رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية اليوم الخميس

الخميس | 04/02/2016 - 11:12 صباحاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية اليوم الخميس

تدهور حالة الأسير الاداري محمد القيق

كتبت صحيفة "هآرتس" ان حالة الأسير الاداري، محمد القيق، تدهورت جراء اضرابه المتواصل عن الطعام منذ 72 يوما، احتجاجا على اعتقاله. ويخضع القيق للعلاج في مستشفى هعيمق في العفولة. ويوم امس، عقدت لجنة الأخلاق الطبية في المستشفى اجتماعا لمناقشة حالته الصحية، كالمعتاد في هذه الحالات. وجاء من المستشفى ان القيق لا يزال واعيا في هذه المرحلة ولا توجد نية لتغذيته قسرا، وان "كل العلاج يتم بناء على قوانين الدولة والاخلاق الطبية".

وقال مدير القسم القانوني في نادي الأسير الفلسطيني، المحامي جواد بولس، لصحيفة "هآرتس" ان القيق يعاني من ضعف شديد ويجد صعوبة في النطق والسماع، لكنه لا يزال واعيا ويرفض تلقي السوائل او أي مساعدة أخرى. وحسب بولس فانه بسبب تدهور حالة القيق الصحية ستنظر المحكمة العليا في التماس لإطلاق سراحه.

وقال بولس انه لا تجري حاليا اتصالات مع النيابة العسكرية للتوصل الى أي ترتيب في موضوع القيق، كما حدث في موضوع الاسيرين السابقين محمد علان وخضر عدنان.

الى ذلك رفضت المحكمة المركزية في الناصرة، امس، التماسا قدمته جمعية اطباء لحقوق الإنسان ضد تقييد القيق الى سريره في المستشفى، والقيود المفروضة عليه. وتتواصل امام المشفى وفي الضفة نشاطات احتجاجية تطالب بإطلاق سراح القيق. وستجري تظاهرة تأييد له اليوم في مدينة حيفا.

وكان القيق قد اعتقل في 21 تشرين الثاني الماضي، وبعد اربعة ايام من اعتقاله فتح اضرابا عن الطعام. وتتهمه السلطات بالنشاط ضد امن الدولة وارتكاب مخالفات، لكنها لا تكشف ماهيتها، بينما تقول عائلته انه اعتقل بسبب مقالاته السياسية.

مقتل ثلاثة فلسطينيين وجندية إسرائيلية في عملية في القدس

تناولت الصحف الإسرائيلية العملية التي نفذها ثلاثة شبان من قباطيا في منطقة باب العامود في القدس، امس، والتي اسفرت عن قتل شرطية من حرس الحدود، واصابة اخرى بجراح متوسطة، ومقتل الشبان الثلاثة بنيران قوات الجيش.

وكتبت الصحف ان القتيلة الاسرائيلية هي الشرطية في حرس الحدود هدار كوهين (19 عاما) من اور يهودا، والتي تجندت قبل شهرين فقط. وقد اصيبت بجراح بالغة خلال العملية، وتم نقلها الى المستشفى حيث توفيت هناك.

وتكتب الصحف ان الشبان الثلاثة وصلوا الى القدس من الضفة الغربية وفي حوزتهم بنادق وسكاكين وعبوات ناسفة، وخططوا لتنفيذ عملية في مكان حاشد في القدس. وقد لاحظت قوة من حرس الحدود اثنان منهم يجلسان على مقعد، فتقدمت منهما وطلبت ابراز بطاقات الهوية. واستجاب احدهم للطلب واخرج بطاقة هويته، بينما سارع الثاني الى استلال سلاحه واطلاق النار على الشرطيتين. وعلى الفور ردت القوة بإطلاق النار عليهما وقتلتهما. وفي هذه الأثناء وصل الثالث الى الساحة واطلق النار على القوة، فردت باطلاق النار وقتله. وتظهر كوهين في الشريط وهي تطلق النار على الشابين الأولين قبل اقتراب الثالث منها واطلاق النار عليها من الخلف.

وتكتب "هآرتس" انه في اعقاب العملية عقد رئيس الحكمة بنيامين نتنياهو جلسة امنية بمشاركة وزير الأمن موشيه يعلون والقائد العام للشرطة روني الشيخ، ووزير الأمن الداخلي غلعاد اردان، والمستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت. وقال مسؤول رفيع في القدس، ان الجيش قام بتطويق بلدة قباطيا، في محافظة جنين، التي خرج منها الثلاثة، ونفذ اعتقالات، وعزز قواته في الضفة.

واضاف المسؤول انه تقرر خلال الجلسة فحص عدة تدابير، من بينها التمييز بين "السامرة ويهودا"، أي الفصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها. لكنه لم يتقرر بعد ما اذا سيتم تنفيذ ذلك. كما أمر نتنياهو بفحص سحب تصاريح العمل في إسرائيل من اقارب الشبان الثلاثة.

وقالت مصادر فلسطينية ان الشبان الثلاثة هم احمد ابو الرب ومحمد كميل واحمد زكارنة، وتتراوح اعمارهم بين 20 و21 عاما، وجميعهم من قباطيا. وتبين ان احدهم كان ممنوعا من دخول اسرائيل لأسباب امنية. ولا يعرف ما اذا كانوا ينتمون الى تنظيم معين.

وقالت الشرطة انها عثرت في مكان الحادث على عدة بنادق من نوع "كارلو"، وهي تقليد مرتجل لبندقية "كارل غوستاف"، التي يتم انتاجها في شمال الضفة. وتقدر الجهات الأمنية، بأن الثلاثة وصلوا الى القدس وهم يحملون السلاح، ويجري حاليا التحقيق لمعرفة كيف تمكنوا من ادخال السلاح من الضفة، وما اذا تلقوا مساعدة من أحد.

وقال نائب قائد شرطة لواء القدس ابشالوم بيلد، انه تم كما يبدو التخطيط مسبقا لهذه العملية، وانها تشير الى حدوث ارتقاء في العمليات. وقال ان التحقيق الأولي يشير الى ان قوة حرس الحدود منعت بأجسادها وقوع عملية بالغة. ويسود التكهن بأن قوة الشرطة لم تكن الهدف".

وقال ضابط القوة الذي تواجد في المكان انه شاهد شخصين يرتديان معاطف ويجلسان على مقعد، وكانا يبدوان خائفين، فطلب منهما ابراز بطاقات الهوية، وعندها استل احدهما سلاحه وضربه على رأسه، فتراجع الى الوراء قليلا ولاحظ ان الشاب يوجه اليه السلاح ويحاول اطلاق النار فسارع الى استلال مسدسه وقتله، وعندها شاهد الآخر يستل سكينا يابانيا ويطعن الشرطية (التي اصيبت)، فاطلق عليه النار، وبعد ذلك شاهد الثالث يتقدم ويطلق النار. وفي هذه الأثناء شاهد ضابط في الشرطة ما يحدث ففتح النار على الثالث وقتله.

حماس تعلن مقتل ناشطين في انهيار نفق آخر

كتبت صحيفة "هآرتس" ان حركة حماس في غزة اعترفت بمقتل عنصرين خلال انهيار النفق في وسط قطاع غزة، امس الاول. واعلنت ان القتيلان هما فؤاد ابو الطاوي (35 عاما)، احد قادة الذراع العسكري لحماس، واحمد الزهار (23 عاما)، وكلاهما من مخيم النصيرات للاجئين. ولم تفصل حماس ما اذا قتلا جراء انهيار النفق اثناء العمل فيه او جراء انفجار وقع داخل النفق. واعلن التنظيم ان الحادث لن يردع رجاله وسيواصل في عمله الاستراتيجي في الأنفاق.

وقال المسؤول في حماس، محمود الزهار، لموقع فلسطيني، امس، ان "التكنولوجيا الاسرائيلية لن تنجح بمنع المقاومة طالما تواجدت حماس على الأرض. وحتى اذا تمكنت اسرائيل من كشف نفق واحد او نفقين او عشرة، فان الأنفاق اصبحت في عمق الأراضي الاسرائيلية، خارج غزة، في اراضي 48. وفي كل الأحوال تملك حماس وسائل متقدمة اخرى، وتعرف كيف تحرر فلسطين". وبعد عدة ساعات انكر الزهار تصريحه هذا وقال انه تم اخراجه عن سياقه.

مسؤول في حماس: "لسنا معنيين بمهاجمة اسرائيل او محاربتها"

وبشكل متناقض مع تصريحات هينة في نهاية الأسبوع المنصرم، وغيره من القياديين الذين اعلنوا استعداهم لمحاربة إسرائيل، ينشر موقع "واللا" العبري ان مسؤولا رفيعا في حركة حماس حول رسالة مطمئنة الى إسرائيل، وقال في حديث مع الموقع، ان التنظيم لا ينوي المبادرة الى شن هجوم او حرب ضد اسرائيل.

وقال المسؤول الحمساوي: "موقفنا واضح، لا نريد التصعيد ولا نريد الحرب. ليست لدينا نية في الوقت الحالي او في المستقبل بفتح حرب ومن ناحيتنا فان هذا الخيار ليس مطروحا على الطاولة".

كما كشف المسؤول ان حماس ابلغت الأمر نفسه لوسطاء من قطر وتركيا ولمبعوث الأمم المتحدة الى الشرق الاوسط الذي التقى مع قادة حماس في غزة: "قلنا لكل هذه الجهات، بشكل واضح جدا، نحن لسنا معنيين بالحرب، وانما نريد التهدئة والهدوء".

وتطرق المصدر الى اطلاق القذائف من قبل التنظيمات السلفية واكد ان حماس تسيطر على الأرض، وقال: "صحيح انه يتم اطلاق النار احيانا، لكنه مقلص جدا، ونحن نسيطر بشكل عام على الوضع لدينا".

وحول تصريحات اسماعيل هينة بأن حماس تعد الانفاق وتجرب الصواريخ قال المصدر ان "هذا التصريح جاء في جنازة قتلى الذراع العسكري جراء انهيار النفق، لكن هنية نفسه قال في اكثر من مرة انه ليس معنيا بالتصعيد".

مع ذلك اكد المصدر ان حماس تشكك في كل ما يتعلق بنية إسرائيل الحفاظ على الهدوء، وقال: "لدينا مخاوف بشأن نوايا اسرائيل، وشعورنا هو انه في الواقع الحالي يمكن للأمور ان تتغير في لحظة، ولذلك فاننا نقول بشكل واضح تماما: نحن نستعد للدفاع عن انفسنا".

وأضاف: "لدينا القدرة على مواصلة الحرب اذا بدأت، وسنتمسك بالهدف. اذا كانت إسرائيل تنوي اتخاذ خطوات ضد القطاع، فسيكون الثمن كبيرا".

مقالات

ظلم في جنوب جبل الخليل

كتبت "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان قوات الادارة المدنية قامت يوم الثلاثاء بهدم 23 منزلا وثلاثة مراحيض في قريتي جينبا وحلاوة الفلسطينيتين في جنوب شرق الضفة الغربية. كما قامت بمصادرة خمسة الواح للطاقة الشمسية. وكان يقيم في المباني التي تم هدمها عشرات السكان، غالبيتهم من الأطفال.

واضافت ان "جينبا وحلاوة هما قريتان من بين 12 قرية في المنطقة، يخوض سكانها صراعا قانونيا ضد مطالبتهم من قبل الدولة بالانتقال الى محافظة يطا، بادعاء انهم تسللوا الى منطقة لإطلاق النار. قبل يوم واحد من الهدم، ابلغت نيابة الدولة والمحامين المحكمة العليا، بأن عملية التسوية بين الطرفين التي استغرقت عامين فشلت، وتم اعادة الطابة الى ملعب المحكمة العليا.

صحيح ان المباني البسيطة التي تم هدمها، كغيرها من المباني في القرى، اقيمت بدون ترخيص من الادارة المدنية. وهذه هي الذريعة المباشرة للهدم، ومن هذا المنطلق يعتبر البناء في منطقة اطلاق النار مخالفة مضاعفة. ولكن السكان هناك ليسوا مخالفين للقانون. فهذه هي ارضهم، وعائلاتهم سكنت هناك طوال عشرات السنوات قبل قيام إسرائيل باحتلال الضفة، وقبل قيام الجيش في 1972 بالاعلان عن 30 الف دونم يملكونها، منطقة عسكرية مغلقة. لقد تطورت هذه القرى، مثل غيرها من القرى الفلسطينية، على مدار عشرات السنوات، من فروع لقرية رئيسية، (في هذه الحالة يطا)، حيث خرج السكان منها سواء بسبب الزيادة الطبيعية والاكتظاظ، او الحاجة الى الأرض والماء، بل وحتى بسبب نزاعات عائلية. وتدريجيا، تحول التواجد الموسمي في هذه المناطق الى اقامة دائمة، فيما تواصل الحفاظ على الارتباط الاجتماعي والاقتصادي بالقرية الأم.

فور احتلال الضفة الغربية صدت اسرائيل عملية التطور العضوي هذه. ومن بين الوسائل التي استخدمتها، عدم شمل القرى الفرعية بالخرائط الهيكلية (وهي الأساس للحصول على تراخيص بالبناء)، وهكذا حكمت عليها بالبقاء بدون بنى تحتية ومنعت تطويرها. ومن الوسائل الأخرى التي تم استخدامها، الاعلان عن مناطق اطلاق النار.

في تشرين الثاني 1999، طرد الجيش الاسرائيلي حوالي 700 من سكان الـ12 قرية، وهدم الكثير من البيوت وآبار المياه وصادر العقارات. وسمحت المحكمة العليا بعودة السكان وفق امر احترازي، لكنها لم تسمح بترميم الدمار. ومنذ ذلك الوقت تتواصل دائرة البناء غير المرخص وعمليات الهدم.

في 2012، عادت الدولة وطالبت سكان ثماني من القرى الـ12، بترك بيوتهم ليتسنى للجيش التدرب على أراضيهم، واقترحت السماح لهم بزراعة اراضيهم خلال ايام السبت والاعياد اليهودية. لكن السكان رفضوا ذلك، وواصلوا خلال محاولة التوصل الى تسوية رفض الاقتراح الذي طرحه الجيش وهو اخلاء اراضيهم وبيوتهم خلال فترات التدريب العسكري.

المشكلة تفوق البيوت التي تم هدمها، لكن الحل بسيط: الغاء الاعلان عن منطقة التدريبات العسكرية والاعتراف بحقوق السكان على أراضيهم، ودفع الخرائط الهيكلية لهذه القرى. هكذا يمكن لإسرائيل، ايضا، ازالة مخاوف الفلسطينيين والاتحاد الأوروبي بشأن نيتها ضم المناطق C، واقتلاع السكان الفلسطينيين قسرا من أراضيهم.

خلية ارهابية، وليس ذئبا منفردا

يكتب عاموس هرئيل، في  "هآرتس" ان عملية اطلاق النار والطعن التي قتلت خلالها المجندة في حرس الحدود، هدار كوهين، في باب العامود، هي احدى المحاولات الأولى للمخربين الفلسطينيين لتنفيذ خطة معقدة نسبيا في المواجهة الحالية.  الشبان الثلاثة، من سكان بلدة قباطية في شمال الضفة الغربية، لم يخرجوا لتنفيذ الهجوم ضد الهدف المطلوب، بالنسبة لهم، على حاجز الجلمة المتاخم للخط الأخضر. بل اختاروا الهدف الذي تكهنوا بالتأكيد، بأنه ستكون للعملية فيه تداعيات أكبر،  في البلدة القديمة في القدس. والى جانب السكاكين، حملوا معهم الرشاشات والعبوات الناسفة المرتجلة. وبفضل الرد السريع من قبل طاقم شرطة حرس الحدود الذي اشتبه بالثلاثة، تم منع سقوط عدد اكبر من الضحايا، بالإضافة الى الشرطية التي قتلت وصديقتها التي اصيبت بجروح متوسطة.

حسب المعلومات المتوفرة، فان المخربين الثلاثة لم ينتموا، مثل غيرهم من غالبية منفذي العمليات السابقة، الى تنظيم معين. ولكن في حالتهم، لا يمكن بعد الحديث عن "ذئب منفرد"، ليس فقط بسبب عدد المشاركين في العملية، وانما، ايضا، بسبب حجم التخطيط المسبق الذي تطلبه تنفيذ هذه العملية. لقد حصل الثلاثة على السلاح وسافروا طوال الطريق من شمال الضفة الى القدس وتمكنوا، بشكل ما، من اجتياز الجدار الفاصل دون أن يتم كشفهم.

هذه اصبحت عملية لخلية ارهاب محلية، حتى ان لم تكن تابعة لهرم تنظيمي معين، فإنها تدل على جرأة معينة واستخلاص العبر من تجارب العمليات السابقة. السلاح الناري، واختيار الخروج كخلية لتنفيذ العملية، هدف الى التسبب بعدد كبير من الإصابات، مقارنة بعمليات الطعن التي يتم احباط بعضها من قبل قوات الأمن وتنتهي بإصابات قليلة في الجانب الاسرائيلي. يبدو انه للسبب ذاته تزود الثلاثة ايضا بالعبوات التي لم يتمكنوا من استخدامها.

سيكون هنا الكثير من العمل امام جهاز الشاباك، في فحص مسار وصول الثلاثة الى القدس وشكل تسللهم اليها. لقد اتضح، امس، ان احدهم كان ممنوعا من دخول اسرائيل لأسباب أمنية. واذا دخلوا الى القدس وهم يحملون السلاح فهذا يعني انهم استغلوا ثغرة في شبكة الحراسة حول الجدار الفاصل. واذا حصلوا على السلاح في القدس، ستكون هناك حاجة الى كشف من الذي نقل لهم السلاح. على كل حال، يصعب في المرحلة الحالية استبعاد تلقي المخربين لمساعدة من شخص آخر.

وهناك سؤال آخر سيتحتم فحصه وهو ما اذا كان يفترض بالتحضيرات المسبقة للثلاثة ان تشعل أضواء حمراء لدى اجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. إسرائيل تجد، منذ عدة اشهر، صعوبة في صياغة طريقة تسمح لها بالاعتراض المسبق للمخرب المنفرد، الذي يترك على الأغلب رسالة غامضة على صفحته في الفيسبوك، قبل خروجه حاملا سكين المطبخ. ولكن المقصود هذه المرة، خلية شبه منظمة قد تكون تركت من خلفها دلائل يمكنها ان تدل على نواياها. في المواجهة الحالية سبق وقتل ستة شبان من قباطيا، خلال قيامهم بتنفيذ عمليات طعن على حاجز الجلمة. وقد بين فحص امني سابق بأن المخربين من قباطيا جاؤوا من الدائرة الاجتماعية ذاتها، وان تقليد سابقيهم او الانتقام لموتهم كان الدافع الأساسي لعملهم. وقد نشر احدهم منشورا على الفيسبوك، مؤخرا، هدد فيه بتنفيذ عملية انتقاما لموت صديقه.

ربما تكون هذه هي خلفية العملية الحالية. هذه ليست ظاهرة استثنائية. لقد تكررت في عدة مناسبات، وتم تشخيص علاقات مشابهة في السابق بين خمسة مخربين، من ذات الحمولة في قرية سعير، شمال الخليل، الذي قتلوا الواحد بعد الآخر خلال العمليات في المنطقة. بل اتضح في سعير ايضا، ان مخربا خرج لتنفيذ عملية بعد ان شارك في تشييع صديقه الذي قتل قبل يوم من ذلك.

لقباطيا دور طويل في النضال الفلسطيني. في 1988، عشية بدء الانتفاضة الأولى، نكل سكان من البلدة بجارهم الذي تعاون مع إسرائيل، وكانت تلك هي الحادثة الأولى لمئات حوادث قتل العملاء الفلسطينيين خلال السنوات اللاحقة. في حينه طوق الجيش البلدة طوال عشرات الأسابيع. وخلال الانتفاضة الثانية شارك العشرات من سكان البلدة، خاصة نشطاء فتح والجهاد في تنفيذ عمليات ضد اسرائيل.

عودة الارهاب الى القدس، بعد عدة اسابيع من الهدوء النسبي، والتوجه العام نحو تخفيض العنف في المدينة منذ كانون الأول الماضي، سيحتم على الشرطة مواصلة الاحتفاظ بقوات معززة في المدينة وخاصة على خطوط التماس وفي شرقي المدينة. التواجد المكثف لقوات الشرطة يثبت نفسه في الرد السريع والفاعل على العمليات، كما حدث امس.

مع ذلك، ورغم الرد العاجل للشرطة، يطرح السؤال حول الحكمة في ارسال شرطيتين متدربتين، التحقتا بحرس الحدود قبل شهرين فقط، ولم تنهيا التدريبات بعد، الى منطقة باب العامود الذي وقعت فيها تسع عمليات خلال الأشهر الأخيرة. بشكل عام يمتنع الجيش عن ارسال المتجندين الجدد الى المناطق في مثل هذه المرحلة المبكرة من التدريب. الان، كما يبدو سيضطر حرس الحدود الى اعادة فحص سياسته في هذا الشأن.

لم نأخذ ارضا لغريب

يكتب يسرائيل هرئيل، في "هآرتس" ان الامين العام للأمم المتحدة، الشخص الذي يتحدث باسم العالم كله، شرّع، عمليا، الارهاب الفلسطيني حين قال في جلسة لمجلس الأمن ان "موجة الارهاب التي تضرب إسرائيل هي رد طبيعي على الاحتلال". بعد اسبوع من ذلك نشر هذا الشخص الذي يفترض فيه ان يحافظ على العالم من الارهاب، مقالة في "نيويورك تايمز" (التي يسرها دائما فتح صفحاتها امام مقالات ضد اسرائيل)، وحدد فيه بشكل مطلق: "اليأس والاحباط ينموان تحت الاحتلال المتواصل منذ نصف قرن".

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يبق مدينا ، وقال "ان تصريحات الأمين العام تشكل سندا للإرهاب. الفلسطينيون لا يريدون بناء دولة، وانما تدمير دولة وقتل اليهود لأنهم يهود فقط".

هذه الكلمات الصحيحة لم تؤثر على الرأي العالمي، حتى وإن لم تحمل ردا على التحديد الكاذب للأمين العام، الذي يحظى بتأييد الكثير من الإسرائيليين، وهو ان الضفة الغربية هي أرض "محتلة". لو تمتع نتنياهو، او مستشاريه، بالتفكير الخلاق، لكانوا قد استدعوا وسائل الاعلام الإسرائيلية والأجنبية الى حدث دراماتيكي يتم خلاله كسر اسنان الأمين العام من خلال عرض ما قاله سمعان الحشموني كما ورد في "سفر المكابيين": " لم نأخذ ارضا لغريب ولم نستول على شيء لأجنبي ولكنه ميراث ابائنا الذي كان اعداؤنا قد استولوا عليه ظلما حينا من الدهر، فلما اصبنا الفرصة استرددنا ميراث ابائنا".

صحيح ان العالم ما كان سيفتح عيونه بدهشة، والاعلام الاسرائيلي كان سيرد، كالعادة، باستهتار حين يجري الحديث عن حقوق اليهود (والتي لولاها لما قام الاعلام الاسرائيلي الذي ينفث السم في البئر التي يشرب منها). لكن ادعاء اليهود بالحقوق التاريخية، التي يستخدمها الفلسطينيون (الذين قد يملكونها لكنهم لا يملكون عليها أي حق تاريخي)، كان سيضطر العالم الى التطرق الى الادعاء الأساسي بشأن الجذور القديمة والعميقة للشعب اليهودي في بلاده، مقابل ضحالة الجذور العربية فيها.

هذه الحقيقة لا يعرفها غالبية العالم، حتى المهتمين منهم بما يحدث، لأنه لم يتم حكايتها ابدا. البشرى الوحيدة التي خرجت خلال عشرات السنوات الأخيرة، من صهيون ايضا، هي "بشرى" الاحتلال.

يمكن فقط للتحديد المدوي بأن اليهود عادوا الى اجزاء من ارض وطنهم اليهودي الذي كان محتلا من قبل الشعب العربي، ان يزعزع حوار "الاحتلال" الحالي. المرة الأخيرة التي ادعى فيها نتنياهو بصوت عال بأن شعب إسرائيل ليس محتلا في أرضه، كانت عندما كان سفيرا لإسرائيل في الأمم المتحدة، وفي كتابه "مكان تحت الشمس". ومنذ اصبح رئيسا للحكومة يركز على الادعاءات الأمنية والرفض الفلسطيني. وتصريحات بان كي مون تعكس عدم فاعلية تصريحات نتنياهو.

منذ فقد جزء من الشعب ثقته بعدالة الطريق، وتوقف المنتخبون عن قول الحقيقة بشأن اسباب عودتنا الى أرض الآباء – وكون يهودا والسامرة هي قلب البلاد – في الحوار الأساسي، الأخلاقي، اصبحت يدنا هي السفلى. وبات يصعب حتى على اصدقائنا، كما كتب بان كي مون، تقبل "الاحتلال" اخلاقيا.

انا لا ادعي ان قول الحقيقة سيقنع الفلسطينيين وغالبية الأوروبيين وجزء من الامريكيين، او حتى الكثير من اليهود في اسرائيل والعالم، ولكنني ادعي ان قول الحقيقة الراسخة وغير الخجولة، سيجبرهم على التعامل مع ادعاء لا يمكن نفيه اخلاقيا وتاريخيا. نعم، في حوار الحقوق لدينا ادعاءات مقنعة اكثر بكثير مما لدى العرب.

اعادة تمثيل الجريمة في دوما.

تنشر "يديعوت احرونوت" تقريرا أعده عوديد شالوم واليشاع بن كيمون، يتضمن توثيقا لإعادة تمثيل الجريمة التي نفذها الارهابي اليهودي عميرام بن اوليئيل، في قرية دوما.

وجاء في التقرير: "في ليلة العشرين من كانون الأول، كان الطقس باردا في قرية دوما. صحيح أن السماء كانت صافية، لكن درجة الحرارة وصلت الى 5 مئوية، وتسلل البرد الى العظام. حوالي الساعة الثانية فجرا، خرق الهدوء هدير المحركات: قافلة من سيارات الشاباك والشرطة وصلت الى القرية، واستيقظت الكلاب واخذت بالنباح. واستيقظ السكان بفزع من نومهم واطلوا نحو الخارج لفحص من يهجم على دوما في غمرة الليل.

احد السكان اخرج هاتفه الخليوي وصور عميرام بن اوليئيل وهو يخرج من احدى السيارات. استنشق الشاب هواء الليل البارد. لقد مضت 20 يوما على اعتقاله، وامضى غالبية وقته في غرف التحقيق الخانقة، تحت ضغط غير متوقف في سبيل انتزاع اعتراف منه بجريمة القتل المروعة لعائلة دوابشة. لقد صمد 17 يوما، لم يفتح خلالها فمه، حتى أعلن عنه رجال الشاباك بأنه "قنبلة موقوتة"، وحصلوا على تصريح خاص من المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين باستخدام "وسائل التحقيق الخاصة"، وهو الرمز الرسمي للتعذيب.

بعد ثلاثة أيام من التحقيق المكثف التي استخدم ضده خلالها، حسب ادعائه، العنف القاسي من قبل محققي الشاباك، اعترف بن اوليئيل بالقاء زجاجة حارقة داخل بيت عائلة دوابشة في ليلة 31 تموز، والتي اسفرت عن قتل الطفل علي، ابن السنة، ووالديه سعد وريهام، واصابة شقيقه احمد، ابن الرابعة. هذا الاعتراف – الذي تراجع عنه فيما بعد- قاده مع المحققين في تلك الليلة الى دوما. الى جانب المحققين (ع) و(أ) و(ن)، وبالقرب من بيت العائلة المحروق، اعاد تمثيل عملية القتل التي تكشف الصحيفة تفاصيلها هنا لأول مرة.

في البداية، بينما كان الجميع يجلسون داخل السيارة، كان المحققون الثلاثة وبن اوليئيل ينظرون من حولهم، في محاولة لمعرفة ما إذا كانت المنطقة آمنة، وما اذا كان يمكن الخروج من السيارة وبدء اعادة تمثيل الجريمة. وتردد بن اوليئيل. قبل دقائق من ذلك، عندما كرر المحقق (أ) بصوت مرتفع التفاصيل لغرض التوثيق، رد بن اوليئيل بهدوء وبأجوبة قصيرة.

المحقق: اسمك؟

بن اوليئيل: عميرام.

المحقق: ماذا؟

بن اوليئيل: عميرام.

المحقق: عميرام ماذا؟

بن اوليئيل: بن اوليئيل.

المحقق: رقم هويتك؟

بن اوليئيل: لا أذكر.

وفوجئ (أ). وسأله: "لا تذكره غيبا"؟ ولم يرد بن اوليئيل بالكلام، وانما اسمع نغمة بلسانه تعبر عن النفي. وطلب المحقق (أ) السماع من المتهم نفسه حول اعادة التمثيل المتوقع. لكن بن اوليئيل تمسك بأجوبته المتهربة.

المحقق: إلى أين نحن ذاهبون يا عميرام؟

بن اوليئيل: آه.. لا أعرف. إلى نحن سنذهب؟ لا أعرف إلى أين سنذهب.

المحقق: ما تحدثنا عنه عميرام، ما تحدثنا عنه، لم يتغير شيء.

بن اوليئيل: لا اعرف... في دوما

المحقق: الى قرية دوما؟

(صمت)

المحقق:  ما الذي ستريه لنا في قرية دوما؟

بن اوليئيل: آه... بيوت

المحقق: بيوت؟

بن اوليئيل: نعم.

المحقق: وما الذي حدث في البيوت؟

بن اوليئيل: تم احراقها.

شعر المحقق بالرضا وشرح لبن اوليئيل شروط اعادة التمثيل، وطلب منه التوقيع على تصريح كتب فيه بأنه خرج لإعادة التمثيل بكامل ارادته وحريته. "لا تجبرني"، طلب بن اوليئيل.

الآن يجلسون في السيارة، في دوما. "الساعة الثانية الا عشرة دقائق. دخلنا الى القرية" يقول (أ) لجهاز التسجيل الذي يوثق اعادة التمثيل، ومن ثم يطلب من بن اوليئيل: "انظر، قل لي أين تبدأ بالتعرف على المنطقة. حسنا؟" ولا يتم سماع جواب المتهم. وبعد فترة صمت قصيرة، يطلب من المحققين: "يمكن السير على الأقدام؟" ويسأله (أ): "هل ستتعرف على المكان بشكل افضل اذا سرنا على الأقدام؟". "آه.. ربما"، يجب بن اوليئيل. "سيكون أسهل من الرؤية من داخل السيارة".

المحققون يترددون. هناك قوة عسكرية كبيرة تحرس المنطقة، لكن غالبية المحادثة مع بن اوليئيل تجري داخل السيارة، كي لا يتم لفت الانتباه، وعندها يقررون: سنخرج. ويقول (أ): "عميرام، سنسير أنا وأنت متلاصقين. هل تريد أخذ زجاجة ماء معك؟". فيرد المتهم: "اذا لم يزعجك ذلك". فيقول المحقق: "يزعج؟" ثم يتدخل (ع): "لماذا سيزعج؟". "هل تريد انزاله"، يقول (ع) لـ (أ) "البيت هناك". "حسنا، اذن نعم"، يرد (أ). "تعال يا عميرام. تعال وانزل. ركز وابدأ بقيادتي نحو المنزل".

الاعترافات التي ادلى بها بن اوليئيل واعادة التمثيل في موقع القتل قاد في نهاية الأمر الى تقديم لائحة اتهام ضده، في بداية شهر كانون الثاني. لقد اتهم بقتل ثلاثة من ابناء عائلة دوابشة، ومحاولة القتل. وهي تهم ينكرها. وتتضمن مواد الأدلة ضده عدة آلاف من الوثائق وبرتوكولات التحقيق الذي اجري معه في وحدة التحقيق في الجرائم القومية في لواء "شاي"، ومذكرات التحقيق لدى الشاباك. لقد تم التحقيق معه على مدار الساعة، نهارا وليلا. كان المحققون يستبدلون بعضهم، يدخلون ويخرجون، وهو وحده كان يبقى في الغرفة، وفي بعض الأحيان مقيدا الى الكرسي، متعبا لكثرة الاسئلة والمحاولات العنيدة لإقناعه بالتحدث. كانت هناك أيام لم ينم فيها الا لساعة او ساعتين فقط، وكانت أيام سمح له فيها بالنوم لأربع ساعات.

حتى الآن تم تحويل 4500 وثيقة الى المحامين الذين يمثلونه مع بقية المشبوهين الذين شملهم هذا التحقيق. كما تم تحويل حوالي 100 اسطوانة تحوي الصور التي التقطتها كاميرات الحراسة ليلة احراق المنزل. لقد قام طاقم التحقيق بتغطية منطقة ضخمة، بدء من حاجز حزمة، في شمال شرق القدس، وحتى حاجز "غيتيت" في غور الأردن، مرورا بمفترق تفوح في السامرة. وقاموا بفحص الكاميرات كلها، كاميرات الجيش، وكاميرات المستوطنات، وكاميرات القرى الفلسطينية، وكاميرات البيوت الخاصة في دوما. والحديث عن كم هائل من المواد الموثقة. ويدعي المحامي ايتمار بن غفير ان المواد التي تسلمها المحامون حتى الآن، تشكل جزء فقط من المواد التي يفترض حصولهم عليها. ولم يتم تحويل أي مواد حول ايام التحقيق التي يدعي بن اوليئيل انه تعرض خلالها الى التعذيب والتي اعترف بسببها بإحراق المنزل. ومن المشكوك فيه انه سيتم تحويل مواد كهذه اذا توفرت، الامر الذي يجعل صورة تسلسل اعتراف المتهم بالقتل غير متكاملة، وتفتح شقا صغيرا فقط على ما حدث.

ويدعي المحامي عيدي كيدار ان "الاطلاع الأولي على مواد التحقيق يكشف صورة تحقيق وحشي. نحن نقدر بأنه سيتم كشف الصورة كاملة لاحقا". كما ينكر بن غفير التهمة الموجهة الى بن اوليئيل، ويقول "ان من يقرأ النصوص يكتشف بانه قام باعادة تمثل الحادث رغما عن ارادته وحريته، انه لا يعرف المكان".

توثيق اعادة التمثيل الذي وصل الى "يديعوت أحرونوت" جزئي فقط، وينقصه الجزء الذي تم خلاله تصوير وتسجيل بن اوليئيل وهو يعيد تمثيل العملية ويكشف خلال ذلك عن تفاصيل خفية، حسب ادعاء المحققين، ترتبط بالحريق، وهي تفاصيل يعرفها فقط من ارتكب الجريمة – ومن بينها شظايا الزجاجة الخضراء التي استخدمت لإحراق المنزل او تعثر الجاني خلال هربه من القرية، وهو ما شاهده احد سكان القرية.

ربما يكون ابن شبيبة التلال بن اوليئيل قد بدأ باعادة التمثيل مترددا، لكنه واصل ذلك برأس مرفوعة. انه لا يخاف من السير في قرية فلسطينية. وقبل لحظات من قيادته للمحققين الى المنزل، توجه اليه المحقق (ن) في ساحة منزل دوابشة وقال: "عميرام، ضع القبعة على رأسك يا اخي"، ويلفت انتباهه الى جدائل شعره الطويلة، ويطلب منه طيها داخل القبعة. فالسكان أطلوا من الشبابيك والمحققين تخوفوا من ان يؤدي قيام المستوطن بإعادة تمثيل الجريمة، الى تأجيج النفوس. ويقول (ن) لبن اوليئيل "لا اريد لك أن تبرز هنا"، فيرد بن اوليئيل بشكل قاطع: "أنا اريد البروز هنا". ويسأله المحقق متفاجئا: "تريد البروز هنا؟ من أي ناحية؟"، فيرد بن اوليئيل: "هكذا.. لا اعرف.. هل هناك ما اخجل منه..."

الغوريلا في الغرفة

يكتب سيفر فلوتسكر، في "يديعوت احرونوت" ان رئيس حزب العمل فاجأ حزبه عندما أعلن عن خطة سياسية جديدة. لكن هذه الخطة ليست كاملة. ويتضح من ملخصها الذي عرضه، ان نيته تحقيق الفصل مع الفلسطينيين وليس الانفصال عنهم. وسيتم تحقيق الفصل عمليا بواسطة استكمال وتوسيع الحاجز الأمني، الذي بدأت اقامته ايام الانتفاضة الثانية. غالبية السكان العرب حول القدس سيتواجدون خارج جدار الفصل وتحويل السيطرة عليهم الى السلطة الفلسطينية. واما الخطوات الأخرى الحثيثة فستقلص الاختلاط والاحتكاك بين اليهود والفلسطينيين – اختلاط خطير للشعبين.

يعرض هرتسوغ خطته كبديل واقعي لفكرة الدولتين التي لا يمكن تحقيقها "خلال الفترة القريبة"، حسب رأيه. الحقيقة هي انه يمكن لخطته أن تدفع حل الدولتين أو تبعده: كل شيء يتعلق بطريقة تنفيذها.

لقد قام الكثير من المعارضين لخطة هرتسوغ، خاصة داخل معسكره. هناك ما يمكن انتقاده فيها، وهناك ما يمكن الاطراء عليه. التجديد الدراماتيكي في الخطة لا يكمن في تفاصيلها وانما في حقيقة كشفها علانية كخطوة تطرح في مركز النقاش السياسي للمعسكر الصهيوني، الموضوع السياسي – القومي، وهي خطوة كان يجب القيام بها خلال معركة الانتخابات في 2015. لكن هرتسوغ قرر في حينه، وبموجب توصية من خبراء الانتخابات، التركيز على القضايا الاقتصادية – الاجتماعية، والابتعاد عن القومية، وهكذا خسر لنتنياهو الذي لم يتحدث عن أي موضوع آخر باستثناء الموضوع الامني – السياسي – القومي.

التحول الحاد الذي يقوده هرتسوغ على جدول اعمال المعسكر الصهيوني، يكمن في جذور الرد الغاضب لقادة حزبه عل الخطة. صحيح انهم مثقفون ويفهمون بأن هناك حاجة الى تحديث اسس الافكار السياسية القديمة والمعشوشبة، لكنهم يهربون من اعادة النظر فيها كما يهربون من النار. خلال السنوات الأخيرة غاص حزبهم في الانشغال غير المتوقف بمسائل اقتصادية، شعبوية، كضريبة الشركات ومخطط الغاز، من خلال التنكر لوجود الغوريلا في الغرفة – الموضوع القومي. ففي هذا الموضوع حرر قادة الحزب انفسهم من مناقشته، بالعودة الى نهج الببغاء في تكرار الشارع الفارغ المضمون "حل الدولتين". كانوا يقولون الكلمات السحرية، ثم يرجعون فورا الى الدعوة للتظاهر ضد البنوك. اغمضوا اعينهم لكي لا يروا بأنه منذ اقامة حكومة نتنياهو الثانية في 2009، ازداد عدد اليهود الذين يقيمون وراء الخط الأخضر بنسبة 55%ـ ووصل عددهم الى 650 الف مستوطن، وان حماس تحولت الى القوة الفلسطينية القومية الرائدة.

هرتسوغ يفهم الآن ان الصراخ ضد "الرأسمالية الخنازيرية" (تعبير من افكار شمعون بيرس الذي لم يطلق منذ توليه لرئاسة الدولة أي تصريح سياسي واضح)، لن يساعد على رفع حزبه الى مكانة البديل الواقعي لليكود. وانما سيبقى كمكمل لليكود. يمكن ليوفال شطاينتس ويئير لبيد وموشيه كحلون مواصلة ادارة سياسة اقتصادية مركزة واجتماعية كما كان سيديرها المعسكر الصهيوني. الفوارق صغيرة، وأحيانا زائدة: هذا الأسبوع لم يكن لدى المعسكر الصهيوني ما يقوله عن التوصيات الاقتصادية التي قدمتها منظمة OECD لإسرائيل، لأن الخبراء الاقتصاديين للمنظمة اوصوا بشكل عاجل بتطبيق خطة الغاز الحالية التي تلعب دور هامان الشرير في الحزب.

عودة الموضوع القومي الى مركز برنامج المعسكر الصهيوني يقلق طبقة غير صغيرة من قادته. فهو سيجبرهم على التحرر من الاحتضان الاجتماعي – الاقتصادي لليمين السياسي ومواجهة المسألة المصيرية التي طرحها امامهم هرتسوغ بشكل حقيقي: كيف نضمن مستقبل إسرائيل في ظل وجود صفر من فرص التوصل الى اتفاق اسرائيلي – فلسطيني على أساس "حل الدولتين"؟ سيكون عليهم المواجهة وعدم التهرب او التستر وراء الاحتجاج الاجتماعي الذي يوحد 99% من الجمهور، ولذلك فانه يشق طريق نتنياهو نحو ولاية أخرى.

دخول المعسكر الصهيوني الى حلبة المعركة السياسية – القومية يتوقع ان يكون مؤلما، جارحا ونازفا، لكنه لا مفر منه، اذا كان الحزب يطمح الى الحياة السياسية. ولا يوجد مفر أمامنا نحن ايضا، ان كنا نريد الحياة.

درعي يلغي اقامة فلسطيني داخل الخط الاخضر

كتبت "يسرائيل هيوم" ان وزير الداخلية ارييه درعي، وقع امس، على امر يلغي مكانة الاقامة المؤقتة التي سبق منحها لوالد "المخرب" الذي نفذ قبل ثلاثة أشهر عملية في غان شموئيل. ويتواجد الآب، وهو من سكان المناطق، في إسرائيل، في اطار "توحيد العائلات". وقال درعي معقبا: "سنجعل المخربين الذين يخرجون لتنفيذ عمليات يفهمون انه ستكون لأعمالهم آثار صعبة على أبناء عائلاتهم".

الى ذلك صادق المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت على اصدار اوامر بهدم بيوت المخربين الذين قتلوا الزوجين هانكين والكسندر لابلوفيتش، ودافناه مئير وعوفر بن اري ورؤوبين بيرماخر، وغنادي كاوفمان.

بيان صحفي

التعليـــقات