حُكم القضاء الفلسطيني في قضية كالمذكورة سالفا يعطي مؤشرات ايجابية لإمكانية الحكم بقضايا رأي عام أخرى ذات حجم أكبر وتمس شريحة أوسع من الجماهير، كالقضية المرفوعة على وزير المالية شكري بشارة بصفته الاعتبارية للمطالبة باسترداد مبلغ 155 شيكل وهي قيمة ضريبة المغادرة المقتطعة من كل فلسطيني يخرج من الضفة المحتلة باتجاه الأردن عبر معبر الكرامة.
منذ تأسيس السلطة الفلسطينية قبل نحو عشرين عاما وضمن الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي حُدد مبلغ 98 شيكل كرسم يدفعه الفلسطيني عند مغادرته الضفة المحتلة عبر معبر الكرامة واصطلح على تسميته آن ذاك بضريبة المغادرة. إلا أن هذا المبلغ لم يبقى على حاله فقد ارتفع عدة مرات بمعدل مرة سنويا على الاقل.
فبين عامي 2008 وعام 2014 ارتفعت الضريبة بنسبة حوالي 50% فمن 98 شيكل في العام 2008 إلى 155 شيكل في العام 2014. ومعروف ان قرار الرفع يتخذ من قبل سلطات الاحتلال دون الرجوع إلى السلطة الفلسطينية.
آلية الجباية
تجبي إدارة المعابر الفلسطينية المبلغ من المغادرين الفلسطينيين وتسلمهم "وصل دفع" يتم تحريره مسبقا من قبل سلطات الاحتلال ثم تسلم إدارة المعابر الفلسطينية المبلغ بمجمله للاخير على ان يتم تحويل "حصة" السلطة من الضريبة مع أموال المقاصة الشهرية. ولا تتجاوز الحصة الفلسطينية من المبالغ المجيبة نسبة الـ 25% أي 40 شيكلا من ضريبة المغادرة لكل فرد، ورغم رفع المبلغ مرارا إلا أن الحصة الفلسطينية لم تزد عن ذلك، وتقدر الفروقات باكثر من 300 مليون شيكل لصالح السلطة الفلسطينية لم تتم جبايتها حتى تاريخه.
المطالبات بإلغائها
في عام 2009 أسست الحملة الوطنية لحرية حركة الفلسطينيين"بكرامة" والتي حققت حتى الآن الكثير من الانجازات على صعيد التسهيل على المسافرين الفلسطينيين بما فيها الغاء رسوم استراحة اريحا بواقع 10 شيكل من كل مواطن اضافة الى مبلغ 4 شواكل اخرى كانت تجبى من ادارة المعابر.
وبما يخص ضريبة المغادرة فقد قامت الحركة برفع قضيتين لإلغاء الضريبة الأولى في العام 2013 لدى محكمة الجمارك وردت القضية بدعوى عدم الاختصاص وقد ترافع المحامي المقدسي محمود شحادة كوكيل عن رئيس الحملة طلعت علوي.
حملة بكرامة لم تتراجع عن مطلبها وعادت مرة أخرى منتصف العام الجاري لترفع قضية أخرى هذه المرة في محكمة الصلح وضد وزير المالية شكري بشارة، وقد ترافع عن الدعوى رئيس الحملة الى ان تم رد القضية للمرة الثانية خلال عامين، دون اي اشارة الى قانونية فرض تلك الضريبة من قبل اي جهة قضائية.
مصدر مهم للمال لخزينة الحكومتين!
يسافر سنويا من وإلى الضفة المحتلة عبر معبر الكرامة حوالي 2 مليون مواطن فلسطيني، وبحسبة بسيطة فإن عدد المسافرين العام الماضي تجاوز الـ 1.5 مليون بقليل، 741 ألف مسافر كانوا من المغادرين دفع هؤلاء 115 مليون شيكل كضريبة مغادرة توزعت بين الحكومة الفلسطينية بواقع حوالي 30 مليون شيكل و حوالي 85 مليون حصة سلطات الاحتلال من ضريبة المغادرة التي يدفعها المواطن الفلسطيني قسراً عند السفر الى الاردن.
مقارنات
تُجبى ضريبة المغادرة في باقي الدول تحت مسمى ضريبة المواطنة (بلد ذو سيادة) يدفعها المواطن عند السفر بدل الخدمات والتسهيلات التي تلقاها في المطار أو المعبر أو الميناء وعادة ما يكون هذا المبلغ رمزيا، وإذا لم يكن كذلك فهو بالتأكيد يتناسب مع معدل الدخل في هذا البلد، وعلى سبيل المثال لا الحصر يدفع المواطن الأردني كضريبة مغادرة عندما يسافر براً مبلغ 8 دنانير أي 44 شيكل، كما يدفع (المواطن الإسرائيلي) مبلغ 100 شيكل عند السفر برا، بينما يدفع الفلسطيني 155 شيكل تحت بند ضريبة المغادرة رغم اللا سيادة للفلسطينيين على حدودهم.
يوم 5 كانون ثاني 2016 سيشهد جلسة محكمة الاستئناف للبت في دعوى ضريبة المغادرة. فهل سينصف المواطن الفلسطيني ويعفى من دفع تلك الضريبة المرتفعة والتي تجبى بحسب حملة بكرامة دون قانون، ودون حق، كون المواطن الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال ويتنقل الى خارج فلسطين ضمن قيود واحراءات قاسية وعقيمة، ولا يتمتع بحقه السفر على مدار 24 ساعة او بمركبته الشخصية، وبكلفة تصل الى حوالي 100 دولار لكل مسافر.
من اختيار المحرر: تقرير BBC