رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية لليوم الخميس 8 تشرين ثاني

الخميس | 08/10/2015 - 10:17 صباحاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية لليوم الخميس 8 تشرين ثاني

 

سلسلة من عمليات الطعن تضرب اسرائيل

تناولت كافة الصحف ومواقع الأخبار الإسرائيلية على الشبكة، عمليات الطعن التي ضربت إسرائيل على امتداد نهار امس، من كريات جات، جنوبا، مرورا ببيتح تكفا، حتى القدس، والضفة الغربية. وكتبت "هآرتس" ان ثلاث عمليات طعن وقعت يوم أمس في البلاد، واسفرت عن اصابة اربعة اشخاص بجراح طفيفة. ففي ساعات الظهر طعن فلسطيني جنديا في كريات جات واختطف سلاحه، ثم هرب وتحصن داخل منزل وقتل بنيران قوات الأمن. وكان الشاب الفلسطيني امجد جندي قد طعن جنديا في كريات جات لدى نزوله من حافلة الركاب، ورش عليه الغاز المسيل للدموع. وخلال اشتباك بينهما سقط سلاح الجندي فاختطفه الفلسطيني وهرب الى عمارة سكنية مجاورة وتحصن في احد المنازل في الطابق الرابع. وحاول هناك طعن صاحبة المنزل لكنها تمكنت من الهرب من المنزل مع والدتها. ووصلت قوات الأمن وقتلته.

وقبل ذلك، في الصباح، هاجمت شروق دويات من بلدة صور باهر في جنوب شرق القدس مواطنا إسرائيليا في شارع الواد، في البلدة القديمة وطعنته بسكين فأصيب بجراح طفيفة وقام بإطلاق النار عليها فأصابها بجراح بالغة. وفي بيتح تكفا قام تامر احمد وريدات من بلدة الظاهرية في منطقة الخليل، بطعن شاب اسرائيلي بالقرب من السوق التجاري واصابه بجراح طفيفة. وهجم عدد من رواد المركز التجاري على الشاب وسلموه لقوات الأمن. وبعد عدة ساعات احبطت قوات الأمن محاولة لطعن افرادها في حي ابو ثور في القدس، من قبل فتى (15 عاما). وفي ساعات المساء ساد الشك بمحاولة فلسطيني دهس الجنود قرب حاجز الزعيم، فاطلقوا عليه النار. وقالت مصادر فلسطينية ان السائق لم يملك رخصة قيادة ولذلك تصرف بشكل مشبوه.

وفي ساعات الصباح تعرضت مستوطنة من "تكوع" الى الرشق بالحجارة على شارع "هار حوماه" (جبل ابو غنيم). وادعت ان راشقي الحجارة حاولوا اخراجها من سيارتها والتنكيل بها. وكما يبدو وصلت قوة من الجيش ومواطنين الى المكان، واطلقوا النار في الهواء.

وقالت مصادر فلسطينية ان فلسطينيين اصيبا في المواجهات التي وقعت في المنطقة. وليس واضحا ما اذا اصيبا بنيران الجيش او المستوطنين. وفي اعقاب التوتر الامني الذي ساد امس، طلبت شرطة اشدود من المدنيين الذين يملكون اسلحة مرخصة حملها "في سبيل زيادة مشاعر الأمن في المدينة" على حد ادعائها.

ونفت عائلة شروق دويات بشدة الادعاء بأنها طعنت واصابت مستوطنا في البلدة القديمة. وقالت والدتها للصحفيين ان ابنتها تدرس في جامعة بيت لحم، وقررت الوصول الى المسجد الاقصى بعد انهاء دراستها، وعندما كانت تسير في ازقة البلدة القديمة اقترب منها مستوطنين وحاولا نزع الحجاب عن رأسها، فدافعت عن نفسها وعندها قام احدهما بإطلاق النار عليها بدون أي مبرر.

نتنياهو يمنع الوزراء واعضاء الكنيست من دخول الحرم

وكتبت "هآرتس" في سياق تغطيتها لأحداث امس، انه في اطار المحاولات المبذولة لتهدئة الأوضاع في القدس الشرقية والضفة الغربية، وتخفيف التوتر مع الأردن، امر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الشرطة بمنع دخول أعضاء الكنيست والوزراء الى الحرم القدسي، حتى إشعار آخر. واكد مكتب نتنياهو المعلومات التي وصلت الى "هآرتس" من قبل مسؤول كبير. وقال هذا المسؤول ان نتنياهو اصدر الأمر خلال المشاورات الأمنية التي عقدها قبل سفره الى الأمم المتحدة، وكرر ذلك خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر بعد عودته.

وقال المسؤول ان نتنياهو لم ينقل هذا الامر بعد الى كافة الوزراء، لكنه قد يبلغهم ذلك خلال جلسة الحكومة يوم الاحد. واكد نتنياهو خلال جلسة المجلس الوزاري التي عقدها مساء الاثنين، ان الحرم القدسي هو مركز التوتر الرئيسي، ولذلك يجب منع أي نشاط من شأنه تعميق التوتر بما في ذلك دخول السياسيين الاسرائيليين اليهود والعرب الى المكان. وقال المسؤول انه يمكن لنتنياهو تهديد الوزراء بإقالتهم اذا خرقوا الأمر، لكنه لا يمكنه فرض ذلك على اعضاء الكنيست، ولذلك حول الأمر الى الشرطة.

وكان وزير الزراعة اوري اريئيل قد دخل الى الحرم قبل ثلاثة أسابيع، وهي خطوة اعتبرها الفلسطينيون استفزازا، فيما اعتبرها الاردن خرقا لالتزام نتنياهو امام الملك عبدالله خلال اللقاء بينهما في تشرين الثاني 2014 في عمان. ويوم امس، وبعد اسبوع من الامتناع عن اطلاق تصريحات ضد إسرائيل، هاجم الملك عبدالله الحكومة الإسرائيلية وقال ان "الاردن يملك خيارات دبلوماسية وقانونية لمواجهة الخروقات الاسرائيلية في الأقصى، في حال استمرارها". ولم يفسر الملك المقصود، وقال ان الأردن ينفذ مهامه بشأن القدس بواسطة كل الوسائل الخاضعة له، وكل الازمات في المنطقة لا تمنعه من عمل ذلك.

مظاهرات في اللد ويافا وام الفحم

وكتبت "هآرتس" ان عشرات المواطنين العرب في مدن يافا واللد وام الفحم، تظاهروا امس، على خلفية ازدياد العنف في الأيام الأخيرة. وفي يافا جرت امس لليوم الثاني على التوالي، مظاهرة عنيفة. وتم اعتقال ثلاثة مواطنين. وكانت مظاهرة امس اصغر نسبيا من المظاهرة التي جرت امس الاول والتي اعتقل خلالها ستة اشخاص. وفي اللد شارك نحو 80 مواطنا عربيا في المظاهرة التي جرت في اعقاب الاحداث الأخيرة في الأقصى. وخلال المظاهرة رشق عدد من المتظاهرين الحجارة على قوات الشرطة واصابوا احد افرادها بجراح طفيفة. وتم تفريق المظاهرة بالقوة واعتقال خمسة اشخاص. وتظاهر امام العرب عشرات اليهود كانوا في غالبيتهم من طلاب المدرسة الدينية. وفي ام الفحم اعتقلت الشرطة سبعة متظاهرين بشبهة رشق زجاجة حارقة على قوات الأمن. وفي الناصرة ادعى سائق انه تم رشق حجر على سيارته، لكنه لم تقع اصابات. وقال النائب ايتسيك شمولي، من سكان اللد، امس، ان "العنف وصل الى المدينة وان التعايش في المدينة انهار خلال لحظات".

اصابة نحو 100 فلسطيني

وفي تغطيتها للأحداث تكتب "هآرتس" انه اصيب امس نحو 100 فلسطيني خلال المواجهات مع قوات الأمن في الضفة الغربية. وقال الناطق بلسان الهلال الأحمر ان عشرة اصيبوا بالنيران الحية، و89 بالرصاص المطاطي. كما اصيب 188 آخرين بحالات اختناق جراء قنابل الغاز المسيل للدموع. وقال الناطق بلسان وزارة الصحة الفلسطينية ان 34 مصابا كانوا لا يزالون حتى السادسة مساء في المستشفيات.

وقد وقعت اكثر المواجهات كثافة في منطقة رام الله، وتحديدا بالقرب من حاجز بيت ايل، والادارة المدنية وقلنديا وكذلك في منطقة اريحا. وفي منطقتي رام الله واريحا وقع العدد الاكبر من الاصابات. اما داخل الجيوب الفلسطينية فتواصلت الحياة كالمعتاد، حيث تستعد القرى لبدء موسم قطاف الزيتون. لكن حالة التوتر وعدم اليقين بارزة جدا.

وقال السكان انهم يتخوفون من هجمات المستوطنين ومن سياسة العقاب الجماعي وهدم البيوت التي اقرتها اسرائيل. ومنذ مقتل الزوجين المستوطنين من عائلة هانكين، تم التبليغ عن عشرات الاعتداءات التي نفذها المستوطنون في انحاء الضفة الغربية. ولكن هذه الحالات تشهد تراجعا، فمن 26 حالة اعتداء في الاول من تشرين الاول، انخفض العدد الى 24 في الثاني من الشهر، وارتفع الى 28 في الثالث من الشهر، ثم انخفض الى 22 في الرابع من الشهر، و13 في الخامس من الشهر، و4 في السادس من الشهر، حسب معطيات لجنة المتابعة في منظمة التحرير، علما ان معطياتها تقل عن معطيات مركز "الأحرار" لحقوق الإنسان، الذي ابلغ عن اكثر من 120 حالة خلال ثلاثة أيام.

ويخشى الناس من السفر على الشوارع او الخروج لقطف الزيتون في الكروم المجاورة للمستوطنات. ولذلك دعا سكرتير فتح في منطقة طولكرم السكان للخروج لجني محصول الزيتون في مجموعات كي تواجه المستوطنين في حال مهاجمتهم للمزارعين. وتشعر السلطة الفلسطينية بالقلق ازاء عمليات هدم البيوت التي بدأتها اسرائيل ليلة الاثنين/ الثلاثاء في القدس، ونيتها هدم المزيد من البيوت بناء على قرار الحكومة الاسرائيلية، في وقت تسعى فيه السلطة الفلسطينية الى تهدئة الاوضاع.

وكتبت "يسرائيل هيوم" ان قوة من سلاح الهندسة ولواء جبعاتي قامت قبل فجر امس الاربعاء، بالتوغل في مدينة نابلس واجراء قياسات لمنازل ثلاثة من اعضاء الخلية المشبوهة بقتل الزوجين نعمى وايتام هانكين، استعدادا لهدمها في المستقبل. كما توغلت قوات من الجيش في عدة مواقع في الضفة الغربية واعتقلت مطلوبين، بينهم 15 بشبهة الضلوع في نشاطات الارهاب الشعبي وخرق النظام. وتم تسليم المعتقلين لجهاز الشاباك. كما توغلت قوة من لواء "عتصيون" في بلدتي بيت أمر وحلحول، واعتقلت تسعة فلسطينيين. وفي قرية لبن الشرقية تم اعتقال ثلاثة مشبوهين برشق الحجارة على سيارة إسرائيلية واصابة طفلة. وفي حي الثوري في القدس تم العثور، امس، على 15 زجاجة حارقة على سطح منزل.

ووقعت في يطا امس مواجهات بين السكان وقوات الجيش التي دخلت الى البلدة لتمشيط منزل عائلة الشاب الذي نفذ عملية الطعن في كريات جات. كما يستعد الشبان في قرية سردا في قضاء نابلس للتصدي لمحاولة هدم منزل عائلة مهند حلبي الذي قتل مستوطنين في القدس يوم السبت. وفي حلحول سيطر الجيش، امس، على ثلاثة منازل، احدها مأهول، على جانب الشوارع الرئيسية وحولها الى مواقع عسكرية. وقد اخرج الجيش العائلة من بيتها، وهو ما اعتبره رئيس بلدية حلحول جزء من العقاب الجماعي.

اوامر ابعاد اداري لستة مستوطنين

وحسب "هآرتس" فقد وقع قائد المنطقة الوسطى روني نوما، في الأسبوع الماضي، اوامر بابعاد اداري لستة مستوطنين من الضفة، في محاولة لوقف موجة العنف ازاء الفلسطينيين. وقال الجيش انه وقعت منذ مقتل الزوجين هانكين 48 حالة اعتداء على الفلسطينيين واملاكهم، وانه ينظر بعين الخطورة الى احدى الحالات التي تم خلالها رشق سيارة فلسطيني بالحجارة، واخراج سائقها منها والاعتداء عليه. وقال الجيش ان المعطيات تشير الى ارتفاع حاد مقارنة بالاشهر الماضية. ونشرت جمعية "يش دين" اشرطة مصورة تظهر اعتداءات المستوطنين على بيوت قرية بورين واحراق حقول في قرية عوريف، والتي ظهر في احدها مستوطن وهو يطلق النار من سلاح عسكري.

وابلغت الجمعية، ايضا، عن محاولة المستوطنين احراق منزل في قرية الخضر قرب بيت لحم. ويركز الجيش على العنف اليهودي من خلال التقييم بأنه سيتزايد في حال التصعيد. لكنه يتبين هنا ضعف جهاز تطبيق القانون، اذ انه رغم اعتقال اكثر من 20 مستوطنا الا انه لن يتم، كما يبدو، تقديم أي لائحة اتهام ضد أي منهم. وكما يبدو فقد جاءت اوامر الابعاد الاداري لستة من المستوطنين كبديل للوائح الاتهام.

نتنياهو يتراجع عن توسيع مستوطنة ايتمار

كتبت "هارتس" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تراجع عن خطة لبناء 538 وحدة اسكان في مستوطنة ايتمار، بسبب ما يتعرض له من ضغط دولي، الا انه ينوي في المقابل المصادقة على الخارطة الهيكلية للمستوطنة، والتي ستمنح تراخيص للمباني غير القانونية. وقد اقيمت ايتمار في عام 1984 ولم يتم التصديق على أي خارطة لها حتى اليوم، ما يعني ان كل المباني فيها غير قانونية. وقبل ثلاث سنوات سعت اسرائيل الى ترخيص 137 منزلا قائمة في المستوطنة وبناء 537 منزلا آخر. لكن دفع الخارطة الهيكلية للمستوطنة توقف في اعقاب قرار نتنياهو تجميد التخطيط قبل سنة ونصف بسبب تخوفه من امتناع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو ضد القرارات التي تستهدف اسرائيل في مجلس الأمن.

وفي اعقاب قتل الزوجين هانكين من المستوطنة طلب رئيس المجلس الاقليمي شومرون، يوسي دغان، التصديق على الخارطة، ونصب خيمة اعتصام امام منزل نتنياهو. وخلال النقاش الذي اجراه نتنياهو في مكتبه قرر دفع الخارطة، لكنه وبسبب تخوفه من الضغط الدولي قرر تجميد قرار توسيع المستوطنة.

اللجنة الوزارية تناقش خطة لتشريع البناء على اراضي فلسطينية خاصة

ذكرت "هآرتس" انه من المنتظر ان تقرر لجنة القانون الوزارية يوم الاحد، ما اذا كانت ستدفع نحو سن قانون الترتيبات الذي يهدف الى تشريع البناء على اراض فلسطينية خاصة سيطرت عليها المستوطنات. وهذه هي المرة الثانية التي ستناقش فيها اللجنة هذا القانون الذي يحظى بدعم واسع في الائتلاف. وكان نتنياهو قد احبط تمرير القانون في المرة السابقة، في العام 2012، وهدد في حينه بفصل الوزراء الذي يدعمونه، لأن من شأن ذلك الحاق ضرر بمكانة إسرائيل في العالم.

وكان مشروع القانون هذا قد طرح على طاولة اللجنة من قبل النائب السابق زبولون اورليف (البيت اليهودي) لمنع اخلاء خمسة بيوت في حي "اولفناه" في بيت ايل، والتي تم اخلاؤها لاحقا. وحسب الاقتراح الحالي فان الفلسطينيين الذين بنيت بيوت لليهود على أراضيهم سيحصلون على تعويض "سخي" بالأرض والمال مقابل مصادرة اراضيهم وتنظيم المباني المقامة عليها في المستوطنات.

اعتقال عدد من اصحاب المتاجر في شارع الواد

ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، توجه الى المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين وطلب منه العمل حسب قانون "السامري الجيد" (الذي يمنع الوقوف امام دم الآخر)، ضد اصحاب المتاجر الفلسطينيين في شارع الواد في البلدة القديمة لأنهم لم يساعدوا المستوطنة اوديل بينت التي تعرضت الى الطعن يوم السبت. وبهذا يطلب نتنياهو مساعدة الشرطة على اعتقال كل من وقف جانبا ولم يقدم المساعدة للمصابين في العملية!

لكن وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان اعلن امس بان الشرطة اعتقلت بعض اصحاب المحال التجارية في الذين لم يساعدوا اوديل بعد قتل زوجها واصابتها. واضاف ان الشرطة ستركز في عملها على كل من يحرض على الارهاب والقتل، وخاصة الحركة الاسلامية ونشطائها، والشرطة ستحصل على دعم لكل عمل".

وكان نتنياهو واردان يتحدثان خلال جلسة تقييم عقدت في مقر شرطة لواء القدس، بمشاركة رئيس لجنة الخارجية والامن تساحي هنغبي، ورئيس بلدية القدس نير بركات، والقائم بأعمال القائد العام للشرطة بنتسي ساو، وقائد الشرطة في لواء القدس موشي تشيكو ادري. واثنى نتنياهو خلال الجلسة على الشرطة وقال: "نحن نعمل بحزم ضد منفذي العمليات والخارجين على القانون والمحرضين. قمنا بتعزيز القوات ونوفر كل الوسائل وكل الطرق المطلوبة لمحاربة الارهاب. المواطنون يتواجدون على الجبهة في الحرب ضد الارهاب، ويجب عليهم ايضا اظهار اكبر قدر من اليقظة. لقد عرفنا فترات اقسى من الحالية وسنتغلب على موجة الارهاب هذه ايضا بإصرار ومسؤولية ووحدة".

وقال الوزير اردان ان "القدس معززة بقوات كبيرة من الشرطة التي تفعل كل شيء من اجل حماية السكان وزوار المدينة. الشرطة تعمل بإصرار كما رأينا ضد كل من يحاول المس بنا".

شعبة الاستخبارات: "عباس يلتزم بمكافحة العنف"

كتبت "يسرائيل هيوم" ان مصادر في شعبة الاستخبارات العسكرية اكدت التزام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتصريحه الأخير بشأن "توجيه قوات الأمن الفلسطينية الى اتخاذ اجراءات فاعلة لتخفيض سقف اللهيب"، وقالت المصادر "ان عباس لا يشجع الكفاح المسلح والعمليات". وجاء ايضا، انه "بأمر من ابو مازن يتواصل التنسيق الامني الوثيق". وقال مصدر امني ان "ابو مازن غير معني بالتصعيد لكنه يجد صعوبة في السيطرة على الشارع". الى ذلك قال منسق اعمال الحكومة الاسرائيلية في المناطق/ الجنرال يوآب مردخاي، لوكالة "معا" الفلسطينية "ان إسرائيل ليست معنية بالتصعيد في الضفة لكنها سترد بكل قوة على من يعمل على دهورة المنطقة الى العنف".

في هذا السياق، ينشر موقع "واللا" انه في محاولة لتهدئة الاوضاع المتوترة في الضفة الغربية والقدس، عقد مسؤولون امنيون من اسرائيل والسلطة الفلسطينية لقاء ركز على التنسيق بين الجيش الاسرائيلي واجهزة الأمن الفلسطينية. وقد نفى الجانب الفلسطيني عقد هذا اللقاء الذي يعتبر الأكثر شمولية والأكبر منذ بدء التصعيد في الأسبوع الماضي. وادعت مصادر فلسطينية انه تم رفض طلب اسرائيل اجراء نقاش حول الموضوع. وقال ضابط رفيع في المنطقة الوسطى ان "التنسيق الامني جيد. والحديث عن اناس يتمتعون بالجدية ويتحدثون عن التنسيق على مستوى العينين".

وقال الضابط انه تقرر مسبقا بأن يستغرق اللقاء عدة ساعات بسبب اهميته وكثرة القضايا المطروحة للنقاش. وأشار الضابط في حديث مع "واللا" الى التوتر السائد داخل الاجهزة الامنية الفلسطينية والذي يمكنه المس بمعالجة خرق النظام داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة. وقال "انهم يواجهون تحديات داخلية، وربما يعملون على تخفيض ظهورهم في بعض الأماكن وانا اتفهم ذلك".

وتطرق الضابط الى الاحداث في بعض المواقع التي قامت اجهزة الأمن الفلسطينية بمعالجة المتظاهرين فيها بقبضة قاسية، وبالتالي تعرضت الى انتقادات صعبة من قبل الجمهور ومسؤولين كبار في السلطة. وقال: "انهم يتدخلون في بعض حالات خرق النظام، ولكن هناك خطوط حمراء في كل ما يتعلق بمعالجة الجمهور ومنع المتظاهرين من الوصول الى نقاط الاحتكاك مع الجيش او المدنيين الإسرائيليين. هذه مسالة معقدة جدا بالنسبة لهم وانا اتفهم معاييرهم".

نتنياهو يلغي رحلته الى المانيا

وكتبت "هآرتس" انه تم بطلب من نتنياهو الغاء لقاء القمة الاسرائيلي – الالماني الذي كان يفترض عقده اليوم في برلين، بمناسبة مرور 50 عاما على العلاقات بين البلدين. وقال مسؤول رفيع في القدس، ان نتنياهو حول امس، رسالة الى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، كتب فيها ان الوضع الامني يحتم عليه البقاء في القدس، وطلب تحديد موعد جديد للقمة. واوضحت الرسالة ان قرار الغاء القمة جاء في اعقاب التخوف من الانتقاد العام لتغيب نتنياهو عن البلاد في فترة التوتر الأمني.

الرقابة تصادق على نشر صور للمستعربين

كتبت "يديعوت احرونوت" انه لأول مرة منذ بدء تفعيل وحدة المستعربين في الجيش الاسرائيلي "دوفدوفان"، سمحت الرقابة الاسرائيلية بنشر صور للمستعربين خلال عملية اعتقال نفذوها بالقرب من مستوطنة بيت ايل امس. وتكتب الصحيفة في تقرير عن هذه الوحدة وعملية امس، ان اعضاؤها اعتادوا العمل بعيدا عن عدسات الكاميرات، ويحرصون على السرية الكاملة، ويخفون طابع عملهم الحقيقي، وسلاحهم الشخصي، تحت زيهم المدني، والفلسطينيين يتخوفون منهم، وبحق. ان مهمتهم هي اعتقال المشاغبين واحباط عمليات الارهاب، ولا يمكن للمتظاهرين ان يعرفوا من هو الملثم المستعرب من بين الملثمين الذين ينضمون الى المظاهرة.

ويوم امس، وامام عدسات المصورين الأجانب الذين يغطون الأحداث في المناطق، نفذت وحدة المستعربين "دوفدوفان" عملية اعتقال بالقرب من بيت ايل. فبعد الساعة الثانية ظهرا، بدأت اعمال خرق النظام التي نظمها طلاب من جامعة بير زيت بالقرب من مقر قيادة كتيبة "ايوش" (كتبة الضفة). وبدأ مئات الشبان برشق الحجارة والزجاجات الحارقة ودحرجة الاطارات المشتعلة باتجاه قوات الأمن. ولم يعرف المتظاهرون انه تم غرس عدد من اعضاء وحدة المستعربين في صفوفهم. وفي خضم المواجهة صدر الأمر وعندها تم توثيق قوة المستعربين وهي تستل اسلحتها وتعتقل ثلاثة شبان شاركوا في الحدث، وبدأ عشرات الشبان الفلسطينيين الذين تواجدوا حولهم بالهرب.

وتقوم فكرة "القطاف" التي يعمل المستعربون وفقا لها، على تقويض أمن راشقي الحجارة وخلق الشعور لديهم بأن كل ملثم يمكن ان يكون مستعربا إسرائيليا. وقد بدأ عدد من الشبان برشق الحجارة باتجاه المستعربين بعد تنفيذ عملية الاعتقال، فاطلق المستعربون النار في الهواء. واصيب احد المعتقلين، احمد حامد، بجراح بالغة في رأسه، ويجري فحص ما اذا نجمت اصابته عن عيار ناري او حجر تم رشقه على المستعربين. ويشعر الفلسطينيون بالقلق من نشاط المستعربين،  ويحاولون في كل مرة ايجاد طرق لمواجهتهم. وفي اعقاب حادث الأمس تم نشر اوامر تهدف الى احباط تسلل المستعربين الى التظاهرات.

وحسب هذه الأوامر على المتظاهرين التجمع في مجموعات صغيرة لا يزيد عددها عن عشرة اشخاص، واختيار كلمة سر مشتركة لأعضاء المجموعة، ومطالبة كل ملثم ينضم الى المجموعة بقول الكلمة، ويجب على من ينضمون الى المجموعة رفع ثيابهم للتأكد من عدم حملهم لأسلحة، كما يجب على المتظاهرين ادخال قمصانهم داخل بناطيلهم كي يظهروا بأنهم لا يخفون مسدسات تحت قمصانهم. كما منع أعضاء كل مجموعة من الاقتراب من مجموعة ملثمة، لأنه حسب الفلسطينيين يحب المستعربون التجمع معا. يشار الى ان وحدة دوفدوفان نفذت في الأسبوع الماضي، عشرات العمليات، وعلى مدار الساعة، وشاركت في اعتقال الخلية التي قتلت الزوجين هانكين.

استقالة بينت من الكنيست لضم شولي معلم

كتبت "يسرائيل هيوم" ان رئيس البيت اليهودي، الوزير نفتالي بينت استقال من عضويته في الكنيست، كي يتيح لعضو الكنيست السابق شولي معلم، العودة الى الكنيست. وقدم بينت استقالته الى رئيس الكنيست، امس، بناء على القانون النرويجي الذي صادقت عليه الكنيست مؤخرا، والذي يسمح لوزير بالاستقالة من عضويته في الكنيست ومواصلة شغل منصبه الوزاري. واوضح بينت في رسالته انه اذا توقف عن شغل منصبه الوزاري فسيرجع الى عضويته في الكنيست.

فرنسا ترفض اشراك رؤساء المستوطنين في حفل للسفارة في تل ابيب

كتب موقع القناة السابعة، ان السفارة الفرنسية في تل ابيب رفضت السماح بمشاركة رؤساء سلطات محلية في المستوطنات في مراسم منح وسام الشرف في الوزارة. وعلمت القناة السابعة ان الحفل سيقام في الوزارة مساء اليوم الخميس، ودعي اليه عدد من رؤساء السلطات المحلية في المستوطنات، ومن بينهم رئيس بلدية اريئيل ورئيس مجلس محلي معاليه ادوميم، ورئيس مجلس اقليمي غور الاردن، ورئيس مجلس محلي بيت ارييه. لكن السفارة اعلنت بأنها لا تصادق على مشاركة رؤساء سلطات محلية واقعة وراء الخط الاخضر في هذه المراسم.

مقالات

موجة تغذي ذاتها

يكتب عاموس هرئيل في "هآرتس" ان سلسلة عمليات الطعن في البلاد، امس (الاربعاء)، في القدس الشرقية وكريات جات وبيتح تكفا، ومن ثم العملية التي تم احباطها في المساء في القدس الشرقية، تواصل تقويض المشاعر الامنية للمواطنين الاسرائيليين، وهذه المرة داخل الخط الأخضر، ايضا. وفي حين يلاحظ في الضفة الغربية، لليوم الثاني على التوالي، انخفاض المظاهرات العنيفة، بدأ الإرهاب الفردي بالوصول إلى قلب البلاد.

لا يمكن التقليل من الآثار النفسية للإرهابي الذي يركض داخل مبنى سكني بحثا عن ضحايا، او إرهابي يهاجم زوار مركز تجاري. وفي المساء، كما لو أنه لتعزيز الانطباع باستمرار الهجمات، ووقوع هجوم ارهابي كل بضع ساعات، اصيب مواطنين اسرائيليين وفلسطيني حاول، حسب الشبهات، دهس افراد الشرطة على حاجز قرب معاليه ادوميم. لقد اجاد الجيش والشاباك حتى الان وقف غالبية خلايا اطلاق النيران التابعة لحماس في الضفة، قبل شن الهجمات. ومن تمكن من العمل، رغم ذلك، تم اعتقاله بعد فترة وجيزة نسبيا.

تعمل اجهزة الأمن الفلسطينية، وبموجب توجيهات جديدة ومتشددة من قبل الرئيس محمود عباس، على تقليص الاحتكاك العنيف مع الجيش والمستوطنين. ولكن ضد شاب ابن 17 او 18 عاما يخرج في طريقه من الضفة، ويترك، في افضل الحالات، تلميحا على صفحته في فيسبوك، لا يوجد اليوم أي حل فاعل لإحباطه. في القيادة الأمنية يدعون ان المظاهرات في الضفة لا تعكس حاليا، حالة تدهور واسع، ويشيرون الى ان حماس امتنعت حتى الآن عن فتح جبهة جديدة في قطاع غزة (رغم رغبتها بإشعال الارض في الضفة، غير الخاضعة لسيطرتها).

قبل يومين شارك رجال تنظيم فتح في مظاهرة عنيفة تم خلالها اطلاق النار على جنود الجيش الاسرائيلي على المدخل الشمالي لرام الله. في إسرائيل يتعقبون عن كثب سلوك التنظيم، الذي يتحدى رجاله في الآونة الأخيرة، اجهزة الأمن، خاصة في مخيمات اللاجئين في الضفة. بعد الحادث في رام الله عملت الاجهزة الامنية الفلسطينية بشدة ضد رجال التنظيم، بأمر من عباس. ولكن حاليا، تكمن المشكلة الاساسية في مواجهة المخربين المنفردين. حتى اذا اعلنت تنظيمات الارهاب مسؤوليتها عن عمليات الدهس والطعن بعد موت منفذيها، فان غالبية هؤلاء يخرجون لتنفيذ العمليات لوحدهم، وبدون أي قاعدة تنظيمية تدعمهم.

رغم ان غالبية الجمهور الفلسطيني في الضفة، باستثناء الشبيبة، لا يشارك في المواجهات (خلافا لبداية الانتفاضتين السابقتين)، ورغم انه لم يتم حتى الآن تسجيل محاولات لتنفيذ عمليات انتحارية، الا انه يسود الشعور بوجود نوع من الجرف في العمليات، بسبب عمليات الطعن والدهس الاخيرة. المس بالأمن الشخصي للإسرائيليين، والذي يسود الشعور به في الضفة والقدس الشرقية منذ زمن بعيد، يتسلل الى داخل الخط الأخضر. في ظل التغطية الاعلامية المكثفة، ومطالب الجناح اليميني في الائتلاف بتنفيذ عمل عسكري حازم، يمكن ان تتولد لاحقا مواجهة مع السلطة، رغم ان الجيش على اقتناع بأن عباس يعمل الان بكل قواه من اجل وقف التصعيد. موجة العمليات تغذي ذاتها، ونجاح عمليات الطعن تقود الى مزيد من محاولات التقليد.

هذه المرة دخل الى الصورة عامل لم يلعب حتى الان دورا ملموسا في الفترات العنيفة السابقة – رد فعل المستوطنين. خلال النقاشات التي اجراها المجلس الوزاري والقيادة الامنية في الأسبوع الأخير، نوقشت بشكل موسع، اعمال المستوطنين العنيفة في اعقاب مقتل الزوجين هانكين قبل اسبوع، والتي شملت رشق حجارة على السيارات الفلسطينية واحراق املاك فلسطينية وشتم الجنود والبصق عليهم. ولكن هذه تبقى المشكلة الصغيرة، فالتخوف هو انه على الرغم من تعقب نشطاء اليمين المتطرف المشبوهين بالضلوع بقتل عائلة دوابشة في دوما، فانه ستأتي الان عملية دوما ثانية، انتقاما لعمليات القتل الفلسطينية في الايام الأخيرة. وهذه النار سيكون من الصعب اخمادها.

خلال التحقيقات التي اجريت مع الذين نفذوا العمليات في الآونة الأخيرة (وكان هناك من قتلوا بنيران قوات الأمن) تكرر طرح مبررين: الرغبة بالانتقام لعائلة دوابشة، والايمان المضلل بأن اسرائيل تنوي العمل من اجل السيطرة على الحرم القدسي والمس بحوق المسلمين هناك. في الأيام الأخيرة توجه مكتب رئيس الحكومة الى الشخصيات العامة في اليمين، ومن بينهم الوزير اوري اريئيل واعضاء كنيست، وطلبت منهم عدم الدخول الى الحرم. وتم توجيه الطلب  بتوصية من الجهاز الامني ومقابل التلميح الى نية إسرائيل الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، والذي تم تحويله الى السلطة الفلسطينية ومصر والاردن والسعودية.

يصعب ازالة غيمة دوما. فحتى الان لم يتم جمع ما يكفي من الادلة التي تدعم تقديم لوائح اتهام. والتجميد في التحقيق يعزز فقط ايمان الفلسطينيين بأن القتلة اليهود يتمتعون  برعاية الدولة. الصراع الديني بين المتزمتين في الحرم، كما دائرة الانتقام في الضفة، يواصلان تغذية النار. في مثل هذه الأجواء من المشكوك فيه أن المواطن الاسرائيلي المتوسط يصغي او يتحمل النقاشات حول مدى اصرار السلطة على مكافحة الارهاب، او على عدد المشاركين في التظاهرات امام الحواجز العسكرية. بالنسبة للمواطن فان ما يهمه هو العودة للشعور بالأمن في المركز التجاري في بيتح تكفا او في العمارة السكنية في كريات جات، وايضا، على الشارع قرب نابلس.

أصنام جديدة في الحرم القدسي

يكتب ديمتري شوماسكي في "هآرتس" انه قبل فترة طويلة من قيام طالب لايفنيتش، كريستيان فون وولف، في بداية القرن الثامن عشر، بادخال مصطلح "التعددية" الى قاموس المصطلحات الفلسفية المتنورة، جرى استخدام تكتيكات الخطاب التعددي، وليس دائما من اجل تشجيع الانفتاح على التنوع في المجتمع البشري، بل أحيانا من اجل تحقيق العكس - قمع "الآخر" والمختلف. يعرف التاريخ اليهودي جيدا ظواهر كهذه منذ عهود سابقة، ومن اشهرها، ان احد المركبات الأساسية للصورة السلبية لليهود في نظر العالم الروماني والهيليني، كان يرتبط بالارتداع عن التوحيدية اليهودية نظرا لعدم تسامحها تجاه الآلهة المختلفين.

اليونانيون والرومانيون الذين اعتادوا تشخيص تشابه بين آلهتهم وآلهة الآخرين، استغربوا رفض اليهود التعاون مع هذه الممارسة، ووجدوا في ذلك أدلة قوية على الطبيعة المظلمة والهمجية لليهودية على وجه الخصوص. وكانت هناك قضايا سيئة السمعة، كالمراسيم الصادرة عن ملك السلوقيين أنطيوخوس إبيفانيس ضد الديانة اليهودية، أو نية القيصر الروماني غايوس كاليجولا وضع تمثال تكريما له في الهيكل، التي عبرت، من بين أمور أخرى، عن غضب وإحباط الحضارة الوثنية بسبب فشل المحاولات المتكررة لكسر الروح "غير التعددية" للديانة الشرقية المتزمتة.

من الواضح ان الجانب الديني والثقافي للتوتر السائد بين اليهودية والعالم الروماني والهيليني، يترافق ايضا بأسس سياسية متعاظمة. اللقاء بين يهود ارض اسرائيل مع العالم الهيليني والروماني، كان في الأساس عندما كان اليهود يخضعون لسيطرة الامبراطوريات الاجنبية. لذلك، فان اصرارها على هويتها الدينية التوحيدية، وخاصة الصراع ضد محاولات إدخال الطقوس الوثنية الى الهيكل في القدس، شكلت في الاساس حرب دفاع عن بقايا ما يمكن تسميته الشخصية الجماعية للشعب اليهودي امام العبودية. وفي المقابل، وبالنسبة للحاكم الامبريالي، كانت الجهود الدائمة للتغلغل في المناطق الخاصة والجماعية للشعب المستعبد، تهدف الى تشديد رسن القمع وضمان انصياع الرعايا على المدى الطويل.

التاريخ يكرر نفسه مرتين، كقول كارل ماركس، مرة كمأساة ومرة كمهزلة. لا يزال من المبكر لأوانه تحديد أي نوع من هذين الاستعراضين نشهد الآن في جبل الهيكل (الحرم القدسي)، لكنه يصعب التهرب من الانطباع (الفظيع أو الساخر، اعتمادا على ما إذا كنا امام مأساة أو مهزلة) بأن هذا العرض حدث قبل حوالي الفي سنة. الفارق الوحيد الآن هو ان بعض اليهود يظهرون فيه في دور اليونانيين والرومانيين، بينما يظهر العرب الفلسطينيين – بدور اليهود في فترة الهيكل الثاني.

القوميون اليهود التبشيريين، المسؤولين عن نظرية "معهد الهيكل"، والذين  يحظون بدعم من بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية المحتلة، يطالبون بفرض "حرية العبادة" لليهود في الموقع الديني الإسلامي. ويفعلون ذلك من خلال الاستخدام المنحرف لخطاب التعددية الدينية، بهدف واحد، ليس دينيا بحتا بل قومي وسياسي واضح - إظهار الوجود اليهودي في احدى الجزر الخاصة والجماعية التي تبقت للعرب الفلسطينيين في وطنهم، وبالتالي تشديد العبودية. هذا يشبه الحوار الهيليني والروماني، الذي اظهر اعتراض يهود الهيكل الثاني على إدخال الطقوس الوثنية الى الهيكل بمثابة ظاهرة همجية، ووفر سلاح الدعاية الناجع لتعزيز الهيمنة الأجنبية في يهودا.

الفلسطينيون من جانبهم، لا يرون في الحرم الشريف "مجرد" مكان يعتبر أحد أقدس مقدسات الإسلام، وانما، أيضا، أحد آخر مواقع الحميمية الوطنية الفلسطينية، التي يمنع وطأ أقدام الاحتلال الإسرائيلي لها. تماما كما كان الهيكل، وعلى الرغم من طبيعته النخبوية، يرمز في نظر يهود فترة الهيكل الثاني الى الفضاء الخاص والفريد للشعب اليهودي، ولا مكان فيه للمحتلين الأجانب.

عندما قال النائب جمال زحالقة مؤخرا لمجموعة من اليهود الذين دخلوا الى الحرم "انصرفوا من هنا، اذهبوا الى بيوتكم، ليس مرغوبا فيكم هنا، مجرمون، مجانين، هذا لنا، هذا بيتي"، لم يكن كلامه موجها ضد اليهودية او اليهود، وانما ضد الروح الشريرة، الامبريالية – الوثنية بصورها التاريخية القديمة – التي سيطرت على الأقلية المتزايدة في القدس. ولذلك، من المناسب بكل اليهود الذين لا يعتبرون الذكرى التاريخية لاضطهاد شعبهم في ارض اسرائيل في الماضي البعيد، مسألة غير ذات اهمية، ان يصغوا الى صرخات الفلسطينيين والنائب زحالقة ويخرجوا للاحتجاج الحاسم ضد من يتعاملون اليوم مع الفلسطينيين ومقدساتهم تماما كما تعاملت الممالك الوثنية ذات مرة مع ابائنا.

الاحمرار عاد الى وجه ابو مازن

يكتب البروفيسور ايال زيسر، في "يسرائيل هيوم" انه يجب الاعتراف بأن موجة العمليات التي تمر بها إسرائيل في الأيام الأخيرة، اعادت الاحمرار الى وجه ابو مازن. فقد أصبح الزعيم الفلسطيني فجأة على صلة وهناك من يثني على محاولاته لتقييد حجم العنف، وهناك من يهاجمه على مساهمته في تحريض الشارع الفلسطيني، وطبعا هناك، كالمعتاد، من يدعون الى استئناف المفاوضات معه للتوصل الى سلام اسرائيلي – فلسطيني. المهم انهم عادوا اخيرا الى التطرق اليه. لكن ابو مازن كان الى ما قبل عدة أسابيع زعيما منسيا، يفقد بسرعة صلته حتى في صفوف المقربين منه ومساعديه الذين بدأوا التآمر عليه. ولكي يحافظ على مكانته هدد ابو مازن، كما نذكر، بالقاء قنبلة خلال خطابه في الأمم المتحدة، والاعلان بأنه سيستقيل او يلغي حتى اتفاقات اوسلو. لكن تهديداته ايضا لم تمنحه الاهتمام في إسرائيل والعالم الواسع ولا حتى في الشارع الفلسطيني.

وها هو الآن، وكمن عثر على كنز، يقفز ابو مازن على موجة العمليات، ويجد معولا يحفر فيه، في اطار الجهد الأخير للحفاظ على بقائه وعلى اجهزته. لأن تهديداته الفارغة المضمون بشأن الانسحاب من اتفاقات اوسلو لا تخفي حقيقة انه بقدر لا يقل عن حاجة إسرائيل لعباس، يحتاج عباس ايضا الى إسرائيل في سبيل الحفاظ على اجهزته وضمان بقاء سلطته مع كل الرشاوى المرتبطة بذلك، له وللمقربين منه ولأجهزته. ابو مازن ليس رجل ارهاب وعمليات، ومن المؤكد انه تعلم الدرس من سابقه ياسر عرفات، الذي احترق بنار الانتفاضة الثانية التي اشعلها بيده. ولكن في الوقت ذاته لا شك ان النار الهادئة تخدم هدفه بالعودة لكي يصبح شخصية لها صلة بالنسبة لإسرائيل والمجتمع الدولي وابناء شعبه.

وباستثناء ذلك، يلتزم ابو مازن بالرواية الفلسطينية التي لا تشجب العمليات وانما تعتبرها جزء من النضال الشعبي ضد "الاحتلال". قبل عدة أسابيع كان يبدو ابو مازن كمن ينتمي الى الماضي، لكن موجة العمليات تمنحه الآن الصلة والجوهر ومعنى وجوده، ومرة اخرى يمكنه اداء مهامه. نأمل ان يعمل ابو مازن من اجل تخفيض اللهيب، والأهم من ذلك نأمل انه لا يزال يتمتع بتأثير على اجهزته وعلى ابناء شعبه.

المطلوب: مبادرة نشطة.

يكتب الجنرال (احتياط) غرشون هكوهين، في "يسرائيل هيوم" ان الحوار العام للحكومة الإسرائيلية، والى حد كبير لقادة المستوطنين، ايضا، يسعى في الأساس الى تحقيق الأمن للمدنيين. طبعا هذا هو جوهر له استحقاقه، لكنه يحاصر دولة إسرائيل بسلوك دفاعي. نظرية الأمن التي وضعها دافيد بن غوريون هدفت الى نقل الحرب الى أرض العدو، ليس فقط بسبب غياب مجال لادارة الدفاع، وانما في الأساس من خلال الفهم بأنه كي تنتصر في الحرب، حتى عندما تكون دفاعية في جوهرها، يتطلب الأمر اخذ المبادرة ونقل الجانب المدافع من سلوك الرد الى سلوك نشط. ومن هذا المنطلق، لا يكفي وضع ايدينا على الخلايا التي تنفذ عمليات القتل بعد تنفيذ عملياتها.

عندما نسمي الاعمال العدائية "ارهاب"، فإننا نصف فقط شكل العمل، ونعتم على الحاجة الى فحص جوهر العمليات. حتى اذا وجدنا صعوبة في تحديد العنوان المسؤول الذي يوجه العمليات بشكل منظم، فإنها تتراكم في اتجاه يولد جوهرا استراتيجيا يهدد المصالح الاستراتيجية الحيوية لدولة اسرائيل، ومن بينها السيادة في عاصمتها. حاليا، توجه الاستراتيجية الدفاعية للحكومة الجيش على ضمان الأمن للمواطنين، وتتوقع ان تقود العمليات الدفاعية ذات طابع الرد الفعال الى خمود الموجة العنيفة. لكن الواقع المركب يخلق محفزات الانجاز للخصم الفلسطيني، كتحديد مناطق في القدس، مثلا، يمنع دخول اليهود اليها.

سلوك الرد امام قطار انحرف عن مساره يعالج بشكل تقني اعادة النظام الميكانيكي الى سابق عهده. وينتهي التصليح بإعادة النظام الى الاستقرار الروتيني. في المنظومة الانسانية، المركبة في طبيعتها، حتى ما يبدو كتحقيق للاستقرار، يولد عمليا واقعا جديدا. وفي هذا المكان، ولكي يتبلور الواقع الجديد حسب الاتجاهات المرغوبة لنا، يتطلب  الأمر غالبا طرح مبادرة استراتيجية نشطة. المطلوب هنا طريقة عمل تحقق بمبادرتنا – وبمنطق يشذ عن طابع الرد – التوجه الآخر الذي نرغبه. فما هو، اذا، طابع التوجه النشط الذي يمكنه خدمة اسرائيل في هذه المعركة؟

هذا السؤال يضعنا امام مفترق دراماتيكي يحدد جوهر وجودنا في البلاد: هل نريد هنا دولة تكون القدس مركزها، بكل ما يحمله ذلك من المعاني الدينية والقومية، او اننا لا نطلب هنا اكثر من موطئ قدم لليهود المضطهدين، ليس اكثر من ملاذ آمن، يعترف به العالم.

في خضم حرب الاستقلال، في نيسان 1948، عرض دافيد بن غوريون امام اللجنة التنفيذية الصهيونية معاييره لتحديد المعركة على القدس كجهد اساسي للحرب، وقال: "ليست هناك حاجة الى الشرح في اللجنة التنفيذية الصهيونية ما هي قيمة القدس في تاريخ الشعب اليهودي والدولة والعالم، لأنه اذا كانت لهذه البلاد روح فان القدس هي روح ارض اسرائيل، والمعركة على القدس حاسمة وليس من ناحية عسكرية فقط.. القدس تطلب وتستحق ان نقف معها. القسم الذي كان على انهار بابل يلزمنا اليوم كما في تلك الأيام، والا لن نستحق اسم شعب اسرائيل".

ان ذلك القسم "على انهار بابل" هو القسم الذي يؤديه كل زوج يهودي خلال مراسم زواجه: "اذا نسيتك يا قدس فلتنسني يميني".. في هذه النقطة على هذا الكون تتوحد في الامة الاسرائيلية ثلاث دوائر – الدينية، القومية والسياسية. وهكذا ايضا بالنسبة لأعدائنا وجيراننا الفلسطينيين. هذه هي القوة التي تحرك هذه المعركة. ومن وجهة النظر هذه، لا يكفي ان تصادق الحكومة الاسرائيلية على مقترحات العمل المتعلقة بالجهاز الأمني.

الفاعلية العملية مطلوبة هنا بأحجام تفوق المسؤولية التقنية لقادة الاجهزة الامنية. في السياق الاستراتيجي الشامل، هذا هو المحفز الكامن في توجهات البناء والاستيطان في القدس ويهودا والسامرة. ليس الحديث عن مصلحة قطاعية هنا، وانما عن مصلحة قومية. وفي وقوفنا على هذا المفترق، فان من يطلب في ارض اسرائيل الخلاص والوطن، عليه ان يوجه عمله بشكل يختلف عمن لا يطلب اكثر من ملاذ آمن. لقد وصلنا الى المفترق، وقراراتنا تنطوي في هذه الساعة على معاني مصيرية بشأن مستقبلنا هنا.

بيان

التعليـــقات