رئيس التحرير: طلعت علوي

السلطة الفلسطينيّة تهمل غزّة ماليّاً للضغط على "حماس"

الأحد | 12/07/2015 - 02:28 مساءاً
السلطة الفلسطينيّة تهمل غزّة ماليّاً للضغط على "حماس"

عدنان أبو عامر

 

أصدرت لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي الفلسطيني، يوم 3 يونيو، تقريراً يكشف ما اعتبرته تقصيرا ماليا من السلطة الفلسطينية بحق غزة، وعدم منحها المخصصات المالية من موازنة الحكومة.

أزمات مفتعلة

"المونيتور" حضر الجلسة البرلمانية يوم 3 يونيو في غزة، والتقى مع النائب يحيى موسى، رئيس لجنة الرقابة العامة في المجلس التشريعي، الذي أعد التقرير، وأكد أن "السلطة الفلسطينية تتبع سياسة ممنهجة تتعمد تكسير وإضعاف غزة، للتسبب بانهيار الخدمات العامة فيها، لإيصال الأمور لحالة فوضى تنشأ في القطاع".

وأضاف: "إدارة الرئيس محمود عباس المالية تجاه غزة تتمثل بتنفيذ سياسة إقصائية وتمييزية وتهميشية ضد سكانه، لأن بيانات السنة المالية 2014 تكشف عن مدى التمييز الواضح في الإنفاق ضد غزة، وغير المنصف لحقوق موظفيها، مما تسبب في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والحياتية".

أحمد بحر، رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، اتهم يوم 3 يونيو، الرئيس محمود عباس، بخلق أزمات اقتصادية ومالية في غزة، زادت من شدة الحصار، ورفعت نسبة البطالة والفقر إلى المستويات الأعلى في العالم.

التقرير الذي حصل عليه "المونيتور" يذكر أن مساهمات غزة في خزينة السلطة الفلسطينية خلال 2014، من ضرائب ورسوم وصلت 1.552 مليار دولار، وأنها تشكل مصدرًا مهمًا جدًا لجني الإيرادات لخزينة السلطة.

مع العلم أن غزة شهدت منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وفوز حماس فيها، بداية تدريجية لفرض الحصار عليها، كان أبرزها الضغط المالي، وجاء حصار غزة من عدة أطراف: السلطة الفلسطينية ومصر وإسرائيل والمجتمع الدولي، مما فاقم من معاناة أهالي غزة على كل المستويات.

إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، اتهم السلطة الفلسطينية يوم 4 يناير بأنها تأخذ من غزة شهرياً أكثر من 70 مليون دولار، دون مساهمتها في حل مشاكل الكهرباء، وعدم الاعمار.

لكن شوقي العيسة وزير الشئون الاجتماعية في الضفة الغربية، أكد يوم 30 يوليو 2014، أن السلطة الفلسطينية تصرف 461 مليون شيكل على غزة شهرياً، وأكثر من 55% من موازنتها تذهب إليها، وهذ طبيعي، لأنها محاصرة ومدمرة.

توقيت صدور تقرير المجلس التشريعي يحمل دلالة هامة لأنه يتزامن مع مرور عام على تشكيل حكومة التوافق، التي تتهمها حماس بعدم اهتمامها بغزة، وتهميشها لها، بجانب مواصلة تعرض حماس للأزمة المالية في السنة الأخيرة بعد توقف دعم إيران، وإغلاق الأنفاق مع مصر، وهو ما فاقم من الأزمة المعيشية لغزة.

كل هذه العوامل، قد تكون فتحت شهية السلطة الفلسطينية لمزيد من التضييق على غزة، مما دفع بحماس لتوجيه اتهاماتها للسلطة بتعمد إهمال غزة، وعدم اعتبارها جزءً من الوطن الفلسطيني.

فرج الغول، وزير العدل السابق، ورئيس كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي، التابعة لحماس، انتقد في حديث "للمونيتور" ما قال أنه "صمت المؤسسات المالية الرسمية، وتجاهلها الرقابة على الأداء المالي للسلطة الفلسطينية، لأن الوضع الصعب في غزة يتطلب فتح تحقيق عاجل في فساد السلطة الفلسطينية المالي، وإصدار دعوة لمحاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام، ومحاصرة قطاع غزة".

رامي عبدو، الخبير الاقتصادي، أكد يوم 12 يونيو، أن هناك ظلماً كبيراً يقع على موظفي السلطة في غزة ممن تم إنهاء عقودهم، وعدم تسديد المستحقات لهم، كما أن رواتب موظفي السلطة في غزة أقل بـ15-20% من رواتب الضفة الغربية، وهذا ظلم لموظفي القطاع، وهناك فجوة هائلة بين ما تنفقه الوزارات على الضفة وغزة، مما يجبر الفلسطينيين في غزة على دفع ثمن ضخم نتيجة تجاهل الحكومة لهم، بعدم حصولهم على الخدمات الأساسية، ومعاناتهم من انقطاع الكهرباء، والمعاناة في السفر، وعدم حصول موظفي غزة على رواتبهم وإجراءات ترقياتهم، أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية.

يحيى موسى أوضح "للمونيتور" أن "السلطة حرمت غزة بين 2008-2014، من 3 مليارات دولار، وتكشف ممارساتها المالية عن تمييز فاضح في التعيينات، وغياب تكافؤ الفرص بين غزة والضفة، فقد تم تعيين 18 ألف موظفاً في تلك الأعوام بالضفة، فيما تنكرت السلطة لـ25 ألف وظيفة في غزة، وحرمتهم من رواتبهم".

تحريض الفلسطينيين

التقرير ذكر أن بنك فلسطين المحدود، تصل نسبة أرباحه السنوية 70% من غزة، بقيمة 40 مليون دولار، لكنه لا يلتزم بأي التزام مالي تجاهها، في حين أن شركة الاتصالات الفلسطينية تصل 70% من أرباحها السنوية من غزة، بقيمة 120 مليون دولار، لأنه لا منافس لها في السوق المحلي، لكن غزة لا تنتفع منها بشيء.

مسئول رفيع المستوى في وزارة المالية بالضفة، أخفى هويته، رفض "للمونيتور"، تقرير لجنة الرقابة، وقال: "الحكومة تصرف 47% من موازنتها على غزة، وتشمل رواتب الموظفين، ويفوق عددهم 63 ألفاً، ورواتب الأسرى والمحررين وأسر الشهداء والجرحى، وإعانات وزارة الشؤون الاجتماعية من الفقراء".

وأضاف: "بالنسبة لمشاريع الحكومة التطويرية التي تركز على البنية التحتية كالمياه والصرف الصحي، فان نسبة مصاريفها تفوق 50% لصالح غزة، وفيما يتعلق بالكهرباء فخزينة السلطة تغطي تكلفتها كاملة بمبلغ 55 مليون شيكل شهرياً، بجانب مصاريف العلاج خارج مستشفيات وزارة الصحة في غزة التي تغطيها خزينة الحكومة".

هدى نعيم، عضو لجنة الرقابة في المجلس التشريعي، وشاركت بإعداد التقرير، استعرضت "للمونتيور" ما قالت أنها "السياسات المالية للسلطة في حصار غزة، والضغط عليها مالياً، المتمثلة بإلغاء الكود الجمركي، والتحريض المستمر عليها في الأوساط الإقليمية، ونقل المراكز المالية للشركات الكبرى من غزة إلى رام الله، وممارسة الإجراءات التضييقية على الشركات الكبرى لتحويل عائداتها الضريبية لموازنة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وليس غزة".

لا يمكن الحديث عن الإهمال المالي من قبل السلطة الفلسطينية تجاه غزة من الجانب الاقتصادي فقط، رغم خطورته، لأن الجانب السياسي واضح جداً، فالسلطة تعلم أن حماس التي تسيطر على غزة منذ عام 2007 تتأذى كثيراً من تراجع الوضع المعيشي للسكان، رغبة منها بأن يوجه الفلسطينيون غضبهم تجاه حماس، رغم علمهم بعدم مسئوليتها عن تردي أحوالهم.

 

 

al-monitor.com

التعليـــقات