رئيس التحرير: طلعت علوي

غزة: أزمة الفكة تتجدد قبيل رمضان وتطال مجمل المعاملات التجارية

الثلاثاء | 24/05/2016 - 12:07 مساءاً
غزة: أزمة الفكة تتجدد قبيل رمضان وتطال مجمل المعاملات التجارية


كعادتها في مثل هذا الوقت من كل عام، تجددت "أزمة الفكة"، في كافة أسواق ومتاجر ومناطق قطاع غزة، متسببة في مشكلات كبيرة، أثرت على مجمل المعاملات التجارية.

فالأزمة وعمرها وفق خبراء الاقتصاد أكثر من سبعة عقود، تعود إلى أسباب عدة، أهمها السلوكيات والاعتقادات الخاطئة لدى بعض كبار التجار، ممن يقومون بتخزينها قبل رمضان بأشهر.

ويقول أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، د. معين رجب: إن هذه الأزمة القديمة الجديدة، يتسبب بها تجار، ممن يبدؤون بجمع الفكة من الأسواق مبكراً، ويخزنونها في منازلهم، لاعتقادهم أن توفرها لديهم يمنحهم ميزة تجارية، ويمكنهم من تسهيل تعاملاتهم في البيع، ما يعود عليهم بأرباح أكثر.

وأكد رجب أن "الفكة" متوفرة في أسواق القطاع بكميات كبيرة وكافية، وهذه المشكلة تظهر جلياً قبيل وأثناء شهر رمضان، وتزداد وضوحاً مع اقتراب عيد الفطر المبارك.

وأوضح في حوار لـ "الأيام" أنها أزمة مفتعلة، فلو تركت الأمور بصورة طبيعية دون تدخل من التجار أو محاولة جمع وتخزين الفكة فلن يحدث أزمة بالمطلق، بدليل أن الأزمة تحل وتتوفر العملات النقدية من فئات صغيرة بوفرة في الأسواق ظهيرة أول أيام عيد الفطر، داعياً إلى تجنب مثل هذه السلوكيات.
وأكد رجب أن جمع وتخزين الفكة له مضار كبيرة على الأسواق، وضحية هذا السلوك هم المواطنون، وصغار الباعة والتجار، ممن لا يتوفر لديهم سيولة مالية كافية، ولا يستطيعون تخزين الفكة كغيرهم.

وقال: إننا نجد صغار الباعة يعانون ولا يستطيعون البيع، كذلك السائقون، خاصة ممن يعملون داخل المدن ويحصلون على أجور قليلة يعانون، والأسواق كلها تكون مكبلة.

واشترط سائق سيارة الأجرة إبراهيم ماضي على الركاب أن يعطوه الأجرة من فئات نقدية صغيرة، فهو لم يعد يمتلك أي فكة ليعيد الباقي لهم.
وقال ماضي: بتنا نعاني كثيراً، فرغم توصيته لأكثر من صاحب بقالة لجمع الفكة، واصطحابها معه في مطلع كل يوم، إلا أنها تنفذ بعد ساعة أو ساعتي عمل، معرباً عن استيائه لقيام معظم الركاب بإعطائه أموال من فئات نقدية كبيرة "50 أو 100 شيكل"، لخصم الأجرة منها.

وأكد أنه اضطر قبل يومين للعودة إلى المنزل وإيقاف مركبته، بعد أن عجز عن توفير الفكة للركاب، ولم يعد باستطاعته العمل.

أما بائع البطيخ المتجول أحمد إسحق، فأكد أنه لم يعد يهنأ ببيع منتظم، وكثيراً ما يعتذر للمواطنين، ويستعيد منهم البطيخ بعد بيعه، لعدم امتلاكه فكة يعيد من خلالها لهم باقي النقود.

وأكد إسحق أن كبار التجار ممن لديهم سيولة يسهمون في قطع أرزاقه هو وأمثاله من صغار الباعة بتخزين الفكة، مقسماً أن بعضهم يخزنها في شوالات دقيق وسكر فارغة، وكأن الرزق بيد الفكة لا بيد الله، على حد قوله.

واستهجن المواطن بسام فايق اختفاء الفكة من الأسواق بصورة كلية، مؤكداً أنه توجه إلى السوق ومعه ورقة نقدية من فئة مائة شيكل، وتجول على ستة من الباعة كان يرغب بشراء خضروات منهم، ولم يستطع أحد بيعه.

وتساءل فايق ويعمل موظفاً في السلطة، كيف من الممكن أن نعطيهم فكة ونحن نستلم رواتبنا من المصارف بعملات من فئة 100 أو 200 شيكل؟
وأكد فايق أن الأمر أصبح مرهقاً للمواطنين، ويزيد من صعوبات التسوق، وكأن كل مواطن مطالب بتخزين الفكة في منزله قبل رمضان ليتمكن من الشراء.
ويؤكد بعض المعايشين أن الأزمة المذكورة موجودة في فلسطين منذ زمن الانتداب البريطاني، وتزايدت بصورة جلية في عهد الحكم المصري لقطاع غزة، وكانت نشأتها تعود لبحث المواطنين عن قطع نقدية لتقديمها كعيدية لقريباتهن، وتواصلت لتمتد إلى الأسواق.

©الايام 

التعليـــقات