجانب السوري من الحدود سيمنع الايرانيين وحزب الله من الوصول الى السياج وسيصعب عليهم المبادرة الى شن هجمات.
ولم يفصل نتنياهو كيف ستقام المنطقة العازلة في الارض السورية ومن يشرف عليها وعلى الدخول اليها وما يحدث فيها، لكنه معني بأن تكون المنطقة العازلة في الجانب السوري من الحدود وليس معنيا بوجود اسرائيلي فيها. ويشير هذا الطلب الى تطور في الموقف الاسرائيلي ازاء الاتفاق المستقبلي في سورية، علما ان اسرائيل امتنعت حتى اليوم عن تحديد موقف مفصل بشأن الاتفاق المستقبلي مع سورية، لكي لا تتهم بالتدخل في الحرب، واوضحت فقط بأنها تعارض ترسخ قوات ايران وحزب الله في سورية.
ولم ينف ديوان نتنياهو هذا الأمر وقالوا هناك ان "رئيس الحكومة طرح خلال محادثاته مع الرئيس ترامب ومع الرئيس بوتين، معارضة اسرائيل لترسيخ تواجد ايران ونقائلها في سورية وعلى حدودنا الشمالية".
وكان المجلس الوزاري السياسي الامني قد ناقش مسالة التواجد الايراني في سورية بعد الحرب الاهلية، خلال جلسته التي عقدها يوم الخميس الماضي. وقال وزير حضر الجلسة ان التواجد الايراني في سورية يصبح ملموسا بشكل متزايد، بكل ما يعينه ذلك بالنسبة لإسرائيل. واشار الى ان احدى القضايا التي طرحت خلال الجلسة كان التخوف المتزايد من تحول نشاط سلاح الجو الاسرائيلي في سورية الى اشكالي اكثر.
ومن المنتظر ان يناقش المجلس الوزاري في جلسته يوم الاحد، الوضع في سورية، خاصة في ضوء الهجوم الكيميائي على ادلب الذي تنسبه اسرائيل ودول اخرى للنظام السوري. ودعا عدد من وزراء الحكومة، في الايام الاخيرة، الى زيادة المساعدة الاسرائيلية للاجئين السوريين واستيعاب اولاد سوريين يواجهون الخطر.
وكانت القناة العاشرة قد نشرت قبل عدة اسابيع بأن وزير الداخلية ارييه درعي ورئيس الوكالة اليهودية نتان شيرانسكي، يدفعان مبادرة لاستيعاب 100 يتيم سوري في اسرائيل، ومنحهم مكانة اقامة. مع ذلك لم يصادق رئيس الحكومة على ذلك بعد.
مقتل جندي اسرائيلي واصابة آخر في عملية دهس قرب عوفرا
لقي جندي اسرائيلي (20 عاما) مصرعه، واصيب اخر (19 عاما) بجراح طفيفة، خلال عملية دهس نفذها فلسطيني عند مفترق مستوطنة "عوفرا" في الضفة الغربية، حسب ما نشرته "هآرتس". وقال الجيش الاسرائيلي ان القتيل هو الحاي طهارليف من مستوطنة طلمون، وتم دفنه مساء الخميس في المقبرة العسكرية في القدس.
ويستدل من التحقيق بأن السائق هو مالك احمد حامد (21 عاما) من بلدة سلواد، شمال رام الله. وقال سكان من القرية ان قوات الجيش وصلت الى البلدة وقامت بأعمال تمشيط وتنفيذ اعتقالات. وتبين من التحقيق الاولي مع اسرة حامد انه نفذ العملية على خلفية قومية. ويتبين انه سافر بسيارته على شارع 60 ودهس جنود كانوا يقفون وراء مكعبات الاسمنت المقامة امام محطة لنقل الركاب. وامر منسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي، بتجميد كل التصاريح التي يحملها ابناء عائلته.
وعلم ان حامد اعتقال لمدة اربعة اشهر في اسرائيل بعد تسلقه على جدار مستوطنة "آدم" في 2015. واعلنت حركة حماس في بيان لها ان "عملية الدهس جاءت ردا على جرائم الاحتلال وتشكل استمرارا للأعمال البطولية لانتفاضة القدس".
وكان الجندي القتيل يخدم في كتيبة 13 في لواء جولاني، وتجند للجيش في اطار مسار الاتفاق مع المدارس الدينية، وتم ترقيته لرتبة عريف في اعقاب موته.
وفي اعقاب العملية قرر الجيش الاسرائيلي اقامة حواجز على كل مداخل بلدة سلواد، وتم أمر الجنود بفحص كل السيارات الخارجة من البلدة في محاولة للعثور على سكاكين او اسلحة او ادوات مشبوهة اخرى.
ويفحص الجيش الاسرائيلي المكان الذي وقف فيه الجندي القتيل وزميله الجريح وما اذا كانت هناك حاجة لشحذ الاوامر للجنود الذين يقفون في محطات نقل الركاب على شوارع الضفة.
في المقابل، قرر الجهاز الامني تعزيز قواته في الضفة الغربية، تمهيدا لعيد الفصح العبري، الذي يتوقع خلاله وصول الاف السياح الى مناطق الضفة. وسيتم نشر القوات على مفارق الطرق في الضفة، وفي الاماكن السياحية والينابيع، والمناطق التي تجذب السياح. واعلن منسق اعمال الحكومة، الجنرال يوآب مردخاي على صفحته في الفيسبوك، قرار فرض الإغلاق على مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة أسبوع ابتداءً من ليلة يوم الأحد المقبل (9.4) الساعة 23:59 وحتى ليلة يوم الاثنين (17.4) الساعة 23:59.
تسليم الأردن بقايا جثث لجنود قتلوا في حرب حزيران 67
تكتب "هآرتس" انه تم يوم الاربعاء، تسليم الأردن، بقايا ثلاث جثث لجنود اردنيين قتلوا خلال حرب الأيام الستة في منطقة القدس. وقالت مصادر في وزارة الخارجية انه تم العثور على بقايا الجثث قبل شهر خلال العمل في انشاء بنى تحتية في منطقة صور باهر. وكان يقوم هناك موقع للجيش الاردني خلال الحرب.
واشارت بقايا الملابس واغراض اخرى عثر عليها في المكان الى ان المقصود جثث لجنود اردنيين، فتوجهت وزارة الخارجية الى وزارة الخارجة الأردنية ونقلت اليها المعلومات، وجرت اتصالات بين السفارة الاسرائيلية في عمان والخارجية الاردنية بمشاركة جهات من الجيشين الاسرائيلي والأردني لتسليم بقايا الجثث.
وتم استقبال بقايا الجثث في الأردن في مراسم عسكرية بحضور رئيس اركان الجيش الأردني.
حماس تعدم ثلاثة فلسطينيين بادعاء العمالة لاسرائيل
كتبت "هآرتس" ان حركة حماس اعدمت، يوم الخميس، ثلاثة فلسطينيين من قطاع غزة، بتهمة التعاون مع اسرائيل. واعلنت وزارة الداخلية في القطاع ان الثلاثة ادينوا بتسليم معلومات استخبارية لإسرائيل.
وجاء في البيان ان الثلاثة اعدموا شنقا بعد اعتقالهم لعدة سنوات في السجن، وتم استنفاذ كافة الاجراءات بحقهم حسب القانون الفلسطيني. وحسب حماس فان المتهم الاول (55 عاما) بدأ الاتصال بإسرائيل في عام 1987، وواصل ذلك حتى عام 1993، وقام بتسليم معلومات حول نشطاء في الفصائل المختلفة. وفي عام 1997، استأنف المتهم اتصالاته وسلم معلومات حول التنظيمات الفلسطينية الناشطة في غزة، ومواقع اطلاق الصواريخ، وقواعد التنظيمات المختلفة ومعلومات استخبارية "سببت ضررا كبيرا لقوات المقاومة".
وحسب البيان فان المتهم الثاني (42 عاما)، تم تجنيده للمخابرات الاسرائيلية خلال الانتفاضة الثانية، وقام بنقل معلومات حول مواقع الجناح العسكري لحماس، ونقاط اطلاق الصواريخ، وعناوين النشطاء ومواقع المخارط. كما تنسب حماس اتهامات مشابهة للمتهم الثالث (32 عاما) الذي تم تجنيده في 2010.
وعلى خلفية اغتيال مسؤول الجناح العسكري مازن فقها، اعلنت حماس عن بدء حملة محدودة لمنح الفلسطينيين المتعاونين مع اسرائيل امكانية الحصول على العفو، اذا سلموا انفسهم واجتازوا عملية "تنقية الضمير" وكشف معلومات. وكانت حماس قد اعلنت عن حملات مماثلة في 2010 و2013، وفي حينه سلم الكثير من العملاء انفسهم.
وقال الناطق بلسان وزارة الداخلية في قطاع غزة، اياد البزم، ان التحقيق في اغتيال الفقها يثبت تورط عملاء لصالح اسرائيل. وقال "ان اجهزة الامن في القطاع تعمل من اجل معالجة مشاكل المتعاونين بالشكل المناسب، ولن تسمح بتدمير المجتمع الفلسطيني من قبل من باعوا انفسهم وضمائرهم لإسرائيل". وقال البزم انه سيتم اتخاذ خطوات قاسية جدا ورادعة ضد العملاء.
مع ذلك، قالت جهات مقربة من حماس ان قرار بدء الحملة هو نتيجة للباب الموصد الذي وصل اليه التحقيق. وقالوا ان حماس ستعزز قريبا الفحص الأمني للمغادرين والعائدين على معابر القطاع بسبب التخوف من استغلال اسرائيل للوضع الاقتصادي الصعب من اجل اقناعهم بالتعاون معها.
وكتب منسق اعمال الحكومة على صفحته في الفيسبوك ان "عملية الإعدام تعود لتؤكد مجددًا على وحشية حماس وانعدام إنسانيتها." وقال انها "تمت بدون محاكمة عادلة ولم تقدم دلائل أو قرائن تثبت إدانة الثلاثة" واضاف ان "حماس تتعامل بوحشية وتعدم من تريد لأسبابها الخاصة والتهمة جاهزة دائمًا، التخابر مع اسرائيل." وختم كاتبا: "حماس وداعش - الاسم يختلف ولكن الممارسات ذاتها".
توقيع اكبر صفقة عسكرية بين اسرائيل والهند
تكتب "هآرتس" ان الصناعات الجوية الاسرائيلية اعلنت بأنها وقعت، يوم الخميس، على اتفاقيات لتزويد منظومات دفاع جوي للجيش الهندي، في صفقة وصفت بأنها احدى اكبر صفقات الاسلحة في تاريخ الصناعات الأمنية الاسرائيلية. والحديث عن اتفاق على نقل نسخة برية من منظومة الدفاع الجوي "براك 8"، بما في ذلك الصواريخ وجهاز رادار ووسائل سيطرة ومراقبة، بحجم مالي يقارب 1.6 مليار دولار، وكذلك اتفاقية اخرى لتركيب منظومة "براك 8" بنسختها البحرية على حاملات الطائرات الهندية.
ويشار الى ان الصناعات الجوية الاسرائيلية سبق وزودت سفن الصواريخ الهندية بمنظومة "براك 8". كما تم تركيبها على سفن الصواريخ الاسرائيلية "ساعر 5"، وسيتم تركيبها مستقبلا على سفن "ساعر 6". وحسب تقارير هندية من المتوقع ان تشتري الهند 40 منظومة "براك 8" بنسختها البرية، وحوالي 200 صاروخ دفاعي. ويفترض تسليم المنظومة الاولى للهند خلال سنة ونصف.
وكانت الصناعات الجوية قد اعلنت بأنه تم بيع هذه المنظومة لجهة اجنبية، لكن مديرها العام يوسي فايس رفض تقديم تفاصيل. والحديث عن اذربيجان التي اشترت من الصناعات الجوية مثل هذه المنظومة. وتم حتى اليوم بيع هذه المنظومة بحجم ثلاثة مليارات دولار لإسرائيل والهند واذربيجان. وقال المدير العام للشركة، ان الشركة تحاول دفع تسويق المنظومة لدول اخرى. وقال للمراسلين الصحفيين: "انا متأكد من وجود محفزات اخرى كبيرة في الهند تصل الى مليارات الدولارات. لقد وصلنا الى حدث كبير اليوم يعكس التعاون الوثيق مع الهند. هذا تعاون كنت سأصفه بالهام استراتيجيا".
يشار الى وجود علاقات امنية ضخمة بين اسرائيل والهند، خاصة بين سلاحي الجو. وفي العام الماضي، تم تبادل وفود بين طياري "صوفا" (اف 16)، في سلاح الجو الاسرائيلي وطيارين هنود وصلوا لزيارة اسرائيل وقواعد سلاح الجو. وسيشارك سلاح الجو الهندي في تدريب "بلو فلاج" في شهر تشرين الثاني القادم في اسرائيل، الى جانب عدد كبير من اسلحة الجو الاجنبية. وفي المقابل قامت شخصيات رسمية اسرائيلية وهندية بزيارات متبادلة. ومن المنتظر وصول رئيس الحكومة الهندية في زيارة رسميا لإسرائيل بعد عدة اشهر.
وتم في السنوات الاخيرة تسجيل عدة صفقات للصناعات الأمنية الاسرائيلية مع الهند. فمثلا، تم في 2014 بيع 262 صاروخ "براك 1" للهند، تم تركيبها على السفن الحربية. كما تم توقيع اتفاق ضخم اخر لشراء حوالي 8000 صاروخ "سبايك" المضاد للدبابات بحجم نصف مليار دولار. وتم تأخير هذه الصفقة لعامين، لكن المجلس الوزاري الهندي ناقشها مرة اخرى مؤخرا. وقبل عامين اشترت الهند 15 صاروخ "Crystal Maze" من اسرائيل، وهي صواريخ جو – ارض من انتاج مصانع "رفائيل"، وتتيح للطائرات شن هجمات من مسافة بعيدة تصل الى عشرات الكيلومترات. وقد اشترت الهند صواريخ من هذا النوع من اسرائيل في عامي 2005 و2006.
روسيا تؤكد التزامها بحل الدولتين وبالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين
تكتب "يسرائيل هيوم" ان روسيا اعلنت، امس، التزامها بضلوعها في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وحل الدولتين، وكذلك حل تقسيم القدس بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، والقدس الغربية عاصمة لإسرائيل. وجاء من السفارة الروسية ان السفير سيلتقي قريبا مع مسؤولين كبار في اسرائيل لكي يوضح لهم معنى البيان الروسي.
ويأتي البيان الروسي في وقت تحاول فيه الادارة الامريكية استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بواسطة المبعوث الخاص جيسون غرينبلات، وبواسطة المحادثات التي يجريها الرئيس دونالد ترامب مع نتنياهو ومع قادة المنطقة، ومن بينهم ابو مازن والملك عبدالله والرئيس السيسي.
وفي البيان الذي صدر في اليوم الذي جرت فيه المحادثة بين نتنياهو وبوتين، جاء ان روسيا "تشعر بالقلق الشديد بسبب وضع الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني". "فلسطين واسرائيل لم تجريا مفاوضات منذ نحو ثلاث سنوات، والوضع على الأرض يزداد تدهورا.. موسكو تعود وتؤكد دعمها لحل الدولتين كخيار أمثل يتفق مع المصالح القومية للشعبين في اسرائيل وفلسطين، اللذين تربطهما صداقة مع روسيا. نعود ونؤكد التزامنا بالمبادئ التي صودق عليها في الأمم المتحدة، بشأن الاتفاق الاسرائيلي – الفلسطيني والتي تشمل الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، وفي الوقت نفسه، يجب ان نقول بأنه في هذا السياق نحن نعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل".
وجاء في البيان ان مسألة القدس ستنظم بشكل كامل من خلال المفاوضات حول الاتفاق المتعلق بسلسلة من القضايا، التي ستدار بواسطة محادثات مباشرة بين الطرفين. ولم تعقب القدس على البيان الروسي.
اعتقال فتى في الخليل بادعاء العثور على سكين في حقيبته المدرسة
تكتب "يسرائيل هيوم" ان قوات حرس الحدود اعتقلت امس، فتى فلسطيني (16 عاما) حاول اجتياز احد الحواجز المقامة بالقرب من الحرم الابراهيمي. وكان الفتى قد اثار اشتباه الجنود بعد ملاحظتهم بأنه يحاول التهرب منهم والاندماج بين بقية الفتية الذين كانوا معه. وامره الجنود وبالتوقف، واثناء تفتيش حقيبته المدرسية تم العثور على سكين مطبخ بين كتبه. وتم تسليم الفتى للتحقيق في الشاباك.
مقالات وتقارير
مهرجان الاحتلال
تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرسمية، ان المهرجان الرسمي لإحياء الذكرى الخمسين لحرب الأيام الستة، سيجري في غوش عتصيون، كما حدد الوزيران نفتالي بينت وميري ريغف. من ناحية عسكرية، كانت تلك الحرب فعلا "مجيدة" واعتبرت مبررة، ولكنها كانت حرب سببت انقلابا جينيا في المجتمع الاسرائيلي. فلقد أنشأت في اعقابها العجرفة القومية غير المحدودة، والتي جبت ثمنا دمويا رهيبا خلال الخمسين سنة الاخيرة، وحولت الانتصار العسكري الى سقوط اخلاقي. في نظرة الى الوراء، من المناسب تسميتها حرب الخمسين سنة وليس حرب الأيام الستة، واذا حكمنا بناء على الواقع السياسي – فان متوسط عمرها يبدو لا نهاية له.
بنيت وريغف، بدعم من رئيس الحكومة يبذلان جهدا لتزييف الواقع الناشئ منذ حزيران 1967، والتغطية بواسطة اكذوبة "الاجماع القومي" على الخلافات التي تمزق الجمهور الاسرائيلي. كما انهما يحاولان اخفاء التبشيرية المشوهة التي ولدتها الحرب، والاستعمار المتوحش، وفقدان هوية اسرائيل، بواسطة غطاء الاجماع الذي حظيت به الحرب.
"بدون علاقة بالخلاف حول مناطق البلاد هذه، على كل اسرائيلي معرفة تقدير هذه الاماكن كعرش للشعب اليهودي وثقافته" قالت الوزيرة ريغف، وكأن هناك تماس بين الحرب وبين تقدير رموز القومية او الأماكن المقدسة لليهود. "الشعب الذي يريد الاهتمام بمستقبله يجب دائما ان ينظر الى الوراء، الى ماضيه" برر بينت القرار، وكأنه من دون مهرجان بتكلفة 10 ملايين شيكل في غوش عتصيون، ستضيع الصلة بين "الشعب" وبين "تاريخه". ما الذي حافظ على الترابط التاريخي مع تلك الاماكن قبل حرب الأيام الستة؟
اختيار غوش عتصيون، المنطقة المحتلة التي ترمز الى بداية الجنوح التبشيري، كمنصة رسمية لإحياء اليوبيل هي جزء لا يتجزأ من التزوير الذي يحاولون من خلاله فرض اجماع جارف على الجمهور في المكان الذي تسوده حفرة من الخلافات. وبهذا يريدون القول ان من يريد احياء الذكرى السنوية للحرب، ومن سقط احبته فيها لكنه يمقت التأثير الذي خلفته على اسرائيل، والاحتلال واقامة دولة المستوطنين – مطالب بالحضور الى المهرجان الذي سيقام بالذات في قلب الظلام.
لأنه لا يمكن توقع تغيير موقف الوزيرين المعنيين ورئيس الحكومة، نقترح هنا على الجمهور عدم التعاون مع هذا المهرجان والابتعاد عنه.
استراتيجية الانتحار لدى اليمين
يكتب اساف سغيب، في "هآرتس" ان اليمين يريد السيطرة. منتخبوه يعلنون ذلك بملء الفم. لقد تحققت امنيته هذه منذ زمن. منذ 1977 عرفنا اربعة رؤساء حكومة من الليكود، والائتلاف الحالي هو الأكثر يمينيا في تاريخ الدولة. لكن هذه ليست الصورة الكاملة. ربما يستمتع اليمين بالمناصب السياسية، لكن مراكز اخرى للتأثير والقوة تتواجد، حاليا، خارج منطقة سيطرته: النيابة، الاكاديمية، وسائل الاعلام، عالم الفكر والثقافة. طالما تواصلت الهيمنة اليسارية على هذه الحصون، لن يشعر اليمين بالراحة. هكذا، على الأقل، يرى ساسة اليمين الأمور، ومن الواضح انهم يصرون، ربما اكثر من أي مرة، على عمل شيء في الموضوع. انهم يتجندون بغالبية قوية لمعركة سيحظى الفائز فيها ليس فقط بحكم دولة اسرائيل، وانما، ايضا، بلورة صورتها لأجيال. لكنهم اختاروا الاستراتيجية غير الصحيحة من اجل تحقيق رؤيتهم، ومن شأن ثمن الفشل ان يكون مأساويا، خاصة من ناحيتهم وناحية ناخبيهم.
الصراع على روح المجتمع ليس عملا للهواة؛ انه يتطلب الجدية، التسامح والتمسك بالمهمة. من المناسب ان يتعلموا درسا او اثنين في هذا الموضوع من الفيلسوف الماركسي انطونيو غرامشي، الذي توفي قبل 80 سنة. في الكتاب الذي ألفه اثناء جلوسه في السجن الذي تم ارساله اليه من قبل النظام الفاشي في ايطاليا، اقترح غرامشي تفسيرا للفشل الذي منيت به الحركات الثورية في الديموقراطيات الغربية. في تلك الدول، كما ادعى، تعتمد قوة الحكام ليس فقط على القوة الظاهرة، وانما على الهيمنة السياسية والثقافية والقانونية، التي تتجسد في مؤسسات المجتمع المدني. المزاجية والصور والمعايير التي تخلقها الهيمنة تنطوي على اهمية قصوى في الحفاظ على الترتيب القائم. من يسعى الى قلب هذا الترتيب على رأسه لا يمكنه تبني النموذج البلشفي والهجوم مباشرة على اجهزة الدولة؛ وبدلا من ذلك، عليه ادارة "حرب حفريات" متواصلة – حرب على نار هادئة – في محاولة لاحتلال موقع تلو موقع في المجتمع المدني. وفقط بعد ان يتمكن من انشاء هيمنة ثقافية وسياسية جديدة، هيمنة المضطهدين والمظلومين، سيكون الانتصار الثوري الكامل ملك يده.
خلافا للشيوعيين من حزب غرامشي، لا يحتاج اليمين الاسرائيلي للحلم بالسيطرة على السلطة. فلقد حظي بها في اجراء ديموقراطي صحيح. انه يتطلع الان الى هدف آخر. انه يريد الانتصار في حرب الأفكار والصور والقيم، في حرب على هيمنة الوعي – ولكن في هذه الحرب يرى فيالق كاملة من رجال الفكر والاكاديميين والصحفيين ورجال القانون الذين يقفون ضده. لو تمتع قادته بمزاج اكثر صبرا، لكانوا قد تصرفوا بدون تفكير واداروا "حرب حفريات" مدروسة وحذرة. لقد حققت الصهيونية الدينية انجازات ليست قليلة بواسطة طرق غرامشية واضحة: الانقلاب الذي حققه اوري اورباخ في مجال الاعلام هو مثال واضح. لكن السياسيين والنشطاء الذين يعزفون اليوم على الهجوم ضد اليسار لا يتمتعون بطول الصبر. ساعتهم ملحة وشهيتهم كبيرة. انهم يريدون تسجيل انتصارات سريعة وقاطعة. بدل التقدم في المسار الطويل الذي وجهه مثقف ايطالي راديكالي، فانهم يهددون بالمضي على الطريق القصير والحابل بالمخاطر لسيناتور امريكي من ويسوكنسن.
ما هي الثمار التي ستحققها الحرب القاطعة التي يقودها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ضد وسائل الاعلام؟ أي انجازات سيحققها سلوك المفتش الذي تمارسه الوزيرة ميري ريغف ضد المؤسسات الثقافية؟ ما هي الفائدة التي ستسفر عنها السياسة العدوانية التي يقودها الوزير غلعاد اردان ضد المواطنين الاسرائيليين والجهات المؤيدة لمقاطعة الدولة؟ الهجوم المباشر الذي يقوده رجال الدولة هؤلاء على حصون الهيمنة اليسارية سيحظى بالتصفيق الحاد من انصارهم المتزمتين ومن المؤكد انه سيحصد عدة انتصارات تكتيكية – ولكن على المدى الطويل، فان خسارة المعسكر كله ستكون اكبر من الفائدة.
يوجد لدى اليسار ما يقلقه طبعا، لكن روحه لن تسقط. من وجهة نظره، فان تنكيل الوزراء والمشرعين اليمينيين يؤكد فقط ما كان يعرفه مسبقا – وهو ان اسرائيل هي مجتمع مضطهد، تبتعد عن عائلة الأمم المتنورة. كلما اثقلت الدولة يدها على تنظيماته ونشطائه، هكذا سيزيد اصراره على المقاومة. بعد فترة طويلة من وسم المتحدثين باسم اليسار بأنهم متشائمين ومنقطعين عن الواقع، يمكنهم التلويح على الملأ بالأدلة المتراكمة التي تدل على مصداقيتهم والصراخ: "قلنا لكم!" ها هم يعيشون الحلم، حتى وان كان كابوس، من وجهة نظرهم.
ما يجب ان يقلق ساسة اليمين فعلا – ويجب ان يقض مضاجعهم – هو رد المركز السياسي المتزايد دعما؛ فمن هناك، وليس من جهة اليسار الايديولوجي "الصعب"، يأتي التهديد الأكبر لاستمرار السلطة الفعلية اليمين. الجمهور الليبرالي لم يؤيد ابدا النمط الشعبوي لليكودـ، لكنه رأى فيه خيار سياسي معقول، ومفضل بشكل لا يقاس على النشطاء المتدينين المتعصبين وعلى المستوطنين المتزمتين. ممثلو هذا الجمهور لم يجدوا صعوبة، بشكل عام، في شرح الحاجة للانضمام الى اليمين المعتدل. لكن السياسة المفترسة التي ينتهجها نتنياهو واعوانه مؤخرا، تغير ميزان القوى بين الأطراف. صحيح ان احزاب المركز تتغذى من عدم الراحة التي تثيرها هذه السياسة في شوارع المجتمع. ورغم ان هذه الأحزاب لن تسارع للوقوع بين اذرع اليسار، الا ان تعزز قوتها الانتخابية الواضحة، ستسمح لها بصياغة صورة كل ائتلاف ستشارك فيه واملاء جدول اعماله.
الجشع الزائد لمندوبي اليمين يحمل في طياته بذور سقوطهم. في اليوم الموعود، يمكنهم الاكتشاف بأنهم حاولوا ابتلاع اكثر مما يمكنهم هضمه؛ وعندها، ليس فقط انه من المشكوك فيه بأنهم سينجحون باحتلال حصون هيمنة اليسار – بل ان السلطة تهدد بالإفلات من ايديهم. ربما تكفي اعتبارات المنفعة النقية لتحفيز المتيقظين منهم على إعادة النظر في طريقهم، قبل فوات الأوان. وهذا كله دون أن نقول كلمة واحدة عن الأخلاق العامة والحكم الرشيد.
السلاح الكيميائي اصبح السلاح التقليدي الجديد
يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس" ان مئة شخص على الأقل قتلوا في الهجوم على مدينة خان شيخون، جنوب ادلب. ليس الرقم هو الذي يثير الفزع، فهذا ليس اكبر هجوم قاتل نفذه الجيش السوري على اهداف مدنية. كما ان حقيقة كون الكثير من المصابين هم اطفال لا تشكل دراما كبيرة. فقبل اقل من شهر أصابت طائرات سلاح الجو الأمريكي مدرسة في محافظة الرقة وقتلت 33 شخصا، وقبل اسبوع من ذلك قتل 52 شخصا في هجوم شنته طائرات التحالف على مسجد، وفي تموز الماضي قتل 150 مواطنا في هجوم مشابه على مدينة منبج. حسب التكهنات بلغ المجموع الكلي للقتلى في سورية اكثر من 400 الف شخص، ولذلك فان العدد الكبير من القتلى اصبح منذ زمن بعيد مسألة روتينية.
استخدام السلاح الكيميائي هو الذي اثار موجة ردود الفعل العاصفة في العالم. بل ان ما اثار الغضب هو ليس استخدام السلاح الكيميائي من قبل جيش الأسد، فسلوكه القاتل يجب ان لا يثير المفاجأة، وانما الخلافات السياسية حول المسؤولية الدولية عن قدراته الكيميائية هي المطروحة الان في مركز العاصفة. هل يتحمل الرئيس السابق اوباما الذنب لأنه تراجع عن الخط الأحمر الذي رسمه في 2013 وتوصل الى اتفاق مع سورية حول تفكيك اسلحة الأسد الكيميائية؟ هل دفعته روسيا لإخراج بقية المواد المحظورة من مستودعاته السرية؟ وفي الأساس، كيف يمكن الآن الرد على استخدام هذا السلاح؟
تصريحات دونالد ترامب، كانت موجهة الى اوباما اكثر من كونها موجهة للأسد. "الرئيس اوباما صرح في 2012 بأنه سيضع خطا احمر امام استخدام السلاح الكيميائي، لكنه لم يفعل شيئا" قال الرئيس. يبدو ان ترامب نسي التغريدة التي نشرها بنفسه بعد سنة. "السبب الوحيد الذي يجعل اوباما يرغب بمهاجمة سورية هو محاولة التغطية على تصريحه الأحمق بشأن الخط الأحمر. لا تهاجم سورية، اصلح الولايات المتحدة" كتب ترامب عندما غمر الشبكة بتغاريد مشابهة. جوهر رسالته كان "سورية ليست مشكلتنا".
قبل عشرة أيام فقط، اوضحت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي بأن "الاطاحة بالأسد لم تعد تقف في مقدمة جدول الاولويات الامريكي". وفجأة يغير ترامب توجهه. "موقفي من الأسد تغير"، قال، لكنه لم يحدد بعد بأنه يجب اسقاطه، وهو ايضا يدور حول نفسه حين يسأل عما سيفعله مقارنة بسابقه. "لدي مقياس اكبر من المرونة"، يشرح، لكنه لا يفسر كيف ستساعد هذه المرونة على تدمير السلاح الكيميائي السوري. اما نائبه مايك بينس فيبدو اكثر وضوحا: "كل الخيارات على الطاولة"، قال هذا الأسبوع، أي الخيار العسكري ايضا. لكنه اضاف على الفور ان على روسيا الاهتمام بتفكيك سلاح الاسد الكيميائي.
نظريا، كل الخيارات مفتوحة، اما عمليا فانه لا يوجد خيار تقريبا. الهجوم العسكري على سورية يشبه، اليوم، الهجوم على روسيا التي تعارض حتى صدور قرار من مجلس الأمن يحمل المسؤولية للأسد. هذا الهجوم سيعني المخاطرة بالتعاون والتنسيق القائم بين الادارتين في الحرب ضد داعش، وتورط عميق في ساحة الحرب التي تريد الولايات المتحدة الهرب منها. في الاتحاد الاوروبي، ايضا، ورغم الصدمة التي عبر عنها قادته ازاء الهجوم الكيميائي، الا انه ليس لديهم رغبة شديدة بالخروج للحرب في سورية، خاصة حين تمهد روسيا الارض لحل سياسي من شأنه – اذا نجح- صد تيار اللاجئين والسماح بعودة مئات آلاف اللاجئين الى موطنهم و"تطهير" اوروبا من الأجانب المخيفين.
الخيار الآخر، هو فرض عقوبات على النظام وعلى كل من يتعاون معه. هذا الخيار، ايضا، يتضح بأنه فارغ المضمون. فسورية تخضع لعقوبات منذ 2004، وازدادت كثافة منذ 2011. وحسب هذه العقوبات تمنع الادارة الامريكية الاتجار مع سورية الا للاحتياجات الانسانية. كل منتج ينطوي على نسبة اكثر من 10% من المركبات الامريكية يمنع تصديره الى سورية حتى من قبل الدول الاجنبية. اضف الى ذلك، انه لا يمكن تنفيذ صفقات بنكية مع سورية، كما تم فرض عقوبات شخصية على سلسلة طويلة من المسؤولين السوريين، بما في ذلك تجميد عقاراتهم. ولكن العقوبات تثقل على الجمهور، وخاصة على الشرائح الضعيفة، اكثر من كونها تثقل على النظام. من جانبه ينجح النظام بالعثور على طرق التفافية لتجاوز نظام العقوبات. انه يعتمد على خطوط الائتمان والامدادات المفتوحة التي قدمتها له ايران. انه يحصل عل مساعدات عسكرية من روسيا، ويواصل ابتزاز الضرائب والرسوم من كل شيء يتحرك. كما هو الحال بالنسبة للعقوبات التي فرضت على العراق في التسعينيات، وتلك التي فرضت على ايران، من المشكوك فيه ان العقوبات المفروضة على سورية ستحقق اهدافها، لأسباب من بينها عدم وجود هدف محدد لها. كلما كان هدف العقوبات اوسع، كلما تقلصت فائدتها.
خيار غير واقعي
يسود الافتراض بأن الخيار العسكري وخيار العقوبات، حتى وان كانت نظرية، فإنها المستودع الوحيد الذي تملكه دول الغرب مقابل سورية. ولكن هناك امكانية اخرى، تعتبر نظرية حاليا، وهي تفعيل عقوبات ضد روسيا، واعتبارها المسؤول الأعلى عن تطبيق اتفاق تفكيك السلاح الكيميائي الموقع عام 2013. لكن العقوبات على روسيا ستضع دول الغرب امام مخاطر اكبر من تلك التي يشكلها الأسد، ويمكنها ان تحول الحرب السورية الى حرب دولية، او على الأقل التسبب بنقص في تزويد الغاز والنفط، واستئناف الحرب في اوكرانيا او احياء تهديد الصواريخ النووية. لا حاجة لأن تكون خبيرا في التنجيم السياسي كي تفهم بأن هذا الخيار ليس واقعيا.
"الهجوم بالسلاح الكيميائي اجتاز الكثير من الخطوط الحمراء من جانبي" قال ترامب. روسيا تبدو وكأنها انتظرت مثل هذا التصريح كي تنزل ضربة: "الاسد هو الرئيس المنتخب وسورية هي دولة مستقلة. فما هو موقف ترامب؟" سأل امس وزير الخارجية الروسي سرجي لافروف. هذا هو السؤال الذي يسأله الآن كبار المسؤولين في الادارة الامريكية، واقرانهم في اوروبا واصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي تتصارع فيه القوى العظمى، وفي خان شيخون يدفنون الموتى ويعالجون الجرحى، نجح الأسد بتحقيق انقلاب في المفهوم الاستراتيجي العالمي. من دون رد فوري ومثير، حوّل السلاح الكيميائي الى سلاح محرر من العقاب. هذا ليس تحولا سوريا فقط. بالنسبة لكل دولة موقعة على معاهدة حظر السلاح الكيميائي (والبيولوجي والنووي) هذا درس حول قيمة الاتفاق الدولي الموقع. الرئيس جورج بوش كان كما يبدو اخر زعيم نجح بتجنيد تحالف دولي لمهاجمة واحتلال دولة كانت مشبوهة بتطوير سلاح الدمار الشامل وبشكل خاص السلاح الكيميائي. لقد ثبت خطأ الشكوك، ورغم انه تم العثور بعد الحرب على حوالي 5000 عبوة من السلاح الكيميائي، الا انها كانت مخزونا قديما، بقايا من الفترة التي سبقت الحرب.
لقد تحولت الحرب في العراق الى فشل امريكي مدوي حتى في نظر ترامب، وليس فقط على الحلبة المحلية. احتلال دولة، حتى بحجج اقوى وتستحق، لم يعد جزء من الاستراتيجية الغربية.
السلاح الكيميائي الذي يقتل السوريين فقط، لا يعتبر سببا كافيا لإرسال قوات او احتلال سورية. تطبيق حظر استخدامه يتعلق منذ الآن بمنظومة العلاقات بين الدول التي تخلق غلاف المصالح بين تلك الدول. الدولة التي تستخدم السلاح الكيميائي يمكنها ان تكون محمية من العقوبة اذا نجحت بإدارة لعبة سياسية ناجحة بين روسيا والولايات المتحدة. في دولة كهذه، يتحول السلاح الكيماوي الى سلاح تقليدي.
يمكن مواصلة اتهام اوباما بالضعف والهزيمة السياسية، لكنه كان الرئيس الذي نجح على الأقل بحني ذراع روسيا، وفرض على سورية تفكيك غالبية سلاحها الكيميائي، وربما منع، ايضا، استخدام هذا السلاح بشكل اوسع. لا يوجد، ايضا، ضمان بأنه لو هاجم اوباما مجمعات السلاح الكيميائي، فانه كان سينجح بتدمير كل المستودعات. الان سيواجه هذا السلاح ليس فقط اختبار التطبيق وانما اختبار مكانته كخط احمر ايضا، وبالذات مع سياسة مرتبكة مثل سياسة ترامب، يمكن لهذا السلاح ان ينتصر.
(ملاحظة من المترجم: هذه المقالة كتبت ونشرت قبل قيام الولايات المتحدة فجر الجمعة برد عسكري في سورية)
حساب غاز
يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت احرونوت" ان اسرائيل ستدعم كل خطوة دولية للتنديد الرسمي وفرض عقوبات أو استخدام القوة ضد نظام بشار الاسد. ولكنها هي نفسها لن تقوم بأي خطوة عملية في سورية، باستثناء تقديم المساعدات الانسانية للمواطنين السوريين قرب الحدود في هضبة الجولان. هذه هي سياسة اسرائيل في ضوء جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الاسد ضد أبناء شعبه، هذا الاسبوع. وهم يسمون ذلك “سياسة الواقع″.
لدى اسرائيل ما يكفي من الادلة التي تشير الى أن من نفذ القصف الكيميائي في خان شيخون هو سلاح الجو السوري، بأمر من القصر الرئاسي في دمشق. نقطة الانطلاق الاساسية في الجهاز الامني هي أن استعراض القوة الكيميائي الاخير في سورية  وحجم المواد الكيميائية التي يخفيها النظام، لا تشكل خطرا حقيقيا على اسرائيل. ويعتقدون في اسرائيل انه على الرغم من وصول البول الى رأس الاسد، فانه لن يتجرأ على استخدام السلاح الكيميائي ضد اسرائيل لأنه تم التوضيح له، اكثر من مرة في السابق، بأن استخدام السلاح غير التقليدي سيصطدم برد شديد.
بين اسكتلندا وكوريا الشمالية
يمكن الافتراض بأن اسرائيل فحصت مؤخرا الخيارات التي امامها واستنتجت بأن العمل ضد النظام السوري لا يبرر المخاطرة السياسية والعسكرية. اسرائيل لا ترى، مثلا، أن هناك حاجة للقيام بخطوة عسكرية أو دبلوماسية في سورية تضعها في مواجهة مع الرئيس بوتين. هذا هو الثمن الذي تدفعه مقابل التفاهمات الاستراتيجية بينها وبين الرئيس الروسي، وفي ضوء الجهود المبذولة لتجنيد روسيا للحفاظ على مصالح اسرائيل في اطار الاتفاق السياسي في سورية. كما ان روسيا تساهم بحصتها. وحسب ما نشر في روسيا يمكن التكهن بأن اللقاء الذي جرى في الاسبوع الماضي بين رئيس ايران حسن روحاني والرئيس الروسي، طلب بوتين أن تكف ايران عن تشجيع السوريين على تصعيد الوضع الامني مع اسرائيل. بكلمات اخرى، لقد استخدم الرئيس الروسي شراكته الاستراتيجية مع ايران - العدو اللدود لإسرائيل - من اجل تفعيل تأثيرها على الرئيس الاسد لصالح اسرائيل. هذا الامر يبدو هستيريا، لكنه بالضبط ما تتوقع اسرائيل قيام بوتين بعمله امام حزب الله وايران والاسد مقابل تعاون اسرائيل مع المصالح الروسية في سورية ايضا. لذلك، ليس من الجدير الدخول في خلاف معه، حتى بسبب بربرية الجيش السوري.
وراء طلب الرئيس بوتين من الرئيس الايراني يستتر، ايضا، قلق روسيا من مشاعر القوة والاستقلالية الزائدة التي يظهرها الاسد بسبب انجازاته في ساحة المعركة وعدم اهتمام العالم بما يحدث في سورية. هذا الشعور بالقوة هو الذي جعله يطلق الصاروخ المضاد للطائرات على طائرات سلاح الجو الاسرائيلي قبل ثلاثة اسابيع، وشن الهجوم الكيميائي على حدود محافظة ادلب.
الى جانب نجاحه في حربه ضد المتمردين يستغل الاسد عدد من التطورات الدولية التي تحرف انظار العالم عن سورية. البيت الابيض يواجه حاليا ازمة كبيرة مقابل كوريا الشمالية التي تتحرش بالولايات المتحدة بواسطة اطلاق الصواريخ الباليستية. والفرنسيين ينشغلون في الانتخابات التي ستجري بعد اسبوعين، وبريطانيا مشغولة بالاستفتاء الشعبي حول استقلال اسكتلندا الذي قد يؤدي الى الانفصال بكل ما يعنيه الأمر، في المجالات الاقتصادية والسياسية وحتى الامنية، كفقدان قاعدة الغواصات البريطانية في اسكتلندا. وروسيا غير مستعدة لفقدان عقاراتها في سوريا، وهي منشغلة في التحقيق في العملية التي وقعت في سانت بطرسبرغ، والمانيا ايضا منشغلة بشؤونها الداخلية. لا أحد يريد تلطيخ اياديه الآن في سورية. وعندها نسمع تنديدات شديدة، وليس أكثر من ذلك.
الوقاحة التي يظهرها الاسد في استخدام السلاح الكيميائي بعد اربع سنوات من قرار مجلس الامن تفكيكه، تدل على أن العالم تعب من الصراع في سورية وعلى نشوة السلطة في دمشق. باستثناء الجانب الاخلاقي، يصعب تفسير استخدام السلاح الكيميائي بشكل منطقي بالذات ضد هدف غير اساسي من ناحية النظام السوري، الذي يبعد 15 كم عن خط الجبهة بين الجيش السوري والمتمردين و30 كم عن مدينة حماة. المحللون يحاولون التمسك بنظرية هوس عائلة الاسد مقابل السنة في حماة، الذين يشكلون منذ عقود مصدرا للتحريض ضد العائلة العلوية. في العام 1982 قتل الرئيس حافظ الاسد بين عشرة وعشرين ألف شخص من سكان حماة من اجل كبح تمرد الاخوان المسلمين. وفي حينه ابلغت منظمة حقوق الاسنان “امنستي” عن استخدام المواد الكيميائية لإخراج السكان من منازلهم. وقد أنكر السوريون ذلك والعالم ندد، وبهذا انتهى الامر. وقد استسلم الاسلاميون وطردوا من سوريا وتراجعوا حتى اندلاع الحرب الاهلية. في هذا الاسبوع سار الاسد الابن على درب أبيه، فبعد انهيار وقف اطلاق النار في حماة قرر بشار القضاء على المتمردين كليا، تماما كما فعل والده: التسبب بعدد كبير من القتلى والجرحى لردع المتمردين في انحاء سوريا، واطفاء الحريق لفترة طويلة. الآن هو ينتظر ليرى ما اذا كان رهانه قد نجح.
ما الذي يختبئ في “سيرس″
لا يمكن معرفة كم بقي من السلاح الكيميائي في سورية. ويسود التقدير أنه بعد عمل مراقبي منظمة تفكيك السلاح الكيميائي التابعة للأمم المتحدة، بقي في سورية عشرات الاطنان. مع ذلك، يجب الاخذ في الحسبان امكانية أن المركز الصناعي العلمي في سورية “سيرس″ استأنف عمله. لقد انتجوا في "سيرس" وسائل عسكرية كالصواريخ طويلة المدى والسلاح الكيميائي. هل عاد هذا الموقع لانتاج السلاح الكيميائي سرا؟ هذا غير معروف. ولكن وسائل الاعلام الامريكية نشرت أنه بالقرب من عدة مواقع لسلاح الجو السوري هناك عدد من مستودعات القنابل المسلحة بغاز الاعصاب والجاهزة لإلقائها.
يمكن للاستخبارات الحديثة معرفة عدد الطائرات التي شاركت في القصف صباح يوم الثلاثاء، وعدد الطلعات الجوية (يتبين أنه تم القيام بطلعتين للقصف الكيميائي). بل يمكن للقدرة التقنية لأجهزة الاستخبارات الغربية المتطورة معرفة من هم الاشخاص الذين جلسوا في الطائرات واللغة التي تحدثوا بها. ولكن ليس مؤكدا أن الدول الاعضاء في مجلس الامن تريد فعلاً معرفة ما حدث هناك بالضبط، وما الذي تحدث به الطيارون مع بعضهم. انهم يسمون ذلك “معلومات زائدة”. لكن مثل هذه المعلومات من شأنها توريط من يعرفها، لأن المعرفة تحتم عليه عمل شيء. ولا تريد أي دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، معرفة كل شيء والتورط.
مثال على المعلومات الزائدة التي يمكنها ان تسبب الضرر تظهر في الفيلم الذي نشره الجيش الاسرائيلي هذا الاسبوع من مناورة مشتركة للكوماندوس البحري الاسرائيلي والكوماندوس البحري الامريكي ("وحدة اسود البحر")، بما في ذلك السيطرة على “سفينة معادية”. من يتمعن النظر يمكنه ان يرى بأن الكتابة على السفينة كانت باللغة الروسية. من المثير ما هو التفسير الذي ستقدمه اسرائيل لروسيا عندما ستسأل: لماذا تتدربون مع الامريكيين على كيفية السيطرة على سفينة روسية؟. هذا تعقيد زائد على خلفية استخدام المعلومات الزائدة، والذي من شأنه أن يشوش العلاقة بين الدولتين.
المأساة في سورية: طائرات الشيطان ضربت مرة أخرى.
يكتب بوعاز بيسموط، في "يسرائيل هيوم" ان صور الاطفال الصغار الذين عولجوا في المستشفيات الميدانية في سورية، بعد الهجوم الكيميائي الذي شنه نظام الأسد ضد معقل المتمردين في بلدة خان شيخون في محافظة ادلب، زعزعت العالم كله. صور الاطفال الأبرياء، ذات النظرات الخائفة، وراء كمامة الاوكسجين كانت الاكثر رقة، التي يمكن نشرها في وسائل الاعلام الدولية – من دون تمويه.
صور أخرى تم التقاطها في المكان، فور قيام طائرات الشيطان بنشر غاز السارين المحظور حسب جميع المبادئ القانونية والاخلاقية، اثناء نوم الاطفال، كانت بكل بساطة صور لا يمكن تحملها، حتى بالنسبة لأولئك الذين شاهدوا كل شيء، أو على الأقل اعتقدوا ذلك.
جثث الاطفال الممددة جعلت الدم يغلي لدى كل من شاهدها. الصور المروعة عرضت، ايضا، جثث مواطنين ملقاة في الشارع وكذلك مصابين، بينهم كثير من الاولاد الذين اصيبوا جراء استنشاق الغازات السامة. كما انهم عانوا من حروق شديدة في الجلد وفي الاجزاء المكشوفة من اجسادهم، بل من الفشل الرئوي الذي تسبب به استنشاق الغازات السامة.
وكانت مفزعة، ايضا، صور الاطفال المختنقين الذين كان الزبد يخرج من افواههم، أمام أعين طواقم الانقاذ العاجزة التي كانت ترش الماء على ثيابهم. هذا هو الهجوم الكيميائي الثاني، من حيث أهميته، منذ بداية الازمة الخطيرة في 15 آذار 2011 في مدينة درعا. وحتى الآن تسببت هذه الازمة بموت 400 ألف شخص.
يقولون إنه منذ ذلك اليوم اللعين، نسي الكثير من الاطفال في الدولة معنى البكاء. كما نسي اباؤهم. وهذا، كما يبدو، هو اكثر وضع رهيب يمكن الوصول اليه. غياب البكاء، معناه فقدان الأمل.
لم يكن ولن يكون هناك أي مبرر لصورة طفل ميت. ويسأل السؤال: لماذا اذا يوافق العالم منذ ست سنوات على التقاط صور كهذه في سورية، بالمئات إن لم يكن بالآلاف؟ صحيح أن جزار دمشق بشار الاسد هو المسؤول عن التراجيديا السورية، لكننا جميعا وقعنا عليها.
الحرب في اقليم بيافرا التي وقعت بين تموز 1967 وكانون الثاني 1970 كانت حرب اهلية فظيعة،  حاول خلالها المتمردون أبناء الإيبو من مقاطعة بيافرا الانفصال عن نيجيريا واقامة دولة مستقلة. هذه الحرب يتم ذكرها على مستوى واحد مع احداث تراجيدية صمت خلالها العالم. وقد حظيت هذه الحرب بتغطية اعلامية كبيرة، وفي اعقابها، صادق القانون الدولي على حق الدول بالتدخل في ازمات الدول الاخرى، مثلا في المجال الانساني (كما في كوسوفو في 1999). ولكن العالم ادرك خلال حرب بيافرا أنه احيانا، توجد حدود لسيادة الدولة – الاطفال.
صور الاولاد ذوي البطون المنتفخة، الذين ينتظرون الموت المخلص، سببت على الأقل ولادة العمل المقدس الذي تقوم به منظمات مثل اطباء بلا حدود، لكن التراجيديا استبدلت مكانها فقط، وكما في ذلك الوقت بالضبط، عندما تم بث صور الاطفال الجوعى في ارجاء العالم، لم تتدخل الجهات الدولية بما يحدث، وتركت الاطراف تقتل بعضها البعض. فما الذي تغير اذا في الازمة السورية الآن؟.
هل عمل بدون تصريح روسي؟
لا شك أن الحكاية السورية معقدة اكثر مما يمكن تحمله، الى درجة أن هناك صعوبة في تعريف الازمة. هل يجري الحديث حقا عن حرب اهلية، أم عن حرب بين نظام الاسد والمتمردين، او الجهاديين، اذا شئتم، نوع من الحرب المتواصلة بين السنة والشيعة منذ 1300 سنة؟.
ألا تحدث في سورية حرب اقليمية تتدخل فيها، في الواقع، الكثير من الدول المجاورة: تركيا، ايران، لبنان (حزب الله)، الاردن (اللاجئين)، اسرائيل، السعودية وقطر – بينما لكل واحدة منها مصالحها المتضاربة؟ ألا توجد هنا ازمة خطيرة ذات محفزات حقيقية لاندلاع حرب عالمية، اذا ما وقع خطأ صغير؟.
اذا تم اعطاء بعض الاطراف الضالعة في الازمة، حجة لإشعال الحريق - فإنها لن تتردد. في الوقت الحالي، يمكن بسهولة ملاحظة كيف يفحص كل طرف قدرة الطرف الآخر على التحمل. هناك احتمال معقول بأن التراجيديا في يوم الثلاثاء التي قتل خلالها اكثر من مئة شخص، كانت مجرد محاولة من قبل الاسد أو الروس لفحص المزاج الدولي.
كما يعتقد الكثيرون، من الممكن جدا أن يكون الاسد قد عمل بدون تصريح روسي، ورغب برؤية مدى رغبة الشريف الجديد في البيت الابيض، دونالد ترامب، بالعمل في سورية، أو أنه يفضل التركيز في الحرب ضد داعش والعملية السلمية الاسرائيلية الفلسطينية. وفي هذا الموضوع، من المناسب لفت انتباه المجتمع الدولي الى أن المشكلة الاولى التي يجب حلها في الشرق الاوسط هي سورية، وليس السلام مع الفلسطينيين.
يحتمل ايضا أن روسيا كانت على علم بنية الاسد استخدام السلاح الكيميائي، وتعرف قدراته في هذا الشأن. وهذا على الرغم من الاتفاق الذي وقع عليه، والذي تعهد فيه بتفكيك السلاح الكيميائي ("انجاز" اخر لإدارة اوباما). وبذلك تكون روسيا قد سمحت بتسخين المنطقة فقط لكي تفرض على الامريكيين كشف الخطوة التالية. لأننا في الموضوع السوري، نعرف، بهذا الشكل او ذلك، ما الذي يريده كل طرف – لكن المجهول الكبير هي ادارة ترامب. مع اوباما كانت الامور واضحة، فقد استنكر قتل المدنيين، لكنه خلف فراغا امريكيا في سورية في كل مجال ممكن.
توقفوا عن احصاء القتلى
لا حاجة لتوقع تغيير كبير في اعقاب الحادث الصعب الذي وقع هذا الاسبوع، خاصة أنه بعد آب 2013 لم يخرج العالم الى حرب ضد الاسد - بعد استخدامه السلاح الكيميائي للمرة الرابعة عشر ضد أبناء شعبه على اطراف دمشق. ولكن في هذه المرة كان هذا اكبر اختبار لترامب. وبشكل عام، بعد أقل من مئة يوم له في البيت الابيض، يبدو أن ترامب بحاجة الى مواجهة ملفين كبيرين، هما: كوريا الشمالية وسورية. ولمواجهة هذين الملفين يجب عليه مواجهة رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس الصين شي جين بينغ الذي سيصل الى الولايات المتحدة يوم الخميس القادم.
صحيح ان سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة، نيكي هايلي، أعلنت يوم الخميس بأن مغادرة الاسد لم تعد في سلم اولويات واشنطن، لكن يجب علينا الآن رؤية ما الذي سيفعله البيت الابيض. ويجب الاعتراف ايضا أنه خلافا لاوباما، فان ترامب ورث روسيا في سورية كحقيقة واقعة. مشكلة اوباما هي أنه لم يكن له بوتين في سورية، ولكن لم تكن له استراتيجية ايضا.
لقد توقفوا في سوريا منذ زمن عن احصاء عدد القتلى، كما في الحرب الاهلية غير المنتهية في الجزائر في سنوات التسعينيات. إلا أنه في هذا الاسبوع كان يصعب تجاهل مئة ضحية و400 مصاب في الهجوم على ادلب. أولا، لأن الهجوم حدث بعد التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار قبل بضعة اشهر.
ثانيا، لأن هذا حدث ضد سكان خان شيخون في جنوب الجيب الخاضع لسيطرة المتمردين. استخدام السلاح الكيميائي بعد ان كان من المفروض حسب الاتفاق أن لا يكون لدى الاسد غاز في المستودعات. وحسب كل الدلائل، فان الحديث ليس عن غاز الكلور بل غاز السارين - الذي ذكرنا بفصول مظلمة جدا في تاريخ الانسانية الحديث.
شجب ونفاق
من الواضح أن السؤال الكبير هذا الاسبوع، هو ما هو الغاز الذي استخدم في خان شيخون. الرواية الروسية – السورية تدعي إن المستودعات الكيميائية كانت اصلا تحت سيطرة المتمردين، وأن طائرات الاسد قصفت “مستودع ذخيرة للمتمردين تم فيه انتاج قذائف تحوي المواد السامة ، التي احضرها المقاتلون الذين جاءوا من العراق”. يمكن التساؤل حول هذا التحديد – هل كان المتمردون، ايضا، هم الذين قصفوا لاحقا المستشفى التي عولج فيها ضحايا الهجوم المرعب؟
ما تبقى في الوعي هي الصور التي وصلت من المنطقة التي تم قصفها. والصور لم تترك أي مجال للشك بأنه تم استخدام السلاح الكيميائي رغم نفي النظام السوري وادعاءات هيئة الاركان السورية بأنها لا تملك اسلحة كيميائية، وأن من يقوم باستخدام هذا السلاح هي منظمات المتمردين ومعارضي النظام في سورية.
يمكن التذكير بأنه منذ الادعاء القائل بأنه تم تفكيك سلاح سورية الكيميائي، تم التبليغ عن استخدام نظام الاسد لغاز الكلور ضد المدنيين. المذبحة في خان شيخون تغير الوضع - إذا تم بالفعل استخدام غاز السارين.
الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء والصور المروعة التي رافقته، قادت الى الشجب العام. بل بادرت فرنسا الى اجراء نقاش عاجل في مجلس الامن الدولي، وانضمت الولايات المتحدة وبريطانيا الى هذه المبادرة.
في اطار هذه المبادرة نددت الدول باستخدام السلاح الكيميائي في سورية، وطلبت اجراء تحقيق سريع لمعرفة ما الذي حدث بالضبط في محافظة ادلب. وسارعت موسكو الى الرد قبل بدء النقاش، وقالت إنها لا توافق على نقاش يعتمد على حقائق غير صحيحة- كما أعلنت المتحدثة بلسان وزارة الخارجية الروسية. وفي هذه الأثناء رد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بطلب فرض عقوبات على بشار الاسد – وهو طلب كان من الواضح انه سيحظى برد بارد من قبل موسكو. وبالمناسبة، لمعرفة مدى نفاق العالم الذي نعيش فيه - سارعت ايران، على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، بهرام قاسمي، الى التنديد باستخدام السلاح الكيميائي في سورية.
هذا الاسبوع عادوا للحديث كثيرا عن اوباما، على اعتبار أنه الذي يتحمل المسؤولية عما يحدث في الدولة. يجب علينا ألا ننسى أنه كانت لدى اوباما اربع سنوات كاملة قبل دخول روسيا بشكل فعلي الى الحرب السورية في ايلول 2015، كان يمكنه عمل الكثير. ماذا مثلا؟ تدمير سلاح الجو السوري المسؤول عن الهجمات الكيميائية. وكانت لديه الوسائل لعمل ذلك. وكان من شأن خطوة كهذه أن تغير بشكل دراماتيكي قدرة الأسد على الحاق الضرر بالمدنيين. لكنه بدلا من ذلك اختار اوباما عدم عمل أي شيء.
كما أن انجازه، ظاهرا، بإخضاع سورية للرقابة الكيميائية وتدمير مستودعات هذا السلاح، لم يمنع سورية من تطوير سلاح جديد بدل الذي تم تدميره. لقد اختار عمليا تخليد الصراع، ربما عمدا، ومن خلال الفهم بأن هذا الامر ميؤوس منه، وأن الغرب سيستفيد على المدى البعيد من الحرب العربية الداخلية. هذا يُذكرنا باستراتيجية ريغان وبوش في الحرب العراقية-الايرانية، التي كان هدفها مساعدة الطرفين في فترات مختلفة.
لكن على المدى القصير، خلق اوباما العداء ازاء الولايات المتحدة، والذي جاء بالذات من جانب انصار الولايات المتحدة في سورية، والذين دفعهم الى احضان داعش. كما ان التحالف الذي شكله اوباما ضد داعش تحول الى هدف استراتيجي لهذا التنظيم الذي قاد لتنفيذ العمليات في باريس وفي عواصم اوروبية اخرى. من جهة، لم يعمل التحالف من اجل تحقيق الانتصار، ومن جهة اخرى، استدعى هجمات ضد الغرب على ارضه. اوباما في استراتيجيته السورية (ان كانت لديه استراتيجية كهذه) خرج بدون فائدة من الجانبين.
انهيار الاستراتيجية
بالطبع تم في هذا الاسبوع، ايضا، طرح سؤال حول سبب استخدام الاسد للسلاح الكيميائي الآن بالتحديد؟ اذا كان قد راهن في العام 2013 على أن الغرب لا ينوي الرد، وايضا لأنه نجح في طرح نفسه كحاجز ضد سيطرة داعش على سورية، فانه في هذه المرة ايضا، يراهن على أن الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، لن يفعلوا أي شيء.
انه لم يرتدع حتى عن استخدام السلاح الكيميائي في اليوم الذي اجتمعت فيه لجنة اعمار سوريا في بروكسل. وبالإضافة الى الوقاحة المرتبطة برغبة الاسد في البقاء في الحكم، والرغبة في استعادة المناطق التي سيطر عليها المتمردون، فان الاسد معني بأن يقوم الغرب بتمويل اعمار الدولة لأن روسيا لا تنوي عمل ذلك. بالنسبة له هذا تقسيم عادل: روسيا حافظت عليه والولايات المتحدة ستعيد اعمار بلاده. فلماذا اذا لا يرش الغاز على أعدائه، بما في ذلك الاطفال؟ ريما يكون رهان الاسد قد نجح، لا سيما عندما رأى في الأسبوع الماضي رئيس ايران، حسن روحاني، يصل الى الكرملين، وعلى جدول العمل موضوع الحفاظ على نظام الاسد في سورية.
على كل حال، كما يدعي موقع “بوليتيكو” فانه ليس من الواضح متى انهارت استراتيجية اوباما في سورية: هل حدث ذلك في كانون الاول 2013 عندما أهان الاسلاميون المتمردين الذين نالوا دعم الولايات المتحدة حين نجحوا بالحصول منهم على  كل المعدات التي حولتها اليهم؟ أو ربما في ايلول عندما اضطر اوباما الى رسم خط احمر بعد تجاهل سورية كليا الخطوط التي رسمها في العام 2012.
أم أن هذا حدث في كانون الثاني 2014 عندما رفضت ادارة اوباما الاستجابة لطلب المتمردين تزويدهم بمزيد من السلاح؛ أم أن فشل ادارة اوباما حدث في آذار 2011 حينما بدأت الازمة في سورية تحت غطاء “ربيع الشعوب العربي”، وطلب رئيس الولايات المتحدة في حينه من الدكتاتور السوري مغادرة السلطة، لكنه لم يفعل أي شيء من اجل تنفيذ ذلك. وهذا هو فشل اوباما الاكبر. لقد عرف كيف يطلب من الرئيس التونسي بن علي ومن الرئيس المصري مبارك الرحيل، لكنه نسي الشخص الاهم - الاسد.
الامر الاخير: لقد صدمتنا هذا الأسبوع، صور الاطفال القاسية نتيجة استخدام السلاح الكيميائي من قبل جيشهم. والامر المدهش فعلا هو الى أي حد لم يعد يصدمنا موت الاطفال في سوريا بسبب استخدام السلاح التقليدي “فقط”.

التعليـــقات