رئيس التحرير: طلعت علوي

الأراضي في فلسطين أغلى ما نملك وندرتها أكبر عائق أمام التنمية

الأحد | 04/10/2015 - 09:08 صباحاً
الأراضي في فلسطين أغلى ما نملك وندرتها أكبر عائق أمام التنمية


*المهندس خالد يحيى
 

لطالما كانت الأرض وما تزال أهم مصادر الثروة الحقيقية الثابتة في أي بلد, وهي أساس التنمية وعمودها الفقري, وركيزة رئيسية من اهم ركائز الاقتصاد الوطني ونمو القطاعات الإقتصادية المختلفة الزراعية والصناعية والعقارية وغيرها, فالأرض أساس كل مشروع, وقاعدة كل نشاط اقتصادي, وهي الأساس لتوفير الموارد مثل الغذاء والماء, وهي الحاضنة الرئيسية للخدمات الأساسية مثل السكن و المواصلات والكهرباء والصرف الصحي وخلافه, ولذلك ارتبطت القدرة والرغبة في بناء استثمارات طويلة الأجل بتوفر الأراضي المناسبة والقدرة على تملكها والإنتفاع بها, وأعتمد مفهوم التنمية المستدامة بالأرض والقوانين المنظمة لتملكها, وحماية حق التملك والإنتفاع. 

ولأنها ارض فلسطين, الأرض المقدسة التي بارك الله فيها, وهي أرض البركة والخيرات والزيتون والنخيل والأعناب, العيش فيها رباط, وتنميتها وإعمارها جهاد, وهي محور الصراع وجوهره, تمسكنا بها جزء من عقيدتنا, ودفاعنا عنها واجبا دينيا ووطنيا وقوميا, فإن اهتمامنا بها يجب أن يتخطى اهتمام أي شعب بأرضه, وحفاظنا عليها واستثمارها بالشكل الأمثل يجب أن يبقى الشغل الشاغل للقطاعات المعنية من اقتصاديين وصناع قرار وعموم المواطنين.

إلا أن وضع الأراضي في فلسطين ليس في أحسن حالاته, فقد أصبحت ندرتها وارتفاع أسعارها وتركز ملكيتها بأيدي بعض أصحاب رؤوس الأموال مشكلة حقيقية تواجه التنمية في فلسطين, ومما لا شك فيه أن الإحتلال والإستيطان هما العاملان الأخطر في هذه المعادلة ولا يخفى على أحد السلب المستمر للأراضي الفلسطينية التي ضاع معظمها من خلال الإحتلال المباشر و الإستيطان, واضافة لذلك فقد أعقيت التنمية في أجزاء واسعة من النسبة القليلة المتبقية من الأراضي وذلك بإخضاعها لسيطرة الإحتلال غير المباشرة بتصنيفها كمناطق (ج) والتي يمنع الإحتلال اقامة أية مشاريع تنموية فيها.

وتشكل الأراضي الواقعة تحت التصنيف (ج) ما يزيد عن ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية, خصصت معظمها لمنفعة المستوطنات التي تحظى بمعاملة تفضيلية على حساب المجمّعات الفلسطينية، بما في ذلك الوصول إلى الأراضي والموارد، والتخطيط، والبناء، وتطوير البنى التحتية. ويقع أكثر من 280 تجمعا سكانيا فلسطينيا بشكل كامل او جزئي ضمن المنطقة (ج) يخضع البناء فيها لقيود صارمة، حيث أن معظم الفلسطينيين لا يمكنهم الحصول على تصاريح لبناء أو ترميم منازلهم، أو بناء حظائر الماشية، أو البنى التحتية الحيوية. ويتم بصورة روتينية هدم المباني بحجة البناء دون ترخيص وتهجير سكانها بالقوة. وهنا يخطلط حديث الإقتصاد بالسياسة ويصبح الحل ذا أبعاد استراتيجية ووطنية وسياسية.

وفيما تبقى من الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية فإن الحال ليس أفضل من ذلك بكثير, ففي كثير من الحالات يقف البعض عاجزاً أمام الأراضي التي يملكها، دون أن يتمكن من زراعتها أو الاستفادة منها أو حتى ضمان حدودها لأبنائه من بعده، والسبب في ذلك ورثة لم يتفقوا بعد على حصصهم لفرزها وتسجيلها، فبقت مشاعاً مهجورةً, ولم توجد قوانين منظمة لمثل هذه الحالات, فقد ترك الأمر للورثة وحدهم دون تدخل مباشر من سلطة الأراضي يضمن انهاء اجراءات التسجيل ونقل الملكية بشكل عادل يقوم على انصاف الملاك ويحول دون اهمال الأراضي ومنع استغلالها. 

ومن جانب أخر فلقد أضر السماسرة والمضاربون العقاريون كثيرا بسوق الأراضي وهو ما انعكس سلبا على واقع التنمية بشكل عام, وتحولت الأراضي لسلعة تباع وتشترى طلبا للربح المباشر دون تعب الإستثمار المنتج, فتضخمت أسعار الأراضي ووصلت في بعض المناطق خصوصا في المدن الرئيسية وحول التجمعات الحيوية مثل الجامعات وغيرها لأرقام فلكية جاوزت أسعار الأراضي في كثير من العواصم العالمية المهمة, ولا بد هنا من الوقوف على هذه الظاهرة واعادة دراسة القوانين المنظمة لتملك الأراضي والإتجار بها بشكل يضمن عدم احتكارها واستثمارها بالشكل الأمثل, ومن أمثلة ذلك فرض رسوم على الأراضي البيضاء, التي استملكت لسنوات عديدة وبقيت دون تطوير وذلك بهدف الإستفادة من ارتفاع سعرها فقط.

ونختم بقوله صلى الله عليه وسلم "ليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن (وهو الحبل) فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا أو قال : خير من الدنيا وما فيها"  

 

*مدير تطوير الأعمال مجموعة أسترا الصناعية
استشاري التخطيط الإستراتيجي

التعليـــقات