رئيس التحرير: طلعت علوي

السياحة الاسرائيلية في غزة

الخميس | 14/07/2016 - 11:10 صباحاً
السياحة الاسرائيلية في غزة

بقلم عامر أبو شباب

ملفت للانتباه تزايد عدد "المتسللين الاسرائيليين" من الحدود الفاصلة الى قطاع غزة، لدرجة تشعر المتابع أنه بعد ثلاثة حروب وصواريخ وأنفاق هناك رغبة واسعة للسياحة في غزة، التي بدأها يهودي أثيوبي حاملا حقيبة عبر السلك الشائك، ثم عربي من حوارة وأخرهم جمعة أبو غنيمة، زيارة تتم رغم التوتر الحدودي والأسلاك الشائكة والالكترونية والدوريات والأبراج والأقمار الصناعية والمناطيد.

ثلاث زيارات سياحية أو استطلاعية بالمعنى الخاص والعام، تأتي رغم ما سبق وبالتزامن مع اعلان ليبرمان عن أولوية ملف المفقودين الذي يزيد يوما بعد يوم، لتكسب حركة حماس أوراق تفاوضية أقوى مع حكومة الاحتلال التي تنازلت عن لغة التهديد الى لغة الوساطات التركية والمصرية.

حالات التسلل تشير الى وضعية استرخاء غريبة للجيش الاسرائيلي على حدود ملتهبة وضيقة تعاني من صراع تحت الأرض، ويبدو أن الصراع على ما تحت الأرض من أنفاق وحفارات ألهى جيش الاحتلال عن الاهتمام بما فوق الأرض، وهو دليل على ان اسرائيل غير قادرة على ضبط 55 كيلو حدودية، فكيف تستطيع تأمين حدودها الطويلة مع لبنان وسوريا والأردن وسيناء؟، هل الجيش الاسرائيلي يلهو أو في حالة استرخاء؟.

عموما وصول اسرائيلي من أصول عربية لغزة بشكل رسمي حسب المصادر الاسرائيلية، واتقان حماس وداخليتها وقسامها لعبة الصمت في التعقيب على الحادثة يشير الى أن اسرائيل تريد تبسيط دخول اسرائيلي يقال أنه "راعي مختل عقليا"!، ترك اهله واقترب من حدود غزة وترك أغنامه وعقله وهاتفه النقال وقرر السياحة في غزة ليقع في يد فصائل غزة في أول الأمر او لاحقه.

المجنون قبل العاقل حسب الروايات الاسرائيلية المكررة يعلم ان الدخول لغزة أو الجحيم ليس نزهة وعواقبه ليست سارة، وأن غزة ليست قبلة للسياح خاصة أن كمية السلاح والملثمين في غزة تتفوق على دول أكبر حجما من القطاع ذو الكثافة السكانية العالية فضلا عن كل الأزمات والأمراض من المياه والكهرباء الى وجبات المطاعم الفاسدة.. اذا لماذا؟

من حق المراقبين والمتابعين قراءة حادثة وصول اسرائيلي ثالث لغزة طوعا، قراءة أمنية أو عسكرية فالحدود ليست على غرار حدود سويسرا، انها حدود مواجهة، والقادمون لغزة ليسوا مجانين كما يعلن دائما، الامر مريب حقا ومضحك في نفس الوقت.

ازدياد عدد المعتقلين الاسرائيليين في غزة قد يكون ورقة تفاوضية رابحة في اطار صفقات التبادل التي قيدتها القوانين واللجان الاسرائيلية بشكل معقد، لكن الملف يحمل مخاطر اضافية تنذر بمواجهة مسلحة وعدوان جديد تواتر الحديث عنه في الاعلامين الفلسطيني والاسرائيلي، خاصة وأن رفع الحصار ليس غدا ومطلب تحرير غزة لا يحمله الان لا صديق ولا قريب، وكأن الحصار أصبح قدر غزة الدائم.

الحرب الرابعة والأسير الثالث ليست كلام من أجل الكلام بل تراكم لصالح التوتر واراقة الدماء، انها مسؤولية كبيرة وصعبة على صناع القرار في غزة، وتتطلب استقراء الحروب السابقة ونتائجها وأثارها التي جعلت غزة غير قابلة للحياة عام 2020، لذلك التفكير الرزين والحكمة والشجاعة تتطلب موقف بحجم الواقع وتعقيداته فكروا بذكاء يرحمنا ويرحمكم الله.

 

التعليـــقات