رئيس التحرير: طلعت علوي

ترجمة "الحدث"| مقال لرئيس الموساد السابق بعنوان: السلام الاقتصادي لفلسطين

الخميس | 31/03/2016 - 10:08 صباحاً
ترجمة "الحدث"| مقال لرئيس الموساد السابق بعنوان: السلام الاقتصادي لفلسطين

نشر المقال التالي في موقع Open Democracy  للرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي يوسي ألفر* تحت عنوان  ?Economic peace" for Palestine

وهذا هو نصه:

تعد فكرة "الاقتصاد" وبعده القوي في تحقيق السلام، من أكثر المواضيع إلحاحاً في النهج الدولي والإسرائيلي المتبع لحل القضية الفلسطينية. ووفقا لهذا التفكير، فإن تطوير الاقتصاد الفلسطيني بما يشمل مؤسساته الحكومية وشعور الفلسطينيين بهذا الازدهار والنمو والأمل في مستقبل مادي، سيزيد من فرص نجاح عملية السلام، وسيحسن من آفاق قيام دولة فلسطينية، ويدعم أسس الثقة بين فلسطين وإسرائيل، ويحد من العنف.

وكانت النرويج الدولة الأبرز الراعية لهذا التوجه، سواء عن طريق الدعم الاقتصادي السخي (ما يقرب من 11 مليار كرونة نرويجية منذ عام 1993)، أو من خلال اتخاذها دوراً قيادياً على المستوى الدولي في تقديم الدعم الخارجي لتنمية الدولة الفلسطينية من خلال لجنة الدول المانحة، ومنتدى التنمية المحلية (LDF) ولجنة الاتصال المشتركة (لجنة العمل المشتركة).
واعتمدت اتفاقية أوسلو والانتداب البريطاني قبل عام 1948، والحركة الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967 سياسة مماثلة.
جنبا إلى جنب مع العديد من جوانب عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية، فإن مقاربة "السلام الاقتصادي" أثبتت فشلها. وقد حان الوقت لإعادة النظر فيها.

من المؤكد أن الرفاه الاقتصادي هو شيء جيد. فكثير من الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، محتاجون للغاية. ولكن وجود السلطة الفلسطينية مع فوائدها المتعددة للفلسطينيين في الضفة الغربية تعتمد على المنح الدولية السخية. هذه المشاريع التنموية والمساعدات حيوية جميعها يجب أن تستمر. ولكن ليس إذا كان المبرر الرئيسي هو السلام.

الصراع جذوره غير اقتصادية ولا يتغذى على الحرمان الاقتصادي

لا يستمد الصراع من الجذور الاقتصادية ولا يتغذى عليه الحرمان الاقتصادي. الصراع سياسي، فمع زيادة التطرف الديني في كلا الجانبين، فإن قضية تعزيز الثقة في الحالة الإسرائيلية-الفلسطينية عبر الازدهار والرخاء الاقتصادي لا يعزز السلام.
وبالعودة إلى تقرير لجنة بيل البريطانية عام 1937 حول الصراع الناشئ، الذي جاء فيه، "إن الهجرة اليهودية إلى فلسطين ستجلب رخاء مادياً وهو ما سيخلق تصالحاً مع الفلسطينيين العرب"، وهو ما أثبت فشله بسبب انعدام التعايش بعكس توقعات الانتداب البريطاني. في الواقع، وفي وقت مبكر من 1923 أدان زعيم التصحيحية الصهيونية زئيف جابوتنسكي مفهوم أن "العرب سيقدمون طوعاً على بيع أراضيهم في فلسطين مقابل شبكة السكة الحديدية".

وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة مباشرة في حزيران من عام 1967، وتجاهلت إسرائيل هذه التحذيرات. وقام وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه دايان بفتح خط الحدود الأخضر مشجعاً الإسرائيليين والفلسطينيين على الذهاب والإياب والتفاعل على المستوى التجاري. وهو ما دفع أعداد كبيرة من عمال المياومة الفلسطينيين للعمل في إسرائيل. وهو ما أدى إلى ازدهار كلا الجانبين. وكان مسؤولو الأمن الإسرائيليين المسؤولين عن الأراضي الفلسطينية قد تمكنو من وضع صيغة لمنع العنف وضمان الانسجام والتعايش على الرغم من الفشل في إيجاد حل سياسي.

استغرق الأمر 20 عاماً حتى اندلعت الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987، لتثبت أنهم على خطأ، لتفرض إسرائيل بعدها إغلاقاً جزئياً على الحدود وفرض قيود على التفاعل الاقتصادي. ومع ذلك، فإن التركيز على الازدهار كعنصر للسلام متواصل. ففي تموز 2000، قام  رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك بتجنيد الدعم اليهودي وسائل الإعلام الأمريكية آملاً اختراق اتفاقية كامب ديفيد، فكانت نقطة الحديث الرئيسية "الحاجة" إلى واشنطن لتوفير الأموال اللازمة لمشاريع تحلية المياه الفلسطينية وتعويض اللاجئين من أجل لتسهيل العملية السياسية.

في عام 2002، أي بعد الانتفاضتين، ضغط رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات على المجتمع الدولي لتعيين الخبير الاقتصادي الدولي حاليا، سلام فياض، على افتراض أن التنمية الاقتصادية والتفاعل مع إسرائيل سيساعد في دفع تسوية سلمية. وفي عام 2007، أيضا، قامت "اللجنة الرباعية" (مبادرة السلام يضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا) بتفويض رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية في الأراضي باعتبارها عنصرا رئيسيا لتسوية سلمية.

وفي وقت سابق، في عام 2005، خدم الرئيس المنتهية ولايته في البنك الدولي جيمس ولفنسون، ممثلاً اللجنة الرباعية لفترة وجيزة في مشروع لتعزيز التنمية الاقتصادية في قطاع غزة بعد انسحاب اسرائيل.

في عام 2009، تمحورت حملة الليكود في انتخابات الكنيست بقيادة بنيامين على "السلام الاقتصادي" لتطوير السلطة الفلسطينية كمقدمة ضرورية لمحادثات السلام. وحتى يومنا هذا، يقوم المتشددون السياسيون الإسرائيليون مثل نفتالي بينيت على تعزيز الأفكار لتطوير 40٪ من الضفة الغربية التي تقع تحت السيطرة الكاملة أو الجزئية للسلطة الفلسطينية (المناطق A و B) كوسيلة لضمان التفاعل السلمي في غياب بديل لعملية السلام، وهو ما يعارضونه أو حتى لا يؤمنون به بجدية.

وعلاوة على ذلك، استجاب المجتمع الدولي لجميع الحروب الصغيرة الثلاثة بين إسرائيل وحماس في غزة منذ عام 2007 متعهداً بتقديم مساعدة للبنية التحتية الثقيلة للقطاع وسكانه على افتراض أن محنة غزة الشديدة هي محنة اقتصادية ناتجة عن أضرار الحرب، بدلا من اعتبار المشكلة الأساسية لهذه الحروب هي حماس "الإسلام المتطرف".

في حزيران 2015 أعلن الرئيس أوباما أنه لا توجد فرصة لعملية السلام في السنة المقبلة، على الرغم من ذلك أكدت الولايات المتحدة أنها سوف تسعى إلى خلق "الفرص التجارية والوظائف" في الأراضي الفلسطينية من أجل بناء الثقة بين الجانبين .

وقد فشلت  جميع طرق "السلام الاقتصادي". ويبدو أن هذا النهج أبخس من قيمة ووزن المحرك الوطني الفلسطيني: السياسية والأيديولوجية والتيارات الإسلامية المتزايدة التي شكلت الجانب العربي من الصراع، وهو ما شكل نقطة التحول في التفاهم الاستراتيجي في كل من الجانب الإسرائيلي والأطراف الثلاثة. ولإيصال الفكرة بشكل أوضح، نلحظ أن كلا الانتفاضتين الفلسطينيتين (1987 و 2000) اندلعتا في أوقات الرخاء النسبي. وكما لوحظ أيضاً، أن الانتفاضة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني التي اندلعت في عام 1936 خرجت في وقت كان الوضع الاقتصادي فيه مزدهراً.

اليوم، تسعى سلطات الأمن الإسرائيلية إلى جلب المزيد من عمال الضفة الغربية للعمل في إسرائيل وتقديم المزيد من السلع والخدمات إلى قطاع غزة، معتبرة هذه الخطوة ستمنع الفلسطينيين من "الإرهاب". مصادر للرزق الفردية، ربما. ولكن هذا النهج سجل فشله مراراً وتكراراً على المستوى المجتمعي.

بكل الوسائل، ومع إعطاء مساعدات التنمية للفلسطينيين. دعونا لا نخدع أنفسنا بأن هذا سيسهل حل الدولتين في أي وقت قريب.

ولكي يحدث ذلك، يجب علينا أولا أن نشهد تغييرات جذرية في الشخصية القيادية لدى الجانبين، لتصبح أكثر استعداداً للمضي قدماً بعيداً عن المطالب التي وصلت إلى طريق مسدودٍ، تماماً مثل الاعتراف بالدولة اليهودية وحق العودة، للوصول إلى شرق أوسط أكثر هدوءاً.

*يوسي الفر: هو مسؤول الموساد والمدير السابق لمركز جافا للدراسات الاستراتيجية  في جامعة تل أبيب.

©ترجمة الحدث

التعليـــقات