رئيس التحرير: طلعت علوي

عباس وبلير الرباعية المنسية

السبت | 09/07/2016 - 04:23 صباحاً
عباس وبلير الرباعية المنسية

بقلم بشير البكر 

جاء في وسائل الإعلام، مطلع هذا الأسبوع، أن السلطة الفلسطينية قرّرت وقف التعامل مع اللجنة الرباعية الدولية. وقالت الأخبار إن القرار اتخذه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وأبلغه إلى اللجنتين المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير. ومبرّر قرار عباس هو "سلسلة من الخيبات الفلسطينية من اللجنة، وآخرها تقريرها الجمعة الماضي عن أسباب فشل العملية السياسية، وإشارته إلى العنف والتحريض الفلسطيني، قبل ذكر الاستيطان الذي يعتبره المجتمع الدولي السبب الرئيسي للعنف وفشل العملية السياسية". وذكرت أوساط السلطة الفلسطينية أن عباس توقف عن استقبال المنسق السابق لـ "الرباعية" توني بلير (استقال في 2012 من الرباعية) بعد سلسلة مبادراتٍ قام بها الأخير، ورأى فيها الفلسطينيون انحيازاً صارخاً للموقف الإسرائيلي.

لم يمر الحدث مروراً سريعاً، بل تصدّى له كلٌّ من أمير سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد إشتية. وحسب عريقات، فإن التقرير ساوى بين القوة المحتلة وشعب تحت الاحتلال. أما إشتية فاعتبر أن التقرير عالج الأعراض وليس الأسباب، وأوضح "أن القيادة لن تتعامل مع الرباعية، وستتعامل مع أطراف اللجنة بصورة منفردة". ولم يمر يومان على عاصفة الردود الفلسطينية، حتى صدق الرئيس أبو مازن الوعد، عندما وجّه رسالة إلى أطراف الرباعية (الولايات المتحدة، روسيا، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي)، ولم يخاطب مبعوثها الرسمي الدبلوماسي البلغاري السابق، نيكولاي ملادينوف، الذي عيّن مبعوثاً للأمين العام للأمم المتحدة، مكلفا بعملية السلام ومنها اللجنة الرباعية، خلفا للدبلوماسي الهولندي، روبرت سري، الذي استقال في فبراير/ شباط 2015، وحمّل إسرائيل ومصر مسؤولية فشل مهمته.

الجديد في الأمر أن اللجنة التي تشكلت في عام 2002، في ظل ظروف معروفة، لا تزال على قيد الحياة، وهي تصدر تقارير ترصد فيها تحولات عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وكان الظن أنها ماتت منذ زمن طويل، وكانت استقالة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، منها إشارة التشييع النهائية. وطالما أنها عادت إلى مسرح الأحداث، فإن قصة هذه اللجنة جديرة بأن يتم التذكير ببعض محطاتها، التي كانت رحلةً من الأوهام والخداع، لا تخلو من ومضات، فهي تأسّست بطلبٍ أميركي في مدريد عام 2002، لكي تلعب دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين، وتولى رئاستها الأولى الرئيس السابق للبنك الدولي، جميس وولفنسون، الذي استقال من المهمة عام 2005 بعد سنة، وظلت اللجنة معلقةً، حتى تم تعيين توني بلير في 2007 في اللحظة الذي كان وضعه فيها حرجاً في بلاده، وجاءت المهمة بمثابة تعويم له، وبقي في المنصب قرابة خمس سنوات، وانتهى بأنه لم يفعل شيئاً، وترك خلفه رصيداً من الأكاذيب والخداع والانحياز لإسرائيل. الفترة الأولى من عمل الرباعية في بداية تأسيسها عام 2002، بالإضافة إلى التي تولى فيها روبرت سري متابعتها، هما الفترتان اللتان جرت خلالهما محاولات لتحريك الموقف، انطلاقا من قطاع غزة، وأفشلت إسرائيل ذلك واستقال وولفنسون وسري.

الأمر المثير للطرافة هو دور الولايات المتحدة في صياغة التقرير، الذي أغضب السلطة الفلسطينية، حيث تبين أن واشنطن هي المساهم الأساسي. وكشف الناطق باسم الخارجية، جون كيربي، أن بلاده تقف وراء معظم التوصيات، التي جاءت في التقرير "لأنه يشكل أرضية لحل الدولتين"، ولم يستغرب أن التقرير لقي انتقاداتٍ ورفضاً من الطرفين. وعلى المنوال نفسه، سار ملادينوف، الذي ساوى بين "التحريض الفسطيني" والاستيطان الصهيوني.

إحياء الرباعية الدولية في وقت تلاشت فيه عملية السلام فكاهةٌ لا يضاهيها طرافةً سوى الحديث عن إمكانية عودة بلير مجدّداً إلى المشهد السياسي في بريطانيا، بعد زلزال الاستفتاء على الخروج من أوروبا.

التعليـــقات