رئيس التحرير: طلعت علوي

الى متى.... غالبية اليد المنتجة في فلسطين بلا ضمان اجتماعي

السبت | 10/01/2015 - 09:23 صباحاً
الى متى.... غالبية اليد المنتجة في فلسطين بلا ضمان اجتماعي

 

بلال البرغوثي

 

على الرغم من اهمية نظام الضمان الاجتماعي وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعلى الرغم من ان الضمان الاجتماعي يمثل اليوم واحد من ابرز حقوق الانسان التي كفلتها ونصت عليه المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة ومن اهمها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الا ان فلسطين لا تزال من الدول القليلة جدا في العالم التي تفتقد الى نظام ضمان اجتماعي لفئة كبيرة من المواطنين فيها وعلى رأسهم العاملين في القطاع الخاص والعاملين في القطاع الاهلي والعاملين في مشاريعهم الخاصة.


ومن هذا المنطلق، ولشبه الفراغ التشريعي ولضعف السياسات التي انتهجتها السلطة الوطنية الفلسطينية نحو بناء نظام ضمان اجتماعي فلسطيني عادل وفاعل، فقد بادرت مؤسسة مواطن في العام 2011 الى اعداد دراسة شاملة بعنوان "نحو نظام ضمان اجتماعي فلسطيني" تضمنت دراسة مقارنة لانظمة الضمان الاجتماعي في بعض دول العالم كما تضمنت مقترح مشروع قانون ضمان اجتماعي فلسطيني شامل. وفي هذه الدراسة أكدت مؤسسة مواطن على النقاط الاتية:
مبرارات وجود قانون فلسطيني يتضمن تنظيم متكامل للضمان الاجتماعي:
• حل الاشكالات التشريعية الموجودة حاليا، فهنالك شبه فراغ تشريعي في بعض مجالات الضمان الاجتماعي، ففيما يتعلق بالتأمينات الخاصة بالعاملين في القطاع الخاص والاهلي فإن شمولها مؤخرا بموجب القرار بقانون بشأن تعديل قانون التقاعد العام لا يعتبر علاجا كافيا لهذه المسألة على اعتبار ان القرارات بقوانين لا تعتبر تشريعات دائمة ومستقرة، حيث يملك المجلس التشريعي في أول جلسة انعقاد له وفقا للمادة 43 من القانون الاساسي المعدل إلغاءها واعتبارها كأن لم تكن. وفيما يتعلق بالتقاعد المدني هنالك تخبط تشريعي يتمثل بالازدواجية التشريعية ووجود ثلاثة قوانين تحكم التقاعد المدني في آن واحد.
• ضرورة الالتزام بالمتطلبات الدستورية المنصوص عليها في القانون الاساسي المعدل وتوفير متطلبات العيش الكريم كحق أساسي من حقوق المواطن الفلسطيني وتعزيز مفهوم المواطنة في هذا الجانب. 
• الموائمة مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال، ومواكبة التطورات الدولية في مسألة الضمان الاجتماعي التي أدركت أهمية هذه المسألة على الصعد الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا وان التجربة تشير الى أنه في البلدان النامية تحديدا، يعتبر نظام الضمان الاجتماعي أمرا حيويا لتحقيق التطور الاقتصادي وتحقيق التنمية الديمقراطية، والأكثر أهمية تعزيز شرعية الدولة والنظام السياسي.
• تعزيز صمود الانسان الفلسطيني، وتوفير حد أدنى من مقومات استقرار المواطن الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تجعله بالغ الصعوبة لدى شريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني، خصوصا وان هذا  المجتمع يعيش في بيئة ذات خطورة عالية على السلامة الجسدية والاجتماعية والاقتصادية للمواطن الفلسطيني تهدد قدرته على البقاء.
• اسهام النظام في بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز المسيرة التنموية من خلال ضخ الاستثمارات المنتظرة من قبل المؤسسة التي ستتولى ادارة النظام والمفترض ان تكون معززة بخبرات استثمارية ورقابة على الأداء الاستثماري والتأميني، فالشق الاستثماري للضمان لا يقل أهمية عن الشق التأميني.

السياسات التشريعية المقترحة في مشروع القانون:
للوصول إلى الغاية من المبررات المذكورة آنفا وتحقيق الفائدة القصوى من وجود نظام وطني شامل ومتطور للضمان الاجتماعي، فلا بد لمشروع القانون المقترح ان يتضمن معالجة للقضايا والمحاور الآتية:
أولا: نطاق القانون: بحيث يشمل كافة الفئات والقطاعات التي سيتم تغطيتها من جانب، والخدمات التأمينية التي ستقدم بموجب القانون من جانب آخر، على ان يراعى في نفاذ القانون مبدأ التدرج الزمني في التطبيق وإختيار الشرائح، والاحالة الى التشريعات الثانوية فيما يتعلق ببعض الخدمات والتأمينات ذات العلاقة بالرزم الاختيارية الاضافية وفقا لدراسة علمية متخصصة تعد لهذا الخصوص.
وهنا لا بد من ان يحدد نطاق القانون وفقا للآتي:
• وفيما يتعلق بالخدمات والتأمينات التي سيشملها القانون، فسيشمل هذا القانون:
•  تأمينات إلزامية أساسية تتضمن كل من:
• التقاعد.
• العجز.
• الوفاة.
• اصابات العمل.
• البطالة.
• مساعدات إجتماعية وتشمل:
• معونات الشيخوخة ( المساعدة الاجتماعية المقدمة لكبار السن الذين ليس لهم دخل تقاعدي).
• المعونات الاجتماعية للأسر المعوزة التي لا معيل لها.
• رزم إضافية لتحسين مستوى الحياة يحال تنظيمها إلى لوائح وأنظمة تعدها المؤسسة وتصدر عن مجلس الوزراء، وتشمل:
• المرض.
• الأمومة.
• أية تأمينا أخرى تتضمنها الانظمة الصادرة بهذا الخصوص.
• وفيما يتعلق بالفئات والاشخاص المشمولين بأحكام القانون، فلا بد من توسيع مظلة الشمول لتغطي معظم شرائح المجتمع سواء العاملين في القطاعات المنظمة أو العاملين في القطاعات غير المنظمة وأصحاب العمل، والمواطنين المعوزين ليشمل القانون الفئات التالية:
• الموظفين العاملين في القطاع العام (المدنيين والعسكريين).
•  العاملين في القطاع الخاص الخاضعين لقانون العمل الفلسطيني النافذ.
• العاملين في الهيئات المحلية (البلديات والمجالس القروية).
• العاملين لحسابهم واصحاب العمل والفئات المستثناة من قانون العمل وفقا للوائح خاصة تعدها مؤسسة الضمان وتصدر عن مجلس الوزراء.
• المواطنين المعوزين فيما يتعلق بالمساعدات الاجتماعية.
ثانيا: وفيما يتعلق بنسب المستحقات للمستفيدين من نظام الضمان، فمن الضروري هنا مراعاة مبدأ التكافل الاجتماعي لتأمين العيش الكريم للمواطن كجزء من حقوق المواطنة المكفولة له، مع مراعاة ما يضمن قدرة الصندوق على البقاء والاستمرارية في الدفع، بحيث يتولى الجميع دفع حد أدنى للصندوق وتتولى الحكومة الدفع عن الشرائح المعوزة غير القادرة على الدفع. 
ثالثا: موارد النظام: وتتكون موارد النظام بشكل رئيسي من الاتي:
• مساهمات منتظمة لكل من العاملين وارباب العمل وفقا للنسب التي يقررها التشريع.
• عوائد الاستثمارات التي ستقررها المؤسسة المختصة بإدارة هذا النظام، على ان تحدد السياسات الاستثمارية وتقر من قبل الهيئة المرجعية الأعلى لهذه المؤسسة وان تكون في مجالات استثمارية آمنة.
• ما يخصص في موازنة السلطة لدعم النظام، كتمويل حكومي من الممكن استخدامه في تقديم المساعدات الاجتماعية ونفقات البطالة ومواجهة اي عجز يتعرض إليه النظام.
• مساهمة القطاع الخاص من خلال التزامه بمسؤوليته الاجتماعية وفقا لما يتم التوافق عليه ما بين الاجسام الممثلة لهذا القطاع والمؤسسة الخاصة بإدارة النظام.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان من الموارد التي يمكن الحصول عليها عند وجود جسم مختص بإدارة النظام، وفقا لما سيرد أدناه، المبالغ المستحقة للعمال في اسرائيل اذ بالامكان نقل حقوق العاملين الفلسطينيين لدى اسرائيل للنظام لصالح العمال بحيث يتم موائمة هذه الحسابات لصالح اصحابها وفقا للقانون المقترح.
رابعا: الجسم المختص بإدارة النظام: حيث لا بد من انشاء جسم خاص لإدارة هذا النظام على ان يكون من أشخاص القانون العام (مؤسسة عامة) وأن يمنح الاستقلال المالي والاداري اللازم لممارسة عمله بكل مهنية وتخصص لكسب ثقة المساهمين والمستفيدين وذلك من خلال:
• وجود هيئة أمناء للمؤسسة تتولى رسم السياسات وتعتبر بمثابة الهيئة المرجعية العليا للمؤسسة وتكون برئاسة رئيس الوزراء وعضوية ممثلين عن كافة الاطراف الحكومية والنقابية ذات العلاقة، بالاضافة الى خبراء مستقلين.


• وجود مجلس إدارة يتولى تنفيذ السياسات التي تقرها هيئة الامناء والتوجيه والاشراف على عمل المؤسسة. وأن ينبثق عنه ادارة تنفيذية للمؤسسة (مدير تنفيذي متخصص من ذوي الخبرة والكفاءة يعين من قبل مجلس إدارة المؤسسة)، وأن يأخذ بعين الاعتبار الوقت الزمني اللازم لبناء المؤسسة وضرورات تأهيل الكادر الوظيفي فيها.
• وجود مجلس استشاري متخصص بإدارة استثمارات المؤسسة (صندوق استثمارات مؤسسة الضمان).


• ان تلتزم المؤسسة باعتبارها مؤسسة عامة بقواعد وضوابط العمل المالي والاداري السليم وفقا للقانون الفلسطيني ومبادئ الحوكمة الرشيدة، وتحترم وتخضع في أعمالها لمبادئ الرقابة والمحاسبة والمساءلة أمام الاجهزة الرقابية المختصة وخصوصا المجلس التشريعي من خلال رئيس مجلس إدارة المؤسسة.

وعليه، وحيث ان دولة فلسطين انضمت في هذا العام الى العديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق الانسان، وبالنظر الى اهمية وجود نظام ضمان اجتماعي وخطورة غيابه على مفهوم المواطنة وثبات الفلسطيني على ارضه، فقد غدا اقرار مشروع قانون الضمان الاجتماعي المقترح من اولى الاولويات التي يتوجب على السلطة الوطنية الفلسطينية الانتباه اليه والاسراع في تنفيذه.

 

مؤسسة مواطن -المؤسسة الفلسطينية للدراسات الديمقراطية 

التعليـــقات