رئيس التحرير: طلعت علوي

في ندوة لمركز معا: فوضى في استخدام المبيدات الزراعية في ظل رقابة ضعيفة

السبت | 30/04/2016 - 12:32 مساءاً
في ندوة لمركز معا: فوضى في استخدام المبيدات الزراعية في ظل رقابة ضعيفة

حذر خبراء زراعيون ومختصون في مجال البيئة من مخاطر استمرار استخدام المبيدات الكيميائية في الزراعة على الصحة العامة والبيئة، خصوصاً في ظل ضعف الرقابة والتفتيش على استخدام هذه المبيدات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وجاءت هذه التحذيرات في حلقة متلفزة بعنوان المبيدات الكيميائية الزراعية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى أين؟ قدمها الصحفي فراس الطويل، ضمن برنامج "حوارات بيئية"، من إنتاج مركز العمل التنموي "معا" وتلفزيون وطن وكان ضيوف الحلقة التي تغيبت عنها وزارة الزراعة، كل من: ياسر أبو شنب، المكلف بالإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة، وسامر صوالحة رئيس قسم مكافحة الحشرات والقوارض في قسم صحة البيئة بوزارة الصحة، وعضو مجلس ادارة جمعية المهندسين الزراعيين عبير الخليلي، إضافة الى الخبير البيئي المهندس الزراعي سعد داغر.

فوضى وتهريب

"لا توجد احصائيات رسمية دقيقة عن مدى انتشار المبيدات الكيماوية في الزراعة الفلسطينية، ويتم استخدام المبيدات خارج الأطر الرسمية ويتم اللجوء الى التهريب من اسرائيل وهي مستخدمة على نطاق واسع، وهناك فوضى في استخدامها في ظل عدم وجود رقابة عليها بسبب عدم ضبط التهريب، عدا أن الرقابة غائبة تماما على استخدام المزارع للمبيدات"، كما قال الخبير البيئي والمهندس الزراعي سعد داغر.

يؤكد داغر إنه "وفقا للتجارب المحلية والعالمية فإنه يمكن الاستغناء عن المبيدات الكيماوية، فمن خلال تجاربي الخاصة (زراعة مساحة لا بأس بها لست سنوات من دون مبيدات) فقد أثبتت تلك المحاولة غزارة في الإنتاج من خلال اتباع اساليب الزراعة البيئية، فمثلا انتاجية الدونم تبدأ بـ 5 طن تزداد تدريجيا بالاعتماد على تخصيب التربة باعتماد أساليب الزراعة العضوية".

عالميا، يقول داغر: " مثلا دولة كوبا، كانت تستخدم في السابق المبيدات الكيماوية على نطاق واسع، ففي التسعينات كانت كوبا تستخدم 23 طنا من المبيدات وكانت تستورد حوالي 70% من غذائها، وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية، تحولت كوبا الى نمط مختلف، بحيث انخفض استهلاكها من المبيدات الى ألف طن فقط، ومع بداية عام 2005 أصبحت تنتج قرابة 100% من حاجاتها الغذائية، بعد اعتمادها على الزراعة البيئية".

سلطة البيئة: من حيث المبدأ نحن ضد المبيدات، ولكن!..

يقول ياسر أبو شنب، المكلف بالادارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة: " بشكل عام المبيدات الزراعية هي مواد كيماوية خطرة على الإنسان والبيئة، وبناء على ذلك نحن نبحث عن افضل الوسائل البديلة التي يمكن استخدامها، ونحن نشجع اي بدائل. أما إذا كان هناك وسائل دون بدائل فنحن نتعامل معها إلا اذا اثبتت الدراسات أنها مضرة. ولدى مناقشة مسألة المبيدات الزراعية يتم النظر اليها من زاوية الصحة العامة والبيئة ونقوم بمراجعة المبيدات من خلال الدراسات الصادرة حولها من قبل المنظمات الدولية، وبالتالي تتم عملية مناقشة وتقييم كل مبيد ومعرفة ايجابياته وسلبياته في الاستخدامات، واذا تبين عدم وجود اثبات قاطع لأضرار أي مبيد فنقوم بدعمه، واذا تبين وجود أضرار فيجب استخدامها وفق تعليمات خاصة يجب الالتزام بها، وربما نقوم بحظره بعد إجراء الدراسات اللازمة".

وزارة الصحة: لا يوجد لدينا نظام روتيني للفحص والمبيدات ضرورية!

وزارة الصحة من جانبها أكدت على لسان رئيس قسم مكافحة الحشرات والقوارض سامر صوالحة "وجود صلاحيات لديها في مراقبة المبيدات الزراعية حسب قانون الصحة العامة وبالتعاون مع الجهات المختصة ذات العلاقة في جودة البيئة والزراعة، بحيث يتم مراقبة استخدام المبيدات المستخدمة في مكافحة نواقل الامراض عن طريق الحشرات والقوارض وكذلك على المبيدات الزراعية من خلال أخذ عينات من الخضار والفواكه وفحص متبقيات المبيدات. مشيرا الى عدم وجود نظام اعتيادي وروتيني، والاعتماد على دراسات عشوائية حيث أفادت آخر الدراسات عام 2011 أن نسب المتبقيات من المبيدات في الخضار والفواكه كانت مقبولة ضمن الحدود المسموح بها، وذلك بعد فحص 100 عينة من شمال الضفة الغربية وجنوبها".
وأشار إلى أن وزارتي الزراعة والصحة بدأتا بعقد اجتماعات مستمرة في الشهور الاخيرة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لفحص متبقيات المبيدات في الخضار والفواكه في الاسواق المحلية، وأضاف: " يجري العمل على تطوير الفحوصات في مختبر الصحة العامة ويتم إضافة أنواع جديدة من المبيدات لفحص متبقياتها من أجل حماية السكان من أية أضرار".

وتابع صوالحة بالقول: "المبيدات ضرورية جدا، ودون استخدامها ستكون حياة الإنسان معرضة للخطر وعرضة للموت بسبب الأمراض خصوصا الملاريا، فمع استخدام المبيدات يموت شخص كل أربعين ثانية في العالم، فما بالكم دون استخدامها، خصوصا في ظل المتغيرات المناخية، بالتالي استخدام المبيدات شرٌ لا بد منه".

بخصوص الملاريا والفتك بالانسان قال داغر ان "موت شخص كل أربعين ثانية لا يعني أن المبيدات وضعت حدا لهذا المرض، على العكس تماما، هذا دليل على أنها غير ناجعة. وبين بالقول : "يعتبر السرطان ثاني مسبب للوفاة في فلسطين، وهذا مرده بالدرجة الاولى للغذاء الذي يتناوله الانسان، هناك علاقة مباشرة بين استخدام المبيدات وتزايد حالات الوفاة بالسرطان، اذا اضطررنا لاستخدام مبيدات ضد حشرات معينة فليكن، لكن لماذا نستخدم كل هذه الأطنان من المبيدات في الزراعة تحت مبرر الأمراض والملاريا، لذلك، المبيدات شر لا بد من القضاء عليه".

من ناحيتها أشارت عبير الخليلي وهي عضو مجلس ادارة في جمعية المهندسين الزراعيين العرب الى وجود توجه لدى الجمعية في الوقت الراهن بالعمل مع المهندسين الزراعيين في الضفة والقطاع عن طريق توجيه الارشادات لهم بعدم استخدام المبيدات واستبدالها بالمدخلات العضوية الطبيعية والرجوع الى نظام زراعة أجدادنا، مضيفة: "هناك نماذج عدة تم تنفيذها في الوطن من خلال الزراعة البيئية والعضوية وكانت ناجحة حيث يتم انتاج محاصيل صحية خالية من الكيماويات، ويجب الالتفات الى كل هذه التجارب وإعادة النظر في استخدام المبيدات".

وطالبت الخليلي بوقف استخدام المبيدات نهائيا لأن ذلك يؤدي الى قتل الانسان واليبئة، وردت من خلال حديثها على ان الجهات المختصة بحاجة لأدلة قاطعة حتى تحظر هذا المبيد أو ذاك، قائلة: "سبق وان أكدت منظمات دولية أن بعض أنواع المبيدات التي كانت مسموحة في السابق هي مسببة للأمراض السرطانية بعد سنوات من استخدامها، فهل ننتظر أن تفتك بنا المبيدات حتى يتم منعها؟"

مواد مسرطنة لم تحظر بعد في فلسطين

في المقابل، رحب أبو شنب بأية بدائل من شأنها الحفاظ على البيئة والحفاظ على الصحة العامة، وأضاف: "ولكن من منظور واقعي لا يمكن الاستغناء عن الزراعات الحديثة، نحن بحاجة لاثباتات علمية وواضحة لحظر أي منتج او مبيد. كل المواد الكيماوية تتصف بالخطورة، ولكن هناك شروط وتعليمات لكل مادة واذا ما استخدمت بطريقة خاطئة فإن استخدامها قد يصبح خطرا على حياة الانسان والبيئة، وبالتالي نحن بحاجة إلى أدلة قاطعة لأضرار أي مادة، ونحن لن نتردد في حظر اي مادة في حال توفر الدليل القاطع.
وأجاب أبو شنب بذلك عند سؤاله عن أسباب عدم حظر مادة "الغلايفوسات" الموجودة في مبيدات الأعشاب حيث ثبت علميا بأن هذه المادة تسبب الأورام السرطانية (بحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC)، وانصب جزء من النقاش في الندوة التلفزيونية حول هذا المحور وعن أسباب عدم منع هذه المادة حتى الآن.
وأوصى المشاركون في الحلقة بتكاتف كل الجهود من قبل كل الجهات الرسمية وغير الرسمية للوصول الى صيغة من شأنها فرض رقابة ناجعة على استخدام المبيدات الكيماوية، ووضع سياسات عامة لاستخدام هذه المبيدات والبحث عن بدائل لا تسبب الضرر للبيئة والصحة.

مركز معا

التعليـــقات