رئيس التحرير: طلعت علوي

استثمار خليجي في إبداعات مبرمجين ومصممين غزيين

الأربعاء | 12/08/2015 - 10:20 صباحاً
استثمار خليجي في إبداعات مبرمجين ومصممين غزيين

أنهى الشاب مؤمن أبو سعدة من قطاع غزة نحو عامين من البطالة بعد تخرجه من الجامعة لينخرط في تصميم تطبيق تراسل فوري من شأنه منافسة تطبيق التراسل العالمي "واتساب".

ويعمل أبو سعدة (24 عاما) في شركة (نيو لاين) للبرمجيات التي تتعاون من غزة مع شركات عربية خارجية خصوصا في دول الخليج ما يمكنها من كسر الحصار والعزلة الذي يعانيه الشبان ذوي الكفاءات في القطاع.

ويختص التطبيق الذي يعمل أبو سعدة على إعداده في مجال الإعلانات وسيتيح إمكانية الدخول إليه عبر رقم الهاتف النقال الشخصي مع توفير خصائص تفاعل المستخدمين بالإعجاب أو التعليق وإنشاء مجموعات محادثة خاصة وأخرى عامة وإرسال صور بين المستخدمين.

تطبيق عالمي

ويقول أبو سعدة لبوابة اقتصاد فلسطين إنه يطمح أن يكون هذا التطبيق الذي يعمل على إعداده عالميا ضمن تطبيقات أجهزة (أي فون) و(آي باد) ولديه القدرة على المنافسة في سوق يضم مئات تطبيقات التراسل الفوري.

ويضيف أنهم في الشركة المصممة للتطبيق يتوقعون أن يصل استخدامه إلى ما لا يقل عن ثلاثة مليون مستخدم خلال الستة شهور القادمة، علما أنهم يعلمون فيه منذ عام ونصف العام لتطويره بتقنيات عالية جدا وخدمات مميزة.

وأبو سعدة هو واحد من 16 موظفا لدى الشركة المتخصصة في البرمجيات والتطبيقيات، تمكنوا من تحقيق نجاحات في مجال عملهم عبر التواصل مع شركات خارجية وتقديم خدمات مدفوعة الثمن لهم من داخل قطاع غزة.

 

ويقول مدير المشاريع في الشركة محمد عاشور (28 عاما) إن فتح مجال للتعاون مع شركات عربية خصوصا خليجية شكل طوق نجاة لهم إذ فتح أفاق للعمل في ظل واقع قطاع غزة المحاصر ومعدلات البطالة القياسية.

ويوضح عاشور المتخصص في تطوير البرمجيات وتخرج قبل ثلاثة أعوام، أن الشركة تضم عدة أقسام منها البرمجيات والخدمات الإلكترونية، وبرمجة الموبايل ابليكيشن وتطوير صفحات الويب إلى جانب تطبيقات محاسبة أو إدارية لأصحاب المحلات.

وتتعاون الشركة التي تأسست منذ ستة أعوام حاليا مع كبار الشركات والمصانع المحلية في قطاع غزة وتقدم تصاميم وتطبيقات لفضائيات وإذاعات تنشط في القطاع لكن المسئولين يؤكدون تركيزهم على التعاون مع الشركات الخليجية.

وبهذا الصدد تقيم الشركة شراكات استراتيجية مع عدة شركات سعودية مثل شركة (رمز الرقمية) وشركة (اكساسيرف).

ويفسر عاشور ذلك بأن التعاون مع الشركات الخارجية خصوصا مع الخليجية توفر عوائد مادية ممتازة وتقدم مصلحة مشتركة للمبرمجين في قطاع غزة كون ان تلك الشركات تحصل على إنتاج مميز بأسعار وتكاليف أقل من ما هو متاح في بلدانها خاصة ما يتعلق بالضرائب.

كسر للحصار

وكان مبرمجون في غزة شرعوا بشق طريقهم في تقديم خدماتهم للخارج عبر العمل عن بُعد من خلال مواقع عالمية عديدة أبرزها "فريلانس" و"إيلانس" و"أوديسك" بسبب محدودية فرص العمل أمام الخريجين، وصعوبة الخروج نتيجة الحصار.

وتمثل المواقع السابقة وسيطا بين العامل وصاحب العمل، إذ يطرح الأخير مشروعا للتنفيذ فتتقدم مجموعة من الأشخاص للقيام به لقاء مبلغ محدد من المال، وبعد الاتفاق مع أحدهم وإنجازه العمل وفق الشروط يسحب الموقع المبلغ المتفق عليه من حساب صاحب العمل ويحوله لحساب الشخص.

وتطور هذا العمل إلى تعاون دوري بين المبرمجين وشركات عربية خصوصا خليجية وجدت فيهم ضالتها التي توفر عليها التكاليف وتتيح لها الحصول على الإنتاج الملائم مع معاييرها دون الحاجة لدفع رواتب عالية وضرائب محلية.

ولا يرى المهندس سامر مهاني مدير شركة (نيو لاين) في هذا النوع من التعاون مع شركات خارجية استغلال للكفاءات الشابة في قطاع غزة بل فرصة لفتح أفاق واسعة للتطور وكسر لحالة العزلة والحصار.

ويقول مهاني لبوابة اقتصاد فلسطين إن شركات في دول كثيرة خاصة في الخليج ومستثمرين ورجال الأعمال يفضلون العمل مع مبرمجون من غزة نظرا لكفاءتهم وإتقانهم للعمل وفق للجودة والزمن المطلوبين".

ويضيف أن كفاءة مبرمجي غزة فرضت معادلة المصلحة المشتركة في التعامل معهم من قبل الشركات الخارجية "إذ أن تلك الشركات تحصل على التصاميم المطلوبة ونحن نستحق مقابل ما نعمل".

سوق مفتوح

ويشدد مهاني على أن طريقة العمل عن بُعد تتيح لهم سوقا غير محدود الآفاق لعرض الخدمات والمنتجات التقنية والعلاقات العامة إضافة لاكتساب المزيد من الخبرات في سوق تنافسي.

وهو يرى أن عمل المبرمجين من داخل الوطن مع جهات خارجية في كل دول العالم ميزة فريدة خاصة أن السوق المحلي في قطاع غزة محدود جدا واقتصار النشاط عليه من شأنه الحد من التطور الذاتي واكتساب الخبرات اللازمة.

وأظهر تقرير حديث للبنك الدولي أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للتحمل" في ظل أن معدل البطالة في القطاع أضحى الآن الأعلى عالميا بوصوله إلى 43%، في حين لا يزال 40% من السكان يقبعون تحت خط الفقر.

ويقول مصمم وخبير تجربة المستخدم أيمن الشلتوني إن استقطاب الشبان في غزة لمجال التصميم عبر الانترنت ساهم في الحد من تأثير الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر عليهم وفتح نافذة للعمل برواتب جيدة وتطوير مواكبتهم للتقدم العالمي في هذا المجال.

وبحسب الشلتوني فإن نحو 30 شركة تعمل في قطاع غزة حاليا عن بٌعد مع شركات عربية خاصة في الخليج وهو ما يعكس رواج هذا المجال لدى الكفاءات المختصة بذلك من سكان القطاع وتوفيره فرص عمل مجدية لهم.

ويقول قائمون على شركات التصميم والبرمجيات في غزة إن رواتب موظفيها تتراوح بين 700 إلى ألفي دولار شهريا بحسب خبراتهم في المجال وتعاقدات الشركة الخارجية.

ويشير الشلتوني إلى أن عدة مؤسسات دولية تنشط في قطاع غزة تنبهت لهذا الواقع الجديد لدى الشبان وبدأت تعمل على توفير مشاريع تدريب مختصة لهم إلى جانب السهولة الحاصلة في الالتحاق بعمل لدى مواقع تسويق متخصصة.

غير أن الشلتوني يؤكد أن التطور الحاصل في عمل المبرمجين والمصممين في قطاع غزة لا يزال يواجه الكثير من العقبات أهمها تعقيدات تلقي التحويلات المالية من الخارج وصعوبة استيراد الأجهزة الحديثة المطلوبة في عملهم عوضا عن مصاعب التحاقهم بدورات ومؤتمرات خارجية ذات صلة بمجال عملهم.

©بوابة اقتصاد فلسطين 

التعليـــقات